كان للأطباء العرب والمسلمين دور أساسي وجهد هائل في التأسيس للطب كعلم تجريبي، وعليهم استند الأطباء الغربيون وانطلق الطب الحديث، ويؤكد البروفيسور الدكتور طارق الجابري أهمية إعادة دراسة ونشر التراث الطبي العربي والإسلامي وتبيانه للأجيال العربية القادمة ليمثل تأكيدا وتوضيحا للدور البناء للحضارة العربية والإسلامية في التسلسل الحضاري للبشرية، ولإعادة الثقة إلى الجيل الناشئ من أبناء هذه الأمة.

البروفيسور الجابري أستاذ الجراحة في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، واستشاري أول الجراحة العامة والمسالك البولية، في مستشفى الملك عبد الله المؤسس في الأردن.

ويرى الجابري أنه من الضروري إعادة الاهتمام بالدور الحضاري العلمي للعلماء العرب والمسلمين في عصور النهضة العربية الإسلامية التي هي ذاتها عصور الظلام في الحضارة الغربية الأوروبية، وذلك من خلال تسليط الضوء على الدور الريادي للعلماء الأطباء العرب.

ولم تقتصر إنجازات البروفيسور الجابري على العمل الأكاديمي المعرفي والجراحي السريري، إذ امتدت لتشمل دراسة تاريخ الطب والجراحة عند الأطباء العرب والمسلمين، آخذا على عاتقه التعريف به والإضاءة على صفحاته المشرقة.

وفي جهوده للتعريف بالطب عند العرب والمسلمين، صدر للجابري مؤلفان الأول هو "أبو القاسم الزهراوي عميد الجراحين.. دراسة علمية معاصرة " والثاني بعنوان "ابن زهر الطبيب الحكيم.. دراسة علمية معاصرة ". وهناك مؤلف ثالث تحت الطبع، ورابع قيد التأليف.

البروفيسور الجابري: المسلمون أثروا الطب باختراعاتهم ومؤلفاتهم (مواقع التواصل)

التقيت "الجزيرة صحة" البروفيسور الجابري، الذي خصنا بحوار شائق وحصري، قدم لنا فيه بعض أبرز الإنجازات التي حملها العرب والمسلمون للعالم في مجال الطب، مؤكدا أننا حاليا نشهد استعادة لزمام المبادرة في العديد من بقاع الأرض العربية والإسلامية ومنها الخدمات الطبية، بما يحمل مبشرات للمستقبل، عبر إنجازات يخطها الباحثون العرب والمسلمون سواء في بلادهم أو بلاد المهجر.

وهذا نص الحوار مع البروفيسور الجابري:

ما تاريخ ميلاد الطب عند العرب؟

مارس العرب الطب منذ القدم وقبل ظهور الإسلام، وعايشوا حالات إصابات الحروب وتلك الناتجة عن اعتداء الحيوانات والزواحف، وكان لهم احتكاك مباشر بالحيوانات واطلاع على أعضائها وأمراضها وولادتها وعلى النباتات المختلفة، وخبروا تأثيراتها على الإنسان والحيوان، وكل هذا كان له أثر في إثراء خبرتهم الطبية.

وكان من العرب من اطلع على علوم الطب عند الحضارات الأخرى كالفارسية واليونانية. ولكن طبيعة حياة العرب التي امتازت بالترحال حالت دون تأسيس مراكز ثابتة للعلاج.

وقد نقلت لنا كتب السير أسماء العديد من الذين اشتهروا بممارسة الطب، ولكن ضعف الكتابة والتوثيق حال دون معرفتنا للكثير منهم. ومن الذين اشتهروا في هذا المجال الحرث بن كلدة الثقفي الذي استدعاه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لعلاج سعد بن أبي وقاص عند إصابته فقال "ادعوا له الحرث بن كلدة فإنه رجل يتطبب". وقد وفد على كسرى وكان بينهما سجال طويل حول الطب، وقد سأله كسرى بداية الحديث ما صناعتك؟ فقال الطب.

ومن النساء رفيدة الأسلمية التي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بمداواة سعد بن معاذ الذي أصابه سهم في معركة الخندق.

ما تأثير المسلمين على الطب وأخلاقيات الطب؟

لقد نهض المسلمون بالطب على صعيدي المحتوى والمنهج. فقاموا ابتداء بترجمة ما كتبه السابقون، ثم تصدروا المشهد لحقبة ناهزت 8 قرون امتازت بتصحيح علوم السابقين ثم إثراء الطب بخبراتهم واكتشافاتهم واختراعاتهم ومؤلفاتهم.

وكان من أشهر الأطباء الذين ذاع صيتهم في المشرق العربي الرازي (814-925) وابن سينا (980-1037) وابن النفيس (1213-1288) وابن القف (1233-1286) وغيرهم. أما في الأندلس فكان الزهراوي (936-1010) وابن زهر (1094-1162) وابن رشد (1126-1198) وغيرهم.

وقد اعتبر العرب مهنة الطب مرتبطة بالأخلاق والقيم الإنسانية، وأخضعوها لنظام رقابة ومحاسبة يقوم عليه من يسمى بالمحتسب. يقول الزهراوي "ونزهوا أنفسكم عما تخافون أن يدخل عليكم الشبهة في دينكم ودنياكم فهو أبقى لجاهكم وأرفع في الدنيا والآخرة لأقداركم". ويقول ابن زهر في إشارته للميثاق الطبي "وقد أخذه علي الشيخ أبي رحمه الله وأنا صبي عندما بدأت بقراءة الطب عليه". ونجد ابن القف الكركي -من مدينة الكرك في الأردن- المسيحي يذيل كل فصل من فصوله بالعبارات الدالة على مشيئة الله، ويضع التوصيات الخاصة بعلاج النساء.

ما أبرز إسهامات العرب في التشريح، علم الأمراض، التشخيص، الوبائيات وصحة المجتمع، التغذية، الصحة النفسية؟

في مجال التشريح وبخلاف ما أشيع في العديد من كتب المؤرخين الغربيين عن عدم ممارسة العرب التشريح لأسباب دينية، فإن بعض الفتاوى الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية لم تمنع الأطباء المسلمين من استقاء الخبرات التشريحية من الإنسان والحيوان.

إن جميع الكتب الطبية الإسلامية الرئيسة كانت تبتدئ بفصول مطولة ومفصلة عن التشريح يصعب الوصول إليها دون الممارسة، وكذلك تبيان التفاصيل الدقيقة للعمليات الجراحية لا يمكن أن يتم وصفا وممارسة دون الإلمام الدقيق بالتفاصيل، وقد كان وصف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى مثالا واضحا على ذلك. يقول الزهراوي "والسبب الذي لا يوجد فيه صانع محسن بيده في زماننا هذا لأن صناعة الطب طويلة، وينبغي لصاحبها أن يرتاد قبل ذلك في علم التشريح".

ويقول ابن رشد "كلما زاد علم الإنسان بالتشريح زاد إيمانه بالله تعالى". ويقول ابن زهر "وليس شيء يحتاج إليه صناع اليد احتياجه إلى معرفة التشريح ومنافع الأعضاء لئلا يغلط".

علم الأمراض

وصف الأطباء المسلمون العديد من الأمراض غير الموصوفة سابقا إضافة إلى توضيح كثير مما تم وصفه من قبل. فمثلا ميز الرازي بين الجدري والحصبة، ووصف الزهراوي لأول مرة مرض نزف الدم الوراثي أو الهيموفيليا وصفا طبيا، وكذلك مرض الحمل المنتبذ أو الحمل خارج الرحم. ووصف ابن زهر للمرة الأولى سرطان الجهاز الهضمي السفلي والتهابات غشاء القلب (Pericarditis) وميز بين أنواعه المختلفة، وكذلك وصف التهاب المنصف (Mediastinum) فاعتبر من رواد علم الأمراض (Pathology).

التشخيص

أكد الأطباء المسلمون أهمية استنفاد كافة الوسائل للوصول إلى التشخيص الدقيق قبل العلاج. فها هو الزهراوي يقول "إن من أبلغ الأشياء في ما يحتاج إليه في علاج الأمراض بعد المعرفة الكاملة بالصناعة حسْن مساءلة العليل، وأبلغ من ذلك لزوم الطبيب العليل وملاحظة أحواله" وكان أول من استخدم المرآة للنظر إلى الرحم وتعتبر هذه أول إشارة إلى التنظير الداخلي للجسم، واخترع مسبارا معدنيا يستخدم لفحص الحصى في المثانة قبل الجراحة.

وها هو ابن زهر يصف سيرة المريض بالتفصيل، فيصف الحمى، ويفحص بول المريض من حيث اللون والثفل، ويفحص النبض بالتفصيل من حيث سرعته وقوته وحتى الانبساط والانقباض والوقفة بينهما، ويصف تفاصيل ما يخرج مع السعال، ويصف الصديد والبراز من حيث اللون والرائحة والكم وأي محتويات غير طبيعية.

الوبائيات وصحة المجتمع

تعددت إشارات ابن زهر للأمراض الوبائية لدرجة أن خصص العالم الشهير (J Theodorides) مقالة مطولة عام 1955 بعنوان الطفيليات والحيوان في أعمال ابن زهر، ومن المعلوم أنه كان أول من وصف العثة التي تسبب مرض الجرب. كما أفرد فصلا مخصصا للمحافظة على الصحة تناول فيها الطعام والشراب والحركة والحمام والملابس والعادات والعلاقة الجنسية والطقس.

التغذية

ألف ابن زهر كتابا خاصا سماه "كتاب الأغذية والأدوية" تناول فيه التوصيات التي تتعلق بالغذاء وطرائق تحضيره وتفاضل بعضه على بعض. وكان يصف الغذاء المناسب عند تناوله لعلاج كل مرض. لقد كان لابن زهر سابقة وصف التغذية عبر أنبوب يتم إدخاله من الفم ليصل المعدة في حالات عدم القدرة على البلع والتي أصبحت من أساسيات الممارسة الحديثة. كما وضع ابن القف الكركي كتابا خاصا بأمور الصحة بعنوان "كتاب جامع الغرض في حفظ الصحة ودفع المرض".

الصحة النفسية

اهتم الأطباء المسلمون بذلك اهتماما بالغا، واعتبروه جزءا لا يتجزأ من علاج المريض. يقول الزهراوي "3 أرباع العلاج في حفظ قوة المريض لكي لا تسقط قبل المنتهى، فمده بما يشتهي، وكل ما يرجى أن يدخل عليه من الراحة والسرور والفرح، وعِدْه بالفرج المعجل، وهوّن عليه المرض، واضرب له الأمثال بأن تقول إن فلانا تخلص من مرضه الذي كان أعظم من مرضك".

ولابن زهر كتاب "كتاب الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد" والاقتصاد هنا يعني التوسط وعدم الإسراف، وفيه مقدمة تتحدث عن العلاقة بين الحالة النفسية والصحة. ويقول "ولطف غذاءه جهدك وامنعه من الحركة والصياح ومن الكلام المرتفع، وتلزمه السكون والدعة، وأما النوم فلا تمنعه إياه ولا تحمل عليه فيه واتركه لطبيعته، ولين فراشه وجنبه التعب وطيب نفسه وأرحه من كل ما يجلب الأفكار عليه، واجتهد فيه بتلطف مثل أن تشغله بالأحاديث المطربة، ويجب أن يتجنب التعب والسهر، وسكن غضب العليل وأشعره الطمأنينة واجعله يتصرف بنوع من اللعب الذي تتحرك فيه الأعضاء مع النفس كالرمي بالنشاب".

أما على صعيد الأمراض النفسية، فقد كانت نظرة الغرب السائدة في القرون الوسطى لهؤلاء المرضى وطريقة التعامل معهم تتصف باللاإنسانية وإرجاع ما يعانونه لأسباب خارجة عن الطبيعة كالشياطين والأرواح الشريرة. في المقابل كانت المنطقة التي ترفأ تحت ظل الحضارة العربية تزخر بالمستشفيات التي تخصص أقساما خاصة لمثل هؤلاء المرضى، بل كانت توجد بعض المستشفيات المخصصة لهم مثل مستشفى بغداد الذي أسس عام 705 وغيره، حتى أن الطبيب الشهير أبو بكر الرازي كان شخصيا مسؤولا عن وحدة الأمراض النفسية في مستشفى بغداد.

إن فكرة اعتبار هؤلاء مرضى يستحقون العلاج وليسوا مجانين معاقبين من قبل عوامل خارجة عن الطبيعة هو بحد ذاته نقلة نوعية في مجال العلوم العصبية، وكان علاج هؤلاء المرضى في المستشفيات العربية والإسلامية يتم بالأدوية والماء والموسيقى والعلاج الطبيعي والسلوكي والنفسي، وكان الطبيب يسمى الطبيب الروحاني وطبيب القلب.

كيف أثر العرب على الطب الحديث؟

من حيث المحتوى أضاف العرب إضافات يصعب حصرها، كما أشرنا من حيث وصف جديد للأمراض وتصحيح المفاهيم عن أمراض أخرى واختراع أدوات جديدة كتلك التي ابتكرها الزهراوي، ووصف عمليات جديدة وإضافات في مجالي التخدير والصيدلة. كما أنشأ العرب مستشفيات حديثة ذات مهام علاجية وتعليمية وتدريبية أي كليات للطب تتبع المستشفيات. وقاموا بتأليف الكتب الطبية التعليمية مثل كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف" للزهراوي، "التيسير في المداواة والتدبير" لابن زهر، "العمدة في صناعة الجراحة" لابن القف، وغيرها. وقد كانت بعض المؤلفات متخصصة بفروع معينة من الطب كالجراحة والعيون والولادة مما أدخل مبدأ التخصص في الطب، فاعتبر الزهراوي بشهادة الغربيين أبا للجراحة. كما أرسى ابن زهر نظام تدريب يجب على جميع جراحي المستقبل المرور به قبل السماح لهم بممارسة الجراحة بشكل مستقل.

أما من حيث المنهج فقد أدخل العرب مفهوم المنهج التجريبي في الجراحة، كما أشار لذلك ابن زهر متقدما على الفيلسوف الإنجليزي بيكون (Bacon Francis) الفترة (1626-1561) حيث استخدم الحيوانات للتجريب الجراحي، فكان أول من قام بإجراء عملية فتح القصبة الهوائية (Tracheostomy) على الماعز، وقد أصبحت ممارسة التدريب الجراحي على الحيوان الطريقة المثلى المعتمدة للتدريب الجراحي بالمراكز الجراحية المتقدمة.

كما أدخل العرب عمليات تشريح ما بعد الوفاة مثل ما قام به ابن زهر على الماعز خلال بحثه عن أمراض الرئة، وبالتالي الربط بين نتائج التشريح والعلامات الناتجة عنه وبين الأمراض وأعراضها ونتائج العلاج. لقد استخدم تشريح ما بعد الوفاة بعد ذلك لغايات مختلفة طبية وجنائية وتعليمية، وأصبح ضرورة طبية وقانونية لإثبات أسباب الوفاة إضافة لفوائده التعليمية، متقدما على الفرنسي لينيك (1781-1826) أول طبيب أوروبي ينهج هذا النهج.

إن هذه الإنجازات تفسر اعتماد الجامعات الأوروبية كتب الزهراوي وابن زهر وابن رشد والرازي وابن سينا مراجع طبية لقرون عديدة بعد أن تمت ترجمتها للغة اللاتينية.

لماذا تعثر العرب والمسلمون لاحقا في علوم الطب؟

لا يمكن عزل الطب تقدما أو تراجعا لدى أي مجموعة بشرية وفي أي حقبة تاريخية عن باقي مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية على العموم. ولا يخفى على أي دارس لتاريخ العرب والمسلمين دخولهم في عصر من الانحطاط والتراجع الحضاري بعد عصرهم الذهبي نتيجة لعوامل داخلية تتطلب الإحاطة بها من خلال دراسات تحليلية معمقة ولكن يمكن فهمها على المجمل من قبل أي باحث، وعوامل خارجية واضحة وهي الهجمة الاستعمارية المسعورة التي صاحبها  غزو عسكري وثقافي واقتصادي وارتهان حضاري سلب من الأمة زمام المبادرة وحول أفرادها إلى تابع للحضارة الغربية واستنزف طاقاتها في مقاومة ذلك الغزو.

وإن ما نشهده حاليا من استعادة لزمام المبادرة ومن مظاهر النهوض العلمي في العديد من بقاع الأرض العربية والإسلامية -ومنها الخدمات الطبية- يحمل مبشرات للمستقبل وبأن حركة النهوض عادت من جديد.

ومن هنا تكمن أهمية إعادة دراسة ونشر التراث الطبي العربي والإسلامي، وتبيانه للأجيال العربية القادمة ليمثل تأكيدا وتوضيحا للدور البناء للحضارة العربية والإسلامية في التسلسل الحضاري للبشرية، ولإعادة الثقة إلى الجيل الناشئ من أبناء هذه الأمة كي يدركوا أنهم ليسوا نتاج فراغ حضاري وفكري لزيادة ثقتهم بأنفسهم وتحفيزهم للاضطلاع بهذا الدور من جديد.

صدر لكم مؤلفان حول الطب عند العرب والمسلمين، ولكم ثالث قيد الطبع، هلا حدثتنا عنها؟

يأتي هذان الكتابان ضمن سلسلة علمية نقدية تتناول الأطباء العرب والمسلمين، وتهدف إلى إعادة الاهتمام بالدور الحضاري العلمي للعلماء العرب والمسلمين في عصور النهضة العربية الإسلامية وهي ذاتها عصور الظلام في الحضارة الغربية الأوروبية، وذلك من خلال تسليط الضوء على الدور الريادي للعلماء الأطباء العرب.

الكتاب الأول هو "أبو القاسم الزهراوي عميد الجراحين.. دراسة علمية معاصرة "والثاني بعنوان "ابن زهر الطبيب الحكيم.. دراسة علمية معاصرة " ولذلك أكثرت من الاستشهاد بهما خلال عرضي.

ويهدف كل كتاب إلى تقديم حياة العالم الطبيب بشكل مبسط ومتدرج، ابتداء منْ مختصر لسيرة حياته وللواقع العلمي والسياسي الفترة التي عاشها، ثم الحديث عن مؤلفاته مرورا بإنجازاته العلمية من منظور العلم والأدب الطبي الحديث، وتقييم الناقدين له قديما وحديثا وإعادة الاعتبار له بعصرنا الحاضر.

أما للمستقبل فهناك كتاب قيد الطبع يتناول الطبيب ابن القف بعنوان "ابن القف طبيب الأردن من القرن الثالث عشر.. دراسة علمية معاصرة" وكتاب آخر قيد التأليف بعنوان "ابن رشد الطبيب.. دراسة علمية معاصرة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العربیة والإسلامیة العرب والمسلمین الأطباء العرب العدید من الطب عند ابن رشد من حیث

إقرأ أيضاً:

البروفيسور دانييل أندلر: الحدّ الفاصل في آخر المطاف بين الإنسان والآلة هو التجربة المعيشة

لورونس سرفاتي

ترجمة: حافظ إدوخراز

هل سيصير الذكاء الاصطناعي يومًا ما قادرًا على اتّخاذ القرارات نيابةً عنّا؟ يرى البروفيسور دانييل أندلر، وهو أستاذ فخري بجامعة السوربون، وعالم رياضيات وفيلسوف، ومؤسس قسم الدراسات المعرفية بالمدرسة العليا للأساتذة بفرنسا وعضو في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية. وهو أيضا مؤلف عدة كتب من بينها كتاب «الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري: اللّغز المزدوج» (دار غاليمار، 2023). ومن خلال تحليله لتطور هذه التقنية ومقارنتها بالذكاء البشري يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يفتقر إلى عناصر أساسية. وإليكم نص الحوار الذي أجرته معه الصحفية لورونس سرفاتي لمجلة علوم إنسانية ونُشر في العدد 377.

متى ظهرت بدايات الذكاء الاصطناعي؟

ظهر الذكاء الاصطناعي إلى الوجود باعتباره مجالًا للبحث العلمي في خمسينيات القرن العشرين بالولايات المتحدة الأمريكية. لقد خرجت الحواسيب حينها للتوّ من المختبرات العسكرية، وكان هدف العلماء آنذاك هو دراسة الجانب العقلاني من الذكاء البشري دونًا عن جوانبه الغامضة إلى حدٍّ ما مثل الحدس والمشاعر. وكان المقصد هو فهم الكيفية التي يعتمدها الإنسان لحلّ مشكلة ما – كالفوز في مباراة شطرنج مثلًا أو تخطيط مسار – وذلك من خلال تحليل عمليّاته الذهنية والاعتماد في ذلك على الملاحظة والتجريب. وكان الاعتقاد السائد بينهم آنذاك أنّه إذا أمكن التعرّف على هذه العمليات الذّهنية، فسيكون من الممكن ترجمتها إلى برنامج حاسوبي. وهكذا، كان العلماء يتنقّلون بشكل مستمر بين دراسة الذكاء البشري ومحاولة محاكاته بواسطة الحاسوب. وباختصار، فإن الهدف قد تمثّل في نقل ما يقوم به الدماغ البشري إلى شريحة من السليكون. وقد شكّل هذا الأنموذج الأساس الذي هيكلَ بدايات الذكاء الاصطناعي، وظلّ سائدًا في المجال لسنوات عديدة.

لكن، هل وُفّق العلماء في إدراك مُبتغاهم؟

كانت النماذج الأولى للذكاء الاصطناعي تقوم بأداءٍ جيّد في بيئات مبسّطة للغاية، فقد كانت الحواسيب قادرة على تنفيذ مهام تتعلق بالملاحة أو التخطيط أو حتى اللعب، ولكن فقط في مختبرات حيث الظروف تخضع للسيطرة التامة من طرف الباحثين. وكان روّاد الذكاء الاصطناعي يعتقدون أنّه من خلال تطوير هذه النماذج، سيكون بالإمكان استخدامها لاحقًا في بيئة واقعية، غير أنه تبيّن مع الوقت أن الواقع أكثر تعقيدًا بكثير مما كانوا يتصوّرون. إن الأمر أشبهُ إلى حدٍّ ما ببناء نموذج مُصغّر لطائرة تطير بكفاءة تامة داخل نفق هوائي لكنها تخفق في الطيران بمجرد إطلاقها في سماءٍ تعجّ بالمطبّات والاضطرابات غير المتوقّعة. لم يكن ثمّة منهجية واضحة للانتقال من النموذج المصغّر إلى الواقع. هذا بالإضافة إلى أن الباحثين لم ينجحوا في إقناع المموّلين، وعلى رأسهم الحكومتان الأمريكية والبريطانية، بالاستمرار في الإنفاق على أبحاثهم، وجفّت مصادر التمويل بنهاية سبعينيات القرن الماضي. ولقد أطلق الباحثون على تلك المرحلة اسم «شتاء الذكاء الاصطناعي».

شهدت ثمانينيات القرن العشرين بوادر نهضة جديدة في المجال، وذلك بفضل اعتماد مقاربة أكثر براغماتية تمثّلت في تطوير ما يُصطلح عليه بـ«الأنظمة الخبيرة». فبدلًا من محاولة محاكاة التفكير البشري في عموميّته، ركّزت هذه الأنظمة على مجالات محدّدة ومتخصصة مثل تشخيص الأمراض التي تصيب شتلات الطماطم. إذ يتم استجواب الخبراء في هذا المجال، ثم تُستخلص من معارفهم قواعد على شاكلة: «إذا لاحظت كذا، فافعل كذا». وتُتيح هذه القواعد، التي يتم إدماجها في محرّك استدلال يقوم بتحليل الحالة المعروضة، إمكانية تطبيق منطق الخبراء في معالجة المشكلات.

لقد كانت انطلاقة هذه الأنظمة مذهلة، فقد شغل الموضوع الرأي العام في ذلك الوقت تمامًا كما يفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي اليوم. وقد تميّزت هذه المقاربة بقدرتها على الأداء في سياقات دقيقة. لكن بمجرد أن أراد الباحثون توسيع نطاق الاستخدام، عادت العوائق إلى البروز من جديد. ومع نهاية تسعينيات القرن الماضي، حلّ شتاء ثانٍ للذكاء الاصطناعي محلّ مرحلة الازدهار. فانهارت الأنظمة الخبيرة دون أن تختفي كليًّا من المشهد. وكما كان الشّأن مع الذكاء الاصطناعي في بداياته، فقد تم امتصاص هذه الأنظمة وتحوّلت لتأخذ أشكالًا أخرى.

أيّ منعطفٍ شهده المجال بعد ذلك إذن؟

لقد ظهرت إلى الواجهة فكرة أخرى قديمة لكنها كانت قد أُهملت لفترة من الزمن، ويتعلق الأمر بما يُصطلح عليه بـالاتّصالية (Connectionism). فمنذ بدايات الذكاء الاصطناعي، صمّم الباحثون خوارزميّة تُدعى بالبِرْسِبترون (Perceptron) اُستوحيت من طريقة عمل الخلايا العصبية في الدماغ. غير أنها أُهملت سريعًا بسبب ضعف النتائج المحصَّلة وصعوبة الفهم النظري، ثم عادت للظهور في أواخر السبعينيات وشرعت في الازدهار في منتصف الثمانينيات. ومع اعتماد هذا النهج الجديد لم يعد النموذج الأساسي هو الحاسوب القابل للبرمجة، وإنّما شبكة من العصبونات الاصطناعية القادرة على التعلّم الذاتي.

لنأخذ مثالًا ملموسًا على ذلك ويتعلق بالتعرّف على الأصوات تحت الماء. يُرسل السونار موجة ترتدّ عند اصطدامها بعائق كصخرة أو حطام أو لغم... ويكمن الهدف في تحديد طبيعة الجسم المكتشَف بدقّة. يتم تدريب الآلة عبر تقديم نماذج يتم التعليق عليها مثل: «هذا لغم»، «هذه صخرة»... ومع تكرار التصحيحات، تُعدّل الشبكة ما يُعرف بـ «الأوزان التشابكية» (synaptic weights) إلى أن تصبح قادرة على التعرّف لوحدها على إشارات جديدة. إنها عملية تدريب سلوكي في الجوهر، إذ تُكافأ الإجابات الصحيحة إلى أن يصير السلوك المطلوب مُكتسبًا.

لقد أحدث هذا التوجّه ثورةً في مجال الذكاء الاصطناعي، وتم تطوير الاتّصالية تدريجيًا مع مرور الزمن، وأُعيد تسميتها بـ«التعلّم العميق» (deep learning) على يد علماء الحاسوب «يان لوكان» (Yann Le Cun) و«يوشوا بنجيو» (Yoshua Bengio)، و«جيفري هينتون» (Geoffrey Hinton). وفي عام 2012، تفوّق نموذجهم على النماذج التقليدية في مسابقة للتعرّف على الصور، وقد كانت تلك لحظة انتصارٍ للاتّصالية بعد ثلاثين عامًا من الانتظار. ويكمن الفرق الجوهري بين النّماذج «الرّمزية» السائدة من قبل وتقنية التعلّم العميق في مقاربتيهما للذّكاء. إذ إن النماذج الرمزية كانت تعتمد على قواعد صريحة، بينما يقوم التعلّم العميق على التجربة: نزوّد الشبكة بأمثلة، وهي تقوم بتعديل معاييرها مع الوقت لكي تصل إلى الإجابات الصحيحة. ولا يهمّنا كثيرًا أن نعرف كيف تصل إلى الإجابة، ما دام أنها تعطي الإجابة الصحيحة.

تعتمد هذه المقاربة على مبدأ رياضي أساسي وهو أن الشبكة العصبية تصل في آخر المطاف إلى الإجابات الصحيحة، من خلال تعديل أوزانها التّشابكية تدريجيًا والتدرّب بفضل عدد كبير من الأمثلة. ومع توفّر قدرٍ كاف من البيانات والوقت، تصبح قادرةً على تعميم ما تعلّمته ليشمل حالات جديدة لم يسبق لها أن واجهتها. وهكذا، ولج الذكاء الاصطناعي إلى العالم الواقعي.

إلى أي مدى أثّرت المرحلة الجديدة من الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار؟

قبل بضع سنوات فقط، كان مجرّد التفكير في أن يتمكّن مثل هذا النظام الاصطناعي للذكاء من اتّخاذ قرار مهم يُعدّ ضربًا من العبث. إلّا أنه ومع التقدّم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء أكان هذا التقدم حقيقيًا أم مُتخيّلًا، بدأنا نقتنع فعليًا بإمكانيّة أن تتولّى هذه الأنظمة اتّخاذ القرارات بالنيابة عنّا في المستقبل.

لكن، ما هو القرار في حقيقته؟ تمرّ عملية اتخاذ القرار عند الإنسان بمرحلتين أساسيتين. أولًا، مرحلة التروّي والتفكير، حيث يقوم الإنسان بجمع المعلومات وتحليل النتائج المحتملة وإجراء الحسابات وتقييم المخاطر. قد تكون الأنظمة الاصطناعية للذكاء مفيدة في هذه المرحلة، من خلال مساعدتنا على فرز كمٍّ هائل من البيانات ومعالجتها. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التّنفيذ، وهنا يكمن الفارق الجوهري. فعندما يأخذ الإنسان قرارًا ما فهو يلتزم به ويتحمّل المخاطر المترتّبة عنه ويضع سُمعته ونزاهته وأحيانًا حتى حياته على المحكّ. أما الآلة فهي لا تعدو أن تقوم بتنفيذ عملية حسابية، وهي لا تتحمّل أيّ مسؤولية ولا تُجازف بشيء ولا تملك ما تخسره.

لِنأخذ مثالًا واقعيًا وليكن مثلًا طائرة مسيّرة عسكرية، ولنتخيّل سيناريوهين اثنين. في السيناريو الأول، يتلقّى المشغّل البشري اقتراحًا من النظام الاصطناعي للذكاء ثم يختار أن يقبله أو يرفضه. غير أنه وفي كثيرٍ من الأحيان، يتوجّب على الطائرة المسيّرة أن تتصرّف في جزءٍ من الثانية من دون إمكانية الرجوع إلى الإنسان لاستشارته. وبالتالي فإننا نُفوّض إليها مهمّة اتخاذ القرار بنفسها. ومع ذلك، فهي لا «تقرّر» حقًا، ومن يتّخذ القرار في الحقيقة هو الإنسان حين يختار مسبقًا أن يثق في الطائرة. لكن ما هامش الخطأ الذي يُدفع ثمنًا لهذه الثقة؟ لقد أعرب عددٌ من باحثي الذكاء الاصطناعي مؤخرًا عن قلقهم، فالجيش الأمريكي يستخدم أنظمةً للذكاء الاصطناعي تعتمد على تقنية التعرّف على الصور من أجل تحديد الأهداف تمهيدًا لتنفيذ الضربات، وهي أنظمة تمكّن من تسريع عملية انتقاء الأهداف وتنفيذ الهجمات. غير أن دقّتها تطرح مشكلًا، فقد أظهر اختبار أُجري عام 2021 أن معدّل الدقّة لم يتجاوز نسبة 25٪، فيما كان مطوّرو النظام يروّجون لنسبة تصل إلى 90٪.

وفي المجال الطبي، تظلُّ المسألة ذات أهمية حاسمة بالقدر نفسه. هل يجب على الطبيب الذي يستعين بالذكاء الاصطناعي من أجل تشخيص المرض أو وصف العلاج أن يلتزم دومًا بالتوصيات التي تقدَّم إليه؟ وإذا خالفها، فهل سيضطرّ إلى تقديم تبريرٍ للسلطات الصحية؟ يفضّل بعض المرضى الذكاء الاصطناعي على الأطباء، فهم يرونهم على قدرٍ غير كافٍ من الكفاءة. في حين أن آخرين يرغبون في وجود طبيب بشري أمامهم. يعيش الطب تحوّلًا لا مفرّ منه، ويكمن التحدّي الحقيقي في إيجاد التوازن المناسب بين الخبرة البشرية وقوة الآلات في إجراء الحسابات.

هل نخاطر بفقدان استقلاليّتنا بسبب الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي وتفويض خياراتنا إليه؟

كان أستاذي، الفيلسوف هوبيرت دريفوس (Hubert Dreyfus)، ينتقد الذكاء الاصطناعي باعتباره ثمرةً لتفكيرٍ عقلاني يسعى إلى تحويل كل شيء إلى حسابات، مُقصيًا بذلك ملَكة الحدس والحُكم الذاتي على الأشياء. تؤثّر خوارزميّات مثل سبوتيفاي (Spotify) أيّامنا هذه على اختياراتنا الموسيقية، فهل نفقد بذلك استقلاليّتنا؟ ربما يكون الأمر كذلك، لكن الإنسان لا يزال قادرًا على المقاومة. فعندما يتعلق الأمر بقرارات وجودية عميقة، لا يمكن لغير البشر أن يُدرك ما هو جوهري، في حين لا تفعل الأنظمة الاصطناعية للذكاء سوى تطبيق نماذج عارية من أيّ فهمٍ حقيقي.

إننا في الواقع غالبًا ما نعاني من التحيّزات، سواء في هذا الاتجاه أو ذاك. فبعضنا يدافع عن الذكاء الاصطناعي بشراسة بدافعٍ من المصلحة أو التفاؤل السّاذج، في حين يرفضه آخرون بسبب نظرتهم التقليدية إلى مِهنهم. لكن ما هو مؤكّد، هو أن الذكاء الاصطناعي لن يحلّ محلّ الذكاء البشري. قد يُساعدنا وقد يُحسّن قراراتنا، لكنه لن يمتلك أبدًا تلك القدرة الخاصة بالإنسان، أي الالتزام وتحمّل مسؤولية القرارات.

ولمَ ذلك؟

لأن الإنسان حين يتّخذ قرارًا، يكون معنيًا به بشكل مباشر. فـالاختيار ينطوي على مخاطرة وتحمّلٍ للمسؤولية، وله تبعاتٌ على حياتنا الخاصة وسلامتنا الجسدية والمعنوية. نحن كائنات حيّة، وما هو على المحكّ في العمق، هو بقاؤنا. وهذا ما يُميّزنا عن الآلات، فنحن نملك جسدًا، وهذا الجسد هو وعاء وجودنا.

من المؤكّد أننا لا نفكّر بالموت في كل مرة نتّخذ فيها قرارًا، لكن هناك صلة بين غرائزنا البدائية واختياراتنا اليومية. فمنذ لحظة الولادة، يُظهر الرضيع رغبةً في البقاء، فهو يتعلّق بأمّه ويتفاعل مع الأصوات والنظرات من حوله ويُعبّر عن احتياجاته. إن هذا الارتباط الجوهري بالحياة لا يختفي أبدًا وإن تغيّر واتّخذ أشكالًا مختلفة، غير أنه يظل حاضرًا في طريقة إحساسنا، وفي تأويلنا للمواقف وإصدار الأحكام على الأشياء.

إن عواطفنا تقع في صميم هذه الدينامية، فهي ليست مجرد تفاعلات كيميائية بسيطة، بل تُعبّر عن علاقتنا بالعالم من خلال أجسادنا. وعندما نكون أمام قرار حاسم، فإننا نستند إلى حدسٍ قد تشكّل بفضل تجاربنا وأحاسيسنا الجسدية وتجاربنا في الماضي. ويصعب اختزال عملية اتخاذ القرار في مجرّد حسابٍ عقلاني.

هل يمكن تزويد الأنظمة الاصطناعية للذكاء بما ينقصها، أي الجسد والمشاعر؟

يحاول بعض الباحثين تطوير آلات قادرة على محاكاة المشاعر من خلال ما يُعرف بـ «الحوسبة العاطفية» (affective computing). فعلى سبيل المثال من الممكن أن يرصد روبوتٌ انخفاض مستوى الطاقة في بطّاريته فيستجيب لذلك بـ «الشعور بالخوف» ويطفئ نفسه. لكن هذا الخوف لا يعدو كونه إشارة ولا علاقة له بالإحساس البشري الحقيقي، وينبغي الاعتراف بأننا لا نفهم آليات هذا الإحساس تمامًا حتى الآن. يرى البعض أنه من الممكن أن تقوم الخوارزميات يومًا ما بتقليد هذه التجربة الشعورية، لكن ذلك يظلّ في الوقت الرّاهن مجرد تكهّنات. ولا يوجد إلى اليوم أي دليل يُثبت أن الآلة يمكن أن تبلغ في يوم من الأيام حالة وعي داخلي حقيقي.

ثمّة فكرة أخرى تقول بربط النظام الاصطناعي للذكاء بإنسانٍ آلي. قد يُوحي ذلك بظهور شكلٍ من التجسّد الذي يتيح إمكانية التفاعل مع العالم. لكن المشكلة تكمن في أن الإنسان الآلي لا يمتلك ارتباطًا حميميًا مع جسده. فالذكاء الاصطناعي يتحكّم فيه كأداة، وهذا الجسد ليس سوى جزءٍ من كلّ على عكس علاقتنا نحن البشر بأجسادنا.

الجسد ليس مَسكنًا للإنسان وفقط، بل إن الإنسان هو جسده ذاته. عندما نشعر بالألم أو التعب أو بعاطفة ما، فإننا لا ندركها كمعطى خارجي وإنما كتجربة معيشة. أما النظام الاصطناعي للذكاء فيمكنه معالجة معلومات حول حالته، لكنه لا يعيشها فعليًا. وهنا يكمن الفارق الجوهري، وربما الحدّ الفاصل في آخر المطاف بين الإنسان والآلة.

مقالات مشابهة

  • ادراج صهاريج عدن ضمن قائمة التراث العربي المعماري
  • تسجيل مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي
  • هذه النتائج المالية التي حققتها الشركة المركزية لإعادة التأمين (CCR)
  • البروفيسور دانييل أندلر: الحدّ الفاصل في آخر المطاف بين الإنسان والآلة هو التجربة المعيشة
  • حركة تغييرات بمديرية صحة البحر الأحمر.. تجديد الثقة في العربي وجلال مديرًا للمستشفيات
  • بروتوكول تعاون بين المحكمة العربية للتحكيم والجهاز العربي للتسويق
  • تجويع غزة يتواصل وسط انتقادات للتعاطي الرسمي العربي والإسلامي
  • طارق العشري: المحيط الكروي المصري لا يعطي الثقة للحكام ويشكك في نواياهم
  • شيخة الجابري تكتب: كنز ليوا الأخضر
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة