لجريدة عمان:
2025-05-16@16:05:25 GMT

عن تهافت تسليح المصطلحات

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

عن تهافت تسليح المصطلحات

عندما يتم تسليح كلمة لأغراض سياسية، فإن العواقب تتجاوز مجرد النقاشات الأكاديمية لتصبح تهديدًا حقيقيًا لحرية التعبير. في الأشهر الأخيرة تصاعد استخدام مصطلح «معاداة السامية» لتوجيه النقد ضد أي شخص يجرؤ على انتقاد سياسات دول الاحتلال «الإسرائيلي»، خاصة في ظل الأحداث المأساوية في قطاع غزة. هذا النهج لا يخدم سوى تحويل الانتباه عن القضايا الحقيقية التي تواجه الفلسطينيين، ويعزز السيطرة السردية العامة في الخطاب العالمي.

في الوقت الذي تكافح فيه غزة من أجل الصمود في وجه التوحش الإسرائيلي الذي يرتكب أبشع جرائم الإبادة تكتب في الغرب وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية مقالات تكرس فكرة «تسليح الكلمات» كما هو الحال في المقال الذي كتبه جيمس كيرتشيك في جريدة نيويورك تايمز الذي يسعى لمعادلة النقد الموجه إلى إسرائيل بمعاداة السامية دون تقديم دليل حقيقي. وفي هذا العدد من ملحق جريدة «عمان» الثقافي نترجم مقالا للروائي الأمريكي دانيال جوزيه أولدر يناقش هذه القضية بشكل دقيق ويرد على مقال كيرتشيك وغيره من المقالات والخطابات التي تعتبر أي نقد يوجه لسلوك إسرائيل أو سلوك قياداتها باعتباره معاداة واضحة للسامية.

إن معادلة اليهودية بالصهيونية هي استراتيجية تهدف إلى توفير غطاء للجرائم الموثقة التي ترتكبها إسرائيل، واستدعاء لتاريخ مظلومية اليهود، لكن هذا الخطاب ليس في مصلحة قضايا السلام الدولي ولا يصمد أمام أي نقاش يقوم على أسس علمية.

إن التركيز على معاداة السامية كمبرر لإسكات أصوات النقد التي تتناول جرائم الانتهاكات الإسرائيلية من شأنها أن تفقد الكثير من كتاب الغرب والمعلقين مصداقيتهم وتحولهم إلى أبواق سياسية تحاكي تصريحات نتانياهو ووزير دفاعه فيما تسقط حرية التعبير إلى درك بعيد جدا.

وبذلك يمكن القول: إن تسليح مصطلح «معاداة السامية» في خطاب بعض المثقفين والمفكرين الغربيين من شأنه أن يفضح «زيف الوعي» في وقت كان يجب على الخطاب الفكري والثقافي الغربي أن يطالب بمواجهة الأزمات الأخلاقية الناتجة عن التوحش الإسرائيلي والدعم الغربي لها بشجاعة وصدق والتوقف عن استخدام التهم غير المبررة كوسيلة لتجنب الحوار الحقيقي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

لبنان.. الغائب الحاضر في خطاب الشرع

- دهاليز النظام الجديد وصراع الجغرافيا المقدسة!

- غياب لا يُستهان به.

- نقطة، ومن أول السطر: لبنان.

البلد الذي يعيش على أرضه أكثر من مليون لاجئ سوري، وتتنفس فيه الأزمات بصوت مرتفع، غاب عن خطاب الشرع كما لو أنه لم يكن موجودًا أصلًا. غيابٌ لم يكن بريئًا، ولا عفويًا، بل كان الصمت فيه أفصح من التصريح، وأشد وقعًا من الكلمات.

في زمن تُعاد فيه صياغة خريطة الشرق الأوسط، يصبح الغياب أداةً، والتغاضي رسالةً سياسية بامتياز. إسقاط لبنان من الخطاب ليس مجرد خطأ بروتوكولي، بل انعكاس لتحولات عميقة في فهم النظام القادم، حيث لا مكان للضعفاء، ولا صوت لمن لم يدخل بيت الطاعة.

التحالفات الناعمة.. من منطق السيادة إلى هندسة الولاء

المنطقة تُرسم اليوم ليس وفق إرادة الشعوب، بل بناءً على خرائط خفية تُدار في غرف مغلقة. الخطاب العربي الرسمي يتماهى شيئًا فشيئًا مع مشروع «هندسة الولاء»، حيث يُعاد ترتيب الأوراق وفق منطق التحالفات الناعمة، لا المعارك الصلبة.

لم يعد الصراع بين قوى تقليدية، بل بين من يُسلّم بالشروط الجديدة ومن يرفض. وهنا يتضح أن خطاب الشرع لم يكن موجّهًا للداخل فقط، بل للغرب الذي يرعى «نظام الطاعة الجديد»، حيث تتحول الجغرافيا إلى خدمة المصالح الاقتصادية والعقائدية الملفوفة بخطاب «السلام الإبراهيمي»، ذلك المشروع الذي أعلنه ترامب، لا كنداء حوار حضاري، بل كمنصة لإعادة صياغة المشهد السياسي والديني في المنطقة.

لبنان في مرمى الخرائط الاقتصادية والأمنية

رغم صغره، يشكل لبنان بوابة استراتيجية تمتد من البحر المتوسط إلى الحدود السورية، مرورًا بمخيمات اللاجئين، والمرافئ المعطّلة، والمصارف المُفخخة. وهو بذلك، يشكل محورًا حساسًا في صراع أكبر من حدوده، بين مشروع الغرب ومحور الصين وروسيا الباحثين عن ممرات آمنة لمبادرة «الحزام والطريق».

لم يغب عن عقل صانع القرار الغربي أن لبنان قد يكون ذات يوم منفذًا للصين على المتوسط، أو شريانًا لمشروع روسي في شرق المتوسط، لذا يُدفع به اليوم نحو الانهيار الصامت، والتفكك الداخلي، تمهيدًا إما لترويضه أو استبعاده من المعادلة الجديدة.

اللاجئون: أرقام على هامش الجغرافيا السياسية

اللاجئون السوريون في لبنان، الذين يعيشون هناك منذ سنوات، أصبحوا ورقة مساومة دولية أكثر من كونهم حالة إنسانية. يُستخدم وجودهم كورقة ضغط على الدولة اللبنانية، وورقة تفاوض مع دمشق، كما يتم توظيفهم في الخطابات الأممية بحسب الحاجة.

تجاهلهم في الخطاب لا يعني النسيان، بل هو جزء من لعبة إعادة توزيع الأوراق، في خضم عملية أوسع لإعادة تشكيل الاصطفاف والتحالفات في المنطقة.

التحالف الإبراهيمي: عباءة جديدة لمشروع قديم

حين أطلق ترامب خطابه حول التحالف الإبراهيمي، لم يكن يتحدث عن إيمان مشترك، بل عن اصطفاف جيوسياسي تحت غطاء ديني ناعم، يمر عبر تل أبيب ويصل الخليج، ويترك بيروت ودمشق خارج خارطة السلام.

إنه مشروع يؤسس لعالم عربي جديد بلا مقاومة، بلا لاجئين، وبلا دول خارج النسق.

خاتمة: ما بين الغياب والتغييب.. .لبنان مرآة مأزقنا العربي

لم يكن تغييب لبنان عن الخطاب إلا انعكاسًا لمأزق أعمق: مأزق الخطاب العربي الرسمي في زمن التحولات الكبرى. ففي لحظة يُعاد فيها رسم خرائط الولاء والهيمنة، يتحول لبنان من ساحة فاعلة إلى ملف مؤجل، ومن أزمة داخلية إلى تفصيل صغير في معادلات كبرى.

وهكذا، تُغيب الدول كما تُغيَّب القضايا، لا لأن حضورها غير مهم، بل لأن وجودها يُربك الصفقات.

لبنان، في صمته وتهميشه، يختزل حال أمة تعيش على هامش الخرائط الدولية، أمةٍ ما زالت تبحث عن صوت في زمن تُكتب فيه اللغة بلغة المصالح، لا المبادئ.. .!!

اقرأ أيضاًوزير الزراعة يبحث مع نظيره اللبناني تعزيز التعاون المشترك بين البلدين

مايا مرسي تلتقي وزيرة الشؤون الاجتماعية بلبنان

القاهرة الإخبارية: غارة الاحتلال على منطقة «الحدث اللبنانية» كانت مباغتة

مقالات مشابهة

  • تقرير عبري يدعي انتشار معاداة السامية في هارفارد.. ماذا عن تأييد فلسطين؟
  • لبنان.. الغائب الحاضر في خطاب الشرع
  • ما الذي قاله السفير الأمريكي في “إسرائيل” بعد خروجه من الملجأ
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • ترامب في قطر.. استقبال أسطوري وصفقة تسليح بـ42 مليار دولار
  • تسليح الخليج.. رحلة ترامب إلى الشرق الأوسط وتجارة الأسلحة الأميركية
  • قادة يهود أوروبا: دعم إسرائيل أصبح عبئا ومعاداة السامية تتآكل
  • مغردون يرحبون بصواريخ الحوثي التي ضربت إسرائيل
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • ترامب: السعودية ستطبع مع إسرائيل في الوقت الذي تراه مناسبا