هل يجهّز أردوغان ابنه بلال ليصبح رئيس تركيا القادم؟
تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT
أثار الحضور المتكرر لنجل الرئيس التركي، بلال أردوغان، في الفضاء العام مؤخرا جدلا حول إمكانية خوضه المجال السياسي، بما يمكن أن يطرحه كخليفة لوالده، وهو الذي بقي حتى اليوم خارج الحياة السياسية في البلاد.
سؤال الخلافة؟يقود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حزبه العدالة والتنمية منذ تأسيسه عام 2001 والبلادَ منذ أول انتخابات خاضها في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وما زال منذ ذلك الحين القائد الأوحد للحزب حتى في الفترات التي تخلى فيها عن رئاسته لصالح كل من أحمد داود أوغلو، ثم بن علي يلدرم في ظل النظام الجمهوري السابق الذي كان يمنع الجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة الحزب و/أو الحكومة.
وفي كل هذه السنوات، بقي أردوغان قائدا مجمعا عليه وملتفا حوله في الحزب الحاكم للبلاد، وظلت نسب التصويت له كرئيس أعلى من نسب التصويت لحزبه في الانتخابات البرلمانية، ولذلك لم تطرح مسألة من يخلفه مستقبلا في أروقة الحزب بشكل معلن، وأظن أنها لم تطرح بالمطلق حتى خلف الكواليس.
وفي الأغلب فإن هيئات الحزب لم ترَ حاجة لهذا النقاش في ظل حضور أردوغان واستمرار قدرته على العطاء، وإتاحة الدستور المجال له للاستمرار في الحكم.
بيد أن فوز الرجل بالعهدة الرئاسية الأخيرة التي يتيحها له الدستور في انتخابات عام 2023 أثار موضوع خلافته على نطاق ضيق وتحديدا في المجال الإعلامي. وحينها طرحت عدة أسماء من بينها وزير الخارجية الحالي رئيس جهاز الاستخبارات السابق وذراعه اليمنى هاكان فيدان، كما طرح البعض أسماء أخرى أقل حضورا في المجال السياسي، مثل صهر الرئيس سلجوق بيرقدار.
بيد أن هذا النقاش ظل خافتا ولم يحضر في النقاش السياسي العلني للحزب، لا سيما مع حدوث تطورات مهمة في الداخل والخارج رفعت أسهم أردوغان بشكل كبير مؤخرا، وفي مقدمتها سقوط النظام السوري والسير في مشروع "تركيا بلا إرهاب" لحل المسألة الكردية والذي شمل وقف حزب العمال الكردستاني لعملياته وحل نفسه.
إعلانحينها، قال الزعيم القومي وحليف أردوغان دولت بهتشلي: إنه ينبغي إعادة ترشيح أردوغان للرئاسة مجددا إذ ليس ثمة أفضل منه رؤية وخبرة وإنجازات. كما أكد الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك أن مرشح حزبه للانتخابات الرئاسية المقبلة هو أردوغان مجددا.
فتح ذلك باب النقاش حول السبل القانونية لإعادة ترشح أردوغان للرئاسة، والتي يأتي في مقدمتها دعوة البرلمان لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة (التي تعد في هذه الحالة خصما من مدة حكمه)، وصياغة دستور جديد، أو إجراء تعديل دستوري يعيد تحديد المدد المسموح بها للترشح مستقبلا.
وقد بدا مسار حل المسألة الكردية كعامل مساعد في هذه المسارات، من باب كسب تصويت نواب حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب "الكردي" في البرلمان مضافا لعدد نواب تحالف الجمهور المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
ولذلك، في المحصلة، بقيت مسألة خلافة الرئيس أردوغان بعيدة عن النقاش العلني في حزب العدالة والتنمية، في ظل حالة التوجه لإعادة ترشيحه للانتخابات الرئاسية.
بلال أردوغان؟حين سئلت قبل أعوام عن احتمال خلافة سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس ورائد الصناعات الدفاعية في تركيا، لأردوغان في رئاسة البلاد مستقبلا، قلت إن ذلك غير مطروح في المرحلة الحالية، إذ لا يمكن الحديث عن مستقبل سياسي له ما دام أنه خارج الحياة السياسية ولا يحظى بأي منصب حكومي أو حزبي، ولا بحضور في المجال السياسي.
الشيء ذاته كان ينطبق على نجل الرئيس بلال أردوغان الذي ينشط في المجال التعليمي والثقافي في البلاد من خلال رئاسته مجلس أمناء وقف "نشر العلم" وعضويته في عدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال التعليمي والثقافي بشكل أساسي.
بيد أن الأسبوعين الماضيين شهدا تغيرا في هذه المسألة، حيث ظهر الرجل بشكل مكثف في عدة أنشطة حظيت بتغطية إعلامية واسعة، بعضها فعاليات سياسية في الأصل، وقد قدم خطابا و/أو موقفا في عدة مسائل سياسية، ما أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي حول مستقبله السياسي المحتمل.
ففي الـ 26 من نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، شارك بلال أردوغان في "منتدى فيرونا الاقتصادي الأوراسي الـ18" المنظم في إسطنبول، وتحدث عن علاقات بلاده مع كل من روسيا وأوكرانيا وعن حرب الإبادة في غزة.
وفي الـ 29 منه، شارك الرئيس أردوغان في حفل "جائزة تركيا الأكاديمية" التي ينظمها وقف "نشر العلم" الذي يتولى نجله بلال رئاسة مجلس أمنائه، وتخلل ذلك تقديم الثاني للأول درعا تذكارية ثم تقبيل يده -كوالد هذه المرة وليس فقط كرئيس- ما أثار النقاش حول دلالات الحدث.
في اليوم ذاته، شارك بلال أردوغان في فعالية "العدالة لفلسطين: مقاومة الظلم" في إطار القمة الدولية الخامسة لمحاكاة نموذج منظمة التعاون الإسلامي في الثانويات"، وتحدث فيها بإسهاب عن حرب الإبادة في غزة، مؤكدا على أنها ليست مجرد عدوان عسكري، بل "عملية لمحو الذاكرة، وتزييف الحقائق، وإفناء شعب"، مؤكدا على "تآكل أعمدة النظام الدولي".
في اليوم التالي، شارك نجل الرئيس رفقة الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك في فعالية "انطباع الشباب عن تركيا بلا إرهاب" التي نظمها منبر مؤسسات المجتمع المدني الشبابي التركي، لمناقشة المشروع الأكثر حضورا في النقاش السياسي في البلاد. وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، زار الرجل جمهورية شمال قبرص التركية ضمن وفد وقف البحوث التاريخية العلمية الإسلامية (iBTAV)، والتقى رئيسها المنتخب حديثا طوفان أرهورمان بشكل منفرد.
إعلانكما شارك متحدثا رئيسا في حفل توزيع جوائز ريادة الأعمال التي نظمها وقف رجال الأعمال الرائدين، في السابع من الشهر الجاري، ووجه نقدا لاذعا لجمعية المصنعين ورجال الأعمال الأتراك المعروفة بمعارضتها الرئيس أردوغان. وشارك في اليوم نفسه في "ورشة عمل قبرص" من تنظيم إحدى المدارس الثانوية متحدثا عن القضية القبرصية وكذلك عن "إسرائيل، الخطر الإستراتيجي الأكبر في المنطقة".
وفي الخلاصة، فقد شارك الرجل بشكل مكثف في عدة فعاليات في مدة زمنية قصيرة، وقدم خطابا سياسيا غير معهود عنه، وهو المشتغل أساسا بالمجال التعليمي والثقافي، ما أثار النقاش حول مستقبله السياسي وما إذا كان والده يعده لخلافته.
في المقام الأول، من المستبعد أن يكون هذا الحضور المكثف والخطاب السياسي المتكرر من قبيل الصدفة غير المقصودة، بل يبدو أنه أريد للرجل أن يكون له إطار ومنبر في الحياة العامة التركية، لكن هذه المرة كحضور سياسي لا تعليمي أو ثقافي أو مجتمعي فقط. وبعدِّه ابن رئيس البلاد، فإن نقاش مسألة مستقبله السياسي يبدو أمرا لا مناص منه في بلاد يحكمها الاستقطاب السياسي والحزبي مثل تركيا.
بيد أن فكرة خلافته لوالده في رئاسة الدولة ما زالت أمرا مستبعدا في المرحلة الحالية، لاعتبارات عديدة في مقدمتها أن الرئيس أردوغان ما زال قادرا وراغبا في الاستمرار رئيسا، وأن المسارات الدستورية التي تتيح له ذلك موجودة ولم تختبر أو تفشل بعد، كما أن بلال لا يحظى حتى اللحظة بأي منصب رسمي حكومي أو حزبي، فضلا عن الحرج المتوقع في مسألة خلافة الابن لوالده حتى لو جاء الأمر عبر انتخابات معترف بنزاهتها.
ولذلك، فإن المرجح أحد مسارين؛ أن يكون أردوغان يهيئ لابنه بلال حضورا سياسيا متدرجا بهدوء للمستقبل البعيد، بحيث تكون هذه خطواته الأولى في الحياة السياسية التركية دون إسناد مهام أو مناصب له قريبا بالضرورة. أو أن يبقيه حاضرا لأي مفاجآت غير محسوبة، كأن تخفق المسارات الدستورية لإعادة ترشحه للرئاسة على سبيل المثال.
والمسار الثاني أن يكون يعده لخلافته في رئاسة الحزب وليس الدولة، إذ كانت فكرة الفصل بين رئاسة الدولة والحزب مطروحة على أجندة العدالة والتنمية في حقبة سابقة، من باب تفريغ وقت الرئيس أكثر لقيادة الدولة. فقد تكون الفكرة قد عادت للتداول وحضر اسم نجل الرئيس ضمن الأسماء المطروحة، لا سيما أن البعض يتحدث عن حضور نفوذه داخل الحزب، وإن لم يحمل منصبا رسميا فيه.
وفي كل الأحوال، فإن تأكيد أو نفي الدلالات السياسية لحضور بلال أردوغان المركز مؤخرا في المجال السياسي، يكمن في مدى استمرار مشاركاته العامة المكثفة من جهة، وفي مدى إسناد منصب حزبي (أو حكومي كاحتمال أقل) له في الأسابيع والأشهر المقبلة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات حريات العدالة والتنمیة المجال السیاسی الرئیس أردوغان بلال أردوغان أردوغان فی فی المجال أن یکون بید أن
إقرأ أيضاً:
تفاصيل لقاء الرئيس عباس مع رئيس الوزراء الإسباني
اجتمع رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، وذلك في العاصمة الإسبانية مدريد.
وأعرب الرئيس عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك، عقده مع رئيس الوزراء الإسباني، اليوم الأربعاء، عن بالغ تقديره لجهود سانشيز الصادقة، ولمواقف إسبانيا وقواها السياسية وشعبها الصديق، الداعمة لحقوق شعبنا الفلسطيني وللسلام القائم على العدل والقانون الدولي.
وجدد الرئيس عباس شكره وتقديره لإسبانيا على قرارها التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين، وعلى دورها الريادي وبذل الجهود من أجل إنشاء التحالف الدولي الهادف إلى توسيع دائرة الاعترافات بدولتنا، ودفع تنفيذ حل الدولتين، والمساهمة في إصدار إعلان نيويورك، بما يعزز المسار السياسي ويكرس الشرعية الدولية، وهي الجهود التي أثمرت.
وقال الرئيس عباس: لقد أجرينا اليوم مباحثات معمقة وبناءة تناولنا خلالها أهمية التنفيذ الكامل والعاجل لخطة الرئيس الأميركي ترمب، وقرار مجلس الأمن من أجل وقف الحرب، وإدخال المساعدات الإنسانية وعودة العملية التعليمية والخدمات الصحية والمياه والكهرباء وغيرها، ومنع التهجير، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها، وبدء عملية إعادة الإعمار.
وأضاف الرئيس عباس أن اللقاء تناول أيضا وقف التطورات الخطيرة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ووقف التوسع والضم الاستيطاني وعنف المستوطنين، والإفراج عن الأموال الفلسطينية.
وأعرب الرئيس عباس عن شكره العميق لإسبانيا على ما تقدمه من مساعدات إنسانية لشعبنا، وعلى دعمها المتواصل لجهود الحكومة الفلسطينية في بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز صمود شعبنا، وتمكينه من البقاء على أرضه ومواصلة نضاله من أجل الحرية والاستقلال.
وأكد الرئيس عباس خلال المؤتمر التمسك بحل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام وحسن جوار.
كما جدد الرئيس عباس شكره لرئيس الوزراء سانشيز، ولحكومة وشعب إسبانيا الصديق، على مواقفهم السياسية والإنسانية الشجاعة، وعلى دعمهم المتواصل لشعبنا وقضيته العادلة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الخارجية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل فرنسا تدعو للتحقيق في احتمال استفادة "حماس" من تمويلات أوروبية وزير الأشغال يبحث مع الأمم المتحدة إعادة الإعمار في غزة الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 4 جنود في رفح ونتنياهو يتوعّد بالرد مباحثات فلسطينية أممية بشأن إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة فلسطين ترحب بالقرار الأممي المتعلّق بتسوية القضية بالوسائل السلمية تحقيق أميركي يكشف عن تعامل إسرائيلي صادم مع جثامين فلسطينيين بغزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025