عربي21:
2025-12-13@00:32:57 GMT

لا كربلاء إلا غزة

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

هذا ليس نفيا للتاريخ القديم، لقد كانت هناك مجزرة في كربلاء وكان هناك شهداء من أجل حق، لكننا نعيش مع غزة حيث الشهداء بالآلاف، وحيث يُقطع الماء والعيش فيموت الأطفال عطشا وجوعا وتموت الحرائر كمدا. لماذا نستعيد كربلاء القديمة ونتغافل عن غزة، ونمعن في الخصام/ الحرب/ التنافي حتى كأننا في القرن الأول ودماء كربلاء لا تزال تسيل؟ لماذا هرب جمهور عربي كبير في ذكرى كربلاء إلى التاريخ واستعادوا صراعاته؟ هل يخشون أن يتكلموا عن غزة؟ هل نهرب إلى التاريخ لنتملص من مسؤولية الحاضر الكربلائي الحقيقي المعيش؟ هل هذا المهرب مؤقت أم هو آلية تفكير كامنة في اللاشعور المرعوب؟

كربلاء معركة مفوتة

قالت لنا المقاومة ونصدقها ونتبع هداها إن إيران تدعم المقاومة بالمال والسلاح والموقف السياسي؛ النقاش ليس هنا لكن لماذا علينا ونحن على غير المذهب الإيراني أن نخضع لابتزاز تاريخي يلزمنا برواية إيران للتاريخ/تاريخنا فنقوم كل صباح نلعن "الحثالة الأموية" (والتعبير لمتحمسين للموقف الإيراني)، ليكون للشيعة حق علينا وجب دفعه في المستقبل تكفيرا عن ذنب يزيد في الماضي (وهي رواية لها ما ينقضها)؟

بقطع النظر عن صحة الرواية الإيرانية (الشيعية عامة)، ما جدوى أن نوقف الآن وهنا، أي في زمن غزة عجلة التاريخ، لنعيد روايته طبقا لصيغة واحدة تنتهي بتأثيم المؤمنين الذين لم يشاركوا في كربلاء ولم ينكروا آل البيت ولم يلعنوهم؟ هذه الرواية تحملنا وزر حدث مرت عليه قرون طويلة وانتهى أثره في الأرض.



ما جدوى أن نوقف الآن وهنا، أي في زمن غزة عجلة التاريخ، لنعيد روايته طبقا لصيغة واحدة تنتهي بتأثيم المؤمنين الذين لم يشاركوا في كربلاء ولم ينكروا آل البيت ولم يلعنوهم؟ هذه الرواية تحملنا وزر حدث مرت عليه قرون طويلة
إن دعم المقاومة بثمن من تعديل التاريخ ليناسب مذهبا من بين مذاهب واجتهادات يوقف التقدم على درب غزة ويحرف النقاش، فنجد أنفسنا ندحض تهما من قبيل أن مناقشة الشيعة في روايتهم للتاريخ التي تموّلها جهات سياسية معادية لإيران، وبالتوضيح الفج أن كل نقد في هذا الاتجاه يصير خدمة لآل سعود وحربهم على إيران، وهي حرب أمريكية غربية، ولكي لا تكون سعوديا/ أمريكيا في الباطن عليك أن تثبت ولاءك للرواية الإيرانية وتسكت عن المعنى التأثيمي الكامن وراء دعم حماس!

نقاش كحرث البحر

عندما حدثت الثورة الإيرانية وقد عايشناها بحماس وبنينا عليها أحلاما وانتشرت بصداها أفكار تقول بأن الإسلام الشيعي، وعلى عكس الإسلام السني، أفلح في تجاوز عوائق التاريخ وبدأ صناعة مستقبل للإسلام عامة، ولذلك فإن شبابا كثيرا من السنة العرب انحازوا للثورة ودافعوا عنها متجاوزين المذهبية بل بدأوا في تحبير أفكار عن كيفية تثوير الإسلام السني والنسج على منوال الشيعة (الثوريين). لم تكن المذهبية حاضرة، فإيران كانت أقرب إلى المهج والعقول من كل متكلم باسم الإسلام السني حتى الأزهر الشريف المحافظ والمهادن (كانت صورة الخميني في أكبر برواز في بيوتنا).

المذهبية عادت من إيران أو كشفت وجهها الخفي وتم صب النفط على نارها بتمويل أمريكي وفتاوى سعودية تكفر الروافض وترى إسرائيل من أهل الكتاب، لكن السؤال المؤرق: هل يمكن عدم الخوض فيها والتركيز على غزة؟ إن كل جهد فكري أو كلامي يبذل في هذه المعارك هو جهد مخسور، وإن غزة ومعركة تحريرها هي الخاسر الأول، وقد باءت مجهودات كثيرة لتصويب النقاش وإعادته إلى غزة بالفشل.

من يعيش ويكسب من هذا النقاش؟ ليست غزة بالتأكيد. من عليه إذن إيقاف النقاش في الهوامش؟ إن المسؤولية تقع على من أطلقه فجعل من كل تاريخ المسلمين جريمة وجب التكفير عنها مقابل بعض السلاح لغزة الآن (ولا ندري ماذا يحمل المستقبل).

هذا نقاش جوهره حرب مذهبية لا تؤذن بنهاية سريعة، وقد تفضلت مراجع الشيعة (الخامنائي والسيستاني) بعدم تكفيرنا، ولكن هل يسمح لنا بأن نفكر أن تاريخنا السني ليس جريمة وجب دفع ثمنها الآن؟

الحيرة مستمرة؟
هذا العقل العربي (سني وشيعي إسلامي ويساري) مشدود إلى الماضي، وفي صراعات الماضي إذا استعيدت خلاص من صراعات الحاضر وكلفتها العالية. إذا كان على هؤلاء المتجادلين في الفراغات أن يروا كربلاء ففي غزة بغيتهم، لكن غزة تعني المظاهرات والتبرعات والضغط السياسي على الأنظمة المانعة للدعم وهذا له ثمن، ولكي لا تدفع الأثمان (الآن وهنا) نذهب إلى كربلاء القديمة
ساحات النقاش العربي بعد تحرير وسائل التواصل تربك عقولنا، خاصة سرعة الاستجابة للخطابات التكفيرية (من الجانبين). هذه آلية تفكير مدمرة للتفكير، رأينا مثلها في نقاشات عرب (لا سنة ولا شيعة) يسار وإسلاميين وقوميين وإسلاميين وحكام محكومين، وللجميع معجم تكفير وتخوين واتهام بالعمالة ونفس العقل الإقصائي، وقد ألقي إليه صراع مذهبي يقفز بسرعة إلى المواقف الإقصائية ويعدم منطقة اللقاء حول المشتركات مثل دعم المقاومة؟

هذا العقل العربي (سني وشيعي إسلامي ويساري) مشدود إلى الماضي، وفي صراعات الماضي إذا استعيدت خلاص من صراعات الحاضر وكلفتها العالية. إذا كان على هؤلاء المتجادلين في الفراغات أن يروا كربلاء ففي غزة بغيتهم، لكن غزة تعني المظاهرات والتبرعات والضغط السياسي على الأنظمة المانعة للدعم وهذا له ثمن، ولكي لا تدفع الأثمان (الآن وهنا) نذهب إلى كربلاء القديمة فنعيد يزيد والحسين إلى الحياة ونجعل أحدهما يقتل الآخر ثم نطلق اللطميات، وهي ليست مكلفة خاصة لمن لا يجلد نفسه بسلاسل الحديد.

العقل النائح على كربلاء مثل العقل المنكر لها، كلاهما يغلق أبواب المستقبل الذي تفتحه غزة. فغزة تجاوزت الانشغال بذلك الماضي وهي تتدبر المستقبل بدمها، وإذا كانت هناك من موعظة ففي غزة الموعظة. لقد جعلت من حرب الطوفان وسيلة للمستقبل فلم تعقها نقاشات الماضي البعيد وحتى القريب. هنا كربلاء وكل غزاوي حسين لا يهمه إن كان يزيد يصلي بالناس سكرانا.

غزة قالت تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كربلاء غزة إيران الماضي الشيعة السنة إيران غزة السنة الشيعة كربلاء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

جوارديولا: لو كنت مدرباً لريال مدريد لأقالوني الموسم الماضي

مدريد (د ب أ)
دعم الإسباني بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، مواطنه تشابي ألونسو، المدير الفني لريال مدريد من أجل تصحيح الأوضاع في الفريق، رغم اعترافه بأن سجله مع مانشستر سيتي الموسم الماضي كان سيجعله يتعرض للإقالة في العاصمة الإسبانية.
وتولى ألونسو تدريب ريال مدريد الصيف الماضي فقط، لكنه تحت ضغط كبير في النادي الإسباني.
وأثيرت تكهنات بشأن إمكانية إقالة ألونسوالذي كان لاعباً في خط وسط ليفربول سابقاً، حال قيادته لريال مدريد للخسارة أمام مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا.
وقال جوارديولا الذي سبق أن درب ألونسو في بايرن ميونيخ: «بالتأكيد أشعر بالتعاطف، لأننا كنا معاً لعام ونصف عام، أو عامين».
وأضاف: «لقد كانت تجربة رائعة أن أكون معه، ليس فقط كمدرب، لكننا تشاركنا أموراً أخرى، وكعائلات أيضاً». وتابع في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا): لكن برشلونة وريال مدريد هما أصعب منافسين، أصعب ناديين يمكن تدريبهما، فهم أصعب من حيث الضغط والبيئة المحيطة».
وواصل: «بالنسبة لما حققته الموسم الماضي، كانت ستتم إقالتي قبل 6 أشهر من نهاية الموسم، إنه مكان صعب».
وتابع:«لكنه يعرف ذلك، لقد كان هنا ويعرف هذه الحقيقة، إنها مسألة الفوز بالمباريات».
وحقق ريال مدريد بداية واعدة تحت قيادة ألونسو، لكن بدأ في التعثر منذ الخسارة من ليفربول الشهر الماضي، وسط شائعات حول خلافات في غرفة خلع الملابس تتزايد.
وفاز ريال مدريد في مباراتين فقط من 6 منذ هزيمة أنفيلد، من بينها خسارة يوم الأحد الماضي على ملعبه ضد سيلتا فيجو صفر/ 2.
وسئل جوارديولا عما إذا كان يرى الريال لقمة صائغة، وذلك في مؤتمر صحفي قبل مباراة الأربعاء، ليرد جوارديولا:«لا أتفق مع ذلك». وأضاف:«أعرف أن لديهم العديد من الغيابات، وأعلم ما يحدث عندما تحاول بناء شيء»، وقال أيضاً:«تشابي يعرف تماماً ما يتعين عليه فعله، وأنا أعرف كيف سيكون شكل الغريم الذي سنواجهه اليوم».

أخبار ذات صلة أولمبياكوس يسجل انتصاره الأول في دوري أبطال أوروبا مدرب ريال مدريد: نركز على مواجهة سيتي وقادرون على الفوز

مقالات مشابهة

  • لأول مرة في التاريخ.. الفضة تتجاوز 65 دولاراً
  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • كربلاء تُخلي وتغلق بناية آيلة للسقوط في المدينة القديمة (صور)
  • لمخالفتهم شروط وضوابط الإقامة.. إلقاء القبض على 9 مخالفين عرب وأجانب في كربلاء
  • ريديت يطعن في حظر أستراليا لمواقع التواصل دون ١٦: يزعم أن القانون يحد النقاش السياسي
  • رحلة العمر
  • الدفاع المدني بغزة يُنفذ 270 مهمة خلال الأسبوع الماضي
  • هل يجهّز أردوغان ابنه بلال ليصبح رئيس تركيا القادم؟
  • المشرف على الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
  • جوارديولا: لو كنت مدرباً لريال مدريد لأقالوني الموسم الماضي