تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تشهد الأجواء السياسية في فرنسا حالة من الاضطراب خاصة بعد دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون، بصورة مفاجئة، لانتخابات برلمانية وتشريعية في ٣٠ يونيو و٧ يوليو المقبل.

وخاطب الرئيس الفرنسي الناخبين يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ أن دعا إلى انتخابات مبكرة في أعقاب الهزيمة الساحقة لحزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون أمام حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الانتخابات الأوروبية.

ودعا ماكرون السياسيين المعتدلين من اليسار واليمين إلى الاتحاد معًا لهزيمة اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية.

ويهدف خطابه بشكل أساسي إلى شرح قراره الصادم بحل مجلس النواب في البرلمان الفرنسي، والذي أدى إلى انتخابات برلمانية مبكرة بعد ثلاثة أسابيع من فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان وجوردان بارديلا في انتخابات البرلمان الأوروبي.

وقال ماكرون إنه قرر إجراء تصويت مبكر لأنه لا يستطيع تجاهل الواقع السياسي الجديد بعد الهزيمة الساحقة، حيث حصل حزب ماكرون على أقل من نصف ما حصل عليه التجمع الوطني وزعيمه جوردان بارديلا.

وماكرون أكد أيضًا أنه "لا يريد إعطاء مفاتيح السلطة لليمين المتطرف في عام ٢٠٢٧".
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن زلزالين هزا فرنسا، وبدأ السياسيون الآن فقط في انتشال أنفسهم من تحت الأنقاض ويسارعون إلى فهم عالمهم المقلوب.

وبحسب المجلة وقع الزلزال الأول بعد وقت قصير من إغلاق مراكز الاقتراع الفرنسية لانتخابات البرلمان الأوروبي. وعلى الفور تقريبًا، كان من المتوقع أن تكون قائمة مارين لوبان الانتخابية لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف هي الفائزة.

ولم تكن هذه مفاجأة بالطبع. فلأسابيع، أفادت استطلاعات الرأي أن قائمة حزب التجمع الوطني، بقيادة جوردان بارديلا، كانت تحوم فوق ٣٠٪، أي أكثر من ضعف قائمة النهضة الحكومية، بقيادة فاليري هاير.

ومع تزايد الأرقام، تعمقت الصدمة. وكان حزب الجبهة الوطنية قد تغلب بالفعل على أحزاب الأغلبية في الانتخابات الأوروبية الماضية، ولكن هذه المرة، بلغ الهامش ما يقرب من ١٧ نقطة مئوية. علاوة على ذلك، سيطر الحزب على كل منطقة، بما في ذلك الأسوار الجمهورية مثل بريتاني وإيل دو فرانس - وإن لم تكن أكبر مدينة في الأخيرة، باريس.

وحقق نجاحات مع قطاعات كبيرة من السكان كانت خارج نطاق متناوله، بما في ذلك الناخبين الذين تزيد أعمارهم على ٦٥ عامًا بالإضافة إلى الناخبين. الحاصلين على شهادات جامعية ومهنية.

ثم جاءت الهزة الارتدادية. وبعد أقل من ساعة من إعلان النتائج، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية وتحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية جديدة. لم يفاجئ هذا الإعلان جميع معارضيه فحسب، بل أيضًا العديد من الشخصيات القيادية في حزبه.

قال أحد الوزراء قبل بضعة أسابيع: "نظرًا لقوة حزب التجمع الوطني، فأنا بصراحة لا أستطيع أن أتوقع أن يقوم الرئيس بحل الجمعية". ويبدو أن حتى ماكرون لم يتمكن من توقع قراره، حيث أصر في أواخر الشهر الماضي على أن انتخابات الاتحاد الأوروبي تخلف عواقب سياسية على أوروبا فقط، وليس فرنسا.

ووصف الممثلون السياسيون والمعلقون مرارا وتكرارا قرار ماكرون ــ وهو القرار الذي ناقشه قبل إعلانه مع مجموعة صغيرة من المستشارين المقربين، الذين حاول عدد قليل منهم، بما في ذلك رئيس الوزراء غابرييل أتال، ثنيه، حسبما ورد، ــ بأنه قرار هراء.

ورفض آخرون ذلك باعتباره عملًا من أعمال رجل إطفاء مهووس بإشعال الحرائق، أو شخص يشعل النيران لإخمادها. ولكن الأهم من العثور على تسمية القرار هو العثور على سبب له.

وترى الشخصية الثورية جورج دانتون، أن ماكرون يفخر باتخاذه خطوات جريئة. وفي البداية على الأقل، نجح القصد من إعلانه - مفاجأة الأحزاب الأخرى - باستثناء حزب التجمع الوطني، الذي دعا إلى حل البرلمان وكان يضع الخطط بالفعل.

رسالة للفرنسيين
ماكرون حاول أن يرسل رسالة للفرنسيين بأن هناك خطورة على دولتهم واقتصادهم، وأن التجمع الوطني عندما يصرح بتصريحات انتخابية يمكن أن تتسبب في هروب الكثير من المستثمرين والمدخرين في فرنسا، خاصة أن هناك أزمات اقتصادية كبيرة بسبب الحرب في أوكرانيا وغيرها، واعترف بأن الحكومة الفرنسية لم تكن على قدر المسؤولية ولكنها أعدت الكثير من الإصلاحات.

ويرى البعض أنه ربما لأنه سئم الشلل البرلماني، قرر ماكرون حله. وكما لاحظ العالم السياسي برونو كوتريس، فإن قرار حل الجمعية البرلمانية "لا يعدو كونه عملا مسكنا في أي دولة ديمقراطية". وهذا ما يفسر سبب استخدامه في فرنسا خمس مرات فقط منذ عام ١٩٥٨ وتأسيس الجمهورية الخامسة.

ويأمل ماكرون، الذي تبقى له ثلاث سنوات في ولايته الرئاسية الثانية، أن يتحد الناخبون لاحتواء اليمين المتطرف في الانتخابات الوطنية، كما لم يفعلوا في الانتخابات الأوروبية.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فرنسا إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي حزب التجمع الوطنی فی الانتخابات المتطرف فی

إقرأ أيضاً:

انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟

في تجربة نادرة، توجّه المكسيكيون أول أمس الأحد إلى مراكز الاقتراع في 19 ولاية من إجمالي 32، لاختيار 2681 قاضيا على المستوى الفدرالي والمحلي، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا والهيئة الانتخابية، كخطوة أولى تتبعها انتخابات ثانية في الولايات المتبقية في 2027.

واعتبر الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (أملو) والرئيسة الحالية كلوديا شينباوم هذه الانتخابات سابقة ديمقراطية تعكس مستوى الشفافية والموضوعية التي يقدّسها حزبهما الحاكم "مورينا"، في المقابل ترى قوى اليمين أنها خدعة شعبوية لتعزيز الفساد والتسييس ودعت لمقاطعتها.

وسواء صدقت نوايا الرئيسة الحالية وحزبها، أو قراءة المعارضة، فإن الإلمام بأهم تفاصيل هذه الخطوة التاريخية يعتبر أداة ضرورية للتمكن من إطلاق حكم موضوعي بشأنها.

أوبرادور وضع برنامج إصلاح قضائي يهدف لمكافحة الفساد ووضع حدّ لنفوذ الأقلية الأوليغارشية المتغلغلة في مفاصل الدولة (رويترز) ما طبيعة الانتخابات؟ وما أهدافها؟

تأتي هذه الانتخابات في إطار برنامج إصلاح قضائي اقترحه الرئيس السابق أوبرادور خلال فترته الانتخابية وصادق عليه البرلمان في سبتمبر/أيلول الماضي، على أساس إدماج السلطة القضائية في دائرة الاختيار المباشر من قِبل الناخبين تماما كالسلطة التنفيذية والتشريعية، وتحقيق "ثورة ديمقراطية شاملة"، حسب قوله.

وتهدف هذه المبادرة إلى وضع حدّ لنفوذ الأقلية الأوليغارشية المتغلغلة في مفاصل الدولة ومكافحة ظاهرة الفساد والمحسوبية، في بلد ترتع فيه أخطر عصابات المخدرات والجريمة المنظمة وتملك آليات قوية لتطويع القضاء.

ورغم أن برنامج الإصلاح القضائي المصادق عليه يتضمن جملة من النقاط المهمة، فإن الآلة الإعلامية في المكسيك نجحت في شيطنة الحدث وتصدير تلك الصورة "السلبية" إلى العالم عبر أغلب وسائل الإعلام، والحال أن هناك نقاطا أخرى إيجابية عديدة تستحق الذكر.

إعلان

فالمكسيك ستعتمد منذ يوم الاقتراع على قاعدة تجديد رئاسة المحكمة العليا كل سنتين، وستُخفّض فترة بقاء القضاة المنتخبين في المحكمة من 15 إلى 12 سنة، بالإضافة إلى تقليص رواتبهم، لا سيما راتب رئيس المحكمة الذي كان يفوق راتب رئيس الدولة. أما جلسات المحكمة العليا التي كانت في أغلبها مُغلقة، فسيكون بثّها مباشرا، كعُرف جديد لشكل عملها، كي يضمن للناخبين متابعة أداء القضاة الذين اختاروهم.

وبعكس ما أشيع من نوايا للحزب الحاكم (مورينا) في تركيع السلطة القضائية، فإن معايير الاختيار تكاد تضمن بقاء القضاة في مناصبهم وفق مستوى رضا ناخبيهم فقط، وبغضّ النظر عن توجهاتهم السياسية.

بل إن الهدف الحقيقي وراء هذا، وفقا لبعض خبراء القانون، هو التصدي لممارسات الحروب القضائية الشائعة مؤخرا، والتي تستخدمها التيارات السياسية المتربعة على السلطة للتنكيل بخصومها والانتقام منهم باسم "القانون" لإقصائهم أو رميهم في السجون ودفن طموحاتهم في المنافسة في المستقبل، وهو ما حدث حرفيا في البرازيل ضد رئيسها الحالي لولا دا سيلفا، وما يحدث حاليا ضد رئيس الإكوادور الأسبق رافاييل كوريا ورموز تياره.

وبناء عليه، فإن هذه المبادرة ربما تُفهم على أنها سعي من الحزب الحاكم في المكسيك، الحاصل على مستوى رضا شعبي يشارف على 70% لتحصين رموزه من الحرب القضائية في المستقبل، في حال عودة اليمين إلى السلطة، وهو أمر طبيعي.

مظاهرات بالمكسيك ضد انتخابات القضاة والمحتجون يعتبرونها مقبرة للنظام القضائي (الأوروبية) لماذا تعارض الأغلبية هذه المبادرة وتشكّك في نجاعتها؟

تُجمع الانتقادات لفكرة انتخابات القضاة على نقاط عديدة تتمثل أبرزها في صعوبة العملية من الناحية الفنية القانونية، حيث تتطلب عملية الاختيار معرفة جيدة بالمرشحين على المستوى المحلي والفدرالي، ومجهودا فكريا لمتابعة مسيراتهم والتحقق من سلامتها، وهو ما تتفاداه العامة من الناخبين.

إعلان

وذلك فضلا عن أن التمويل ممنوع في هذه الانتخابات، ومن ثم فإن الحملات الانتخابية عاجزة عن الوصول إلى الناخب بالشكل السهل الذي اعتاده في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية مثلا، إلى جانب أن عملية الاقتراع في حدّ ذاتها قد تستغرق أكثر من 5 دقائق أحيانا للتمييز بين قوائم وأسماء المرشحين.

النقطة الثانية التي نالت زخما إعلاميا بارزا، واتخذتها المعارضة حجة دامغة على فشل فكرة الانتخابات، هي ترشح ما يقارب 20 شخصية مثيرة للجدل وفقا لتقرير لمنظمة "ديفينسور إكس إس"، وعلى رأسهم المحامية سيلفيا ديلغادو التي ترافعت في 2016 عن رئيس عصابة المخدرات الشهير إل تشابو غوسمان. كذلك فرناندو إسكاميّا محامي رئيس عصابة آخر مشهور، وهو ميغال تريفينيو. والمحامي ليوبولدو تشافيز الذي قضى 6 سنوات مسجونا في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بمواد مخدرة.

وهذا ما أدى إلى عزوف 87% من الناخبين عن المشاركة واعتبارها مضيعة للوقت، وفق تقديرهم، غير أن الرئيسة شينباوم اعتبرتها ناجحة جدا، مُذكرة بأن نسبة المشاركة تفوق نصيب المعارضة في انتخابات 2024.

الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بعد الإدلاء بصوتها في مركز اقتراع بمدينة مكسيكو (الفرنسية)

على صعيد آخر، يتصدّر مشهد المعارضة لهذه الانتخابات شخصيات سياسية ومالية وقانونية بارزة، من أشهرهم ريكاردو ساليناس بلييغو، إمبراطور المال والإعلام الشهير في المكسيك، الذي سخّر آلته الإعلامية وأذرعه في المجال القانوني للدعوة لمقاطعة هذه المبادرة، فهو يرى فيها "خدعة" شعبوية من الحزب الحاكم للسيطرة في النهاية على السلطة القضائية.

غير أن الأقلية التي لم تستجب لدعوة المقاطعة ذكّرت بلييغو بأنه يتصدر قائمة المُدانين لدى الجهاز الضريبي في المكسيك، وأن تهرّبه من تسديد هذه الديون يعود إلى نفوذه على المنظومة القضائية الحالية، ومن ثم فإن "شيطنة" هذه المبادرة تؤكد أن الرجل سيكون أكبر متضرر من نظام انتخابات القضاة الجديد، على غرار معارضين آخرين كثر.

إعلان

مقابل هذا، يرى داعمو المبادرة أن الرئيس السابق (أملو) عانى كثيرا من التعطيلات القضائية لمقترحات رئاسية "نبيلة"، بسبب هيمنة الطبقة الأوليغارشية على السلطة القضائية لعقود متتالية. ويرى هؤلاء أن اعتماد الانتخابات في اختيار القضاة سوف يقضي على هذه الهيمنة، ويغيّر معايير التعيين من المحسوبية والقرابة إلى الكفاءة ونظافة اليد.

وفي هذا السياق، كشفت منظمة "مكسيكيون ضد الفساد" أن هناك 500 قاض في المحاكم الفدرالية حاليا تمكنوا من تشغيل نحو 7 آلاف من أقاربهم في الدوائر القضائية، ومن بينهم قاض في مدينة "دورانغو" تمكن من توفير مناصب لـ17 من عائلته، وآخر في "نويفو ليون" منح 14 منصبا قضائيا لأقاربه. وهو ما لا تنكره العامة في المكسيك لكنها تعتبره "قدَرًا محسوما لمصلحة اليمين".

سيلفيا ديلغادو محامية الدفاع السابقة عن رئيس عصابة المخدرات الشهير إل تشابو في 2016 والمرشحة الحالية لمنصب قاضية جنائية (رويترز) هل هي فعلا سابقة تاريخية في مجال القضاء في العالم؟

للولايات المتحدة تجربة مماثلة لكنها تبقى أضيق من تجربة المكسيك، إذ يختار ناخبو 43 ولاية -من إجمالي 50- القضاة المحليين فيها (مع وجود اختلافات من ولاية إلى أخرى). وفي القارة الأميركية نفسها، نجد بوليفيا التي بدأ البوليفيون في عهد الرئيس الأسبق إيفو موراليس فيها بالتصويت لاختيار القضاة في 4 هيئات دستورية عليا.

أما المثال الثالث، والمختلف نوعا ما، فهو اليابان التي يُجرى فيها استفتاء شعبي كل 10 سنوات لتقييم أداء قضاة المحكمة العليا، والتصويت لاستمرارهم من عدمه.

مقالات مشابهة

  • نشطاء يسرقون تمثال الرئيس الفرنسي ماكرون احتجاجا على الفشل المتكرر
  • انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟
  • بعد مقتل شخص في الجنوب.. وزير الداخلية الفرنسي يزور سفارة تونس
  • في مهمة احتجاجية.. تمثال ماكرون يغادر متحف "غريفان" إلى سفارة روسيا في باريس
  • وزير الخارجية الفرنسي: نتمسك بالحل السياسي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني
  • الرئيس السيسي وماكرون يبحثان توسيع الاستثمارات الفرنسية في مصر
  • سميح ساويرس يفاجئ الجميع: لن أُورث أبنائي كامل ثروتي
  • هاكابي يدعو ماكرون لمنح الفلسطينيين أجزاء من أراضيه
  • فوز ناوروتسكي في جولة إعادة انتخابات بولندا الرئاسية
  • «يفاجئ الجميع».. سعر الذهب في مصر اليوم الأثنين 2 يونيو 2025