قال اللواء احمد الشربيني مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية، إنّ ما يحدث في غزة حاليًا هو في قلب المصالح العليا لمصر وفي قلب أمنها القومي، لافتًا إلى أنّ مصر ترى أن منطقة الشام هي جزء من أمنها القومي.

وأوضح أن مصر تحركت تاريخيًا نحو منطقة الشام لحماية أمنها القومي وعلى سبيل المثال تحرك مصر لصد التتار في معركة عين جالوت، لافتا إلى أن مصر تعاملت مع الحرب الإسرائيلية على غزة وفقًا لسياسة متوازنة تسعى إلى وقف هذه الحرب.

جاء ذلك خلال الندوة التى نظمتها مكتبه الإسكندرية، بعنوان "الحرب على غزة ومستقبل التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط"، وذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية.

شارك في اللقاء الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، وقدّم اللقاء اللواء أحمد الشربيني، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية.

وأشار إلى أن مصر راعت خلال هذه الفترة مصالحها العليا الداخلية والخارجية وكذلك طبيعة التوازنات الإقليمية، مبينًا أن كل المؤشرات تقول أن شكل المنطقة قبل الحرب على غزة لن يكون كما هو بعد انتهاء الحرب.

بدوره - قال الدكتور علي الدين هلال، إن الصراع العربي الإسرائيلي كان له تأثير تاريخي بالغ على التوازن الإقليمي والدولي، لافتًا إلى أن المقصود بالتوازن الإقليمي هو العلاقات بين القوى الدولية في المنقطة وشكل هذه العلاقات ونوعها.

واستعرض أستاذ العلوم السياسية، تاريخ قيام دولة إسرائيل وتأثير ذلك على المنطقة العربية وصولًا إلى انفجار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.

وقال إن الصراع العربي الإسرائيلي هو أطول صراع في التاريخ، فلم يحدث أن يستمر صراع لأكثر من قرن، وأضاف :" الصراع العربي مع اليهود بدأ رسميًا في عام 1917 بوعد بلفور وهناك دراسات تتحدث أن الصراع بدأ قبل ذلك"، وإن حرب أكتوبر غيرت أسطورة إسرائيل التي روجت لها بأن جيشها لا يقهر بالنسبة لمصر، ولكن على باقي الساحات ظلت لإسرائيل اليد العليا في الحرب.

ورأى أستاذ العلوم السياسية أن الصراع العربي الإسرائيلي هو في جوهره صراع اجتماعي ممتد.

وأوضح أن هناك عوامل إقليمية كثيرة تلعب في المنطقة سواء في إيران أو تركيا، وهم ليسوا دائمًا يعملون لصالح العرب، لافتًا إلى أن الرؤساء الأمريكيين على اختلاف انتماءاتهم لديهم مواقف داعمة لإسرائيل حتى وإن اختلفوا من حيث الشكل.

وقال إن إسرائيل ما كان لها أن تستمر في حربها على غزة لمدة 10 أشهر لولا الدعم الأميركي، لافتًا إلى أن إيران طرف غير مباشر في هذه الحرب من خلال وكلائها المتواجدين في المنطقة سواء (حزب الله اللبناني) أو (ميليشيا الدعم الشعبي في العراق) أو (جماعة الحوثي في اليمن).

وأوضح علي الدين هلال إلى أنّ هناك غضب عالمي تجاه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة على المستوى الشعبي، مُشيرًا إلى الاحتجاجات الكبيرة التي تخرج أسبوعيًا في عدة مدن أوروبية لوقف تلك الحرب.

وأشار أستاذ العلوم السياسية أن توقع شكل المنطقة بعد انتهاء الحرب على غزة حاليًا أمر لن يكون دقيقًا خصوصًا وأن الحرب لا زالت مستمرة ولكن ما سيحكم شكل المنطقة هو ما ستنتهي عليه الحرب، كما أن الحرب على غزة تسببت في تراجع ما يسمى بنظرية "الردع الإسرائيلي"، لافتًا إلى أنّ الفاعلين في الحرب ليسوا دولًا ولكنهم وكلاء إيران في المنطقة سواء في لبنان أو في اليمن بالإضافة إلى حماس.وقال إن إيران عندما أطلقت مسيراتها على تل أبيب لم تكن تريد إشعال حرب إقليمية ولكنها كانت تريد توصيل رسالة إلى إسرائيل بأنها تستطيع أن تصل إلى تل أبيب.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن بنيامين نتنياهو حينما دخل الحرب قال إنه يريد تحقيق ثلاثة أهداف وهي القضاء على القدرات العسكرية لحماس واستعادة الأسرى ومنع أي هجوم محتمل في المستقبل من غزة، لافتا إلى أن الأهداف الحقيقية لم تكن معلنة وهى المتمثلة في القضاء على القضية الفلسطينية وتصفيتها بدليل المعارك المستمرة في الضفة الغربية بالإضافة إلى الحرب على غزة.

وتحدث عن دور مصر خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لافتا إلى أن مصر تعرضت لضغوط كثيرة ومحاولات لجرها إلى الصراع من خلال الأكاذيب الإسرائيلية المتواصلة.

وأكد علي الدين هلال، أهمية أن تقوم مصر بطرح رؤية لحل القضية الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لافتا إلى أن مصر أكثر دولة مؤهلة للقيام بهذه المهمة.

من جانبه، قال الدكتور أحمد زايد، إنه حينما نتحدث عن الحرب على غزة يجب في البداية أن نضع في اعتبارنا مجموعة من العوامل التي تحكم المشهد السياسي في المنطقة، مبينا أن الحرب في غزة يمكن حصرها في مسارين أحدهما متفائل ينتهي بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تهدئة في غزة.

وأوضح أنّ هناك الكثير من الدول التي لها أدوارفي المنطقة مثل إيران وتركيا، لافتًا إلى وجود تصنيفات حالية بين الدول تحت مسمى دول المقاومة ودول أخرى ليست مقاومة وهذه التصنيفات ليست دقيقة.

وأشار إلى أن المشهد أيضًا يشير إلى تصاعد للجماعات غير الخاضعة للمجتمع الدولي مثل حزب الله والحوثيين، مشيرا إلى أن الصراع سوف يستمر لسنوات طويلة.

وحذر الدكتور أحمد زايد، من مخاطر تزايد جماعات التطرف والإرهاب خلال الفترة الحالية بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، لافتا إلى تزايد حدة العداء لإسرائيل في الدول الغربية.

وقال إن هناك سيناريو متشائم أيضًا لمستقبل الصراع وهو استمرار الحرب دون الوصول إلى تهدئة بالإضافة إلى مخاطر اندلاع مواجهة مع حزب الله مع لبنان، لافتا إلى أن استمرار الحرب معناه وصول الدمار الحاصل في غزة إلى الضفة الغربية.

وأوضح أن الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين مرشحة للزيادة والتوسع في حالة استمرار الحرب على غزة، وهو من أخطر السيناريوهات التي تواجه القضية الفلسطينية، مبينا أن هذا السيناريو بالتأكيد سيخدم أهداف الدول التي ترغب في تفكيك المجتمعات من أجل استمرار السيطرة والتمكن.

وكشف أن مخطط الشرق الأوسط الجديد قائم بشكل كبير وتسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذه، لافتا إلى أن إيران من الدول التي تستخدم من أجل تنفيذ هذا المخطط.

وأشار إلى أن الصراعات في المنطقة بدأت من العراق وانتقلت من دولة لأخرى بعدها، مؤكدا ضرورة  أن يتم الانتباه إلى هذه النقاط حينما نتحدث في الصراع ومستقبله في منطقة الشرق الأوسط.

جدير بالذكر أن معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة يشهد مشاركة 77 دار نشر مصرية وعربية، ويمتد المعرض خلال الفترة من 15 يوليو حتي 28 يوليو الجاري، وذلك بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحادي الناشرين المصريين

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإسكندرية استمرار الحرب الحرب الإسرائيلية على غزة إسرائيل الشرق الأوسط مكتبة الإسكندرية مركز الدراسات الاستراتيجية أستاذ العلوم السیاسیة الحرب الإسرائیلیة على مکتبة الإسکندریة علی الدین هلال الصراع العربی الحرب على غزة الشرق الأوسط لافتا إلى أن فی المنطقة إلى أن مصر أن الصراع وأوضح أن وقال إن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الزيارة الإثيوبية إلى بورتسودان: قراءة في تحولات الإقليم وهواجس التوازن

م. فؤاد عثمان عبدالرحمن

شكّلت زيارة الوفد الإثيوبي الرفيع إلى بورتسودان، برئاسة مدير الاستخبارات رضوان حسين، وعضوية القيادي السابق في جبهة تحرير تيغراي قيتاشو ردا، خطوة لافتة في سياق التفاعلات الإقليمية المتسارعة. وبعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، توحي هذه الزيارة برسائل تتصل بمستجدات الخرائط السياسية في المنطقة، وبمخاوف معلنة وغير معلنة في محيط السودان المضطرب.

تيغراي وإثيوبيا: العودة من الهامش

ظهور قيتاشو ردا ضمن الوفد الإثيوبي، بعد خروجه من قيادة الحكومة المؤقتة في تيغراي ومن عضوية الجبهة الشعبية لتحرير الإقليم، يعكس محاولة إثيوبية لاحتواء الملف التيغراوي ضمن ترتيبات مركزية أكثر تحكمًا. من المرجّح أن يكون ضمّه للوفد مقصودًا كرسالة بأن أديس أبابا ما تزال قادرة على مخاطبة الملفات الشائكة في الداخل من موقع سيطرة.

غير أن ذلك لم يمنع بعض المراقبين من ربط هذه الخطوة بمحاولات استباقية لاحتواء تحولات إقليمية محتملة، وسط تسريبات غير مؤكدة عن تقارب آخذ في التبلور بين قيادات من تيغراي والحكومة الإريترية، بدفع أو تنسيق سوداني غير معلن.

تقارب محتمل: إعادة خلط الأوراق أم تسوية جديدة؟

يشير محللون إلى أن الأشهر الأخيرة حملت إشارات خافتة عن إمكانية فتح قنوات حوار بين تيغراي وإريتريا، رغم ما بينهما من ماضٍ دموي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة. وإذا ما صحت هذه المؤشرات، فإنها قد تنبئ بتحولات إقليمية جذرية، خصوصًا إذا تمّت برعاية طرف ثالث مثل السودان، أو بدافع الحاجة لإعادة تموضع جميع القوى الإقليمية في ضوء الحرب السودانية المشتعلة.

من المبكر الجزم بطبيعة هذا الانفتاح أو مدى استدامته، لكنه، على أي حال، يعكس سيولة التحالفات في منطقة القرن الأفريقي، واستعداد الفاعلين لتجاوز الخطوط الحمراء القديمة حين تفرض الوقائع الجديدة حسابات مختلفة.

السودان في قلب التفاعلات: لاعب أم ساحة؟

رغم الحرب، يجد السودان نفسه اليوم في موقع لا يمكن تجاوزه في حسابات الإقليم. فالتقارير المتداولة (غير المؤكدة رسميًا) عن دعم إثيوبي سياسي أو لوجستي لأحد أطراف الصراع السوداني، تقابلها مواقف معلنة من جانب إريتريا تؤيد المؤسسة العسكرية السودانية، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت المنطقة تشهد اصطفافات غير مباشرة حول الصراع السوداني.

إلا أن من المهم، في خضم هذا، عدم الانزلاق إلى تفسير كل تحرك باعتباره جزءًا من حرب محاور مكتملة الأركان. فبعض التحركات قد تُقرأ أيضًا كمساعٍ لاحتواء التصعيد، أو لتحييد انعكاسات الحرب السودانية على الداخل الإثيوبي، الذي يواجه بدوره تحديات أمنية واقتصادية متزايدة، في تيغراي وأمهرا وغيرهما.

تحولات بلا ثوابت

الزيارة الإثيوبية لبورتسودان – والتي سبقتها وتلتها تحركات إقليمية هادئة – تؤشر إلى أن القرن الأفريقي يعيش لحظة تغيّر لا تحكمها ثنائيات صلبة. لم تعد العلاقة بين الأطراف الإقليمية خاضعة فقط لمنطق الحلفاء والخصوم، بل لمنطق المصلحة المتغيرة، والتهدئة المؤقتة، وإعادة التموضع.

وسط هذه التحولات، يبقى السودان طرفًا محوريًا لا مجرد ساحة نفوذ، إذا ما أحسن إدارة انفتاحه الإقليمي من موقع متماسك، يسعى لبناء السلام، لا تعميق الانقسام.

خاتمة

من المهم قراءة هذه التحركات المتبادلة من زاوية الفرصة، لا فقط من زاوية القلق. فربما، وسط تناقض المصالح وتشابك الحسابات، يجد الإقليم طريقًا نحو تهدئة أوسع، إذا ما التقت إرادة الداخل السوداني مع تحرك إقليمي عقلاني، يتجاوز الرهانات القصيرة نحو استقرار طويل المدى.

الوسومفؤاد عثمان عبدالرحمن

مقالات مشابهة

  • في محاضرة "الصعود إلى القمة: مكتبة الإسكندرية تستقبل متسلقة الجبال منال رستم
  • العدَّاءة ومتسلقة الجبال منال رستم ضيفة مكتبة الإسكندرية في محاضرة الصعود إلى القمة
  • مكتبة الإسكندرية تستضيف مبادرة سر الصناعة بالتعاون مع حياة كريمة
  • لجنة برلمانية تناقش تداعيات استيراد نفايات من دول أوروبية
  • الزيارة الإثيوبية إلى بورتسودان: قراءة في تحولات الإقليم وهواجس التوازن
  • 350 مليار دولار حجم الإنفاق السياحي في الشرق الأوسط بحلول عام 2030
  • كارنيغي: ما الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من الصراع في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • مصر وإيران وتركيا: مثلث التوازن الجديد في الشرق الأوسط
  • تتويج بنك ظفار بجائزة "الأفضل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"
  • خلال 16 دقيقة.. العربة الصحية الأولى من نوعها في الشرق الأوسط تنقذ حاجًا أوغنديًا من نزيف دماغي حاد