ضمن مشروع الهيمنة وتدمير الدول وقواها السياسية والاجتماعية خاصة في المنطقة العربية انتهجت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة الفوضى الخلاقة والتي تمثلت في إحداث فوضى متعمدة بقصد الوصول إلى موقف أو واقع سياسي يعزز هيمنتها.

مهّدت الولايات المتحدة لسياسة الفوضى الخلاقة في اليمن ابتداءً من تحديد الفاعلين المحليين الموكلة إليهم مهمة تنفيذه أو احتضانه ودعمه، ولهذا كانت السفارة الأمريكية قبلة يرتادها الكثير، كما التقت الوفود الأمريكية في الخارج بالعديد من الشخصيات اليمنية بغرض البحث عن ثغرة للبدء في سياسة الفوضى الخلاقة وإغراق البلد في أنهار من الدماء وصولاً إلى إسقاط النظام والدولة وتفكك المجتمع.

في إطار التمهيد الأمريكي لإغراق البلد في حالة من الفوضى الخلاقة وصل الأمر بالصحافة الأمريكية خاصة والغربية عامة، بوصف اليمن بأنها على حافة الانهيار، ثم وصفها بأنها دولة فاشلة تسودها الفوضى، وتهتك الحقوق والحريات، وتفتقد الأمن، وينتهي الأمر بأنها محور جديد للقاعدة.

وتصاعدت أحاديث وتقارير الإعلام الأمريكي وربطه للقاعدة باليمن، وكان أبرز هذه التقارير الذي تنبأ بالتمهيد للاستراتيجية القادمة تجاه اليمن، ما قيل إنه ضبط طالب نيجيري حاول تفجير قنبلة على متن طائرة أمريكية، انتقاماً لأنور العولقي، ومن ثم ضبط طرد بريدي يحتوي على قنبلة كان في طريقه من اليمن إلى الولايات المتحدة.

رافق هذه التقارير والتمهيد الإعلامي تواصل أمريكي مع شخصيات يمنية في الداخل والخارج، مثل ما أفصح مؤخراً الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد عن لقائه بوفد أمريكي في لندن في أغسطس 2010 عرض عليه تولي رئاسة اليمن سواءً بالانقلاب أو بالانتخاب.

عرض ينبئ عن ترتيب وتهيئة الأمور لوضع جديد ينزلق معه البلد في الفوضى الخلاقة التي رتبت الولايات المتحدة لأقطابها ومنفذيها، ومآلاتها، وكانت زيارة وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كيلنتون إلى صنعاء ولقاؤها بناشطين بينهم توكل كرمان بمثابة اقتراب ساعة الصفر بالانقلاب على الرئيس علي عبدالله صالح، وانشقاق جزء من القوات المسلحة لدعم أعمال الفوضى والتخريب إيذاناً بانهيار اليمن كدولة.

عمدت السياسة الأمريكية إلى تفكيك المنظومة السياسية والقبلية والاجتماعية لليمن بطريقة تتيح الولوج إلى عناصرها الصلبة، لتقويضها جزئياً أو كلياً وإعادة تشكيلها مجدداً بما يخدم المصالح الأمريكية والتي تتجلى في إبقاء اليمن في حالة من الفوضى الدائمة لابتزاز المنطقة ولتعزيز تواجدها بالقرب من سواحلها في إطار سباق الهيمنة بين الأقطاب العالمية، إضافة إلى أن الاستراتيجية الأمريكية بالفوضى الخلاقة والتي تستهدف الدول العربية بشكل رئيسي بغرض إبقائها تحت الوصاية ونهب ثرواتها، وتحويلها إلى قواعد عسكرية لقواتها.

كان الرئيس علي عبدالله صالح في اليمن يمثل حجر عثرة أمام المشروع الأمريكي في اليمن، من ناحية كونه شخصاً ذي خلفية وطنية بعيداً عن الأيديولوجيا التي يمكن البناء عليها لمشروع تفتيت اليمن، أو الانحياز إلى أي صراع فئوي طائفي، حيث ظل الرئيس قائداً للجميع من أبناء اليمن بمختلف توجهاتهم ومناطقهم، ويستحيل تنفيذ مشروع تفتيت البلد في ظل بقائه على الساحة.

ناهيك عن شخصية علي عبدالله صالح القومية تجاه قضايا بلده القومية، ورفضه بشكل قاطع لاستضافة أي قوات أجنبية في أي من الجزر اليمنية، أو في سواحل البلاد، بالرغم من معضلة وأزمة تفجير المدمرة الأمريكية يو اس اس كول والتي أدارها الرئيس صالح بكل حنكة، فضلاً عن الموقف الثابت والمستمر للرئيس صالح من الكيان الصهيوني والتي يعبر عنها باستمرار في القمم العربية أو في تصريحاته لوسائل الإعلام، وجميعها عوامل جعلته هدفاً لاستراتيجية واشنطن للفوضى الخلاقة.

مؤامرة أمريكية محكمة تم الكشف عنها تباعاً وبشكل متتالٍ، ففي مطلع عام 2014 سربت منظمة أمريكية، يطلق عليها (مجمعات الخبرة الأمريكية)، وثيقة في غاية الخطورة تتناول حقيقة ما سُمي بالربيع العربي، فحسب “لجنة فالمي” الفرنسية التي نشرت على موقعها ما تناولته المنظمة الأمريكية بخصوص الربيع العربي الذي اعتبرته حركة بعيدة كل البعد عن عفوية الشعوب العربية المتعطشة للتغيير السياسي ببلدانها، بل على العكس من ذلك هي خطة أمريكية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق مشروع مدروس بروية وتعمد من طرف الإدارة الأمريكية والتي كان رائدها (روبرت فورد) رئيس الفريق الاستخباراتي المكلف بالمنطقة العربية، حسب وصف المنظمة.

فالتقرير الذي سربته المنظمة يستند على تقرير رسمي للحكومة الأمريكية حول حقيقة ما يجري بالوطن العربي، فقد بينت مواد التقرير تورط البيت الأبيض في الاحتجاجات العربية التي عصفت بعدة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث إن الوثيقة المذكورة، المؤرخة بتاريخ 22 أكتوبر 2010، أطلق عليها (مبادرة الربيع العربي بالشرق الأوسط، نظرة عامة) وهي وثيقة سرية تم الوصول إليها من طرف المنظمة بفضل قانون حرية المعلومات، فالولايات المتحدة الأمريكية، حسب هذه الوثيقة، وضعت في مخططاتها الداخلية العديد من الاستراتيجيات لقلب وزعزعة الأنظمة في البلدان المستهدفة بالاعتماد على (المجتمع المدني) بعدما مهدت لذلك الأرضية عبر عدة أعمال جوهرية مستندة بالخصوص على عمل المنظمات غير الحكومية.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الفوضى الخلاقة البلد فی

إقرأ أيضاً:

تفقد سير العمل في مشروع شق طريق مرعان – وادي لاعة في الرجم

الثورة نت /..

تفقد ممثل وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة بمحافظة المحويت المهندس مختار التركي اليوم، سير العمل في مشروع شق طريق مرعان – بيت الصريمي – وادي لاعة بمديرية الرجم، الذي تنفذه الوحدة كتدخل تنموي مباشر.

ويهدف المشروع إلى ربط مديرية الرجم بمحافظة المحويت بمديرية بني العوام في محافظة حجة، بطول 10 كيلو مترات، ضمن المشاريع الهادفة إلى تعزيز الربط الجغرافي بين المديريات وتسهيل حركة المواطنين.

وأكد التركي أهمية الطريق الذي يربط بين محافظتي المحويت وحجة، ويسهم في تسهيل تنقل المواطنين، واختصار المسافات بين عدد من القرى والعزل، ما ينعكس إيجابًا على تسهيل وصول الخدمات الأساسية، وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في المناطق الريفية.

وثمّن تفاعل المجتمعات المحلية ومبادراتهم في دعم الجهود الرسمية في مجال التنمية، خصوصًا في مشاريع البنية التحتية التي تمثل أولوية للنهوض بالواقع الخدمي في المناطق المحرومة.

وأشار إلى أن وحدة التدخلات المركزية تواصل تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية في مختلف مديريات المحافظة، وفق خطط واستراتيجيات تركز على تلبية الاحتياجات ذات الأولوية، وبما يعزز الصمود المجتمعي.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل مباحثات وزير الداخلية مع السفارة الأمريكية في اليمن
  • يديعوت أحرونوت: عزل ضابط إسرائيلي لرفضه تنفيذ مهمة بغزة
  • مشروع صيانة طريق أوباري – غات ينهي عزلة الجنوب ويعزز التنمية
  • تسلّيم مشروع طريق الغيل الزراعي في الجوف
  • تفقد سير العمل في مشروع شق طريق مرعان – وادي لاعة في الرجم
  • عضو عليا الوفد يطالب بتعليق تعاون الدول العربية اقتصاديا مع أمريكا وإسرائيل حتى تتوقف حرب غزة
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • وزير الشئون النيابية يستقبل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية
  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • الحكومة تقر تنفيذ مشروع مياه وصرف صحي في إربد والرمثا