30 عاما على المجزرة.. ما الذي يربط سربرنيتسا بغزة؟
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
سراييفو- تحت شعار "بالأمس سربرنيتسا.. اليوم غزة.. غدا؟" سار، أمس الخميس، المئات في شوارع العاصمة البوسنية سراييفو تضامنا مع غزة قبل يوم من إحياء ذكرى 30 عاما على الإبادة الجماعية في سربرنيتسا.
المسيرة التي انطلقت من السبيل، المعلم الأبرز في سراييفو، جابت أزقة البلدة القديمة "باشتشارشيا" وصولا إلى شارع تيتو عند النصب التذكاري للأطفال الذين قضوا خلال حصار المدينة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت أمينة، إحدى المنظّمات، إن هدف المسيرة هو الربط بين ما وقع لهم والإبادة الجماعية التي تحدث اليوم في غزة. وأضافت أن الأمم المتحدة رفعت شعار "لن يحدث بعد اليوم" عقب الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، لكن "غزة تشهد اليوم إبادة جماعية والأمم المتحدة مسؤولة بالكامل عما يحدث".
تقاعس
ويستذكر البوسنيون خلال إحياء ذكرى مأساة سربرنيتسا ما يعتبرونه تقاعس الأمم المتحدة عن حماية المدنيين العزل المحاصرين، خصوصا وأن سربرنيتسا كانت مُعلنة "منطقة آمنة" تحت الحماية الدولية قبل أن يقتل الصرب أكثر من 8 آلاف رجل وطفل في أيام.
أما ليلى، وهي أم اصطحبت ولدَيْها إلى المسيرة، فقالت إن "ما يحدث في غزة هو أفظع ما شهدناه على الإطلاق". وأوضحت أن فكرة "قتل الجميع" هي الدافع الأساسي لمرتكبي المجازر في سربرنيتسا وغزة.
ولم تخفِ آسية، التي أنهت للتو دراستها الثانوية، اقتناعها بأن فعالياتٍ مثل هذه ليس لها تأثير ملموس على الأحداث في غزة، لكنها تصرّ على المشاركة من أجل نفسها وأخلاقها وإظهار التضامن، وهو أقل الممكن وفق قولها. وأشارت إلى أن هذه الفعاليات لها حيز شخصي كبير بالنسبة إليها لأن جدها كان ممن وُضعوا في معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية.
بحسب أوراق وزعها المنظمون، وحصلت الجزيرة نت على نسخة منها، هناك 6 نقاط رئيسية تشترك فيها غزة مع سربرنيتسا:
إعلان الأولى: إبادة جماعية على مرأى الجميع. الثانية: صمت المجتمع الدولي. الثالثة: ارتكاب جرائم ممنهجة ومخطط لها. الرابعة: التلاعب بالإعلام والحقائق. الخامسة: دور المرأة المحوري في المقاومة. السادسة: فشل شعار "لن يحدث بعد اليوم" الذي ينتشر بعد كل إبادة جماعية.تقول الصحفية عائشة حافيظوفيتش، التي غطت جلسات المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وواكبت نشاط منظمة "أمهات سربرنيتسا" على مدار أكثر من 20 عاما، إن سربرنيتسا كانت ضمير الإنسانية في عام 1995، وغزة هي ضمير الإنسانية اليوم.
وتؤكد أن سربرنيتسا تفتح باب أمل لمحاكمة مخططي ومنظمي ومنفذي المجازر في غزة، موضحة أن المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة أثبتت حصول "إبادة جماعية" في سربرنيتسا، وحكمت على 18 مجرم حرب بتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أخرى، كما أصدرت 5 أحكام بالسجن المؤبد، من بينها حكم على أول رئيس لجمهورية صرب البوسنة غير الشرعية، رادوفان كاراديتش، وعلى قائد هيئة الأركان العامة لجيش صرب البوسنة، راتكو ملاديتش.
وترى حافيظوفيتش أن الإرث الذي تركته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وآلية التحقيق يمثلان أملا لضحايا غزة والكونغو وأوكرانيا وجميع الضحايا الآخرين في جميع أنحاء العالم الذين يتعرضون لجرائم دون عقاب.
ومنذ فبراير/شباط 2024، يقرأ سكان سراييفو أسماء الأطفال الذين قتلوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
من جانبه، أبدى نهاد كرشفلياكوفيتش، أحد القائمين على هذه المبادرة، ومدير كل من مهرجان "ماس" (MESS) المسرحي الدولي ومسرح سراييفو للحرب، فخره بسكان سراييفو المستمرين في هذه المبادرة لنحو سنة ونصف. وأوضح أنه في الوقت الذي لا يستطيع فيه الشخص أن يغيّر الواقع، فإن مثل هذه المبادرات تكون نوعا من "المعالجة الذاتية" الرافضة للتطبيع مع قتل الأطفال.
ويضيف في حديث للجزيرة نت "أنا مقتنع تماما أن الإحساس الحقيقي والفعلي بذكرى سربرنيتسا لا يمكن أن يكون اليوم إلا إذا تحدثنا بصوت عن الإبادة الجماعية في غزة".
ويتذكر كرشفلياكوفيتش، الذي كان في عمر 18 حينما بدأت الحرب في بلاده، إيمانه بشعارات الإنسانية والعدالة في تلك الفترة، لكن ومع تصاعد أحداث الحرب والمجازر المرتكبة، اكتشف حجم النفاق الدولي، وهو "النفاق والصمت ذاته الذي يحدث اليوم في غزة".
يُشار إلى أنه في عام 2007 قررت محكمة العدل الدولية اعتبار ما جرى في سربرنيتسا "إبادة جماعية"، وذلك بعد حكم مماثل من الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة التي أصدرت أحكاما على 161 شخصا خلال فترة عملها التي استمرت 24 عاما، قبل أن تغلق رسميا في 31 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وفي مايو/أيار من العام الماضي، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اقتراحا ألمانيا-روانديا باعتبار تاريخ 11 يوليو/تموز اليوم الدولي للتفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت في سربرنيتسا في عام 1995 وإحياء ذكراها، وأدانت أي إنكار لهذه الإبادة كحدث تاريخي، بتأييد 84 صوتا ومعارضة 19 وامتناع 68 دولة عن التصويت بفعل الضغط الصربي.
إعلانوجاء أكبر اعتذار واعتراف بالتقاعس الدولي على لسان وزيرة الدفاع الهولندية، كاجسا أولونغرن، في عام 2022، التي قالت إن المجتمع الدولي فشل في حماية أهالي سربرنيتسا، وإن بلادها تتحمل جزءا من المسؤولية السياسية في ذلك، على اعتبار أن الكتيبة الهولندية كانت مكلفة بحماية المدنيين في سربرنيتسا.
يُذكر أنه في 11 يوليو/تموز 1995، اجتاح جيش صرب البوسنة مدينة سربرنيتسا، المحمية بقرار من الأمم المتحدة، وفصل الذكور عن الإناث ليشرع في قتل الآلاف من الرجال والمراهقين، فيما هُجرت نحو 25 ألف امرأة وطفل قسرا من المدينة وسلكوا فيما عُرف لاحقا بـ "طريق الموت" الممتد على نحو 100 كيلومتر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الإبادة الجماعیة فی الأمم المتحدة فی سربرنیتسا إبادة جماعیة جماعیة فی فی غزة فی عام
إقرأ أيضاً:
صحيفة إسرائيلي: الإخلاء إلى “غيتو رفح”… المرحلة الأخيرة قبل الإبادة الجماعية
#سواليف
لو كان مردخاي اينلفيتش على قيد #الحياة الآن، لمات. قائد التنظيم اليهودي المحارب في #غيتو وارسو لمات خجلاً وعاراً مما يسمع عن خطة وزير الدفاع، بدعم رئيس #الحكومة، إقامة “مدينة إنسانية” جنوبي قطاع #غزة. اينلفيتش لم يكن ليصدق أن أحداً سيتجرأ بعد ثمانين سنة من #الكارثة على طرح هذه الفكرة الشيطانية. لو سمع بأن الأمر يتعلق بحكومة الدولة اليهودية التي قامت على أنقاض الغيتو خاصته، لأصيب بالدهشة.
عندما يتبين له أن صاحب الفكرة، إسرائيل كاتس، هو ابن لعائلة ناجية من #الكارثة، مئير كاتس وملكا (نيرا) دويتش من مارمورش، اللذين فقدا معظم أبناء عائلتيهما في معسكرات الإبادة، لم يكن ليصدق ذلك. ما الذي كانا سيقولانه عما أصبح عليه ابنهما؟
عندما يعرف اينلفيتش عن العجز واللامبالاة التي أثارتها هذه الفكرة في إسرائيل، وبدرجة ما في العالم، بما في ذلك أوروبا وألمانيا، لمات مرة أخرى. ولكن بقلب محطم في هذه المرة. دولة اليهود تقيم غيتو. هذه عبارة تثير القشعريرة. يكفي طرح الفكرة وكأنها شرعية، من مع معسكر التجميع ومن ضده؟ المسافة ستكون قصيرة لطرح فكرة مخيفة أكثر: معسكر إبادة لمن لا يجتازون التصنيف في الدخول إلى الغيتو. في الأصل، #إسرائيل تمارس #الإبادة ضد #سكان_غزة بجموعهم، لماذا لا يتم زيادة نجاعة العملية وتوفير حياة الجنود الغالية؟
مقالات ذات صلةأحد ما قد يقترح إقامة محرقة جثث صغيرة على أنقاض #خان_يونس، يكون الدخول إليها بشكل طوعي كلياً مثلما هي الحال في غيتو رفح القريب، بالتأكيد بشكل طوعي، مثلما هي الحال في المدينة الإنسانية. وحده الخروج من المخيمين لن يكون طوعياً، هذا ما اقترحه الوزير.
مميزات إبادة الشعوب أنها لا تولد بين عشية وضحاها. لا يستيقظون صباحاً وينتقلون من الدولة الديمقراطية إلى أوشفيتس، من الإدارة المدنية إلى الغستابو. العملية بالتدريج. بعد مرحلة نزع الإنسانية التي مرت على اليهود في ألمانيا، والتي مرت على الفلسطينيين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية منذ زمن، ومرحلة الشيطنة التي مرت أيضاً على الشعبين، تأتي مرحلة التخويف: قطاع غزة الذي لا يوجد فيه أبرياء، وتهديد 7 أكتوبر للدولة تهديداً وجودياً والذي قد يتكرر في أي لحظة. عندها تأتي مرحلة إخلاء السكان، قبل أن تخطر عملية الإبادة ببال أحد.
نحن في ذروة هذه المرحلة، المرحلة الأخيرة قبل الإبادة الجماعية. ألمانيا أخلت اليهود إلى الشرق، وكارثة الأرمن بدأت بالطرد. في حينه سميت “إخلاء”. الآن يتحدثون عن الإخلاء إلى جنوب القطاع. أنا ابتعدت لسنوات عن أي مقارنة مع الكارثة. كل مقارنة كهذه لم تصب الحقيقة بل أضرت بالعدالة. لم تكن إسرائيل في أي وقت دولة نازية. وبعد إثبات ذلك، بسهولة كبيرة، كان يبدو أنها إذا لم تكن نازية فهي بالتأكيد دولة أخلاقية. وحتى تصاب بالصدمة، لا تحتاج إلى كارثة. هذا محتمل حتى بسبب شيء قليل – من إسرائيل في قطاع غزة. ولكن لا شيء أعدنا لفكرة “المدينة الإنسانية”.
لم يعد لإسرائيل حق أخلاقي لتطرح على لسانها كلمة “إنسانية”. من جعل قطاع غزة ما هو عليه الآن، مقبرة جماعية وأنقاض، ويتطرق إلى ذلك بهدوء، يفقد أي صلة بالإنسانية. من لا يرى سوى المخطوفين في قطاع غزة، ولا يرى الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين بعدد المخطوفين الأحياء في كل ست ساعات، إنما يفقد إنسانيته.
إذا لم تكن الـ 21 شهراً الأخيرة، الأطفال والرضع والنساء والصحافيين والأطباء وكل الأبرياء الآخرين، ها هو يرى فكرة الغيتو تشعلت ضوء التحذير. إسرائيل تتصرف كمن تعد لإبادة جماعية وترانسفير. اسألوا انيلفيتش، وبالتأكيد نائبه مارك ادلمان.