بارقة أمل.. هل يُمكن إيقاف الهزال الناتج عن السرطان؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
"الهزال السرطاني" متلازمة تتمثل في فقدان الوزن وفقدان الشهية والوهن وفقر الدم، ويمكن أن يترك التدهورُ الجسدي المصاحب للهزال الشخصَ ضعيفا ومتعبا وغير قادر على تناول الطعام أو غير راغب فيه، مع تغييرات مقلقة في مظهره. وهذه المشاكل يمكن أن تجعل الأنشطة اليومية مهام شاقة إن لم تكن مستحيلة، وفقا للمعهد الوطني الأميركي للسرطان.
ويُقدر أن ما يصل إلى 80% من الأشخاص المصابين بمراحل متقدمة من السرطان؛ يعانون من الهزال، ويعتمد ذلك على نوع السرطان واستجابة المرضى للعلاج. ويُعتقد أن الهزال يتسبب مباشرة بما يصل إلى 30% من وفيات السرطان، وغالبا يكون السبب فشل القلب أو الجهاز التنفسي المرتبط بفقدان العضلات.
يقول البروفيسور بو لي من مختبر كولد سبرينغ هاربور في الولايات المتحدة كما نقل عنه موقع يوريك أليرت: "يموت معظم الأشخاص المصابين بالسرطان بسبب الهزال السرطاني وليس من السرطان. وعندما يدخل المريض هذه المرحلة، لا توجد وسيلة للعودة لأن العلاج غير موجود بشكل أساسي".
فهل هناك في الأفق أي بارقة أمل لإنقاذ مرضى السرطان من الهزال؟
السرطان مرض خبيث يختطف العمليات البيولوجية السليمة خلال تقدمه ويستخدمها لينمو وينتشر، فهو مثلا يختطف استجابة الجسم المناعية ويجعلها تعمل لصالحه عندما تَرفع الأورام مستويات جزيء الإنترلوكين 6 (جزيء من جزيئات الجهاز المناعي)، مما قد يتسبب بخلل دماغي شديد يؤدي في حوالي 50-80% من الحالات إلى مرض الهزال السرطاني.
بارقة أملغير أن البروفيسور لي وباحثين آخرين من أربع مختبرات، وجدوا أن منع الإنترلوكين 6 من الارتباط بالخلايا العصبية في جزء من الدماغ يسمى منطقة بوستريما؛ يمنع الهزال السرطاني في الفئران، ونتيجة لذلك تعيش الفئران فترة أطول مع وظيفة دماغية صحية. ويمكن للأدوية المستقبلية التي تستهدف هذه الخلايا العصبية أن تساعد في جعل الهزال السرطاني مرضا يمكن علاجه، وذلك وفقا لبحث البروفيسور لي وزملائه المنشور في مجلة نيتشر كويونكشنز في الأول من يوليو/تموز الحالي.
ويلعب الإنترلوكين 6 دورا حاسما في الاستجابة المناعية الطبيعية، إذ تنتشر جزيئاته في جميع أنحاء الجسم، وعندما تواجه تهديدا محتملا تنبه الدماغ لتنسيق الاستجابة. ويأتي السرطان فيعطل هذه العملية.
ويُنتج الجسم كمية كبيرة من الإنترلوكين 6، والتي تبدأ في الارتباط بالخلايا العصبية في منطقة بوستريما في الدماغ. يقول البروفيسور لي: إن ما يفعله السرطان لإبطال عمل الإنترلوكين 6 "يؤدي إلى عدة عواقب، واحدة منها أن الحيوانات والبشر على حد سواء سيتوقفون عن الأكل، والعاقبة الأخرى تفعيل الاستجابة التي تؤدي إلى متلازمة الهزال".
نهج مزدوجاتخذ فريق البحث والدراسة نهجا مزدوجا لمنع الإنترلوكين 6 المرتفع من الوصول إلى الدماغ في الفئران، وكانت إستراتيجيتهم الأولى تحييد جزيئات الإنترلوكين 6 بالأجسام المضادة المخصصة، والثانية من خلال تقليل مستويات مستقبِلات الإنترلوكين 6 في الخلايا العصبية بمنطقة بوستريما بشكل ملحوظ، وكلا التكتيكين أنتج نفس النتائج، إذ بدأت الفئران في الإقبال على الطعام مرة أخرى، وتوقف فقدانها الوزن، وعاشت فترة أطول.
وبالنسبة لبروفيسور لي كانت التأثيرات مذهلة، وعبر عن ذلك بالقول: "الدماغ قوي جدا في تنظيم النظام المحيطي، وببساطة فإن تغيير عدد قليل من الخلايا العصبية في الدماغ له تأثير عميق في وظائف الجسم بالكامل.. كنتُ أعلم أن هناك تفاعلا بين الأورام ووظيفة الدماغ، لكنْ ليس إلى هذا الحد".
يضيف لي أن فريقه الآن عازم على معرفة كيفية ترجمة هذا الاكتشاف لصالح المرضى، "فإذا تمكنا من استخدام ما تعلمناه لمنع أو علاج الهزال السرطاني، يمكننا زيادة جودة حياة المرضى بشكل كبير، وقد يكون لهذا تأثير كبير في حياة العديد من الناس يوما ما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
النمو الاقتصادي ارتبط بارتفاع الانبعاثات لعقود الآن يحدث العكس
بعد مرور عقد على اتفاق باريس للمناخ، بدأ الارتباط بين الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الانبعاثات يتفكك.
يزداد عدد الدول التي تقلّص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فيما تواصل اقتصاداتها النمو، مفنّدًا الاعتقاد السائد منذ عقود بأن خفض الانبعاثات يعرقل النمو.
حلّل تقرير جديد صادر عن ال وحدة الطاقة والذكاء المناخي (ECIU) 113 دولة، تمثل أكثر من 97 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و93 في المئة من الانبعاثات العالمية.
باستخدام أحدث بيانات ميزانية الكربون العالمية لعام 2025، ومنهج تصنيف أكثر تفصيلاً من الدراسات السابقة، وجد الباحثون أن "تحولاً لافتاً" يحدث تحت السطح، إذ بات فك الارتباط "هو القاعدة لا الاستثناء".
ما هو فك الارتباط؟يشير فك الارتباط بين الانبعاثات والنمو إلى مدى قدرة الاقتصاد على النمو من دون زيادة انبعاثاته الكربونية. ويمكن تقسيمه إلى ثلاث فئات.
يُعد فك الارتباط المطلق، الذي يراه الباحثون النتيجة المثلى، الحالة التي تتراجع فيها الانبعاثات بالتزامن مع نمو اقتصادي إيجابي. أما فك الارتباط النسبي فيحدث عندما ترتفع الانبعاثات ولكن بوتيرة أبطأ من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الطرف الآخر من الطيف تأتي إعادة الارتباط المطلقة، حيث ترتفع الانبعاثات فيما يتراجع الناتج المحلي الإجمالي. ويرى التقرير أن هذه الحالة نادرة لكنها قد تظهر خلال "فترات توتر اقتصادي حاد" كما حدث أثناء جائحة كوفيد-19.
Related كواليس عرض بقيمة مليون يورو لإطلاق أول جائزة نوبل للمناخ.. تعرف عليهاالأمم المتحدة تدعو إلى استثمار مناخي عالمي لتحقيق مكاسب بقيمة 17 تريليون يورو بحلول 2070وبينما تقول "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" (IPCC) إن إمكان تحقيق فك الارتباط المطلق على نطاق عالمي أمر "محل جدل"، فإن كسر الصلة بين الناتج المحلي الإجمالي وثاني أكسيد الكربون يظل ضرورياً لتحقيق الأهداف المناخية كما نص عليها الاتفاق باريس.
ويقرّ التقرير بأن استخدام فك الارتباط كمؤشر للتقدم في العمل المناخي ينطوي على محدوديات.
وقد رصدت تحليلات سابقة حالات فك ارتباط كانت مؤقتة أو متأثرة بما إذا كانت الانبعاثات تُقاس على أساس إقليمي (الانبعاثات داخل الحدود الجغرافية للدولة) أم على أساس الاستهلاك، الذي يحسب أيضاً الانبعاثات الناجمة عن السلع المستوردة.
كيف تؤثر الانبعاثات المخفضة في النمو الاقتصادي؟وجد التقرير أن فك الارتباط منتشر "على نطاق واسع" في أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، مع تحقيق العديد من الاقتصادات الناشئة "تحولات كبيرة" بالانتقال من حالة ارتفاع الانبعاثات بوتيرة أسرع من نمو ناتجها المحلي إلى فك الارتباط المطلق.
اليوم، 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و89 في المئة من الانبعاثات العالمية تقع داخل اقتصادات حققت فك ارتباط نسبياً أو مطلقاً. وهذا ارتفاع من 77 في المئة لكليهما في العقد السابق لاتفاق باريس (2006 إلى 2015).
بين 2015 و2023، حققت دول تمثل قرابة النصف (46 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فك ارتباط مطلقاً، إذ نمت اقتصاداتها مع خفض الانبعاثات. ويمثل ذلك زيادة بنسبة 38 في المئة مقارنة بالفترة السابقة لاتفاق باريس.
صنّف الباحثون كل دولة ضمن واحدة من ثلاث فئات: "مستمرون في فك الارتباط"، وهم من حققوا فك ارتباط مطلقاً في كل من 2006 إلى 2015 و2015 إلى 2023؛ و"محسّنون"، وهم من لم يحققوا فك الارتباط المطلق قبل اتفاق باريس لكنهم فعلوا ذلك في 2015-2023.
أما "المرتدّون" فهُم الدول التي حققت فك ارتباط مطلقاً بين 2006 و2015 لكنها لم تفعل ذلك خلال فترة 2015 إلى 2023.
أين تقف أوروبا؟صُنّفت غالبية الدول الأوروبية ضمن فئة المستمرين في فك الارتباط، بما في ذلك النمسا وبلجيكا وبلغاريا والتشيك وألمانيا والدنمارك وإسبانيا وإستونيا وفنلندا وفرنسا والمملكة المتحدة والمجر وإيرلندا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا والسويد.
استخدمت هذه النتائج الانبعاثات القائمة على الاستهلاك لمعالجة المخاوف من أن الاقتصادات المتقدمة تقوم بـ"off-shoring" لانبعاثاتها عبر إسناد الإنتاج كثيف الكربون إلى دول نامية.
وصُنفت بيلاروس وسويسرا واليونان وإيطاليا والبرتغال ضمن فئة المحسّنين، في حين أُدرجت ليتوانيا ولاتفيا وسلوفينيا ضمن المرتدّين.
وسُجلت بعض أكبر التخفيضات النسبية في الانبعاثات في أوروبا الغربية، بما في ذلك النرويج وسويسرا والمملكة المتحدة.
"فك الارتباط بات القاعدة الآن""يُقال لنا أحياناً إن العالم لا يستطيع خفض الانبعاثات من دون خفض النمو"، يقول جون لانغ، أحد مؤلفي التقرير والمسؤول عن برنامج تتبع الصافي الصفري في ECIU.
"لكن ما يحدث هو العكس. فك الارتباط بات القاعدة لا الاستثناء، والنسبة من الاقتصاد العالمي التي تفك ارتباط الانبعاثات على نحو مطلق تتزايد بثبات."
لانغ يقرّ بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ما زالت ترتفع، وإن بمعدل أبطأ بكثير مما كان عليه قبل عشرة أعوام. لكنه يؤكد أن "التحول البنيوي لا يمكن إنكاره".
ورحّب غاريث ريدمون-كينغ من ECIU أيضاً بهذه النتائج، واصفاً الزخم الذي بناه "اتفاق باريس" بأنه لا يمكن وقفه.
ويضيف: "هناك اليوم عدد أكبر من العاملين عالمياً في الطاقة النظيفة مقارنة بالوقود الأحفوري، وفي بلداننا تنمو صناعات الصافي الصفري بسرعة تعادل ثلاثة أضعاف نمو الاقتصاد ككل".
ومع تفاقم تهديد تغير المناخ، يحذر ريدمون-كينغ من أن الصافي الصفري يظل "الحل الوحيد لوقف تأثيرات تزداد كلفة وخطورة".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة