لجريدة عمان:
2025-07-01@03:40:49 GMT

عن تهافت تسليح المصطلحات

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

عن تهافت تسليح المصطلحات

عندما يتم تسليح كلمة لأغراض سياسية، فإن العواقب تتجاوز مجرد النقاشات الأكاديمية لتصبح تهديدًا حقيقيًا لحرية التعبير. في الأشهر الأخيرة تصاعد استخدام مصطلح «معاداة السامية» لتوجيه النقد ضد أي شخص يجرؤ على انتقاد سياسات دول الاحتلال «الإسرائيلي»، خاصة في ظل الأحداث المأساوية في قطاع غزة. هذا النهج لا يخدم سوى تحويل الانتباه عن القضايا الحقيقية التي تواجه الفلسطينيين، ويعزز السيطرة السردية العامة في الخطاب العالمي.

في الوقت الذي تكافح فيه غزة من أجل الصمود في وجه التوحش الإسرائيلي الذي يرتكب أبشع جرائم الإبادة تكتب في الغرب وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية مقالات تكرس فكرة «تسليح الكلمات» كما هو الحال في المقال الذي كتبه جيمس كيرتشيك في جريدة نيويورك تايمز الذي يسعى لمعادلة النقد الموجه إلى إسرائيل بمعاداة السامية دون تقديم دليل حقيقي. وفي هذا العدد من ملحق جريدة «عمان» الثقافي نترجم مقالا للروائي الأمريكي دانيال جوزيه أولدر يناقش هذه القضية بشكل دقيق ويرد على مقال كيرتشيك وغيره من المقالات والخطابات التي تعتبر أي نقد يوجه لسلوك إسرائيل أو سلوك قياداتها باعتباره معاداة واضحة للسامية.

إن معادلة اليهودية بالصهيونية هي استراتيجية تهدف إلى توفير غطاء للجرائم الموثقة التي ترتكبها إسرائيل، واستدعاء لتاريخ مظلومية اليهود، لكن هذا الخطاب ليس في مصلحة قضايا السلام الدولي ولا يصمد أمام أي نقاش يقوم على أسس علمية.

إن التركيز على معاداة السامية كمبرر لإسكات أصوات النقد التي تتناول جرائم الانتهاكات الإسرائيلية من شأنها أن تفقد الكثير من كتاب الغرب والمعلقين مصداقيتهم وتحولهم إلى أبواق سياسية تحاكي تصريحات نتانياهو ووزير دفاعه فيما تسقط حرية التعبير إلى درك بعيد جدا.

وبذلك يمكن القول: إن تسليح مصطلح «معاداة السامية» في خطاب بعض المثقفين والمفكرين الغربيين من شأنه أن يفضح «زيف الوعي» في وقت كان يجب على الخطاب الفكري والثقافي الغربي أن يطالب بمواجهة الأزمات الأخلاقية الناتجة عن التوحش الإسرائيلي والدعم الغربي لها بشجاعة وصدق والتوقف عن استخدام التهم غير المبررة كوسيلة لتجنب الحوار الحقيقي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟

أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟

حسن عبد الرضي الشيخ

في مشهد مكرور من مسرحيات الدجل السياسي، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي ليعلن ـ عبر خطاب متلفز ـ “التهنئة بالانتصار على الكيان الصهيوني الزائف”، مدّعيًا أن ما جرى خلال اثني عشر يومًا من المواجهة مع إسرائيل كان نصراً مبينًا يُهدى للشعب الإيراني. وهو حديث لا يصمد أمام أبسط حقائق الجغرافيا العسكرية ولا وقائع الأرض.

إنّ من يتابع ما جرى ـ بقدر من الإنصاف والتحليل المجرد ـ لا يرى سوى مشهد آخر من مشاهد الهزيمة المضمخة بالغرور، إذ لم تفلح صواريخ إيران في شل قدرة الرد الإسرائيلي، ولا استطاعت أن تحدث تحوّلاً استراتيجياً في موازين الصراع، اللهم إلا ما حققته من “دوي إعلامي” قصير العمر. الرد الإسرائيلي كان مدروسًا، موجّهًا، مؤلمًا لمراكز حيوية داخل إيران، ونجح في توجيه رسالة قاسية دون أن ينجر لحرب شاملة، فماذا بقي من النصر الذي يدّعيه خامنئي؟

إنّ التضليل الإعلامي الذي يُمارَس على الشعب الإيراني بلغ مستويات عبثية، حين تُقدَّم الهزيمة باعتبارها انتصاراً، وتُغطى الجراح بالمزامير. فقد قصف الإسرائيليون قلب إيران، دون أن تتمكن طهران من فرض معادلة ردع حقيقية، ورغم ذلك يخرج المرشد مهددًا بأن “أي اعتداء علينا سنواجهه بتكرار استهداف القواعد الأمريكية”، وكأن الواقع ينقصه تهريج إضافي في خضم هذا الفشل المركب.

لقد كتب مفكرون ومصلحون عقلاء، منذ سنوات طويلة، عن آفة النظم الطائفية المتستّرة خلف عباءة الدين، خاصة النظام القائم في إيران، حيث تتداخل العمامة مع البندقية، ويُستثمر الإيمان لخلق قطيع، ويُغسل وعي الشعوب بزخرف الشعارات. هذا النموذج ـ كما وصفوه ـ ليس سوى نسخة مستحدثة من الاستبداد السياسي، محاط بهالة روحية زائفة. فالخطاب الديني في إيران تم تطويعه بالكامل لخدمة آلة الحكم، فأصبحت “الفتوى” صكًا سياسيًا، و”المرشد” إلهًا صغيرًا لا يُسائل.

في ضوء ذلك، فإن تصريحات خامنئي ليست مجرد تحريف للواقع، بل هي استكمال لمنهجية متجذّرة في الكذب الممنهج، والتلاعب بالوعي الجمعي، عبر تغليف الانكسار بغلاف “الانتصار”، تمامًا كما كانت تفعل أنظمة شمولية كثيرة من قبل، حتى سقطت في مستنقع السخرية التاريخية.

لقد فشلت إيران في إقناع العالم بنجاحاتها، لكنها نجحت ـ للأسف ـ في تسويق الوهم داخليًا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدعاية، ولا عقل يجرؤ على السؤال. هذا الانغلاق هو السبب الجوهري في تكرار الهزائم، وهو ما يجعل طهران دوماً أسيرة انفعالاتها، تتوهم أنها تصنع المجد، بينما لا تفعل سوى تخريب نفسها.

فليتوقف خامنئي عن بيع السراب، فالحقيقة أن إسرائيل لم تُهزم، وأمريكا لم تُردع، وإيران لم تنتصر، أما الشعب الإيراني، فلا تهنئة له إلا إن استعاد وعيه، وأسقط وهم المظلومية المقدسة، وأعاد للدين معناه، وللسياسة ميزانها، وللحقيقة حقها في أن تُقال.

الوسومأمريكا إسرائيل إيران الدجل السياسي الكيان الصهيوني حسن عبد الرضي الشيخ علي خامنئي

مقالات مشابهة

  • أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟
  • لا يتحدثون عن السلام في إسرائيل
  • ما مدى ارتباك الخطاب الإعلامي المصري بين العداء لـإسرائيل والتنسيق معها؟
  • و أمرت النيابة العامة بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية لتمكينه المتهم من قيادتها رغم علمه بعدم حيازته رخصة تجيز له قيادة تلك المركبة. جاء ذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث المروري المروع الذي وقع
  • درَّب القسام وهندس الطوفان.. من هو أبو عمر السوري الذي اغتالته إسرائيل بغزة؟
  • حكم العيسى.. من هو القيادي البارز في حماس الذي أعلنت إسرائيل مقتله في غارة؟
  • (فؤادنا) الذي رحل
  • الألفية السعيدة.. توفيق عكاشة: هذه هي العلامات التي دفعت إسرائيل لضرب إيران -(فيديو)
  • ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران