رغم التمارين.. لماذا يخسر أشخاص وزنهم أبطأ من غيرهم؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
يخسر بعض الأشخاص الوزن بشكل أبطأ من الآخرين بعد ممارسة التمارين الرياضية، مما كان يثير تساؤلا مشروعا عن السبب. وهو ما تعرّف عليه فريق بحثي من جامعة كوبي.
فمن المعروف جيدا أن التمارين الرياضية تؤدي إلى حرق الدهون، غير أن حرق الدهون بالنسبة لبعض الأشخاص أصعب بكثير من آخرين، مما يثير الشكوك إذا ما كانت الآلية وراء فقدان أو اكتساب الوزن بسيطة مثل أن تزيد السعرات الحرارية التي تُكتسب عن السعرات الحرارية التي تُحرق.
وحدد الباحثون سابقا بروتين يسمى "بي جي سي 1 ألفا" يبدو أنه يربط بين التمارين الرياضية وتأثيراتها. ومع ذلك لم يُحسم إذا ما كانت الزيادة في كمية هذا البروتين تؤدي بالفعل إلى تأثيرات الرياضة أم لا. ويستجيب البروتين بشكل خاص للتمارين القصيرة الأجل ويتحكم في استهلاك طاقة الجسم.
ودرس الفريق ما يحدث للفئران التي لا تستطيع إنتاج البروتين، فهذه الفئران تستهلك كمية أقل من الأكسجين أثناء التمارين، وتحرق كمية أقل من الدهون، وبالتالي تكون أكثر عرضة لاكتساب الوزن. وبما أن الفريق وجد أن هذا الارتباط موجود أيضا لدى البشر، فقد تُوفر المعلومات المكتشفة عن هذه الآلية مسارا لعلاج السمنة.
النسخ المكتشفة جديداوفي الآونة الأخيرة وجد واتارو أوغاوا أخصائي الغدد الصماء في جامعة كوبي وباحثون آخرون أن هناك في الواقع عدة نسخ مختلفة من هذا البروتين.
ووفقا لموقع يوريك اليرت يوضح أوغاوا أن "هذه النسخ الجديدة من بي جي سي 1 ألفا المسماة "ب" و "ج"، لها تقريبا نفس وظيفة النسخة التقليدية "أ"، لكنها تُنتَج في العضلات أكثر من عشرة أضعاف أثناء التمارين، بينما لا تُظهر النسخة "أ" هذه الزيادة.
لذلك قام الفريق بإثبات الفكرة وأن النسخ المكتشفة حديثا -وليست النسخة المعروفة سابقا- هي التي تنظم استهلاك الطاقة أثناء التمارين.
وللتحقق من ذلك أنشأ الباحثون فئرانا تفتقر إلى النسخ "ب" و"ج" من البروتين "بي جي سي 1 ألفا"، بينما لا تزال تملك النسخة "أ" القياسية، وقاسوا نمو العضلات وحرق الدهون واستهلاك الأكسجين للفئران أثناء الراحة والتمارين القصيرة الأجل وكذلك الطويلة الأجل.
كما قاموا بدعوة أشخاص للمشاركة في الاختبار من البشر مع وبدون داء السكري من النوع الثاني، وأخضعوهم لاختبارات مشابهة للفئران، لأن الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الأنسولين والسمنة معروف أن لديهم مستويات منخفضة من البروتين.
ووجد أوغاوا وفريقه في نتائج دراستهم التي نشروها بمجلة "موليكيولر ميتابوليزم" في 23 يونيو/حزيران الماضي، أنه على الرغم من أن جميع نسخ البروتين تُسبب ردود فعل بيولوجية مماثلة، فإن مستويات إنتاجها المختلفة لها عواقب بعيدة المدى على صحة الكائن الحي.
ويعني نقص النسخ البديلة "ب" و"ج" من بروتين "بي جي سي 1 ألفا"؛ أن الكائن الحي غير قادر بشكل أساسي على الاستجابة للنشاط القصير الأجل ولا يتكيف مع هذه المحفزات، مما يؤدي إلى أن هؤلاء الأفراد يستهلكون كمية أقل من الأكسجين ويحرقون كمية أقل من الدهون أثناء وبعد التمارين.
وعند البشر، وجد الفريق البحثي أنه كلما زاد إنتاج الأفراد للنسخ "ب" و"ج" من البروتين، استهلكوا أكسجينا أكثر، وقلت لديهم نسبة الدهون في الجسم سواء أكانوا أفرادا أصحاء أم مصابين بداء السكري من النوع الثاني.
ويلخص أوغاوا هذه النتائج بالقول: "لذلك، كانت فرضية أن الجينات في العضلات الهيكلية تحدد القابلية للإصابة بالسمنة فرضية صحيحة".
ومع ذلك، وجدوا أيضا أن التمارين طويلة الأجل تحفز إنتاج النسخة القياسية "أ" من "بي جي سي 1 ألفا"، وأن الفئران التي مارست الرياضة بانتظام على مدار ستة أسابيع أظهرت زيادة في الكتلة العضلية بغض النظر عما إذا كانت تستطيع إنتاج النسخ البديلة من البروتين أم لا.
دواء يزيد حرق السعراتإضافة إلى الإنتاج في العضلات، نظر فريق جامعة كوبي في كيفية تغيّر إنتاج النسخ المختلفة من "بي جي سي 1 ألفا" في الأنسجة الدهنية، ولم يجدوا أي تأثير ذي صلة استجابة للتمارين.
ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الحيوانات تحرق أيضا الدهون للحفاظ على درجة حرارة الجسم، بحث العلماء في قدرة الفئران على تحمل البرد. وبالفعل وجدوا أن إنتاج النسخ "ب" و"ج" من بروتين "بي جي سي 1 ألفا" في الأنسجة الدهنية البنية يزداد عندما تتعرض الحيوانات للبرد، وأن درجة حرارة جسم الأفراد الذين لا يستطيعون إنتاج هذه النسخ انخفضت بشكل كبير في ظل هذه الظروف.
قد يساهم هذا في زيادة نسبة الدهون في الجسم لهؤلاء الأفراد، لكن من جهة أخرى يبدو أنه يشير إلى أن النسخ "ب" و"ج" من البروتين قد تكون مسؤولة عن التكيفات الأيضية مع المحفزات القصيرة الأجل بشكل عام.
ويشير أوغاوا وفريقه إلى أن فهم النشاط الفسيولوجي للنسخ المختلفة من "بي جي سي 1 ألفا" قد يسمح بوضع طرق علاجية للسمنة. ومؤخرا طُوّرت أدوية مضادة للسمنة تكبح الشهية، ولكنْ لا يوجد أدوية تعالج السمنة بزيادة إنفاق الطاقة. إذا عُثر على مادة تزيد من النسخ "ب" و"ج"، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوية تعزز إنفاق الطاقة أثناء التمارين أو حتى بدونها، وقد تعالج هذه الأدوية السمنة بشكل مستقل عن القيود الغذائية.
ويُجري الفريق الآن أبحاثا لمعرفة المزيد عن الآليات التي تؤدي إلى زيادة إنتاج نسخ البروتين "ب" و"ج" أثناء التمارين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التمارین الریاضیة أثناء التمارین من البروتین کمیة أقل من إلى أن التی ت
إقرأ أيضاً:
أنا بنت من غزة لم أجتز التوجيهي ودفتر أحلامي تحت الأنقاض
هي بنت من قطاع غزة، تكاد تغادر شرنقة الطفولة وتحلق كفراشة في حديقة الحياة الغناء كما تحلم أي طفلة في عمرها، وتنطلق نحو الجامعة، لتدرس التخصص الذي طالما أحبته، وحلم جل أطفال غزة هو أن يصبحوا أطباء، كيف لا وهم لم يروا من الحياة إلا الدم والمآسي والدور المحوري الذي يضطلع به ذوو السترات البيضاء في قطاع محاصر مدمر مباد.
اسمها إيمان، وكان يفترض أن تذهب هذه الأيام لتجتاز امتحان التوجيهي (الثانوية العامة) مع بقية أقرانها في غزة، من الجيل الذي وصل إلى هذه المرحلة من الدراسة، والذي يرى أنه جيل محظوظ ليس لأنه اجتاز كل مراحل الدراسة ووصل للتوجيهي، بل لأنه بقي على قيد الحياة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مدرّسة فلسطينية: نجوتُ من مجزرة في مدرسة بغزة لكن طلابي لم ينجواlist 2 of 2طلبة الثانوية بمخيمات شمال الضفة يعانون في نزوحهمend of listتحكي إيمان للجزيرة نت أن حلمها كان أن تستيقظ صباح الامتحان، وترتدي لباس المدرسة، وتجهز أقلامها، وتحمل بطاقة هويتها وتتوجه إلى مؤسستها التعليمية، مع صديقاتها، والخوف من أسئلة الامتحان، وظروف الامتحان، يملأ قلوبهن.
حلم بسيطويحاولن التغلب على تلك المخاوف بتذكير أنفسهن بأنهن اجتهدن في المذاكرة ومراجعة الدروس منذ اليوم الأول للدراسة، وأن الله لا شك سيفتح بصرهن وبصيرتهن أمام تلك الأوراق البيضاء التي عادة ما ترعب الطلاب الممتحنين، وبشكل خاص المجتهدين المثابرين منهم.
حلم بسيط يبدو عاديا بالنسبة لكل طلاب العالم، إلا في غزة، فقد قررت إسرائيل -وكل من يدعمها- أن يكون حلما مستحيلا، إذ لم تتوقف حرب الإبادة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ففي غزة وحدها، يستشهد طالب التوجيهي قبل أن يستطيع قراءة السؤال الأول من الامتحان.
وهناك على بعد كيلومترات قليلة، في الضفة الغربية المحتلة، والقدس المحتلة، بدأت السبت امتحانات الثانوية العامة، وكشفت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أن 52 ألفا من الطلبة يجتازون الامتحانات، منهم 50 ألفا داخل الضفة والقدس، و2000 موزعون على 37 دولة.
وفي غزة، عدد الطلاب الذين حرموا من اجتياز امتحان الثانوية العامة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يبلغ نحو 78 ألفا، أكثر من 39 ألفا منهم العام الماضي فقط، بحسب الأرقام الرسمية.
إعلانأما عدد الطلاب الذين لم يقدر لهم أن يستمر حلمهم بانتهاء حرب الإبادة واجتياز التوجيهي، واستشهدوا في مجازر جيش الاحتلال المستمرة بالقطاع المحاصر، فقد وصل لحد الآن إلى نحو 4 آلاف طالب، كان يفترض أن يستيقظوا صبيحة الامتحان والخوف يملأ قلوبهم وهم متوجهون نحو المدارس لاجتياز التوجيهي، ثم يتسلموا أوراق الأسئلة ويقدموا إجاباتهم.
وتزيد وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية أن أكثر من 15 ألفا و379 من تلاميذ مدارس غزة استشهدوا في حرب الإبادة المستمرة، في حين يبلغ عدد الجرحى ومبتوري الأطراف نحو 24 ألفا، علما أن حصيلة الشهداء والجرحى ترتفع يوميا.
وبحسب بيانات الوزارة نفسها، فإن عدد الشهداء من طلبة جامعات غزة يكاد يصل إلى الألفين، بينما يصل عدد الجرحى الذين يعانون من إصابات مختلفة -كثير منها خطر- إلى نحو 2500 مصاب.
ولأن صواريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي لا تفرق بين طالب أو مسؤول إداري، فإن عدد الشهداء من الأطر التعليمية والإدارية في قطاع غزة بلغ إلى حدود الثلاثاء 701، مقابل 4 شهداء في الضفة، أما الجرحى فيصل عددهم في القطاع إلى 3015، وفي الضفة 21.
وإلى حدود ظهر الثلاثاء، بلغ عدد شهداء القطاع المحاصر بحسب الأرقام الفلسطينية الرسمية 56 ألفا و991 شهيدا، والجرحى وصل عددهم إلى 138 ألفا و259 جريحا، والمعتقلين بلغ عددهم 18 ألفا و700، والنازحون ناهزوا مليونين.
وفقط في غزة، من الضروري أن تشير إلى التاريخ الدقيق عند الحديث عن الأعداد، فالأرقام التي تبدو ثابتة في مناطق العالم، هي متغيرة دائما في القطاع المحاصر، وبسبب القصف والمجازر المستمرة، ترتفع حصيلة الضحايا في كل ساعة.
وحتى بغض النظر عن ذلك، فهذه الأرقام لا تعكس كل الحقيقة، إذ لا يزال آلاف الشهداء، صغارا وكبارا، رجالا ونساء، تحت أنقاض مباني غزة المهدمة، فلا توجد آليات لرفع الأنقاض واستخراج الشهداء، بل إن مسيّرات الاحتلال وصواريخه، تتربص بكل من يقترب من المباني المهدمة، وتستهدف كل من يتحرك للإنقاذ.
ولم تعرف المدارس والمؤسسات التعليمية -حتى تلك التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)- مصيرا أفضل من مدارس غزة الحكومية، ويذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد المدارس والجامعات المدمرة كليا في غزة بلغ 143، في حين بلغ عدد المدارس والجامعات المدمرة جزئيا 366.
ولا تبدو الصورة مبهجة في الضفة الغربية المحتلة، والوزارة الفلسطينية المختصة تؤكد أن عدد الشهداء من الطلاب وصل إلى 103، والجرحى 691، والمعتقلين 361.
وفي قطاع غزة، يرى العالم أن هدم المستشفيات والمنازل والمؤسسات التعليمية والمساجد والكنائس أمر عادي "في إطار حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، مثلما يرى أن تحطم أحلام بنات غزة وأبنائها أمر عادي أيضا، ودائما في إطار حق الدفاع عن النفس.
أما إيمان فتؤكد للجزيرة نت باكية أن أملها -وأقرانها- معلق باحتمال أن تجتاز امتحان التوجيهي يوما ما، وإن كان ما جرى لن ينسى أبدا.
وفي زمن مضى قبل اندلاع حرب الإبادة، كان يوم ظهور النتائج يوما مشهودا في القطاع المحاصر، إذ تغمر السعادة ليس فقط بيت الناجحين، بل الحي بأكمله، حيث يتوافد الجيران على بيت الناجح فيهنؤون الوالدين، ويشاركونهم الفرحة الغامرة التي لطالما انتظروها على أحر من الجمر.
إعلانوحتى الراسبون كانوا يجدون من يحنو عليهم، وكان الناس يواسي بعضهم بعضا، فتدلف هذه الأسرة عند جيرانها وتمسح على قلوبها الحزينة وتروي آمالها بمستقبل أفضل مع العام القادم، وتشحذ همة الراسب وتحثه على التشبث بالأمل والمزيد من الجد والاجتهاد.
أما اليوم، فلا توجد امتحانات توجيهي، ولا نتائج، ولا نجاح، ولا رسوب، والناس يواسي بعضهم بعضا لفقدان العائلة كلها، في المجزرة التي ارتكبت هنا أوهناك أو هنالك، ويفرح بعضهم لبعض إن وجد أحدهم كيس طحين، أو عاد عائلهم من مركز توزيع المساعدات حيا ونجا من رصاص المحتل أو من دهس أقدام الهاربين المجوعين.
إيمان تقول والدموع تجري من مآقيها: "الورقة والقلم والامتحان ربما يحين موعدها مع انتهاء الحرب العام القادم، أو العام الذي يليه، أو الذي يليه، لكن قلبي الذي انكسر اليوم مع بدء امتحانات التوجيهي، هل سيجبر يوما؟".
وليس فؤاد إيمان وأقرانها وحده الذي انكسر، بل أفئدة كل من ألقى السمع وهو شهيد متابعا بألم حرب إبادة غزة ومآسيها اليومية، وشاهدا على رسوب قادة العالم في امتحان بسيط هو امتحان الإنسانية.