كانت كامالا هاريس في دائرة الضوء بشكل متزايد بعد الأداء الكارثي لـ "بايدن"، في ​​مناظرة 27 يونيو/حزيران، مما دفع عددًا كبيرًا من الديمقراطيين إلى مطالبته بالتنحّي كمرشّح، وقد تحققت هذه الرغبات يوم الأحد، عندما قال: إنه لن يسعى بعد الآن، للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لعام 2024.

صحيح أن "هاريس" ليست ـ بعد ـ المرشح الديمقراطي للرئاسة، ولكي تصبح أول امرأة سوداء وأول شخص من أصل جنوب آسيوي يرأس بطاقة رئاسية لحزب كبير، ستحتاج إلى الفوز بدعم أغلبية ما يقرب من 4000 مندوب تعهدوا بدعم بايدن في المؤتمر الوطني الديمقراطي.

بيد أن تأييد بايدن لها جعلها تحتل مكانةً على رأس القائمة، وقد ألقى العديدُ من المنافسين المحتملين دعمهم بالفعل خلفها.

الوقت ينفد

وعلى الرغم أن آخرين – مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر – ظلوا صامتين حتى الآن بشأن من يرغبون في رؤيتهم على رأس تذكرتهم، فإن أقوى البدائل وبعضَ المنافسين الرئيسيين المحتملين لـ"هاريس" – بمن في ذلك حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم وجريتشين ويتمر حاكمة ميشيغان – قد أوضحوا في السابق أنهم لن يترشحوا ضد هاريس، وأيدها حاكم ولاية بنسلفانيا "جوش شابيرو" يوم الأحد. ومارك كيلي.. السيناتور الديمقراطي عن ولاية أريزونا.

ومع ذلك يتعين على هاريس ـ في الأيام المقبلة ـ حشد الدعم بين المشرعين الديمقراطيين والمانحين، والبحث عن مرشح لمنصب نائب الرئيس من بين من ترشحهم التوقعات مثل السيناتور مارك كيلي (أريزونا)، وشابيرو، وحاكم كنتاكي آندي بشير، أو حاكم ولاية كارولينا الشمالية روي كوبر، فضلًا عن عرض قضيتها على الناخبين الذين هم في كثير من الحالات غير متأكّدين مما تفعله، وسيتعين عليها أيضًا أن تبدأ في إقناع المندوبين بأنها المرشحة المناسبة للحزب.

وقد استهلت هاريس حملتها بدعوة رؤساء جميع التجمعات الديمقراطية في مجلس النواب – التجمعات الحزبية للسود في الكونغرس، واللاتينيين، والأميركيين من آسيا والمحيط الهادئ، والتجمع التقدمي بالإضافة إلى ائتلاف الديمقراطيين الجدد – لطلب دعم مجموعاتهم، كما أجرى مساعدون حاليون وسابقون اتصالات هاتفية، واتصلوا بمكاتب الديمقراطيين في الكونغرس لتعزيز الدعم لها.

ولأن الوقت لم يعد كافيًا، لمنح الديمقراطيين، ترف الاسترخاء في البحث عن بديل ـ على الأقل ـ بسيرة ذاتية غير "مجروحة"، يمكن استغلالها لاحقًا في النيل منه، فإنه من المرجح أن هاريس – التي يخلو سجلها العائلي والمهني، من أية مساحات تسمح، لأي اختراقات "مهينة"، قد تخصم من رصيد فرصها في الفوز – أن تكون على "وش القفص" الديمقراطي لمواجهة ترامب المتعجرف، خاصة أن تأييد بايدن السريع لها، عكس مدى إلحاح الديمقراطيين الذين يشعرون بضرورة التوحد خلف مرشح قبل أقل من أربعة أشهر من يوم الانتخابات.

البروباغندا الجمهورية، استهلت "زلزال" بايدن، بخطاب "استخفافي" يرى في هاريس صيدًا سهلًا وأن هزيمتها ستكون نزهة تشبه صيد الأرانب البرية، وأن مجرد إعادة ترتيب الكراسي على متن السفينة "تيتانيك" لن يغير النتيجة، على أساس أن نفس سياسات "هاريس/بايدن" لا تزال قائمة: التضخم المتفشي، والحدود المفتوحة، وارتفاع معدلات الجريمة، وعدم الاستقرار العالمي، وذلك على حد تعبير الخبير الإستراتيجي الجمهوري فورد أوكونيل.

عودة ترامب إلى المربع الأول

بيدَ أن ترامب لم يكن مرشحًا قويًا، إلا بقدر ضعف بايدن بعد أداء الأخير "الكاريكاتيري" في المناظرة الأولى وما تلاها من أحداث: تحويل ترامب إلى زعيم "هوليودي/سوبر" بعد أدائه التمثيلي عقب نجاته من محاولة اغتيال فاشلة قبل أسبوع من إعلان بايدن التخلّي عن رغبته في مواصلة تحدي المرشح الجمهوري، وبات من المؤكد أن الجمهوريين يواجهون مخاطر جديدة، فإذا كانوا قد أمضوا شهورًا في  مهاجمة "جو" بسبب عمره، فإنهم ـ الآن ـ هم الذين يدعمون مرشحًا يبلغ من العمر عتيًا 78 عامًا ضد هاريس البالغة من العمر 59 عامًا.

ويعتقد الديمقراطيون أن تنحي بايدن قد أعاد ترامب إلى مربعه الأول، إلى مرحلة ما قبل المناظرة، مرشحًا يفتقر إلى الحجج المنطقية والصدق في مناقشاته، ولا يزال يتعثر في إقناع الرأي العام الأميركي؛ بسبب سجله الإجرامي: إدانته في مايو/أيار 2024 في "مانهاتن" بنيويورك بأربع وثلاثين تهمة جنائية في قضايا التهرب الضريبي وانتهاك قوانين تمويل الانتخابات برشوة ممثلة إباحية لشراء صمتها بشأن علاقة غير مشروعة بينهما؛ حتى لا يؤثر ذلك على حظوظه في الانتخابات الرئاسية 2016.

فضلًا عن ثلاث قضايا جنائية اتحادية وولائية أخرى، أهمها التحريض على اقتحام مبنى "الكابيتول" في 6 يناير/كانون الثاني 2021 للحيلولة دون انتقال السلطة سلميًا إلى الرئيس المنتخب، وتبجحه مرة أخرى ـ خلال المناظرة ـ بأنه لن يعترف بالهزيمة إذا خسر انتخابات 2024. ناهيك عن أن 159 من علماء الرئاسة صوّتوا له كأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة.

في مقابل ذلك فإن هاريس ـ التي يعوزها الحضور الكاريزمي كما يرى البعض ـ تستقي قوتها من سيرة مهنية وسياسية تجعلها مرشحة "ممتلئة" بالخبرات من جهة ومرشحة تعتمد على مجموعة من  المستشارين الاحترافيين من جهة أخرى، فخلال السنوات الأربع التي قضتها في مجلس الشيوخ، كانت هاريس عضوًا في لجنتي المخابرات والأمن الداخلي بمجلس الشيوخ، ونالت استحسان زملائها في المجلس آنذاك بسبب نهجها "المثير للإعجاب" في عمل اللجان الحساسة، وقامت خلالها برحلات دولية متعددة بصفتها عضوًا في مجلس الشيوخ، حيث زارت أفغانستان والعراق والأردن وإسرائيل في عامي 2017 و2018.

كل الطرق تؤدي إلى هاريس

ومثل معظم الديمقراطيين، صوّتت لصالح تثبيت الجنرال المتقاعد جيم ماتيس كأول وزير للدفاع في عهد ترامب ومنحه إعفاءً من قانون اتحادي يمنع ضابطًا عسكريًا متقاعدًا من العمل كوزير للدفاع لمدة سبع سنوات. وصوتت ضد ترشيحات مايك بومبيو وجينا هاسبل للعمل كمديرين لوكالة المخابرات المركزية. كما عارضت ترشيحات ريكس تيلرسون ولاحقًا بومبيو لمنصب وزير الخارجية وترشيح مارك إسبر وزيرًا للدفاع في عهد ترامب.

وبصفتها نائبة الرئيس، فإن مستشار الأمن القومي لها هو فيليب جوردون، الذي خدم في إدارتي أوباما وكلينتون، وكان في الأصل نائب مستشار الأمن القومي لـ"هاريس" وحل محل نانسي ماكلدوني، إحدى خريجات ​​مجلس الأمن القومي لـ"كلينتون"، فضلًا عن أن جوردون هو خبير في أوروبا ويتمتع أيضًا بخبرة واسعة في الشرق الأوسط.

كما أن نائبة مستشار الأمن القومي لـ"هاريس" هي ريبيكا ليسنر، مسؤولة التخطيط السابقة في مجلس الأمن القومي، حيث أشرفت على إنشاء إستراتيجية الأمن القومي للإدارة.

وعلى النقيض من ترامب ونائبه السيناتور جي دي فانس  ـ جمهوري من ولاية أوهايو ـ، فإن كبار موظفي الأمن القومي لـ"هاريس" هم "تقليديون" و"أمميون"، ما يحمل على الاعتقاد أن وجهات نظرهم ستتناسب بشكل جيد مع رئاسة بيل كلينتون، أو أوباما، التي كانت متسقة مع مخرجات النظام الدولي القائم على القواعد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

رغم وجود "هامش" من الطامحين في الترشح، فإنَّ كلَّ الطرق ـ فيما يبدو للمراقب المدقق ـ تؤدي إلى ما يشبه "الإجماع" على هاريس؛ تجنبًا للفوضى والانقسامات المحتملة التي ستفتُ ـ بالتأكيد حال حدوثها ـ في عضد الحزب، وتخصم من رصيد قدرته على قيادة الولايات المتحدة من جهة، وجعله عرضة لـ"الاستهزاء" من قبل مرشح جمهوري لا يجيد إلى التجريح والشتائم والرهان على هشاشة وارتباك المنافس له من جهة أخرى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأمن القومی لـ مجلس الشیوخ فی مجلس مرشح ا من جهة

إقرأ أيضاً:

واشنطن تدعو إلى تعديل عقوبات مجلس الأمن المفروضة ضد سوريا

حثّت الولايات المتحدة، مجلس الأمن الدولي على تعديل العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة اعتبرتها جزءاً من الجهود الرامية إلى تمكين الحكومة السورية الجديدة من الانتصار في "الحرب على الإرهاب"، في ظل التهديد المتصاعد من تنظيمَي "القاعدة" و"داعش".

وخلال جلسة لمجلس الأمن، مساء الاثنين، خُصصت لمناقشة الملف السوري، أكدت القائمة بأعمال المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، أن واشنطن بدأت مشاورات مع أعضاء المجلس لإعادة النظر في بعض العقوبات المفروضة على دمشق، مشيرة إلى ضرورة التمييز بين الجهات التي تشكّل تهديداً حقيقياً وبين الحكومة السورية التي "أعلنت التزامها بمحاربة الإرهاب".

وقالت شيا: "لقد تعهّدت الحكومة السورية بشكل واضح بمحاربة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وكلا التنظيمين يعارضان صراحة الحكومة الجديدة ويهددان بتقويضها وتدميرها. ينبغي لأعضاء المجلس ألا يستخفوا بهذه التهديدات"، مضيفة أن "المجلس يستطيع، بل يجب عليه، تعديل عقوباته حتى تتمكن الحكومة السورية من الانتصار في هذه المعركة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على العقوبات المفروضة على العناصر الأشد خطراً، والتي لم تغير نهجها".

تقرير أممي يعزز موقف واشنطن
وتأتي دعوة واشنطن في وقت كشفت فيه تقارير غير منشورة أعدّها مراقبو الأمم المتحدة المكلفون بمتابعة العقوبات، أن التحقيقات لم ترصد هذا العام أي "علاقات نشطة" بين الحكومة السورية وتنظيم القاعدة، وهو ما اعتبره مراقبون دعماً غير مباشر للمسعى الأمريكي بتخفيف أو إعادة هيكلة بعض العقوبات.

ومنذ أيار/مايو 2014، تم إدراج عدد من الجماعات السورية، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام"، على قائمة عقوبات مجلس الأمن المتعلقة بتنظيمَي القاعدة و"داعش"، بما يشمل تجميداً دولياً للأصول، وحظراً على السفر وتوريد السلاح.

وتشمل هذه العقوبات أيضاً عدداً من قادة الجماعة، بمن فيهم الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي سبق أن شغل منصب قائد "تحرير الشام"، قبل أن يبتعد عنها إثر تسلمه السلطة عقب سقوط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024.


وتأتي التحركات الأمريكية في الأمم المتحدة بعد أن وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أواخر حزيران/ يونيو الماضي، أمراً تنفيذياً بإنهاء العقوبات الأمريكية على سوريا، معلناً بذلك إنهاء "حالة الطوارئ الوطنية" التي فُرضت عام 2004، والتي شكلت الإطار القانوني لفرض العقوبات الشاملة على النظام السوري لعقود.

وكان ترامب قد صرّح خلال جولته في الشرق الأوسط، في أيار/مايو الماضي، أن الولايات المتحدة ستقوم بـ"رفع شامل" للعقوبات المفروضة على سوريا، بهدف "منح الحكومة السورية الجديدة فرصة حقيقية"، على حد تعبيره. وقد التقى ترامب خلال الجولة بالرئيس السوري أحمد الشرع، في أول لقاء علني بين رئيس أمريكي وزعيم سوري منذ أكثر من عقدين.

مقالات مشابهة

  • كريستي نويم.. مزارعة تقود وزارة الأمن الداخلي في عهد ترامب
  • الخبراء يرجون ترامب: أوقف تصدير شرائح إنفيديا للصين
  • خالد أبو بكر عن خطاب الرئيس السيسى : عبّر عن كل مصري واعٍ ومُدرك لتحديات الأمن القومي
  • الهاجري يعلن ترشحه لرئاسة اتحاد الطاولة لدورة 2025-2028
  • عمر فاتح مرشح الديمقراطيين لعمدة مينيابولس
  • واشنطن تدعو إلى تعديل عقوبات مجلس الأمن المفروضة ضد سوريا
  • هل يُقرب المؤتمر الأممي حل الدولتين أم يزيحه عن الطاولة؟
  • أبو العينين: نوجه التحية للقوات المسلحة والمخابرات العامة لدورهم في حماية الأمن القومي
  • الشباب والرياضة تواصل اجتماعات برلمان شباب مصر لمناقشة قضايا الأمن القومي
  • ترامب يدعو إلى محاكمة هاريس بتهمة دعمها من مشاهير بشكل غير قانوني