يمانيون | تقرير
من قلب صنعاء المحاصرة، ومن على شواطئ البحر الأحمر، تخوض القوات المسلحة اليمنية واحدة من أجرأ المعارك البحرية في العصر الحديث، ليس فقط على مستوى الاشتباك العسكري، بل في فرض معادلة سياسية وأخلاقية واقتصادية يتردد صداها من سواحل اليمن إلى أرصفة اليونان ودهاليز البنتاغون.

أصبح البحر الأحمر – بتوقيع العمليات اليمنية – مجالاً حيوياً لحرب عالمية غير معلنة، تترنح فيها مصالح العدو الصهيوني، وتنكشف فيها هشاشة الردع الأمريكي، بينما تتحول الشعوب الحرة إلى أطراف مؤثرة في معادلة الحرب، كما حدث مؤخراً في اليونان.

لم تعد المسألة تتعلق بتهديد محلي، بل بصعود قوة إقليمية جديدة، تتقن استخدام الجغرافيا، وتفرض معادلتها السيادية بوسائل مبتكرة ومدروسة.

الموقف الأوروبي.. نقابات اليونان تعلن العصيان ضد دعم الصهاينة
في تطور يعكس تأثير العمليات اليمنية على الوعي الشعبي الأوروبي، أعلنت خمس نقابات رئيسية في هيئة ميناء “برايوس” – أحد أكبر موانئ أوروبا – رفضها الصريح لتسهيل مرور أي شحنات عسكرية موجهة للعدو الصهيوني.

البيان الذي صدر عن النقابات، لم يكن موقفاً عاطفياً أو عارضاً، بل تعبيراً عن وعي يتشكل بفعل الحقائق الدامية في غزة، والرد الاستراتيجي اليمني عليها.

ونقلت صحيفة “أفزين” اليونانية عن قادة نقابيين قولهم إنهم يرفضون أن يكونوا شركاء في نقل أدوات القتل الصهيونية، وأنهم سيتخذون خطوات تصعيدية تشمل الإضرابات والوقفات الاحتجاجية.

وهذا التحرك غير المسبوق في ميناء بحري أوروبي يكشف عن تصدع في جدار الدعم غير المشروط للكيان، ويعني – ضمنياً – أن العمليات اليمنية نجحت في فرض عزلة ملاحية على العدو حتى خارج مناطق الاشتباك.

تقرير “أسبايتس”: السفن المرتبطة بالكيان في دائرة الخطر
المواقف النقابية لم تأتِ من فراغ. شركة “أسبايتس” الأوروبية لتقييم المخاطر أصدرت تقريراً مقلقاً يفيد بأن السفن التي تتعامل مع الكيان الصهيوني أصبحت في حالة “خطر دائم” عند مرورها بالبحر الأحمر، وأوصت بضرورة تعديل مسارات الملاحة أو تأجيل الشحنات التجارية حتى إشعار آخر.

تقرير الشركة صنف الوضع الملاحي في المنطقة المحيطة باليمن على أنه وصل إلى “مستوى الإنذار الأحمر”، محذراً من أن التورط في عمليات لوجستية مع الكيان يجعل السفن “أهدافاً مشروعة” في نظر القوات اليمنية، وهو توصيف يعكس أن خطاب صنعاء قد تجاوز حدود الخطاب السياسي، ليُعامل باعتباره مرجعية عملياتية حتى داخل شركات الأمن البحري الدولية.

“الإندبندنت” البريطانية: ترمب يعلن الانتصار بينما الناقلات تغرق
من جهة أخرى، سخر تقرير لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي أعلن في وقت سابق أن “اليمن استسلم”، وأن الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار يُعد نصراً أمريكياً.

لكن الصحيفة شككت بشدة في هذه المزاعم، وقالت: “إذا كان ذلك انتصاراً، فماذا تُسمى عودة السفن إلى الغرق؟”.

التقرير ربط بين الانتصارات الإعلامية المزعومة لترمب، والواقع العسكري الذي ترسمه العمليات اليمنية في البحر، مؤكداً أن الوقائع لا تدعم أياً من المزاعم الأمريكية بشأن تراجع اليمن أو انصياعه للضغوط.

“Anti-War”: أمريكا رفعت الراية البيضاء في البحر الأحمر
أما موقع “Anti-War” الأمريكي، المعروف بمواقفه المناهضة للتدخلات العسكرية، فقد وصف الموقف الأمريكي تجاه العمليات اليمنية بـ”الاستسلام الصامت”.

وأكد الموقع أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على وقف الهجمات اليمنية أو حتى تخفيف وتيرتها، وأن كل الغارات التي شنتها ضد اليمن لم تنجح في منع إسقاط طائراتها أو استهداف سفنها.

ويضيف الموقع أن الاتفاق الذي تم تسويقه كـ”وقف لإطلاق النار”، ما هو إلا محاولة لتجميل الواقع المُحرج، مشدداً على أن اليمن لا يزال في الميدان، بل ويُصعّد من عملياته بشكل منهجي ومدروس.

“Stars and Stripes”: حملة أمريكا على اليمن استعراض بلا نتيجة
من جهته، نشر موقع “Stars and Stripes” العسكري الأمريكي تقريراً تحليلياً أكد فيه أن الهجوم الأمريكي على اليمن في مارس الماضي لم يكن إلا “عرضاً نارياً لاستعادة الهيبة”، ولم يؤدِّ إلى أي مكسب استراتيجي ملموس.

التقرير أوضح أن القوات اليمنية لم تُصب بالضعف أو الانكسار، بل واصلت تنفيذ عمليات نوعية ضد السفن التجارية والعسكرية المرتبطة بالعدو، ما يعني أن القوة النارية الأمريكية فقدت تأثيرها الرادع.

“يديعوت أحرونوت”: اليمن مصمم على الاستمرار ولا يتأثر بالقصف الأمريكي
أما داخل الكيان الصهيوني، فتعيش الجبهة الداخلية حالة قلق متفاقمة، عبرت عنها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، التي حذرت من أن التصعيد اليمني لن يتوقف، وأن استهداف المصالح الصهيونية في البحر سيستمر طالما استمر العدوان على غزة.

التقرير أقر بأن الضربات الأمريكية لم تؤثر في الإرادة اليمنية ولا في قدراتها، بل زادت من وتيرة الردع وتصعيد الهجمات.

وأضافت الصحيفة أن التطور اليمني لم يعد مجرد ظاهرة “دعائية” كما كانت تصفه بعض الجهات العسكرية في بداية الحرب، بل بات واقعاً استراتيجياً يهدد أمن التجارة والملاحة الدولية المرتبطة بـ”إسرائيل”، ويعيد تشكيل توازنات الصراع في المنطقة.

 اليمن يكتب معادلة الردع الجديدة في البحر الأحمر
لقد أسقط اليمن في معركة البحر الأحمر واحدة من أبرز الروايات الدعائية التي حاولت واشنطن تسويقها في الداخل والخارج.. فبينما كان ترمب يُعلن من منابره السياسية أن صنعاء قد رضخت للضغوط الأمريكية، كانت الوقائع القادمة من البحر الأحمر تُظهر عكس ذلك تماماً.

وفي المقابل، لم تبقِ المواقف الغربية بدا واضحاً أن الوعي الأوروبي والأمريكي قد بدأ يُدرك فداحة التورط في دعم العدو الصهيوني، ليس فقط أخلاقياً، بل أيضاً من زاوية الكلفة الاستراتيجية والتجارية.

وقد بات البحر الأحمر يشكل كابوساً حقيقياً لكل من يحاول كسر الحظر اليمني المفروض على السفن المرتبطة بالكيان.

وإن ما تفعله القوات المسلحة اليمنية اليوم يتجاوز منطق الرد العسكري إلى إعادة صياغة مفهوم الردع في زمن الهيمنة الغربية، وتثبيت معادلة تقول إن من يشارك في العدوان على غزة – مباشرة أو عبر الدعم اللوجستي – سيتحمل تبعات ميدانية واقتصادية وسياسية باهضة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العملیات الیمنیة البحر الأحمر فی البحر

إقرأ أيضاً:

الحوثي: لا مرور للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر

صراحة نيوز- أكد زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، عبد الملك الحوثي، اليوم الخميس، أن قرار حظر مرور السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب ما يزال ساريًا ومتصاعدًا، مشددًا على أنه “لا يمكن السماح لأي شركة بنقل بضائع ذات صلة بإسرائيل ضمن مسرح العمليات المحدد”.

وأوضح الحوثي أن بعض شركات الشحن البحري تخرق الحظر المفروض على ميناء أم الرشراش (إيلات)، ظنًّا منها أنه يمكن التغاضي عن القرار، مؤكدًا أن هذا الحظر مستمر ما دام العدوان الإسرائيلي والحصار على قطاع غزة قائمين.

وأضاف أن عملية الرصد للمخالفات لم تتوقف، وأن ما جرى مؤخرًا هو نتيجة خرق بعض السفن للقرار القائم أصلًا.

استهداف السفن مستمر

وكانت الجماعة قد أعلنت أمس الأربعاء مسؤوليتها عن إغراق سفينة الشحن “إترنيتي سي” في البحر الأحمر، بعد استهدافها بزورق مفخخ و6 صواريخ، بينما كانت في طريقها إلى ميناء إيلات. وأكد المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، أن السفينة تجاهلت التحذيرات المتكررة من القوات البحرية اليمنية.

وأشار سريع إلى أن العملية جاءت دعمًا للقضية الفلسطينية، وأن الحوثيين سيواصلون استهداف الملاحة الإسرائيلية. كما لفت إلى أن طاقم السفينة تم إنقاذ عدد منهم ونقلهم إلى موقع آمن.

وتعد هذه السفينة الثانية التي تغرقها الجماعة في أقل من أربعة أيام، بعد السفينة “ماجيك سيز” التي استهدفت يوم الأحد الماضي، وأسفر الهجوم حينها عن مقتل أربعة أشخاص وفقدان 15 آخرين، وفق مصادر من شركات الأمن المشاركة في الإنقاذ.

تأثير مباشر على الملاحة العالمية

تصاعد هذه العمليات العسكرية في الممرات البحرية الحيوية أجبر العديد من السفن التجارية على تغيير مساراتها، مما أدى إلى انخفاض في حركة الملاحة عبر قناة السويس، التي تمر منها عادة نحو 12% من التجارة العالمية، بحسب الغرفة الدولية للشحن.

ويأتي ذلك رغم هدنة أعلن عنها في أيار/مايو بوساطة عمانية بين الحوثيين والولايات المتحدة، هدفت لتأمين الملاحة في البحر الأحمر. إلا أن الحوثيين أكدوا لاحقًا أن السفن الإسرائيلية ستظل أهدافًا مشروعة طالما استمر العدوان على غزة.

وترد إسرائيل على هذه الهجمات عبر تنفيذ ضربات جوية على مواقع للحوثيين في اليمن، من بينها غارات مكثفة استهدفت مدينة الحديدة ومحيطها مؤخرًا.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع تأمين السفن المارة من البحر الأحمر
  • الحوثي: لا مرور للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر
  • اليمن يحذر السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا من اليمن بعد أيام من هجمات على الحديدة
  • إغراق الحوثيين سفينة ماجيك سيز يثير جدلا بالمنصات اليمنية
  • الضربات اليمنية تغيّر قواعد اللعبة في البحر الأحمر .. هل تدخل أمريكا حربًا بحرية جديدة لإنقاذ الكيان الصهيوني؟
  • اليمن يُحكم حصاره ويصعّد تحذيراته لشركات الملاحة المرتبطة بالكيان الصهيوني باستهداف سفينة جديدة في البحر الأحمر (تفاصيل)
  • غرق السفينة “إترنيتي سي” بعد الهجوم قبالة اليمن
  • "طلقني" يفجّر مفاجآت السينما... أيمن بهجت قمر يقلب الطاولة مجددًا