مع تصاعد التوترات العسكرية في عدد من مناطق العالم، وازدحام الأجواء بالصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيّرة، تزايدت مخاوف المسافرين من ركوب الطائرات. فلم تعد الفوبيا التقليدية من الطيران، أو القلق من اضطرابات الطقس والأعطال التقنية، هي الأسباب الوحيدة للرهبة، بل برزت تهديدات أمنية جوية متنامية تجعل من الرحلة تجربة نفسية مرهقة، كما يصفها كثيرون.

مشاهد مرعبة ومقاطع متداولة

في الأسابيع الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر صواريخ تمر على مسافات قريبة جدًا من طائرات ركاب مدنية. وبينما تبيّن أن بعض هذه المقاطع حقيقي، ثبت أن بعضها الآخر مفبرك، إلا أن توقيتها في مناطق تشهد نزاعات مسلحة أعاد إلى الأذهان حوادث مأساوية سابقة، أبرزها إسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا عام 2014.

ففي 17 يوليو/تموز من ذلك العام، أُسقطت طائرة ركاب من طراز "بوينغ 777" كانت تُسيّر الرحلة "MH17" بين أمستردام وكوالالمبور، لمّا أُصيبت بصاروخ أرض-جو أثناء تحليقها فوق منطقة دونيتسك التي كانت آنذاك تحت سيطرة جماعات موالية لروسيا. وأسفر الحادث عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة، وعددهم 298 شخصا، منهم 196 هولنديا و43 ماليزيا و38 أستراليا.

وقد أثار تداول المقاطع الأخيرة قلقا، دفع بعض المسافرين إلى إلغاء رحلاتهم أو تأجيل السفر جوا، لا سيما في ظل التصعيد المستمر بين قوى دولية كبرى واستعراضها المتكرر لقدراتها العسكرية في الأجواء.

"مسافرون يوثقون من الطائرة في الجو لحظة إنطلاق الصواريخ الإيرانية إلى تل أبيب واختراقها الغلاف الجوي"#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/akkterqbgI

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) June 16, 2025

قطاع الطيران في مأزق نفسي

تواجه شركات الطيران تحديا مضاعفا، الحفاظ على سلامة المسارات الجوية من جهة، ومحاولة تهدئة مخاوف الركاب من جهة أخرى. فحتى وإن كانت الطائرات المدنية تحلّق في مسارات آمنة نسبيًا، إلا أن مشاعر الخوف تبقى مسيطرة على كثير من المسافرين، ما يؤثر على ثقتهم في الرحلات الجوية عموما.

إعلان

منذ بدء الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا في عام 2022، شهد العالم تصاعدا حادا في وتيرة الصراعات الدولية. ووفقا لتقديرات حديثة، ارتفعت نسبة النزاعات المسلحة عالميا بنسبة تصل إلى 65% منذ عام 2021، في مناطق تغطي مساحة تعادل ضعف مساحة الهند تقريبًا، مع تزايد التوترات في أوكرانيا والشرق الأوسط وميانمار ووسط أفريقيا.

هذا التدهور في الاستقرار العالمي انعكس مباشرة على صناعة الطيران، حيث باتت شركات الطيران مضطرة إلى إعادة رسم خرائط مساراتها لتجنب مناطق الصراع والمجالات الجوية غير الآمنة. في بعض الحالات، أُلغيت الرحلات تمامًا بسبب تضييق خيارات التحليق الآمن.

لم يعد بإمكان معظم شركات الطيران الغربية التحليق فوق الأجواء الروسية، ما اضطرها إلى اتخاذ مسارات بديلة أطول، تسببت في إطالة زمن الرحلات وزيادة استهلاك الوقود. هذا التحوّل دفع بعض الشركات، مثل الخطوط الجوية البريطانية و"فيرجن أتلانتيك"، إلى إلغاء رحلاتها المباشرة بين لندن وبكين خلال العام الماضي.

لكن التحليق عبر الشرق الأوسط لم يكن بديلا آمنا بالكامل، إذ انتقلت التهديدات الجوية إلى تلك المنطقة. فالطائرات المسيّرة والصواريخ أصبحت جزءا من المشهد اليومي، حتى بات الطيارون والركاب يشاهدونها بالعين المجردة خلال الرحلات الجوية، مما يعكس واقعا خطِرا جديدا في أجواء مضطربة.

ارتفاع التكلفة

وخلص بحثها إلى أن التكاليف على بعض المسارات بين أوروبا وآسيا ارتفعت بنسبة تتراوح بين 19% و39%، بينما زادت الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 18% و40%.

كما تُشير إيفانيكوفا إلى تزايد خطر إصابة الطائرات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة. ففي عام 2014، كان إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية الرحلة MH17 فوق شرق أوكرانيا مثالا مبكرا على هذا التهديد الجديد.

حتى بعيدا عن مناطق الصراع النشطة، تكثر المخاطر، حيث تتجاوز الدول حدود الأعراف الدبلوماسية.

في فبراير/شباط، حوّل مسار طائرات كانت تُحلق بين أستراليا ونيوزيلندا، بينما أجرت الصين تدريبات بالذخيرة الحية في بحر تسمان. ولم تُكشف التدريبات التي أجرتها السفن البحرية الثلاث إلا لأن السفن الحربية كانت تبث تنبيهًا على قناة غير خاضعة لرقابة مراقبة الحركة الجوية، ولكن التقطها طيار تابع لشركة فيرجن أستراليا.

يقول مايك ثروير، وهو طيار متقاعد من الخطوط الجوية البريطانية وممثل سلامة الطيران في نقابة طياري الخطوط الجوية البريطانية: "كلما كنت أطير، كانت هناك دائمًا حرب دائرة في مكان ما". ويضيف أن شركات الطيران "أصبحت بارعة جدا في تخطيط الرحلات الجوية في تلك المناطق".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شرکات الطیران الخطوط الجویة

إقرأ أيضاً:

رحلات حول العالم في ساعة: دراسة تكشف أن الطيران الأسرع من الصوت يقترب من الواقع

قد لا يكون الحلم العلمي القديم لطيران أسرع من الصوت بعيد التحقيق، إذ باتت فكرة الرحلات الدولية في ساعة واحدة فقط أقرب إلى الواقع.

أظهرت دراسة حديثة ، نشرت في Nature Communications، وأجراها البروفيسور نيكولاوس بارزال من معهد ستيفنز للتكنولوجيا، دعماً لما يعرف بـ "فرضية موركوفين"، التي تقول إن سلوك الاضطرابات الهوائية عند سرعات ماخ 5 وماخ 6 لا يختلف كثيرًا عن تلك عند السرعات المنخفضة.

ويعد الاكتشاف خطوة نحو تطوير الطائرات القادرة على الطيران بسرعة تفوق الصوت عدة مرات، وربما الوصول إلى الفضاء. وفي حال تحقق الطيران الأسرع من الصوت، يمكن للرحلات الطويلة مثل سيدني-لوس أنجلوس، التي تستغرق اليوم كاملاً حاليًا، أن تقل إلى ساعة واحدة فقط.

ويشير بارزال إلى أن هذا النوع من الطيران سيجعل السفر أسرع وأسهل وأكثر متعة، وسيعيد تعريف مفهوم المسافات العالمية.

Related تريد حجز عطلتك الصيفية؟ تعرّف على أرخص تذاكر الطيران هذا العامتحرش جنسي على متن الخطوط الجوية الفرنسية؟ وزير النقل يناقش القضية بعد شكاوى مضيفات الطيرانبالونات محمّلة بالسجائر المهرّبة تشلّ حركة الطيران في ليتوانيا

ولتحقيق هذه السرعات، يجب مواجهة صعوبات كبيرة، أبرزها الحرارة الشديدة والاضطرابات الهوائية الناتجة عن تحرك الطائرة بسرعات تتجاوز ماخ 10، أي عشرة أضعاف سرعة الصوت عند سطح البحر.

وتتغير خصائص الهواء بشكل كبير عند هذه السرعات، إذ يصبح قابلاً للانضغاط، ما يؤثر على الرفع والمقاومة والدفع، ويجعل تصميم الطائرات الأسرع من الصوت أكثر تعقيدًا من الطائرات التقليدية.

ولاختبار فرضية موركوفين، استخدم فريق بارزال الليزر لتأين غاز الكريبتون داخل نفق هوائي، مكونين خطًا متوهجًا يظهر كيفية تحركه مع تدفق الهواء. وكشفت التجربة، التي استغرقت أكثر من عقد من الزمن، أن اضطرابات الهواء عند ماخ 6 تشبه بشكل كبير التدفقات البطيئة غير القابلة للانضغاط.

كما تشير الدراسة إلى أن الطائرات الأسرع من الصوت قد لا تحتاج إلى تصميمات جديدة بالكامل، ما يسهل تطويرها ويجعل استخدام الحواسيب لمحاكاة ديناميكيات الهواء عند هذه السرعات أكثر قابلية للتنفيذ.

كما تشير الدراسة إلى أن الطائرات الفائقة السرعة قد تصل إلى المدار الأرضي المنخفض مباشرة، دون الحاجة للصواريخ التقليدية، ما قد يغيّر أساليب السفر على الأرض وفي الفضاء.

ويضيف بارزال:"إذا استطعنا بناء طائرات تطير بسرعة فائقة، يمكننا استخدامها للوصول إلى المدار بدلًا من الصواريخ، وهو ما سيحدث تحولًا كبيرًا في النقل على كوكبنا وفي الفضاء."

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • "لجنة الرياضات الجوية" تنظم ورشة في التخطيط الاستراتيجي لقادة الطيران الشراعي
  • رحلات حول العالم في ساعة: دراسة تكشف أن الطيران الأسرع من الصوت يقترب من الواقع
  • تصفيات كأس العالم.. إشارة قام بها رونالدو تجاه لاعب أيرلندا تثير جدلاً
  • توقعات الأرصاد الجوية لدرجات الحرارة وحالة الطقس في جميع المحافظات
  • أفضل أطقم الطيران في العالم للعام 2025 (إنفوغراف)
  • وزير الطيران: تبادل الخبرات ركيزة لتطوير القطاع وتحسين تجربة المسافرين
  • إضراب لعمال فولوتيا و إيزي جيت في إيطاليا غدا: معلومات تهم المسافرين
  • المغرب يستأنف الرحلات الجوية مع إسرائيل
  • العالم يراقب الأمريكيين في سفرهم.. سياسات ترامب تلاحقهم خارج الحدود
  • الأرصاد الجوية: أجواء معتدلة على أغلب مناطق البلاد