سودانايل:
2025-05-08@18:55:25 GMT

الهامش أغلى من الموز

تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT

الهامش أغلى من الموز
انتصار الثورة السودانية
والربط بين قواها في الريف والهامش والمدن (١-٢)

ياسر عرمان

الموز فكرة من الأفكار المضادة للثورة وككل فكرة ان وجدت أجنحة فإنها ستحلق بعلو أو انخفاض، والأفكار في حقلها وسياقها المتصل بالحياة تخدم مصالح وقوى أجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية على الأرض وتمشي بين الناس في الأسواق.

وبعد ثورة ديسمبر كانت فكرة (الموز) منصة لتعويق الانتقال اتخذت من الهامش غطاءا وهي فكرة ضد الهامش بامتياز، كانت (تبن تحته ماء الفلول) جمعت عملاء ومصادر الاجهزة وبعض قادة الحركات المسلحة وتوابعهم، وهنا لا نقول حركات الكفاح المسلح، ف(الكفاح) بالضرورة ينحاز للثورة اما السلاح دون هدي وكتاب ثوري منير فانه بالضرورة يقف ضد الثورة والفرق يدهش النظر مثل دعاية صابون (اومو)!

في ابريل ١٩٨٥ كانت انتفاضة ابريل وهزيمة نظام نميري، وكان نادي اساتذة جامعة الخرطوم هو المركز الرئيسي من مراكز التجمع النقابي وقوى الانتفاضة، في ذلك اليوم تحديدا كانت مكبرات الصوت قد علا صوتها عند الساعة الثالثة عصرا وتم ربطها باذاعة الجيش الشعبي ذات الجمهور العريض، والكل كان في انتظار بيان هام للدكتور جون قرنق يعلن فيه موقفه من انتفاضة ابريل واذا ما كان سيعلن انضمامه الى قوى الانتفاضة والمجلس العسكري في الخرطوم. كان الكفاح المسلح ذو جاذبية والق وشآن وكان الكلاشنكوف رمزا للتحرر والثورة يومذاك، واليوم تناقصت قيمته واصبح في كثير من الاحيان رمزا للقتل والنهب والاعتداء على المدنيين وتصاعدت قيمة النضال السلمي الجماهيري وعائده.

كنا شبابا ومصممين على اكمال وكنس السدنة وفتح طريق جديد لبلادنا وقد كان نادي الاساتذة مزدحما وبدا قرنق خطابه الذي حوى افكارا جديدة اسعدت الشباب واحبطت النادي القديم، وكان قرنق نفسه شابا ومهتما بالاجيال الجديدة وبالثورة ومتحديا للطبقة السياسية فكرا ومؤسسات وتسابق افكاره سلاحه، وقد هز كثيرا من المسلمات التي لم تكن تعترف بالتنوع وبالمواطنة بلا تمييز، وان ما يسمي بقضية الجنوب هو في الاصل قضية السودان وحلها في تغيير سياسات الخرطوم.

واردف قائلا: " ان الذي جري في الخرطوم هو ظاهرتين احداهما ثورية والاخرى رجعية قطعت الطريق على الظاهرة الثورية فانتفاضة الشعب قطع طريقها جنرالات نميري." واطلق عليهم "مايو الثانية" وطالب بحل المجلس العسكري وتسليم السلطة لقوى الانتفاضة، وقد اقترب على نحو بعيد من قضية ربط قضايا الهامش بنضالات المدن، ورغم التعقيدات التي تضمنها طرحه ولكنه راي في قوى الانتفاضة حليف استراتيجي وهذا هو الاهم. وتطور الحوار بينه وبين قوى الثورة حتي بلغ مؤتمر كوكدام الذي طرح فيه مرة اخرى فكرة المؤتمر الدستوري لحل المعضلات التاريخية التي تواجه السودان. معلوم ان موجة الكفاح المسلح التي تطرح ضرورة تغيير سياسات المركز وبناء واعادة هيكلته قد خرجت من معطف قرنق في عام ١٩٨٣ ولكنه تجاوز محطة الاحتجاج وقام بطرح رؤية السودان كبرنامج بديل وتجاوز المخاوف من جماهير المدن للعمل معها وانخرط في حوار متصل مع القوى السياسية الوطنية والديمقراطية ووصل الى قمة الجبل في الساحة الخضراء التي دمجت بين جمهوري الهامش والريف وجمهور المدن في كتلة فريدة لم يشهدها السودان من قبل. وذكر لي الراحل الدكتور على حسن تاج الدين عندما جاء لاستقبال قرنق في مطار الخرطوم والساحة الخضراء انه قد صحب والده وهو صبي في بواكير الاستقلال لكنه لم يري جمهورا مثل يوم الساحة الخضراء. لقد كانت كتلة فريدة اوصلت قرنق الى قاعدة اجتماعية جديدة من الريف والمدن وادي ذلك الحدث الى تغييبه من كامل المشهد السياسي فقد توصل يومها الى الحبل الذي يقود لخلق كتلة تاريخية تؤدي الى تغيير السودان في عملية ديمقراطية سلمية وبمشاركة الملايين، والساحة الخضراء لم تمت وجمهورها هو الذي يمكن ان يوحد السودان.

في ساحة الاعتصام وفي جمهورية اعالي النفق كان شعار الديسمبريات والديسمبريين (الشعب يريد بناء سودان جديد) ولمعت صور قرنق كبارق الثورة المتبسم، وهو رصيد معنوي وفكري لاعادة توحيد السودان في اتحاد سوداني بين بلدين ذوي سيادة وما اصوات الاخوة الشريفة في استاد جوبا بالامس الا صوتا من التاريخ والمستقبل.

جماعة الموز رفعت شعارات الهامش في وجه الثورة مثل ما رفع (قميص عثمان) في وجه الامام (علي) "والله ما معاوية بادهي مني ولكنه يمكر ويفجر وانا لا امكر ولا افجر." وما اجمل ان يتطابق القول بالفعل.
فكرة الموز باعت الثورة بتراب السلطة وفرمانات التعيين والمتغطي بطرف السلطة عاري من قضايا الثورة والهامش. لقد كان المكون العسكري بشقيه ممولا لفكرة (الموز) التي لم تكن لتصمد دون تمويل وتم الربط بين الانقلاب والموز ولكن الهامش برىء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب، واستخدمت قضاياه زورا وبهتانا في مطبخ الانقلاب (الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع) كما ذكر احد (التوابع)، ومن بيان الانقلاب وتخريب الانتقال خرج خازوق الحرب.

فكرة (الموز) يقف خلفها المؤتمر الوطني وقصد منها احداث قطيعة بين مقاومة الريف والهامش والنضال السلمي الذي راس رمحه المدن وجسدته ثورة ديسمبر واستطاعت ان توحد كتلة عريضة في الريف والمدن بدات بالدمازين وانتهت في ساحة الاعتصام، وتلك كتلة كان يخشاها المؤتمر الوطني، ولكن للاسف قوى مهمة من قوى الكفاح المسلح فشلت في ان تري في ثورة ديسمبر مدخلا لاعادة هيكلة السودان وحل القضايا والمظالم التاريخية، وعلى راسها قضايا الحقوق الطبيعية؛ حق الحياة وحق المواطنة بلا تمييز، واعادة الوجه المنتج للريف وربطه عضويا بتحسين شروط الحياة في المدن وخلق كتلة تاريخية حرجة لازمة لوحدة السودان ولانتصار الثورة وللوصول لسودان جديد . اكتفت بعض حركات الكفاح المسلح بالوقوف عند اسوار الاحتجاج ومطالب الحواضن الاثنية دون ربطها بمطالب التغيير الشامل بل ان بعضها اراد ان يبدل الضحايا بضحايا اخرين بدلا من حق الاخرين في ان يكونوا اخرين.

١٣ يونيو ٢٠٢٤  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الکفاح المسلح

إقرأ أيضاً:

فكرة بسيطة تتحول إلى وجهة لرواد الأعمال الباحثين عن هوية حقيقية لعلاماتهم التجارية

انطلقت فكرة "تكوين" من تعاون بين مصمم ومصور مستقلين، لاحظا من خلال عملهما أن المشاريع التي يتعاملان معها تفتقر للتناسق والتكامل. كان أحدهما يُصمم شعارات دون أن تُستكمل بهوية واضحة، والآخر يُصور مشاريع تفتقر لهوية بصرية متماسكة. ومن هذا التناقض، وُلِدت رغبة حقيقية في تقديم تجربة متكاملة تبدأ من الفكرة ولا تنتهي عند التصميم. مع الوقت، اتضح لهما أن المشكلة ليست في التصوير أو التصميم فقط، بل في غياب الاستراتيجية، والمشاريع بحاجة إلى فكر متكامل، إلى خطة وهوية ونبرة وصوت وصورة واحدة تُجسد جوهر العلامة التجارية. وهكذا، تم تأسيس شركة تكوين، والتي ركزت منذ بدايتها على بناء العلامات التجارية بشكل احترافي.

البداية والتكوين

وعن هذه التجربة الريادية يقول عامر بن محمد الشنفري مؤسس شركة تكوين: إن الفكرة بدأت ببساطة، من واقع عملي مع زميلي، حيث كنت أعمل كمصور مستقل، وكان هو مصمم جرافيك، وخلال تعاملاتنا مع مشاريع صغيرة ومتوسطة، لاحظنا شيئًا متكررًا: ألا وهو أن المشاريع تفتقر للتكامل، حيث كنت أجد نفسي أصوّر مشروعًا لا يملك هوية بصرية واضحة، وهو كذلك يصمم شعارًا لا يتبعه أي تطبيق عملي يعكس تلك الهوية. وهذا التناقض خلق فينا رغبة حقيقية: لماذا لا نقدم تجربة متكاملة؟ تجربة تبدأ من الفكرة ولا تنتهي عند مجرد تصميم أو صورة، ولكن مع مرور الوقت، أدركنا أن المسألة أعمق من مجرد غياب التنسيق.

وتابع: المشكلة الحقيقية كانت في غياب الاستراتيجية، وكثير من المشاريع تبدأ دون خطة واضحة، لا تعرف من تستهدف، ولا كيف تعبّر عن نفسها. فبدأنا نبحث عن حلول تبدأ من الجذور: من الفكرة، من صياغة الرسالة، من تحديد خصوصية العلامة التجارية وصورتها، ثم ننتقل لتطوير الهوية البصرية، وهكذا وُلدت "تكوين"، ليس كشركة تصميم، بل كشريك استراتيجي في بناء العلامات التجارية. لا نقدم تصميمًا لمجرد التصميم، بل نشتغل على تحليل السوق، فهم المشروع، صياغة الرؤية، ومن ثم نبني هوية بصرية تعبّر بدقة عن هذا الكيان. هذا ما يميز "تكوين"، ويجعلها وجهة مختلفة تمامًا عن النماذج التقليدية.

وحول أبرز الخدمات التي تقدمها "تكوين" لرواد الأعمال قال عامر الشنفري: نحن نركز على تقديم خدمات متكاملة، تشمل صياغة استراتيجيات العلامة التجارية، وتطوير الهويات البصرية، وتسليم ملفات كاملة تساعد المشروع على النمو والتوسع، ونستهدف بشكل خاص رواد الأعمال الحاليين، وأيضًا أولئك الذين يخططون لدخول السوق برؤية احترافية ومدروسة.

وحول أبرز التحديات التي واجهها في هذا المجال قال: التحدي الأكبر كان تغيير الوعي لدى بعض أصحاب المشاريع الذين يظنون أن الشعار كافٍ لبناء علامة تجارية، أو أن التصميم وحده يصنع الفرق، لكن مع التجربة، بدأنا نثبت لهم العكس. وذكر مثالًا على مشروع ساعد فيه العميل على "بيع القصة" والترويج لها وتقديم مشروعه على شكل قصة بدلًا من كونه مجرد منتج، والنتيجة كانت أن قدرته على تسويق منتجه وسعره تحسنت بشكل ملحوظ.

وتحدث الشنفري وقال: "إن الدعم من أبرز عوامل التمكين لنا، وقد تلقينا دعمًا كبيرًا من هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة ظفار، وكان وجودنا في حاضنة سمهرم التابعة للهيئة نقطة تحول مهمة، حيث وفروا لنا مقرًا ومساحة للنمو. وكذلك، انخراطي كعضو في اللجنة الشبابية لمحافظة ظفار كان له أثر إيجابي في إثراء الرؤية، واستقاء الإلهام من العمل المجتمعي والشبابي".

وعن الطموحات المستقبلية لـ"تكوين"، أوضح الشنفري أنه يطمح أن تكون "تكوين" الوجهة الأولى لرواد الأعمال ليس فقط في سلطنة عمان، بل في المنطقة، مع إيمانه أن العلامات التجارية الملهمة قادرة على تحريك الاقتصاد، وتعزيز مكانة البلد اقتصاديًا في هذا المجال. وتابع بقوله: "أطمح أن تكون سلطنة عمان واحدة من الدول الرائدة في بناء العلامات التجارية التي تستحق أن تُكتشف وتُجرب، ومشاريع تروّج للمكان، للهوية، وللإنسان العُماني".

ويوجه الشنفري رسالته لرواد الأعمال بقوله: "فكروا في مشاريعكم كقصص تستحق أن تُروى، لا تتوقفوا عند المنتج أو الخدمة، بل ابحثوا عن جوهر الفكرة، واصنعوا حولها علامة تجارية تنبض بالحياة. العلامة ليست شعارًا، بل إحساس وهوية وصوت، ونحن في "تكوين" نؤمن أن كل مشروع يستحق أن يُروى بشكل يليق به".

مقالات مشابهة

  • بعد فشل كل المسارات التي اتبعها السودان، يكون قطع العلاقات هو بداية للحل
  • جامعة حائل تنظم لقاءً بعنوان “فكرة.. فرصة.. وظيفة” لدعم الخريجين
  • فكرة بسيطة تتحول إلى وجهة لرواد الأعمال الباحثين عن هوية حقيقية لعلاماتهم التجارية
  • الرئيس الشرع: شهدنا مؤخراً أحداثاً مأساوية وتحركنا سريعاً لمواجهة الهجمات وشكلنا لجنة للتحقيق في الأحداث التي افتعلها مسلحون تابعون للنظام البائد في الساحل ورحب مجلس حقوق الإنسان بتشكيلها
  • برنامج حول خطة الطوارئ والإخلاء ببركة الموز
  • فكرة إخضاع السودان وإجباره على القبول بالتفاوض عبر هذه الهجمات فهذا شيء مضحك
  • كتلة هوائية حارة نسبياً تندفع نحو الأردن بدءاً من الخميس (تفاصيل)
  • اليمن يدين الاعتداءات التي طالت البنية التحتية في بورتسودان
  • عاجل || كتلة حارة في طريقها الى المملكة ( التفاصيل )
  • مانشستر يونايتد يرفض فكرة بيع برونو رغم شائعات اهتمام الهلال