الأيام التى نعيشها اليوم هى أيام حلوة وسوف تمر بإذن الله، ستترك خلفها آلامًا شديدة، على مستوى الفرد، مزيدًا من المعاناة من أجل تدبير سبل الحياة، والاقتصاد بقدر ما يستطيع من أجل عبور السفينة، وعلى مستوى الدولة مزيدا من تراكم الديون، وتأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة، وزيادة معدلات الفقر، وزيادة ما ترصده الدولة للحماية الاجتماعية وغيرها من الآثار السلبية.
فارتفاع الاسعار «التضخم» ما زال يشكل عبئًا كبيرًا على صانع السياسة النقدية فى العالم، وسط توقعات قوية باستمرار رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالى 2023 من أجل كبح التضخم.
فقد أجبر الارتفاع الكبير فى معدلات التضخم البنك المركزى الأمريكى الذى ظل يتخذ سياسة نقدية ميسرة لسنوات طويلة على زيادة أسعار الفائدة منذ مارس 2022 أى بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والغريب أنك تجد أصواتا تقول «اشمعنا» مصر متأثرة بالحرب رغم أن الدول الأخرى غير متأثرة، وهذه أمريكا اكبر اقتصاد فى العالم تعانى من تبعات الحرب.
ويوصف ما قام به الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بأنه أكبر دورات التشديد النقدى المفاجئة فى تاريخ الولايات المتحدة. فقد قامت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فى يوليو الماضى، وتعد هذه الزيادة الحادية عشرة حتى الآن فى هذه الدورة، بما فى ذلك الزيادات الكبيرة بواقع 75 نقطة أساس فى النصف الثانى من 2022، إذ بلغت قيمة هذه الزيادات 525 نقطة أساس ليستقر سعر الفائدة الأساسى على الأموال الفيدرالية عند 5.25-5.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ 20 عاما. بل إن الفيدرالى أشار إلى أنه مستعد لرفع أسعار الفائدة خلال العام الحالى، وفى ظل حالة عدم اليقين، والتضخم، الذى يتوقع أن يرتفع خاصة مع الارتفاع المتوقع فى أسعار السلع الأساسية نتيجة لاحتمال تصاعد النزاع الروسى الأوكرانى.
أما فى مصر فالأزمة الحقيقية على مر التاريخ الحديث تكمن فى نقص العملة الصعبة، وأن مصادر مصر من العملات الأجنبية غير متنوعة وثابته، وتتأثر كثيرا بالأحداث العالمية، ولا تشجيع حقيقيًا للصناعة المصرية، بخلاف ملف الضرائب ومشتقاته، وتعدد المسميات الضريبية التى يدفعها كل صاحب شركة والذى ساهم ويساهم فى هروب المستثمر المحلى قبل الأجنبى.
هناك جهود تبذل للخروج من الأزمة، ولكن هل الجهود مستدامة، أم مجرد مسكن للأزمة الحالية وبمجرد حدوث رياح معاكسة ندخل فى أزمة أكبر، والمتضرر الأكبر هو المواطن. لهذا يجب أن تكون هناك حلول مستدامة تحقق لمصر مصادر متنوعة للعملات الأجنبية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاخر المعاناة عبور السفينة أسعار الفائدة
إقرأ أيضاً:
مخالفاً التوقعات.. تباطؤ التضخم في أميركا إلى 2.3% في نيسان
الاقتصاد نيوز - متابعة
سجّلت معدلات التضخم في أميركا تراجعاً طفيفاً عن المتوقع خلال شهر نيسان، في وقت بدأت فيه الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تُلقي بظلالها على الاقتصاد الأميركي المتباطئ، بحسب تقرير صدر الثلاثاء عن وزارة العمل.
وأوضح مكتب إحصاءات العمل أن مؤشر أسعار المستهلكين، الذي يقيس تكلفة مجموعة واسعة من السلع والخدمات، ارتفع بنسبة 0.2% على أساس شهري بعد التعديل الموسمي، ما دفع معدل التضخم السنوي للانخفاض إلى 2.3%، وهو أدنى مستوى له منذ شباط 2021. وجاءت القراءة الشهرية متوافقة مع توقعات «داو جونز»، في حين كانت النسبة السنوية دون التقديرات التي بلغت 2.4%.
أما عند استبعاد أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، فقد ارتفع مؤشر التضخم الأساسي أيضاً بنسبة 0.2% على أساس شهري، بينما استقر على 2.8% على أساس سنوي، وهو ما جاء مطابقاً للتوقعات السنوية، وأقل من التقديرات الشهرية التي كانت تشير إلى 0.3%.
جاءت القراءات الشهرية للتضخم في نيسان أعلى بقليل مما كانت عليه في مارس آذار، إلا أن وتيرة ارتفاع الأسعار ما زالت بعيدة عن الذروة التي بلغتها قبل ثلاث سنوات.
ولم تُبدِ الأسواق رد فعل يُذكر على هذه البيانات، إذ أشارت عقود الأسهم الآجلة إلى أداء مستقر أو انخفاض طفيف، بينما سجلت عوائد سندات الخزانة تحركات متباينة.
وأظهرت البيانات أن أسعار الإيجارات والمساكن كانت العامل الرئيسي في دفع مؤشر التضخم إلى الأعلى، حيث ارتفعت فئة "السكن" –التي تشكل نحو ثلث وزن المؤشر– بنسبة 0.3% خلال نيسان، لتُسهم بأكثر من نصف الزيادة الإجمالية في المؤشر، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل.
ارتفاع أسعار الطاقة
بعد تراجعها بنسبة 2.4% في مارس آذار، عادت أسعار الطاقة إلى الارتفاع في نيسان، مسجلة زيادة بنسبة 0.7%، بينما انخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.1%.
وسجّلت أسعار السيارات المستعملة انخفاضاً للشهر الثاني على التوالي بنسبة 0.5%، في حين لم تشهد أسعار السيارات الجديدة أي تغير يُذكر. كما تراجعت أسعار الملابس بنسبة 0.2%، مقابل ارتفاع في تكلفة خدمات الرعاية الطبية بنسبة 0.5%. وارتفعت أسعار التأمين الصحي بنسبة 0.4%، في حين صعدت أسعار تأمين المركبات بنسبة 0.6%.
وانهارت أسعار البيض بشكل حاد، متراجعة بنسبة 12.7% خلال الشهر، رغم أنها ما تزال أعلى بنسبة 49.3% مقارنة بالعام الماضي.
تأثير الرسوم الجمركية على التضخم
ورغم أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل نيسان جاءت معتدلة نسبياً، إلا أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب تبقى عاملاً غير محسوم التأثير على مسار التضخم، إذ تعتمد تداعياتها على مسار المفاوضات التجارية خلال الأشهر المقبلة وحتى فصل الصيف.
وفي خطابه المنتظر حول ما وصفه بـ«يوم التحرير»، فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية، وأعلن نيته فرض رسوم "معاملة بالمثل" على الشركاء التجاريين. إلا أن موقفه شهد تراجعاً في الأيام الأخيرة، حيث منح الصين فترة سماح لمدة 90 يوماً قبل تنفيذ الرسوم التصعيدية، في خطوة تهدف لإفساح المجال أمام مزيد من المفاوضات.
ويُنظر إلى هذا التراجع في حدة الموقف على أنه يقلّل من فرص خفض معدلات الفائدة هذا العام، بعدما كان المستثمرون يتوقعون أن يبدأ الاحتياطي الفدرالي بالتيسير النقدي في يونيو حزيران، مع احتمالات بثلاث تخفيضات على الأقل خلال العام.
لكن بعد التطورات الأخيرة مع الصين، باتت الأسواق تتوقع أن يتم أول خفض للفائدة في سبتمبر أيلول، مع ترجيح تنفيذ تخفيضين فقط هذا العام، وذلك في ظل تراجع الضغوط على الفدرالي لدعم الاقتصاد واستمرار معدلات التضخم فوق هدف 2% منذ أكثر من أربع سنوات.
ورغم أن الاحتياطي الفدرالي يعتمد بشكل رئيس على مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الصادر عن وزارة التجارة في تحديد سياسته، إلا أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين تظل مؤشراً أساسياً في تكوين هذا المؤشر. ومن المتوقع أن يُصدر مكتب إحصاءات العمل يوم الخميس بيانات مؤشر أسعار المنتجين لشهر أبريل نيسان، والذي يُعد مؤشراً استباقياً على تحركات التضخم.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام