لماذا كلفة تطوير الذكاء الاصطناعي مرتفعة للغاية؟
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
بعد أكثر من 18 شهراً من الهوس بالذكاء الاصطناعي التوليدي، أثبتت عدد من أكبر شركات التكنولوجيا أن هذه التقنية بإمكانها أن تكون مصدراً حقيقياً للإيرادات، لكنها أيضاً حفرة كبيرة للنفقات.
أعلنت شركتا "مايكروسوفت" و"غوغل"، التابعة لـ"ألفابت"، ارتفاع إيرادات قسم الخدمات السحابية في نتائجهما الفصلية الأخيرة، حيث أنفق العملاء المزيد على خدمات الذكاء الاصطناعي.
لتحقيق هذه المكاسب المبكرة، أنفقت الشركات الثلاث عدة مليارات على تطوير الذكاء الاصطناعي، بجانب أنها تخطط لزيادة هذه الاستثمارات بشكل أكبر.
في 25 أبريل، أعلنت "مايكروسوفت" أن نفقاتها الرأسمالية بلغت 14 مليار دولار في الربع الأخير، وتتوقع "ارتفاع هذه التكاليف بشكل ملحوظ"، مدفوعة جزئياً باستثمارات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وكانت هذه زيادة بنسبة 79% عن الربع نفسه من العام السابق.
وأنفقت "ألفابت" 12 مليار دولار خلال هذا الربع، بزيادة 91% عن العام السابق، وتتوقع أن يكون الإنفاق خلال بقية العام "عند نفس المستوى أو أكثر"، وسط تركيزها على فرص الذكاء الاصطناعي.
كيف تنفع هلوسات الذكاء الاصطناعي المبدعين؟
وفي الوقت نفسه، رفعت "ميتا" تقديراتها للاستثمارات لهذا العام، وتعتقد الآن أن النفقات الرأسمالية ستتراوح بين 35 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وهذا يمثل زيادة بنسبة 42% عند الحد الأقصى للنطاق. وأشارت إلى الاستثمار المكثف على أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطويره.
تكاليف الذكاء الاصطناعيفاجأ ارتفاع تكلفة الذكاء الاصطناعي بعض المستثمرين. فقد تراجع سهم "ميتا"، على وجه الخصوص، إثر توقعات الإنفاق المقترنة بنمو أبطأ من المتوقع للمبيعات. لكن داخل صناعة التكنولوجيا، لطالما كان من المعروف أن تكاليف الذكاء الاصطناعي ستزداد. ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين، وهما أن نماذج الذكاء الاصطناعي أصبحت أكبر وأكثر تكلفة في التطوير، بجانب أن الطلب العالمي على خدمات الذكاء الاصطناعي يتطلب بناء مزيداً من مراكز البيانات لدعمها.
يمكن للشركات التي تجرب خدمات الذكاء الاصطناعي إنفاق الملايين لتخصيص منتجات من "أوبن إيه أي" (OpenAI) أو "غوغل". وبمجرد إعدادها وتشغيلها، تظهر تكلفة إضافية في كل مرة يقوم فيها المرء بإرسال استفسار إلى روبوت الدردشة، أو يطلب من إحدى خدمات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المبيعات. لكن العمل الأكثر تكلفة هو بناء الأساس لأنظمة الذكاء الاصطناعي هذه.
إليك نظرة على هذه الجهود:
النماذج اللغوية الكبيرة تصبح أكبرتعتمد منتجات الذكاء الاصطناعي الأكثر شهرة اليوم، مثل "تشات جي بي تي" التابع لـ"أوبن إيه أي"، على نماذج لغوية كبيرة، وهي أنظمة تغذت من كميات هائلة من البيانات، بما فيها الكتب والمقالات والتعليقات عبر الإنترنت، لتقديم أفضل الردود الممكنة على استفسارات المستخدمين.
وتراهن العديد من شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة على أن الطريق إلى ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً، وربما حتى الأنظمة القادرة على التفوق على البشر في العديد من المهام، يتلخص في جعل هذه النماذج اللغوية الكبيرة أكبر حجماً.
"أوبن إيه آي" للذكاء الاصطناعي تقدم للصحافة عرضاً يصعب رفضه
يتطلب الأمر الحصول على مزيد من البيانات والقدرات الحاسوبية، وكذلك تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي لفترة أطول. قال داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك" (Anthropic) المنافسة لـ"أوبن إيه أي"، في مقابلة عبر بودكاست في أوائل أبريل، إن نماذج الذكاء الاصطناعي المتواجدة حالياً في السوق تكلف حوالي 100 مليون دولار لتدريبها.
وأوضح أن "النماذج التي يجري تدريبها الآن والتي ستُطرح في وقت لاحق من هذا العام أو أوائل العام المقبل تقترب تكلفتها من مليار دولار، وأعتقد أنها ستصل إلى نحو 5 أو 10 مليارات دولار في عامي 2025 و2026".
تكاليف الرقائق والحوسبةيرتبط جزء كبير من التكلفة بالرقائق. هذه الرقائق ليست وحدات المعالجة المركزية التي ساهمت بجعل شركة "إنتل" والشركات الأصغر حجماً التي تشغل مليارات الهواتف الذكية، مشهورة. تعتمد شركات الذكاء الاصطناعي على وحدات معالجة الرسومات التي يمكنها معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعات عالية، وذلك لتدريب نماذج لغوية كبيرة.
وهذه الرقائق ليست نادرة فحسب، بل أيضاً باهظة الثمن، علماً بأن الميزات الأكثر تقدماً تُصنع بشكل أساسي بواسطة شركة واحدة وهي "إنفيديا".
بيعت رقاقة الرسوميات "إتش 100" (H100) الخاصة بشركة "إنفيديا"، وهي المعيار الذهبي لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، بنحو 30 ألف دولار، وبعض البائعين يعرضونها بأضعاف هذا المبلغ. وتحتاج شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الكثير منها، فقد صرح الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرغ سابقاً أن شركته تخطط للحصول على 350 ألف من رقاقة "إتش 100" بحلول نهاية العام الجاري لدعم جهودها في أبحاث الذكاء الاصطناعي. وحتى إذا حصل على خصم عند شرائه كميات كبيرة من هذه الرقاقة، فإن هذه الخطوة ستظل استثماراً يقدر بمليارات الدولارات.
تأجير الرقائقيمكن للشركات إتمام الأمر من دون شراء الرقائق الفعلية، لكن استئجارها باهظ الثمن أيضاً. جدير بالذكر أن وحدة السحابة التابعة لشركة "أمازون دوت كوم" تؤجر لعملائها مجموعة كبيرة من المعالجات القوية المصممة من جانب "إنتل" نظير 6 دولارات تقريباً في الساعة. وفي المقابل، تبلغ تكلفة استئجار مجموعة رقائق "إتش 100" التابعة لـ"إنفيديا" حوالي 100 دولار في الساعة.
ما أهمية شريحة "بلاكويل" من "إنفيديا" للذكاء الاصطناعي؟
كشفت "إنفيديا" الشهر الماضي عن تصميم معالج جديد يسمى "بلاكويل" (Blackwell) الذي يتميز بسرعته العالية في التعامل مع النماذج اللغوية الكبيرة، ويتوقع أن يتشابه سعره مع خط رقائق "هوبر" (Hopper) الذي يشمل "إتش 100".
وأوضحت "إنفيديا" أن الأمر سيتطلب حوالي 2000 وحدة معالجة رسوميات من "بلاكويل" لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي يحتوي على 1.8 تريليون متغير. هذا هو الحجم التقديري لنموذج "تشات جي بي تي 4" الخاص بـ"أوبن إيه أي"، وفقاً لدعوى قضائية رفعتها صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن استخدام الشركة الناشئة لمقالاتها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وفي المقابل، قالت "إنفيديا" إنها تحتاج إلى 8000 وحدة معالجة رسوميات من نوع "هوبر" لأداء نفس المهمة. لكن هذا التحسن يمكن أن يتلاشى مع دفع الصناعة نحو بناء نماذج ذكاء اصطناعي أكبر.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الذکاء الاصطناعی ملیار دولار أوبن إیه أی
إقرأ أيضاً:
هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟
تنافس دول الخليج الغنية بالطاقة على أن تصبح مراكز للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي المُستهلكة للكهرباء، مُراهنةً على هذه التكنولوجيا لتشغيل كل شيء من التنويع الاقتصادي إلى الخدمات الحكومية، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وحسب تقرير للصحيفة، فقد أبرزت الصفقات التي كُشف عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة الشهر الماضي، تطلعات السعودية والإمارات إلى أن تُصبحا قوتين عظميين في مجال الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أوبك بلس تزيد إنتاج النفط في يوليو 411 ألف برميل يومياlist 2 of 2خسائر اقتصادية واستياء شعبي جراء أزمة الكهرباء في إيرانend of listيشمل ذلك شراكة بين شركة إنفيديا العملاقة للرقائق الإلكترونية وشركة هومين، وهي مجموعة ذكاء اصطناعي حديثة التأسيس ومدعومة من الحكومة السعودية، ولديها خطط طموحة لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار وتأمين استثمارات من شركات التكنولوجيا الأميركية.
وأعلنت أبوظبي مجموعة ضخمة من مراكز البيانات لشركة أوبن إيه آي وشركات أميركية أخرى كجزء من مشروعها (ستارغيت)، وتستثمر الإمارة، التي تُدير 1.7 تريليون دولار من صناديق الثروة السيادية، مليارات الدولارات من خلال صندوق الذكاء الاصطناعي إم جي إكس MGX، وتفتتح جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التابعة لها مركزًا في وادي السيليكون.
إعلانونقلت الصحيفة عن الزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، سام وينتر ليفي "إن دول الخليج تمتلك رأس المال والطاقة والإرادة السياسية"، مضيفًا: "الشيء الوحيد الذي لم تكن تمتلكه هذه الدول هو الرقاقات والأشخاص ذوي المواهب. والآن [بعد زيارة ترامب] قد تمتلك الرقاقات".
ويحذر الخبراء من أن طموحات المنطقة الواسعة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تواجه تحديات، إذ يفتقر كلا البلدين إلى القوى العاملة الماهرة التي تمتلكها وادي السيليكون أو شنغهاي، كما أن مخرجات البحث العلمي متأخرة عن دول أخرى.
وتستثمر السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي، وتعتمدان على التكنولوجيا سريعة التطور لمساعدتهما على تعزيز التنوع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على عائدات الوقود الأحفوري المتقلبة.
ويرغب البلدان في استضافة مراكز البيانات الضخمة اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي قوية، وتخطط شركة هيومين Humain لبناء "مصانع ذكاء اصطناعي" مدعومة بمئات الآلاف من رقاقات إنفيديا Nvidia على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وتعهدت شركة إيه إم دي AMD، الأميركية الصانعة للرقائق، بتوفير الرقائق والبرمجيات لمراكز البيانات "الممتدة من السعودية إلى الولايات المتحدة" في مشروع بقيمة 10 مليارات دولار.
وفي حين أن مزودي مراكز البيانات التي تُصدر الحرارة عادةً ما يختارون المناطق الأكثر برودة، وترى دول الخليج أن وفرة الأراضي والطاقة الرخيصة تُغني عن درجات حرارة الصيف الحارقة.
ضعف الشركات الرائدةوعلى الرغم من كل طموحاتها، لا تمتلك دول الخليج شركة رائدة تُطور نماذج ذكاء اصطناعي، مثل أوبن إيه آي OpenAI، أو ديب سيك DeepSeek الصينية، أو ميسترال Mistral الفرنسية، كما تفتقر إلى تركيز عالٍ من المواهب البحثية في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
إعلانولجذب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، تجتذب دول الخليج شركات وباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي من الخارج بضرائب منخفضة و"تأشيرات ذهبية" طويلة الأجل ولوائح تنظيمية متساهلة.
تُظهر البيانات التي جمعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من شبكة لينكدإن للوظائف، أن ثالث أعلى مستوى لهجرة الأشخاص ذوي مهارات الذكاء الاصطناعي بين عامي 2019 و2024 كان إلى الإمارات، إذ جاءت الدولة الخليجية بعد دول أخرى منخفضة الضرائب مثل لوكسمبورغ وقبرص.
وتسعى دول الخليج إلى إقامة شراكات مع جهات غربية لتعزيز تطلعاتها التكنولوجية، وقد أعلنت مجموعة الذكاء الاصطناعي الإماراتية جي 42 – G42 الأسبوع الماضي عن شراكتها مع شركة ميسترال لتطوير منصات وبنية تحتية للذكاء الاصطناعي. كما أقامت شراكة مع شركة صناعة الرقائق الأميركية Cerebras، التي تدير أجهزة الكمبيوتر العملاقة الخاصة بها، وفي العام الماضي، استعانت بشركة مايكروسوفت، التي استثمرت 1.5 مليار دولار لشراء حصة أقلية.
التحدي الصينيويحذر خبراء أميركيون من تسرب التكنولوجيا الأميركية إلى الصين، ويبدو كثيرون في المؤسسة الأمنية الأميركية قلقين بشأن العلاقات مع دول الخليج في حال أصبحت منافسًا للذكاء الاصطناعي.
ونقلت الصحيفة عن كبير مستشاري تحليل التكنولوجيا في مؤسسة راند، جيمي غودريتش: "يكمن القلق في أن تلجأ [دول الخليج]، في سعيها للتنافسية، إلى اختصار الطريق واستخدام كثير من العمالة الصينية أو حتى الشركات الصينية.. هذا يفتح الباب أمام مخاطر أمنية".
وأضاف أن الشركات الصينية قد تلجأ إلى الالتفاف على القيود المفروضة على التكنولوجيا الأميركية.