في وقت تشهد مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو ادعى ناشروه أنه يصوّر متظاهرين يطالبون برحيل الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي. 

ويظهر في الفيديو أشخاص يرفعون العلمين المصري والفلسطيني.

إلا أن الادعاء غير صحيح، فالفيديو في الحقيقة يعود لتظاهرات داعمة للفلسطينيين في الإسكندرية، بعد أيام من هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

أمّا صوت الهتافات المناضة للسيسي المرافقة له فمركّبة.

ويُسمع في الفيديو ما يبدو أنّها هتافات تطالب برحيل الرئيس المصريّ.  

وجاء في التعليق المرافق أنّ المشهد مصوّر حديثاً في حيّ سيدي جابر في الإسكندريّة. 

صورة ملتقطة من الشاشة في 26 يونيو 2024 من موقع فيسبوك

ويأتي انتشار هذا الفيديو حاصداً مئات المشاركات والتعليقات على فيسبوك، في وقت تشهد فيه مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، حيث يعيش ثلثا سكانها البالغ عددهم 106 ملايين نسمة تحت خط الفقر، أو فوقه بقليل.

وتفاقم التضخم وبلغ 40 بالمئة عام 2023 بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري الذي فقد نحو ثلثي قيمته مقابل الدولار.

عناصر مثيرة للشكّ

لكن المقطع يحتوي عناصر تثير شكوكاً، خصوصاً أنّ صوت الهتافات غير متناسق مع الحركة في الفيديو، كما يمكن رؤية سيّدة تلفّ نفسها بالعلم الفلسطيني.

إثر ذلك أرشد التفتيش عن لقطات من الفيديو إلى النسخة الأصليّة منه منشورة في 19 أكتوبر 2023.

وآنذاك، خرجت تظاهرات كبيرة في الاسكندرية، ثاني أكبر المدن المصرية المطلة على البحر المتوسط، دعماً للفلسطينيين، على خلفيّة الحرب في قطاع غزّة.

تظاهر عشرات آلاف المصريين الجمعة في ميدان التحرير ومختلف أنحاء #مصر دعماً لـ #غزة في اليوم الرابع عشر من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بحسب صحفيين من فرانس برس ووسائل اعلام مصرية.https://t.co/L7SAPKvYib #فرانس_برس

???? @khaled_desouki pic.twitter.com/cqjWxpKfNL

— فرانس برس بالعربية (@AFPar) October 20, 2023

كما شهدت عدة محافظات في دلتا مصر في الشمال، وفي الصعيد في الجنوب تظاهرات مماثلة، وفق وسائل الإعلام المصرية، وتظاهر عشرات الآلاف في ميدان التحرير، وسط القاهرة، ومختلف أنحاء مصر دعماً لغزة.

وعمد مروّجو الفيديو المضلّل إلى إبدال الصوت الأصليّ للفيديو بصوت هتافات رفعت خلال تظاهرات طالبت برحيل السيسي عام 2019، يمكن سماعها في هذا الفيديو.

وحينذاك، خرج مئات المواطنين المصريين إلى ميدان التحرير، وبعض شوارع وسط القاهرة، ومحافظات مصر، يهتفون ضد الرئيس المصري ويطالبون بسقوط النظام.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

انقراض الطائفة اليهودية في اليمن برحيل بدرة يوسف إلى إسرائيل

في مشهد يلخص نهاية فصل طويل من التعددية الدينية التي كانت تميز اليمن لقرون، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن بدرة يوسف، إحدى آخر النساء اليهوديات في اليمن، غادرت البلاد إلى إسرائيل، منهية بذلك إقامة استمرت لعقود في وطنها الأم، وسط عزلة خانقة وظروف قاسية.

وبحسب ما نشره الصحفي اليمني المستقل علي إبراهيم الموشكي، فإن يوسف غادرت اليمن في يونيو/حزيران الماضي، وذلك بعد نحو عام من وفاة زوجها يحيى يوسف، أحد أبرز الرموز المتبقية من الطائفة اليهودية في البلاد. وكتب الموشكي عبر صفحاته: "الحمد لله على وصولك بالسلامة يا خالة بدرة"، مشيدًا بها وبزوجها الراحل، ووصفهما بأنهما "من أروع يهود اليمن الوطنيين"، ممن رفضوا الخروج رغم الظروف الصعبة والمغريات المستمرة للهجرة.

وتعكس مغادرة يوسف واحدة من أكثر القصص التي تختزل المأساة المتراكمة التي لحقت بيهود اليمن، الذين كانت لهم جذور تاريخية تعود إلى العصور القديمة. ووفقًا لما ذكرته "المكتبة اليهودية الافتراضية" (Jewish Virtual Library)، فقد كانت الطائفة اليهودية في اليمن من أقدم وأغنى الجاليات ثقافيًا ودينيًا في العالم العربي، حيث لعبت دورًا محوريًا في التجارة، والصناعات الحرفية، والنسيج الاجتماعي اليمني، خصوصًا خلال العصور الوسطى.

لكن مع مرور القرون، بدأت هذه الجالية تتعرض لسلسلة طويلة من الاضطهادات. من بين أبرز تلك المحطات، ما حدث في أواخر القرن الثاني عشر خلال حكم عبد النبي بن مهدي، الذي فرض اعتناق الإسلام على اليهود، وكذلك في القرن الثامن عشر حين أُقر ما يُعرف بـ"مرسوم الأيتام"، والذي أجبر الأطفال اليهود اليتامى على اعتناق الإسلام، مما أحدث هزات اجتماعية عميقة داخل الطائفة.

اليوم، تشير تقارير متعددة إلى أنه لم يتبقَ في اليمن سوى أربعة يهود فقط، أبرزهم لاوي سالم موسى مرحبي، الذي اختُطف من قبل جماعة الحوثيين عام 2016، بتهمة مزعومة تتعلق بمحاولة تهريب لفيفة من التوراة خارج البلاد. لاوي لا يزال رهن الاعتقال حتى اليوم، وسط تجاهل شبه تام من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.

وقد تعرض من تبقى من اليهود في اليمن لمضايقات عديدة، تراوحت بين التضييق الأمني، ومصادرة الممتلكات، والتمييز الاجتماعي، حتى باتوا يعيشون في عزلة شبه تامة داخل مناطق مغلقة في صنعاء وخارجها.

الهجرة الأخيرة لبدرة يوسف ليست سوى تتويج لمسار طويل من التهجير غير المعلن، الذي بدأ بشكل فعلي منذ منتصف القرن العشرين، مع انطلاق "عملية بساط الريح" في عامي 1949 و1950، والتي جرى خلالها نقل نحو 50 ألف يهودي يمني إلى إسرائيل. لكن الموجات استمرت خلال العقود اللاحقة، خاصة مع تصاعد العنف الطائفي والانفلات الأمني في البلاد.

ما يميز قصة يوسف، هو رفضها لسنوات مغادرة اليمن رغم الفرص الكثيرة لذلك، ما يجعل رحيلها لحظة رمزية فارقة تُغلق عمليًا فصلًا كاملاً من تاريخ اليمن المتعدد والهجين، الذي بات يتلاشى تحت ضغط الحروب والتطرف والعزلة.

يرى مراقبون أن انقراض الجالية اليهودية في اليمن لا يمثل مجرد هجرة أفراد، بل هو خسارة لهوية ثقافية وتراثية أصيلة، امتدت لعشرات القرون، وكان لها حضور في الموسيقى، واللغة، والحرف، والنسيج المعماري، والعلاقات الاجتماعية، خصوصًا في مدن كصعدة، وحراز، وصنعاء.

ويحذر المراقبون من أن ما حدث ليهود اليمن قد يُعاد بنسخ متعددة ضد أقليات أخرى، ما لم تُصنّ حقوق المواطنة المتساوية وتُحمى المكونات التاريخية لأي بلد من التسييس والإقصاء الديني.

رحيل "خالة بدرة"، كما وصفها الموشكي، ليس مجرد هجرة شخصية، بل هو علامة على انطفاء آخر شموع التنوع الديني في اليمن، الذي كان ذات يوم نموذجًا للعيش المشترك بين مختلف الطوائف والمذاهب. ومعها، تطوى صفحة من ذاكرة وطن جُبل على التعدد، لكنه اليوم يتآكل من الداخل تحت وطأة العنف والتشدد والانغلاق.

مقالات مشابهة

  • تظاهرات في السويداء تطالب السلطة السورية بسحب قواتها من المحافظة
  • نصب الحرية يتشح بـالوعد الصادق.. تظاهرات في بغداد لفك الحصار عن غزة (صور)
  • هذا الفيديو بألف كلمة
  • وقفة تضامنية في برلين دعما لغزة وللمطالبة بإنهاء الحصار
  • صياغات بعيدة.. حقيقة موافقة الصحة على تكليف دفعة علاج طبيعي 2023
  • انقراض الطائفة اليهودية في اليمن برحيل بدرة يوسف إلى إسرائيل
  • مصر.. الحكومة للتجار: الأسعار يجب أن تنخفض الآن بعد تجاوز الأزمة الاقتصادية
  • باحث علاقات دولية: خطاب الرئيس السيسي أكد محورية الدور المصري في القضية الفلسطينية | خاص
  • حضرموت.. غضب شعبي يُغلق الميناء ويطالب برحيل الفاسدين وسط انهيار الخدمات
  • السامعي يُطلع رئيس وأعضاء مجلس النواب على حقيقة وأبعاد الحرب الاقتصادية