مساء اليوم الرابع من يوليو استخدمت حقي في التصويت في الانتخابات العامة البريطانية . لاكثر من ثلاثة شهور تتساقط علي باب منزلنا من فتحة البريد بوسترات و إعلانات للمرشحين . ورق مصقول و طباعة أنيقة بها تعريف و صور للمرشحين . بعضهم يخاطبك باسمك شخصيا كانما بينك و بينه سابق معرفة بل ان احد المرشحين حضر شخصيا و طرق باب منزلنا معرفا بنفسه و اخبرنا انه يسكن في نفس الشارع الذي يقع به منزلنا .
قد تبدوا هذه اشياء بسيطة الا انها تشكل حافز و تذكير يدفعك لممارسة حقوقك المكفولة بالقانون في المشاركة في الشؤون العامة للبلد . احساس يدخل في نفسك الزهو و يشعرك بقيمتك كأنسان فاعل له اهمية .
في مثل هذه الأجواء دايما ما يكون السودان حاضرا و تبدوا المقارنة الصعبة التي تبين الفارق الكبير لتصاب بالحزن و الحسرة علي بلدك . تتمني ان يكون ذلك في بلدك . الم يترك لنا الإنجليز نفس النظام هذا ؟
تذكرت انتخابات 1968 عندما ترشح احد اقربائنا فبالرغم من ان حزبه قد اختار شخصا آخر ليمثله ، لكنه لسبب ما ، أصر ان يترشح . كان رجلا كريما و محبوبا و بارا باهله لذلك اتخذ الاهل موقفا من باب انصر أخاك ظالما او مظلوما فقرروا الوقوف مع قريبهم . كنا وقتها صبية لم يكن لنا حق التصويت إلا ان عمنا عوض كان يوقظنا من النوم حوالي الواحدة صباحا أنا و ابن خالي فيصل نحمل معنا علبة البوهية و فرشاء نطوف علي المنازل التي تواجه الشوارع و نشرع في الكتابة علي الحيط ! انتخبو السيد فلان الرمز العنقريب و نرسم مجسم للعنقريب دون مراعاة ما يخلفه ذلك من تشويه للمنزل او وضع اي اعتبار لصاحبه . كنا نلزم نفسنا بالسكينة و التخفي كما يفعل الحرامي . اذكر اننا التقينا بمنسوبي الحزب الشيوعي وهم يمارسون نفس العمل و تم التنسيق بيننا و اقتسمنا الاماكن ! ما يميزهم عنا انهم يملأون الحايط بالخط العريض و يضيفون عبارات من شاكلة - اجعل من صوتك خنجرا في صدر الرجعية - حتي رمز مرشحهم الذي كان القطية يكون بحجم كبير جدا . كانت عملية تشويه كبيرة اكبر . بالرغم انه كان استحقاق لممارسة الديموقراطية التي كنا نتمني ان تستمر لعقود لتصبح جزء من ثقافتنا ، إلا انه بسبب عدم الممارسة نجد المقارنة بينها و بما يحدث في هذه البلاد بعيدة .
حكم العسكر المتكرر للبلاد جلب علينا ضررا كثيرا و اقعد البلاد و كان عائقا لتقدمها . الان مع هذه الحرب رغم كل فظاعتها لكن ما يدهشني اكثر و يزيد الطين بلة ان الحاميات التي يتم اسقاطها حسب عرض الصور للافتات مكتوب عليها اسم و رقم الفرقة تشاهد ان مبانيها داخل المدينة !!!! لهذا السبب دارت هذه الحرب اللعينة فوق رووس المدنين العزل ! .
سبق لي ان ذكر انني طيلة تواجدي في لندن و لاكثر من عقدين من الزمان لم اري ضابط جيش واحد يتجول في المدينة راجلا كان ام علي مركبة !! لماذا في عندنا توضع الفرق و الحاميات داخل المدن ؟
الي مني تنتهي هذه الحلقة الشريرة ؟ ديموقراطية لفترة قصيرة ثم انقلاب ومن بعده انتفاضة و هكذا .
الان احلم ان أشارك في انتخابات في بلدي السودان الديموقراطي إذا مد الله في الآجال .
نسأل الله ان يزيل البلاء و تنعم بلادنا بالسلام و الاستقرار و نبذ الكراهية فالسودان يسع الجميع ، ننعم بالديموقراطية و الحرية و العدالة و الوئام .
جعفر فضل
gafargadoura@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أستاذ بالقومي للبحوث: أي بحث علمي لابد أن يكون له مردود دولي مؤثر
أكد باسم سيد نبوي رئيس قسم العلوم الجيوفيزيائية بالمركز القومي للبحوث، أنه يجب أن يكون للأبحاث العلمية مردود دولي كي يدخل العالم في قائمة ستانفورد للتميز .
وقال باسم سيد في حواره على قناة " المحور "، :" عند العمل على أي بحث علمي يجب أن يستهدف أقوى المجلات العلمية الدولية للنشر فيها كي يكون بها استشهادات كبيرة ".
وتابع باسم سيد :" يجب أن يصل البحث العلمي لمستوى عالي من الاتقان والاحترافية كي يكون له تأثير عالمي ".
وأكمل باسم سيد :" العلماء يقومون بالاقتداء بالأبحاث العلمية القوية الأخرى "، مضيفا:" يمكن التعاون مع علماء آخرين في نقاط التقاء حتى وإن كانت التخصصات مختلفة ".