لجريدة عمان:
2025-07-06@11:30:31 GMT

حكاية المدرسة الدستورية بالقدس

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

في تاريخنا الفلسطيني النهضوي قبل النكبة ثمة ظواهر ثقافية تربوية حدثت، ولم ينتبه لها أحد بما يكفي، وبقيت للأسف في متحف الذاكرة يعاد لها فقط للاستشهاد السريع من قبل باحثين صغار متسرعين يبحثون عن التخرج، يقعون في التحليل الديكوري القشري لا التاريخي العلمي الوطني العميق.

من هذه القصص الملهمة قصة تأسيس المدرسة الدستورية في القدس، والتي تأسست عام 1909 وسمّيت بالدستورية تيمنا بالدستور العثماني الذي صدر عام 1908، وفتح المجال واسعًا لتأسيس المدارس والأحزاب والصحف، الواقع هو أن الحديث عن المدرسة الدستورية لن يكتمل، ولن يكون منه فائدة دون أن نربط هذا الحديث مع صاحب فكرة المدرسة ومؤسسها المربي والمثقف الكبير خليل السكاكيني، هذا العظيم الذي ألهمت نظرياته التربوية والفكرية المئات من المثقفين والمعلمين الفلسطينيين والعرب.

ولد في مدينة القدس في الثالث والعشرين من شهر يناير في عام 1878، وتلقّى تعليمه في مدارسها ثم التحق أولا بمدرسة الروم الأرثوذكس، ومن بعدها انضمّ إلى مدرسة (C.M.S)، وبعد تخرجه منها التحق بمدرسة صهيون الإنجليزية، وتعلّم الأدب على يديّ المربّي نخلة زريق. وفي عام 1907، وبعد وفاة والده سافر إلى بريطانيا وثم إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة لدراسة التربية، لكنه ولأسباب مالية لم يتمكن من إتمام تعليمه وقرّر العودة إلى مسقط رأسه سنة 1908. وخلال وجوده في أمريكا عمل السكاكيني مترجمًا ومدرِّسًا للّغة العربيّة، كما كتب عدة مقالات في المجلات العربيّة الأدبيّة الصادرة هناك، عاد خليل الى القدس عام 2008 انتهازًا لفرصة صدور دستور الحريات، وقرر تطبيق نظرياته وخبراته التربوية في تأسيس مدرسة خاصة لها دستورها الخاص ومنهجها المفارق لكل مناهج المدارس الأخرى، واتصل المؤسس بثلاث شخصيات مهمة ليشاركوه تأسيس هذه المدرسة: علي جار الله وافتيم مشبك وجميل الخالدي، خليل كان مدير المدرسة التي كانت تعنى بموضوعات لم تكن مألوفة في المشهد التعليمي الفلسطيني كالتمارين العسكرية والصراع ( الملاكمة)، تنشئ المدرسة الأولاد حسبما جاء في دستورها على الاخلاق والقوة الجسدية وعاطفة الإخاء والشجاعة والوطنية، ولعلّ أهم صفة امتازت بها المدرسة هو عدم إيمانها بالعقاب البدني وغير البدني ورفضها أسلوب التقييم بالعلامة، والامتناع عن زجر الطالب، وتعنيفه حتى بالكلام، شعار المدرسة كان (إعزاز الطالب لا إذلاله). أما دروس المدرسة فهي: التصوير والموسيقى اللغة العربية والتركية، الإنجليزية، الفرنسية وأيضًا كانت تدرس الرياضيات والجغرافيا وتاريخ، الطبيعيات، والأصول التجارية و المدنية، والمبادئ الدينية، الصحية، والحركات العسكرية.

كانت المدرسة ليلية التوقيت، ومن سياستها عدم التمييز بين الناس، فاستقبلت الطلاب من كل الطوائف، وكان فيها يهودي واحد، وهي المدرسة الوحيدة التي استحدثت فرعًا للأطفال من سن 4 إلى 7 وسمي (ببستان الأطفال) ولربط الطلاب بمجتمعهم تم تأسيس فرق للنظافة والصحة والقراءة، ومهمة الطلاب نقل هذه الخبرات الى مدنهم وقراهم. كان خليل السكاكيني يرغب في إحداث انقلاب في روح التعليم، وقد كان بشهادة الكثيرين أحد أهم من أحدثوا تغييرًا عميقًا في بنية التعليم العلماني البعيد عن المحددات الطائفية والدينية والعشائرية، والذي يتكئ على التفكير الحر، والاعتزاز بالذات، والنقاش والتحليل والربط، ورفض اسلوب الحفظ والتلقين. يقول الباحث الفلسطيني ماهر الشريف: (طمح خليل السكاكيني إلى أن يزرع في مجتمعه الفلسطيني، عبر اشتغاله في حقلي التربية والتعليم، بذور حداثة جوّانية حقيقية، لا يجمعها جامع بالتحديث البرّاني، وذلك بعد أن أدرك أن هذه الحداثة التي ولدت في الغرب، تحوّلت، مع الوقت، بفضل مساهمات شعوب وأمم غير غربية، إلى مكتسب إنساني وإلى سيرورة تغتني باستمرار؛ فعظّم شأن النزعات العلمية والعقلانية والإنسانية، وروّج قيم الحرية والمواطنة والوطنية والعلمانية، معتقدًا، اعتقادًا راسخًا، بأن تمثّل العرب والفلسطينيين هذه النزعات والقيم لا ينال من هويتهم الثقافية ويضعفها بل يعمقها ويعززها.).

عام 48 اقتحم أعداء الحياة (حي القطمون) القريب من القدس ونكّلوا بسكانه قتلًا وطردًا، فاضطر السكان الى الرحيل عن أكثر أحياء القدس جمالًا وثراء، كان آخر من رحل هو خليل السكاكيني وعائلته، تاركًا مكتبته الضخمة التي عشقها واعتنى بها كطفل، وقد تم نهب المكتبة من قبل لصوص التاريخ والحياة ونقلها إلى الجامعة العبرية. في مصر عاش خليل ثلاث سنوات فقط، مات بالسكتة القلبية، ودفن هناك.

رحم الله مؤسس المشهد التعليمي الحداثي في فلسطين، المثقف الكبير الذي لم يكن ابن زمانه، كما وصفه الكاتب مالك ريماوي، كان آتيًا من زمن مستقبلي، لهذا كان الاغتراب عنوان حياته وكتبه وحتى سعاله الصباحي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أجمل يوم في عمري.. إيناس عز الدين تحتفل بتخرج ابنتها نغم.. صور

احتفلت الفنانة إيناس عز الدين بتخرج ابنتها نغم العيسوي، ابنة الفنان أحمد العيسوي وكيل لجنة العمل بنقابة الموسيقيين، من المدرسة الأمريكية، والتحاقها بجامعة الفيوتشر لدراسة طب الأسنان.

وقالت عز الدين، عن هذه المناسبة إنها أسعد وأجمل يوم في عمرها، وأن هذا الإنجاز لم يكن مجرد محطة تعليمية في حياة نغم، بل كان تتويجًا لمسيرة من الاجتهاد والشغف والطموح الذي رافقها منذ سنوات الدراسة الأولى.

وأوضحت: "منذ أيامها الأولى في المدرسة، لم تكن نغم تركز كثيرًا على اختيار تخصص معين، بل كانت تكتشف اهتماماتها تدريجيًا، ومع مرور الوقت، وتحديدًا في الصفين الأول والثاني الثانوي، بدأت ميولها تتجه بوضوح نحو المجال الطبي، وأثناء دراستها في المدرسة الأمريكية، لاحظت أن شغف نغم بالطب يزداد يومًا بعد يوم، رغم أنها لم تكن قد حسمت قرارها بشأن التخصص الدقيق".

وأضافت: "جاءت اللحظة الفارقة عندما قالت نغم لي "مش هتروحي لدكتور أسنان تاني، أنا اللي هعالجك" في البداية، ظنت والدتها أن الأمر مجرد مزحة، لكنها سرعان ما أدركت أن الفكرة أصبحت حلمًا حقيقيًا في ذهن نغم، وأنها عازمة على تحقيقه، بذلت نغم جهدًا كبيرًا في الفترة الماضية، وواجهت الكثير من التحديات، لكنها لم تتراجع عن هدفها، بل زادها الشغف إصرارًا على النجاح".

وتابعت:" إلى جانب ذلك، تتميز نغم بكاريزما عالية وصفات قيادية واضحة، جعلتها محط إعجاب كل من حولها، وفي حفل التخرج، أبدعت نغم في كلمتها أمام الحضور، حيث أثرت في الجميع وجعلتهم يتفاعلون معها بصدق، حتى أن البعض لم يتمالك دموعه من شدة التأثر. وهو ما جعلها تشعر بفخر كبير وهي ترى ابنتها تتألق أمام الجمهور وتحظى بحب وتقدير الجميع".

واختتمت الفنانة إيناس عز الدين احتفالها بتخرج نغم بالدعاء لها بالتوفيق في المرحلة القادمة، وأن تحقق كل ما تتمنى في حياتها العلمية والعملية. 

إيناس عز الدين وزوجها أحمد العيسوي وابنتهماإيناس عز الدين وزوجها أحمد العيسوي وابنتهماإيناس عز الدين

على صعيد آخر، يُذكر أن الفنانة إيناس عز الدين تعاقدت على المشاركة في مسلسل من إخراج المخرج محمد النقلي، من المقرر البدء في تصويره لعرضه في السيزون القادم، كما تستعد لإحتفالية ضخمة في دولة الإمارات احتفالا بكونها سفيرة إحدى العلامات التجارية الشهيرة في مدينة دبي.

طباعة شارك إيناس عزالدين الفنانة إيناس عزالدين أحمد العيسوي الفنان أحمد العيسوي

مقالات مشابهة

  • فريدة خليل تتوج بذهبية نهائي كأس العالم للخماسي
  • موعد ومكان عزاء مدير التصوير محمد خليل
  • جامعة القاهرة تنظم أول مدرسة صيفية بمشاركة طلاب من الصين
  • الاحتلال يقتحم عناتا وضاحية السلام بالقدس ويخرب منازل وممتلكات المواطنين
  • فريدة خليل وملك إسماعيل تتأهلان لنهائي كأس العالم للخماسي الحديث
  • أجمل يوم في عمري.. إيناس عز الدين تحتفل بتخرج ابنتها نغم.. صور
  • وزيرة السياحة تشرف على تخرج طلبة المدرسة الوطنية للفندقة والاطعام
  • حكاية الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية
  • والي جزيرة أبوموسى يكرّم خريجتين بالثانوية
  • تنظيم الدورة السابعة من ملتقى "المبدعين الشباب بسلا