هل انتهى مستقبل عمران خان سياسيا؟
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
كارولين ديفيز Role,بي بي سي نيوز Reporting from إسلام آباد
قُبض على رئيس وزراء باكستان السابق، عمران خان، للمرة الثانية في غضون أشهر، لكن رد الفعل هذه المرة يبدو مختلفا تماما. فماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك؟
يبدو الاختلاف أكثر وضوحا بين التاسع من مايو/أيار، والخامس من أغسطس/آب من هذا العام.
بينما أدى اعتقال عمران خان في المرة الأولى إلى احتجاجات في الشوارع من بيشاور إلى كراتشي، حيث أُحرقت بعض المباني وانتشر الجيش في الشوارع، لم تكن ليلة السبت/ الأحد مختلفة عن أي ليلة أخرى عادية في باكستان.
عمران خان حاليا في السجن، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات لعدم الإعلان عن أموال مكتسبة من بيع هدايا رسمية.
سيؤدي الحكم إلى استبعاده من الانتخابات المقبلة.
ولم تنجح دعوته للاحتجاجات السلمية وحثه الناس على عدم الجلوس صامتين في منازلهم حتى الآن. لماذا؟
إذا سألت المسؤولين من الوزراء، سيقولون إن السبب في ذلك هو أن الناس لا يريدون اتباع عمران خان أو حزبه (حركة الإنصاف)، وإنهم غير راغبين في الارتباط بمجموعة مسؤولة عن أعمال العنف السابقة.
لكن هذه ليست الرسالة التي يرغب في إرسالها أنصار خان.
توترت علاقة عمران خان بالجيش وأجهزة المخابرات النافذة سياسيا منذ أكثر من عام.
كان ينظر المحللون إلى خان على نطاق واسع على أنه وصل إلى السلطة بمساعدة الجيش والمخابرات، وفقد ذلك الدعم عندما تدهورت تلك العلاقة.
"حملة قمع"منذ ذلك الحين، وبدلا من الانتظار بهدوء حتى الانتخابات القادمة، استمر في انتقاد قيادة الجيش.
وعندما تعرضت مباني الجيش للهجوم في أعقاب اعتقال خان في مايو/ أيار، أعلن الجيش أنه لا يتسامح مطلقا مع أولئك الذين يعتبرهم مسؤولين عن تلك الأعمال.
أدت "حملة القمع" اللاحقة إلى إضعاف حزب عمران خان بشكل كبير.
حيث اعتُقل الآلاف من أنصاره، وسيحاكم بعضهم أمام محاكم عسكرية، على الرغم من احتجاج جماعات حقوق الإنسان على عدم استخدام القانون المدني مع المدنيين.
وأخبرتنا بعض وسائل الإعلام الباكستانية أنه اعتبارا من أواخر مايو/ أيار - بعد أن التقى مالكو المحطات التلفزيونية بالجيش - لم يعد يُسمح للصحفيين بذكر اسم عمران خان أو إظهار صورته على الشاشة، أو حتى كتابة اسمه على شريط الأخبار.
وأخبرنا العديد من مؤيدي خان البارزين سابقا أنهم توقفوا عن النشر عن حزب حركة الإنصاف أو زعيمها، على وسائل التواصل الاجتماعي، وحذفوا منشوراتهم ولم يعودوا يشاهدون بثه العام، خوفا من تبعات ذلك.
وقالت الحكومة الباكستانية لبي بي سي إنها لا تعتقل المتظاهرين السلميين. ومع ذلك، رصد صحفيو خدمة بي بي سي باللغة الأوردية أنصار حزب حركة الإنصاف المتجمعين خارج منزل خان بمدينة لاهور، بعد ظهر يوم السبت، والذين تم اقتيادهم بعيدا من قبل الشرطة. لكن ليس من الواضح ما إذا كان قد تم اعتقالهم رسميا.
وقال مصدر في الشرطة، طلب عدم الكشف عن هويته، لبي بي سي إنهم اعتقلوا حوالي 100 من أنصار الحركة. وقال إنه طُلب من القوة أن تبقى متيقظة وأن تضمن عدم تجمع أنصار عمران خان.
يقول مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون للأبحاث بواشنطن: "أعتقد أن رد الفعل المتمثل في القمع الوحشي قد أخاف مؤيدي خان وجعلهم يستسلمون".
صدر الصورة،EPA
التعليق على الصورة،
من غير المعروف ما إذا كان أنصار خان سوف يتدفقون إلى الشوارع، أو سينجحون في صناديق الاقتراع
"أعتقد حقا أن قاعدة الدعم لم تكن راغبة في تعريض نفسها للخطر، بالطريقة التي رأيناها في 9 مايو/ أيار".
"من ناحية، تحرك الجيش هذه المرة بشكل محسوب تماما. لقد استخدموا هذه التكتيكات الوحشية التي استبقت رد فعل أكبر وأكثر قوة من قاعدة دعم خان".
وأوضح الفريق القانوني لعمران خان أنهم يعتزمون الاستئناف ضد قرار سجنه.
"الخروج للاحتجاج أم للتصويت؟"خلال الأشهر القليلة الماضية، تمكن محاموه من الحصول مرارا على إفراجات مؤقتة من مختلف المحاكم، ما أدى إلى تأخير بعض القضايا الأكثر جدية في المحاكم بدلا من إيقافها.
ومن غير الواضح ما إذا كان هذا سيستمر.
لقد شهد خان إلغاء اعتقاله بشكل مثير للجدل في مايو/ أيار، ولكن في بيئة سياسية مختلفة تماما.
عمران خان هو واحد من العديد من القادة الباكستانيين السابقين الذين انتهى بهم المطاف في المحاكم - نواز شريف، بيناظير بوتو والديكتاتور العسكري برويز مشرف – وذلك على سبيل المثال لا الحصر في العقود الأخيرة.
وكان خان قد سَجن العديد من منافسيه السياسيين، أثناء عمله رئيسا للوزراء.
غالبا ما يقول السياسيون في باكستان إن النظام القضائي موجه بدوافع سياسية ضدهم، في حين يتم تبريره ضد منافسيهم.
إذا ظل عمران خان غير مؤهل لتولي مناصب عامة، فهناك أسئلة كبيرة حول ما سيحدث لحزبه.
أخبرنا خان سابقا أن حزب حركة الإنصاف سيستمر ويزدهر، سواء كان تمكن من الفوز في الانتخابات أم لا. لكن الآن يبدو هذا الأمر مشكوكا فيه إلى حد كبير.
يقول مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون للأبحاث بواشنطن مايكل كوغلمان: "السؤال الكبير التالي، بالنظر إلى الانتخابات، هو كيف ستحاول القيادة المتبقية من حزب حركة الإنصاف التعبئة؟"
"هل سيحاولون إخراج أنصارهم إلى الشوارع، هل سينجح ذلك؟ سيكون اختبارا جيدا".
حركة الإنصاف هي حزب تم إنشاؤه بواسطة خان ويتمحور حوله. حتى شعاره المطبوع على نماذج التصويت هو رمز لمضرب الكريكيت، في إشارة إلى مهنة خان السابقة كلاعب كريكيت دولي.
ومنذ أحداث مايو/ أيار، ترك الحزب العديد من الشخصيات السياسية البارزة التي التفت حول خان في وقت سابق من هذا العام. فيما يختبئ آخرون منخرطون في حزبه تجنبا للاعتقال.
ولا يشير المشهد الحالي إلى أنه سيكون من السهل على الحزب إدارة حملة سياسية فعالة.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: عمران خان العدید من بی بی سی
إقرأ أيضاً:
خبير اقتصادي للجزيرة نت: الصين شريك إستراتيجي لباكستان لا يبتز سياسيا
العلاقة بين باكستان والصين توصف بأنها فريدة من نوعها، ولا تشبهها أي علاقات بين دول أخرى، فما السر؟ فالصين العملاقة وصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تربطها علاقات إستراتيجية بدول عديدة، لكن لا توجد دولة ترتبط بها بنفس العمق السياسي والاقتصادي المتداخل، كما هو الحال مع باكستان.
وبرزت إلى السطح أخيرا أهمية وفرادة العلاقة بين بكين وإسلام آباد عندما نشبت المواجهات بين الهند وباكستان، حيث دعمت الصين باكستان وأكدت وقوفها إلى جانبها لردع أي اعتداء وتثبيت موقفها، لا سيما في المجال الاقتصادي.
وهذا ما أكده ضيفنا في هذا اللقاء الأستاذ والخبير الاقتصادي الباكستاني شكيل أحمد رامي، الذي ألف عدة كتب عن الصين وعن علاقة بكين بباكستان، إلى جانب العديد من المقالات التي كتبها والمحاضرات التي ألقاها.
يرى رامي -في حديثه الخاص للجزيرة نت- أن الشراكة بين البلدين إستراتيجية وأنها علاقة "فريدة وشاملة"، مبنية على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في التنمية. ويشير إلى أن الصين أظهرت استعدادا حقيقيا لدعم باكستان في مجالات عدة.
واستدل على متانة العلاقة بين البلدين بقول وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي قال -خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الباكستاني إسحاق دار بعد الهجوم الهندي على باكستان في السابع من الشهر الجاري- "بصفتها الصديق الموثوق لباكستان وشريكها الإستراتيجي في جميع الظروف فإن الصين تدرك تماما المخاوف الأمنية المشروعة لباكستان وتدعمها في حماية سيادتها ومصالحها الأمنية".
ويملك الخبير الاقتصادي والمحلل الإستراتيجي شكيل أحمد رامي رؤية عميقة عن مسار الشراكة الصينية الباكستانية، وتقييما واقعيا لمكاسبها وتحدياتها.
إعلانفي هذا الحوار القصير، نسلّط الضوء على ملامح التعاون، والفروقات بين الدعم الصيني والغربي، وتوصيات الخبير "لمستقبل اقتصادي أكثر توازنا واستقلالا لباكستان".
وإليكم الحوار الذي جرى:
بماذا تتميز العلاقة الباكستانية الصينية؟أكد شكيل على فرادة العلاقة بين البلدين وأنها بعيدة وتمتد لأكثر من 5 عقود، وأشار إلى أنها تتميز بما يلي:
الاستمرارية والثبات: رغم التغيرات السياسية، لم تتأثر العلاقة بتغير الحكومات أو الأنظمة، سواء كانت باكستان في حكم مدني أم عسكري، أو كانت الصين تمر بتحولات اقتصادية. غياب المصالح المتضاربة: على عكس علاقات باكستان مع الغرب أو الهند، لا توجد نزاعات تاريخية أو حدودية أو تنافس جيوسياسي مباشر مع الصين. العلاقة قائمة على تكامل المصالح لا تصادمها. التعاون الأمني والدفاعي العميق: تقدم الصين دعما عسكريا لباكستان، وبرز أخيرا في المواجهات التي وقعت بين الهند وباكستان. وتشير التقديرات الحديثة إلى أن الصين زودت باكستان بنحو 80% من أسلحتها خلال السنوات الخمس الأخيرة، بما فيها غواصات وطائرات مقاتلة، مما يعزز قدراتها العسكرية في مواجهة الهند. التعاون شمل نقل التكنولوجيا، وتصنيع الأسلحة المشتركة مثل طائرات JF-17. العلاقة بين البلدين قائمة على دعم متبادل في المحافل الدولية، فالصين دائمًا ما تدافع عن باكستان في مجلس الأمن، خصوصا في القضايا المرتبطة بكشمير أو الإرهاب. وباكستان بدورها تدعم مواقف الصين الدولية، بما فيها موقفها من تايوان وشينغيانغ. هل يمكنك أن تصف العلاقة الاقتصادية بين باكستان والصين؟أوضح رامي أن هناك شراكة اقتصادية متنامية بين البلدين، ويعكس مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان "سي بي إي سي" تحول الصين إلى شريك تنموي واستثماري جعل الصين أكبر مستثمر في باكستان.
كيف تقارن دعم الصين لباكستان بالدعم الغربي لها؟يقول شكيل، بعد خيبات باكستان مع الولايات المتحدة، تعتبر الصين شريكا لا يبتز سياسيا ولا يربط المساعدات بالإصلاحات السياسية أو شروط قاسية.
إعلانوذكّر للتمثيل على تنكر الغرب لباكستان وعدم دعمها كما ينبغي، بأن القوات الأميركية وقوات الناتو استخدمت -خلال حربها في أفغانستان التي استمرت 20 عاما منذ 2001- طرق باكستان لنقل آلياتها وشاحناتها، لكنها تركت هذذه الطرق تتهالك ولم تقم بإصلاحها أو إعادة تأهيلها.
وواصل حديثه، "أما الصين التي تقيم مشروعات في باكستان في عدة مناطق عمدت إلى شق الطرق الحديثة والبنى التحتية المتطورة لخدمة مشاريعها ولدعم باكستان".
هل يمكن أن تلخص في نقاط لماذا تميل باكستان إلى الصين بدلا من الغرب في تعاونها الاقتصادي؟ الغرب يشترط لتقديم الدعم لباكستان إصلاحات سياسية واقتصادية صعبة، في حين أن الصين تقدم التمويل بشروط أخف ومن دون تدخل سياسي مباشر. الصين لا تطلب تنازلات سياسية من باكستان لقاء الدعم الذي تقدمه، فلا تشترط تطبيق الديمقراطية الغربية، ولا تتذرع بقضايا حقوق الإنسان، وإنما تتعامل مع الأمور بواقعية وبما فيه المصلحة. الصين تقدم تمويلًا لمشاريع ضخمة دون الدخول في الشؤون الداخلية.يوضح الخبير الاقتصادي أن الصين أظهرت استعدادًا حقيقيًا لدعم باكستان في مجالات الدفاع والصناعة والبنية التحتية، بل قامت بذلك فعلا في عدة مشاريع.
غير أن ذلك يتطلب من الجانب الباكستاني إصلاح الشركات المملوكة للدولة لتسهيل التعاون وعمليات التنمية.
وانتقد رامي توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخصوص خصخصة الشركات الباكستانية المملوكة للدولة، واقترح بدلاً من ذلك التعاون مع الصين لإصلاح هذه الشركات عبر شراكات إستراتيجية، مستفيدا من تجربة الصين الناجحة في هذا المجال.
ما أبرز التحديات والفرص للعلاقة المتميزة بين باكستان والصين؟يرى رامي أن الصين تقدم فرصًا كبيرة لباكستان، ويحذر من أن نجاح هذه الشراكة يعتمد على قدرة باكستان على إدارة المشاريع بفعالية، وضمان الشفافية، وتوفير بيئة آمنة للمستثمرين.
إعلانويشير إلى أن هناك تحديات أمنية وسياسية يمكن أن تؤثر على تنفيذ المشاريع، مثل تلك التي تواجهها مشاريع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان CPEC وتحديدا في منطقة غوادر حيث تتعرض المشاريع الصينية هناك لهجمات جماعات مسلحة مدعومة من الخارج.
ويذكر الخبير الاقتصادي أن هذا المشروع الواعد يهدف إلى إنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر (غربي الصين) وميناء غوادر الباكستاني، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية العالمية.
يتناول الكتاب النموذج التنموي الصيني، ويشرح كيف يمكن لباكستان والدول النامية الاستفادة من التجربة الصينية في مجالات الحوكمة، الاقتصاد، والتعاون الإقليمي.
"الصين في العصر الجديد.. مجتمع ذو مستقبل مشترك" China in New Era: Community with Shared Future، وصدر هذا الكتاب عام 2021 عن معهد الحضارة البيئية (AIERD).يناقش الكتاب رؤية الرئيس شي جين بينغ في "العصر الجديد" و"المجتمع ذو المستقبل المشترك"، ويحلل السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية للصين في هذا الإطار.
"الصين في 75: من الثورة إلى التجدد" China at 75: From Revolution to Rejuvenation، وأُطلق هذا الكتاب في عام 2023 بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيس جمهورية الصين الشعبية.يستعرض الكتاب رحلة الصين من النهوض إلى الازدهار، مع التركيز على التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
يشار إلى أنه عادة ما تُستخدم مؤلفات رامي مراجع في العديد من الجامعات والمراكز البحثية.
إعلان