مزدوجو الجنسية يشعرون بالقلق من مشروع اليمين المتطرف في فرنسا
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
يعرب فرنسيون من مزدوجي الجنسية عن ذهولهم بعد طرح حزب « التجمع الوطني » اليميني المتطرف خلال حملته الانتخابية منعهم من شغل وظائف « حساسة »، منددين بـ »سابقة تمييز » تثير « القلق ».
ويقول المدون سامبا غاساما (37 عاما) في تصريحات لوكالة فرانس برس « أعتبر نفسي معنيا بصفتي حامل جنسية مزدوجة… وصحيح أنني فرنسي مالي، لكنني أعزو كل الفضل إلى فرنسا وأنا لا أدين بشيء إلى مالي، سوى جذوري العائلية وأنا لم أنشأ في مالي وأشعر أنني فرنسي في المقام الأول ».
ويقر بأنه يشعر « بالإهانة » عندما يسمع فرنسيين ينبذونه.
وفي سياق حملة الانتخابات التشريعية، قال حزب « التجمع الوطني » الذي يتصدر نوايا التصويت أنه يريد « منع » مزدوجي الجنسية من شغل « مناصب عالية الحساسية »، كالفرنسيين الحاملين الجنسية الروسية « في مناصب إدارة استراتيجية في الدفاع ».
وكان « التجمع الوطني » قد قدم في يناير مشروع قانون ينص على احتمال حظر تولي الفرنسيين الحاملين جنسية أخرى هذه المناصب في الإدارات والمؤسسات العامة.
وعليه، قد يحرم 3,3 ملايين فرنسي من وظيفة من هذا النوع بحسب تقديرات نقابة « سي اف دي تي ».
وخلال مناظرة تلفزيونية، الثلاثاء، اتهم رئيس الوزراء غابرييل أتال رئيس حزب « التجمع الوطني » جوردان بارديلا بـ »النفاق » إذ لدى حزبه ممثلة فرنسية روسية هي تامارا فولوكوفا تشغل منصبا حساسا في البرلمان الأوربي، بما يتعارض مع مقترح الحزب.
وفي فرنسا، لا يمنع ازدواج الجنسية من شغل وظائف عامة.
وفي ميادين كثيرة، « ثمة تحفظات على الجنسيات »، بحسب ما يوضح لوكالة فرانس برس عالم الديموغرافيا في المعهد الوطني للأبحاث الديموغرافية باتريك سيمون. ويقول إن « قيودا تفرض على الرعايا الأوربيين من غير المواطنين، فضلا عن قيود إضافية في المجالات السيادية مثل الأمن والدفاع » على وجه الخصوص.
ويلفت سيمون إلى أن « مزدوجي الجنسية لا ينتمون إلى فئات الأشخاص الخاضعين لهذه القيود لأنهم فرنسيون بالكامل. وما يسعى التجمع الوطني إلى تطبيقه هو اعتبار أن مزدوجي الجنسية ليسوا مواطنين بصفة كاملة، وهو أمر خطير بالفعل ».
لا بد من العودة إلى الثلاثينات لإيجاد جذور القيود المفروضة على الأشخاص المجنسين. فبعد تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، أبطلت أغلبية تلك القوانين.
وفي مقال نشر الثلاثاء في صحيفة « لوموند » كتب محمود بوعبدالله الدبلوماسي الحائز على جنسيتين أن « التشكيك في ولاء مزدوجي الجنسية بمثابة محنة شديدة » له.
ولفت إلى أن « الآلاف من مزدوجي الجنسية… يشغلون مناصب من المقام الأو ل في جهاز الدولة، بما في ذلك مناصب توصف بـالحساسة ».
واعتبر بوعبدالله أن « التجمع الوطني يسير على خطى نظام فيشي العنصري… وفي العام 2024، لم يعد الكلام عن اليهود (وسيأتي دورهم) بل عن العرب والمسلمين ».
ويقر مزدوجو الجنسية الذين استطلعت آراؤهم والذين لا يخفون تمسكهم بجنسيتهم الأخرى بالشعور بالانزعاج والاستغراب أو حتى الإجحاف إزاء المقترح الصادر عن « التجمع الوطني ».
ويرى المياس علام (24 عاما) الفرنسي من أصول جزائرية الذي يدرس في كلية تجارة مرموقة في هذا الاقتراح « إهانة لمزدوجي الجنسية برمتهم »، معربا عن قلقه من دعم بعض الفرنسيين هذا النوع من المبادرات.
ويقول « ما أخشاه هو سابقة التمييز بين الفرنسيين التي قد يحدثها » المشروع الذي قد « يفسح المجال » لتدابير أخرى تستهدف مزدوجي الجنسية بشأن « النفاذ إلى الرعاية والمرافق العامة وسواها ».
ولا تخفي الفرنسية الجزائرية نجاة أفيليس (58 عاما) التي تدرس في مدرسة ثانوية استغرابها « تدبير التجمع الوطني الذي يصم مزدوجي الجنسية بالكامل. وقد تساءلت إن كان يجدر بي أن أوضب حقائبي، علما أنني أعيش في فرنسا منذ 34 عاما وأن أولادي ولدوا هنا ».
ولا يخفي النائب الفرنسي التشيلي في « ال اف اي-نوبيس » (اليسار الراديكالي) الذي وصل إلى فرنسا في سن الرابعة مع أهله الفارين من ديكتاتورية الجنرال بينوشيه استياءه هو أيضا، معتبرا أن هذا المقترح « بلاهة براغماتية وسياسية واستراتيجية لا تستجيب لأي حاجة وهو في الواقع يتعارض مع مصالح فرنسا ».
ويقول إن « الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ وحتى الوزارات فيها أحيانا شخصيات سياسية مختلفة الجنسيات. فهذا تاريخ البلد ».
ويشاركه الرأي مزدوجو جنسية أصغر سنا، مثل إميلي الفرنسية البريطانية البالغة 17 عاما، والتي تعيش في بريتان (الغرب) وباتت تشعر بـ »الخوف ». وتقول « سمعت تعليقات ليست لطيفة في ما يخص جنسيتي البريطانية، لكن ذلك كان في المدرسة لا غير. بيد أن الأمر سيكون على درجة أعلى من الخطورة إذا قام بذلك أشخاص على رأس الدولة يسنون القوانين ».
أما المغنية الفرنسية ماندا سيرا (30 عاما) فتندد بمقترح « يدعو إلى العجب. وهي وسيلة لإحداث مزيد من الشقاق والفروقات في وقت نناضل للتقدم ولطمس » الفروق.
وتعرب عن قلقها من فكرة « تصنيف فرنسيين يكون لهم المزيد من القيمة أو الحقوق ».
ويأمل مزدوجو الجنسية هؤلاء أن يتصدى المجلس الدستوي الفرنسي لاقتراح من هذا القبيل أو يرفضون حتى التسليم بهذه الفرضية.
تشعر الفرنسية الروسية أولغا بروكوبييفا التي وصلت إلى فرنسا سنة 1995 وباتت ترأس جمعية « روسيا-حريات » بأنها فرنسية أكثر مما هي روسية. وتخبر « درست هنا وأسست حياتي وابنتي تحمل أيضا جنسية مزدوجة ».
لا تود التفكير بفكرة حرمانها « بعض الحقوق والفرص ». وتقول « هي انتكاسة خطرة جدا. وقد تكون الصدمة رهيبة بعد الانتخابات التشريعية لكنني أفضل عدم التفكير فيها في الوقت الراهن ».
كلمات دلالية انتخابات جسنية عنضرية فرنسا يمينالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: انتخابات فرنسا يمين مزدوجی الجنسیة التجمع الوطنی
إقرأ أيضاً:
جدل بالمغرب حول مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة
الرباط – أبدى معارضون لمشروع القانون المتعلّق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بالمغرب من أن يُشكّل إقراره تراجعا عن الضمانات الدستورية لحرية الصحافة واستقلالية مؤسساتها التمثيلية، حيث أثارت مضامين المشروع موجة من الجدل داخل الأوساط الإعلامية والحقوقية مؤخرا.
ويتضمن المشروع، الذي طُرح للنقاش بعد حوالي 3 سنوات من تمديد ولاية المجلس بمرسوم استثنائي، تحفظات واسعة أبرزها: تغيير آلية انتخاب أعضاء المجلس، واعتماد معيار رقم المعاملات في انتداب الناشرين، وجعل قرار توقيف الصحف عن الصدور بيد المجلس لا بيد القضاء.
وفيما تقول الحكومة إن المشروع يسعى لضمان فعالية التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، وتوفير بيئة قانونية مستقرة للممارسة الصحفية، يرى معارضوه أنه يكرس مقاربة ضبطية تضعف استقلالية الجسم الصحفي، وتضر بالمكتسبات المتراكمة في مجال التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة.
مشروعية المجلسانتخب المجلس الوطني للصحافة كهيئة مهنية مستقلة في عام 2018، بهدف التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، وحددت اختصاصاته بالمهام التالية:
منح بطاقة الصحافة. القيام بدور الوساطة في حل النزاعات القائمة بين المهنيين. تتبع احترام حرية الصحافة ومراقبة احترام أخلاقيات المهنة. تقديم الرأي بمشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة. إعداد الدراسات المرتبطة بالقطاع.ومنذ عام 2022 يعيش المجلس وضعا استثنائيا بعد انتهاء فترة انتداب أعضائه دون إجراء انتخابات جديدة، ما جعل الحكومة تصدر قانونا لتمديد عمر المجلس لـ6 أشهر، ثم أصدرت في أبريل/نيسان 2023 قانونا آخر ينص على نقل صلاحيات المجلس إلى لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الصحافة والنشر لمدة سنتين.
وبالتزامن مع انتهاء الفترة الانتدابية للجنة المؤقتة، صادقت الحكومة على مشروع قانون يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وأحالته إلى البرلمان، الثلاثاء الماضي، ليتم الشروع بعرضه ومناقشته في لجنة التعليم والثقافة والاتصال.
إعلانوأحدث المشروع نظام انتخابات يعتمد على الاقتراع السري الاسمي للصحفيين، مقابل نظام الانتداب بالنسبة للناشرين، وتم ربط تمثيلية هذه الفئة بعدد المستخدمين المصرح بهم ورقم المعاملات السنوي، وهي المواد التي أثارت الجدل في أوساط المهنيين، إلى جانب منح المجلس صلاحية منع الصحف من الصدور.
تحصين القطاعأكد وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد انسجام مضامين هذا المشروع مع أحكام الدستور ذات الصلة بحرية التعبير والتنظيم الذاتي لمهنة الصحافة والنشر.
وأوضح أثناء تقديمه في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الأربعاء، أن اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة تشاورت مع مختلف الهيئات المهنية في مجال الصحافة والنشر قبل وضع التعديلات.
وأكد الوزير على الحاجة لتأمين استمرارية المجلس بمهمته المتمثلة بالتنظيم الذاتي للمهنة والرقي بأخلاقياتها، وتحصين القطاع بكيفية ديمقراطية ومستقلة، معتبرا أن هذا القانون يظهر عزم الوزارة توفير بيئة قانونية مستقرة وشفافة للممارسة الصحافية لتأطير قطاع الصحافة، وضمان استمرارية مؤسساته التمثيلية.
وعدد بنسعيد المستجدات التي جاء بها المشروع، بينها تقليص هيكلة المجلس من 21 إلى 19 عضوا، والرفع من تمثيلية الناشرين إلى 7 أعضاء تنتدبهم المنظمات المهنية، بالإضافة إلى عضوين من الناشرين الحكماء من ذوي الخبرة والكفاءة.
وبدورها دافعت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين عن الآلية التي جاء بها مشروع القانون في تشكيل أعضاء المجلس بانتخاب ممثلي الصحافيين مقابل انتداب الناشرين.
وقالت في بيان لها إن هذه الآلية لا يجب أن تفهم كعقبة، بل كمدخل لتعزيز الإصلاح، وأكدت على أهمية هذا التوجه بتثمين مجهودات المؤسسات الصحافية القوية، وفي تحفيز وتشجيع المؤسسات المتوسطة والصغرى على التطور في إطار نموذج اقتصادي ومالي متماسك.
بالمقابل، اعتبرت الفدرالية المغربية لناشري الصحف أن هذه الآلية تعد "ترسيخا للتمييز بين المهنيين بطريقة اختيارهم"، ورأت باعتماد تمثيلية الناشرين وفق رقم معاملات المؤسسات الإعلامية أنها "مفصلة على مقاس مقاولات ذات رأس مال أكبر، وبالتالي تكريس الاحتكار والهيمنة والتغول، والقضاء على التعددية والتنوع"، حسب وصفهم.
وانتقد وزير الاتصال الأسبق نبيل بن عبد الله التعديلات الجديدة، إذ اعتبرها "تحويرا تاما لفلسفة التنظيم الذاتي للمهنة، وتعكس توجها نحو جعل الصحافة تحت سلطة المال".
وندد عبر مداخلة له بصحيفة صوت المغرب بـ"التخلي عن فلسفة التعددية، وإزالة التمثيلية المجتمعية داخل المجلس، التي كانت تضم فئات مثل المحامين والكتاب، وتعويضها بمؤسسات دستورية"، وهو ما اعتبره "إفراغا للمجلس من استقلاليته".
من جهته، قال وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي إن مشروع القانون يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات الديمقراطية، التي راكمها المغرب في التنظيم الذاتي للصحافة.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن اعتماد المشروع على نظام انتخابات مزدوج "نكسة خطيرة"، مضيفا أن "المسطرة الأصلية في التمثيلية هي الانتخابات المباشرة، بينما يُفترض أن يكون الانتداب استثناء"، وأوضح أن غياب التجارب الدولية التي تعتمد هذا النموذج المختلط يؤكد طابعه غير الديمقراطي.
إعلانوأكد أن المشروع المطروح يخالف الدستور المغربي الذي ينص على تنظيم قطاع الصحافة والنشر بشكل ديمقراطي، مستنكرا ما اعتبره "إجهاضا لتجربة المجلس الوطني للصحافة"، التي كان من المفترض تعزيزها وتطويرها لا التراجع عنها.
وانتقد الخلفي اعتماد رقم المعاملات كمعيار في تمثيلية المؤسسات الصحفية داخل المجلس، مؤكدا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو "معيار المقروئية والتعددية"، باعتبارها مؤشرات تعكس الحضور الفعلي في المشهد الإعلامي، وليس فقط الوزن الاقتصادي.
بدوره، قال رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف محتات الرقاص للجزيرة نت، إن التعديلات الجديدة، خاصة تلك المتعلقة بنظام اختيار أعضاء المجلس تتعارض بوضوح مع الفصل 28 من الدستور المغربي، الذي يدعو السلطات لتشجيع الصحافيين على تنظيم أنفسهم بشكل ديمقراطي ومستقل، مؤكدا أن الانتخاب هو التعبير الأسمى عن هذا الاستقلال.
وأوضح الرقاص أن ربط التمثيلية بمعايير مالية كرقم المعاملات أو حجم الأرباح الشهرية يؤدي للاحتكار من طرف عدد محدود من المقاولات الصحفية، ويتناقض مع روح المجالس المهنية التي يُفترض أن تقوم على أخلاقيات المهنة، كما هو معمول به في التجارب الدولية.
ونص المشروع على عدد من العقوبات التأديبية بحق الناشرين والصحافيين المهنيين، بينها سحب بطاقة الصحافة وتوقيف إصدار الصحف الورقية أو الإلكترونية لمدة لا تزيد عن 30 يوما.
وحذر الوزير الخلفي من منح صلاحية توقيف الصحف للمجلس الوطني للصحافة، معتبرا أن ذلك يتعارض مع المواثيق الدولية ويُفقد الصحافة المغربية أحد أهم ضمانات الاستقلالية.
في حين وصف الرقاص هذه الخطوة بأنها "كارثة حقيقية" و"تراجعا خطيرا" عن أحد المكاسب الديمقراطية التي حققها المغرب، حيث كان المنع من اختصاص القضاء فقط، دون أن يُمنح حتى للحكومة كسلطة تنفيذية.
وبعد إحالة المشروع على مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه، دعا الرقاص البرلمانيين للانتصار لقيم الديمقراطية وحرية الصحافة، وتمكين المؤسسة التشريعية من أداء دورها في حماية استقلال الإعلام، معتبرا أن هذا القانون لا يمس فقط الجسم الصحفي، بل يسيء للصورة الديمقراطية العامة للمغرب.
أما الخلفي فطالب البرلمانيين بتحمل مسؤوليتهم بحماية المكتسبات الديمقراطية التي حققها المغرب في قطاع الصحافة والنشر وإتاحة الوقت الكافي لمناقشة التعديلات.
وفي حين أبدى الرقاص تشاؤمه وخشيته من تمرير المشروع بسرعة في البرلمان وبقوة الأغلبية الحكومية، تأسفت الجمعية الوطنية للناشرين إزاء ما وصفته "النقاش المتشنج" الذي رافق عرض المشروع، والذي اتجه نحو تبخيس مجهود تشريعي يستحق التثمين، سيما في شقه المتعلق بتشكيل هياكل المجلس الوطني.
ورأت أن المشروع بصيغته الحالية "يعد أداة فاعلة لوقف مظاهر الفوضى والتسيب التي تعانيها المهنة، التي تحولت في بعض الأحيان إلى ملاذ لمن لا مهنة له، في ظل غياب الضبط والمساءلة".