معتمدا على عكاز معطوب، يكافح الفلسطيني وائل النملة صاحب القدم المبتورة من أجل قضاء احتياجاته اليومية من تعبئة المياه وتجهيز الحطب اللازم لإيقاد نيران طهي الطعام.

 

يتذكر النملة (37 عامًا) الذي بُترت قدمه في حرب 2014، الأيام الجميلة التي مر بها أفراد عائلته قبل أن يتغير مسار حياتهم إلى الأبد بعد إصابته، لتبدأ العائلة رحلة معاناة جديدة منذ انطلاق شرارة الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

وفي القصف الإسرائيلي عام 2014 الذي فقد فيه الرجل الثلاثيني إحدى قدميه، فقدت زوجته كلتا قدميها، وفقد نجله أيضًا قدمه وإحدى عينيه، ما دفع أفراد العائلة إلى الاعتماد على الأجهزة المساندة والأطراف الصناعية لمواصلة حياتهم بشكل أسهل.

 

وبكلمات يملأها الحزن والأسى، يقول النملة لمراسل الأناضول: "نحن عائلة مبتورة الأطراف، تعيش تحديات كبيرة وظروفًا قاسية، لكن الحرب الجديدة غيرت حياتنا رأسًا على عقب".

 

ويضيف وهو يجلس إلى جانب زوجته وابنه: "المعاناة لم تنته بعد، رحلة الحياة شاقة، نحاول قدر المستطاع التكيف مع الظروف المحيطة، نعلم أن كل شيء يمكن أن يتغير بلحظة".

 

** رحلة نزوح شاقة

 

واضطرت العائلة المبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة.

 

واستند النملة إلى عكازه المعطوب أثناء النزوح من رفح، رغم حاجة العكاز إلى قاعدة جلدية لتثبيته وضمان استقراره.

 

وفي طريق النزوح، تعرض العكاز لكسر في الطريق؛ ما دفع النملة إلى تثبيته بطرق بدائية حتى يتمكن من الوصول به إلى وجهته الجديدة.

 

أما نجله شريف (11 عامًا) فقد استعان بطرفه الصناعي المصنع محليا في غزة أثناء النزوح مع بدء العملية العسكرية في رفح، في مايو/ أيار الماضي، متوكئا على كرسي والدته المتحرك الذي كان يدفعه بكلتا يديه الصغيرتين، والذي تعرض أيضًا لكسر في رحلة النزوح.

 

يقول الوالد وائل: "طرف شريف الصناعي مصنوع في غزة، لكنه تعرض للكسر في الحرب".

 

ويضيف: "بسبب إغلاق مركز الأطراف الصناعية في مدينة غزة بفعل الحرب وعدم تمكننا من الوصول إليه، أحضرنا مادة الفيبرغلاس، وقمنا بصيانة هذا الطرف الصناعي بشكل بدائي وبسيط".

 

ويتابع: "تعرض الطرف لكسر ثان وثالث، ومحاولاتنا المتكررة لصيانته فشلت مرات عدة، واضطررنا إلى تثبيته بقطع حديدية".

 

** طرف ثقيل

 

ويتساءل الوالد مستنكرا: "كيف لطفل صغير أن يرتدي طرفا صناعيا ثقيلا بعد صيانته وتركيب قطع حديدية؟".

 

ويشير إلى أنه "لم يعد بإمكان شريف السير بالطرف الصناعي" بشكل سهل.

 

ويبين أن "قدم الطرف الصناعي ليست أصلية، حيث اضطررنا إلى إحضار قدم كبيرة ومواءمتها للطرف بتصغير حجمها وتثبيتها وتركيبها لتناسب احتياجاته".

 

ويلعب الوالد بالكرة مع نجله شريف فوق سطح المبنى السكني الذي يتواجدون بداخله، ويتناقلون الكرة بأقدامهم.

 

ويقول وائل بصوت حزين وهو يلتقط الكرة بين يديه: "كنا عائلة سعيدة، وكانت لدينا حياة مليئة بالأمل والحب. لكن كل شيء تغير في لحظة".

 

شريف، الذي فقد قدمه اليمنى وعينيه، يعكس الروح نفسها، ويقول لمراسل الأناضول بابتسامة تظهر رغم المأساة: "أساعد والدي في رفع المياه وجمع الحطب. نلعب معا كرة القدم على سطح المنزل، رغم أن الطرف الصناعي يثقلني كثيرا".

 

ويضيف شريف: "قمنا بصيانة هذا الطرف 5 مرات بواسطة الفيبرغلاس، وتكلفنا أكثر من 300 دولار، وفي كل مرة يتعرض للكسر".

 

ويحلم الطفل بانتهاء الحرب الإسرائيلية وتركيب طرف صناعي جديد وأن يتمكن من اللعب كأطفال العالم بعيدًا عن القصف والخطر.

 

وخلفت حرب إسرائيل على غزة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر الماضي أكثر من 127 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

 

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.


المصدر: الموقع بوست

إقرأ أيضاً:

يعمل على معالجة ملف النزوح السوري.. لبنان يتحرك لضبط السلاح في المخيمات

البلاد – بيروت
في تطور لافت على صعيد العلاقة اللبنانية الفلسطينية، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون عن انطلاق مسار عملي لمعالجة قضية السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، عبر تشكيل لجان مشتركة ستبدأ عملها ميدانيًا منتصف يونيو المقبل في ثلاث من أبرز تلك المخيمات.
يأتي هذا الإعلان في وقت تزايدت فيه الدعوات السياسية اللبنانية إلى ضبط السلاح غير الشرعي، لاسيما في ظل التوترات الأمنية المتكررة داخل المخيمات، التي تُعد مناطق خارجة عن السيطرة المباشرة للدولة اللبنانية بموجب تفاهمات “اتفاق القاهرة” 1969.
وبحسب تصريح الرئيس عون خلال لقائه وفدًا من مجلس الشيوخ الأميركي برئاسة السيناتور أنغوس كينغ، فإن اللجان المشكلة تهدف إلى إيجاد مقاربة واقعية لتسوية هذا الملف الشائك، بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية والفصائل المعنية. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد وافق مؤخرًا على تشكيل لجنة مشتركة لهذا الغرض، مؤكدًا التزامه بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وفي السياق ذاته، أشار رامز دمشقية، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، إلى أن هناك مسارًا متفقًا عليه لتسليم السلاح تدريجيًا وفق جدول زمني محدد، ما يعكس تحولا ملحوظا في تعاطي الطرفين مع هذا الملف المزمن.
على خط موازٍ، تطرق الرئيس اللبناني إلى أزمة النزوح السوري، مؤكدًا للوفد الأمريكي أن رفع العقوبات عن سوريا سيكون خطوة بنّاءة لتحفيز عودة النازحين. وقال: “تحسين الاقتصاد السوري يساعد في خلق بيئة مشجعة لعودة السوريين من لبنان”، داعيًا الأمم المتحدة إلى تحويل مساعداتها مباشرة إلى داخل الأراضي السورية بدلاً من تقديمها في لبنان.
وجاء ذلك بعد إصدار وزارة الخزانة الأميركية ترخيصًا عامًا يخفف العقوبات المفروضة على دمشق، ما فُهم على أنه تحول نسبي في السياسة الأمريكية تجاه الملف السوري.
وتظهر هذه التطورات رغبة لبنانية واضحة في فتح ملفات لطالما اعتُبرت محرّمة أو مؤجلة، سواء في ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني أو النزوح السوري، في ظل ضغوط اقتصادية وأمنية متزايدة. كما تعكس رغبة في استثمار التغييرات الدولية، لا سيما الأميركية، لمحاولة تحقيق مكاسب داخلية على مستوى الأمن والاستقرار.

مقالات مشابهة

  • بليحق: الطرف الوحيد الذي يرفض تشكيل حكومة جديدة موحدة هو الدبيبة
  • دمار كبير في القطاع الصناعي سببه الحرب في السودان
  • نحو 8 ملايين نازح في أفريقيا بسبب تغير المناخ عام 2024
  • رغيف الخبز مقابل النزوح.. إسرائيل تُهندِس المجاعة لتهجير الفلسطينيين
  • السولار الصناعي... بابٌ مفتوح على الموت
  • رئيس الحكومة اللبنانية من دبي: نريد بلدًا يمتلك قراره في السلم والحرب
  • طهران تتحدى.. أمريكا تفاوض إيران تحت التهديد بضرب مفاعلاتها النووية
  • خلال 10 أيام.. العدوان الإسرائيلي يجبر 180 ألف فلسطيني علي النزوح قسرا
  • يعمل على معالجة ملف النزوح السوري.. لبنان يتحرك لضبط السلاح في المخيمات
  • أمريكا والحرب