اتفق الوزيران على الدور الهام والمحوري لدول جوار السودان وأهمية الاستئناس برأيها والاستماع إلى رؤيتها.

التغيير: وكالات

استقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، وزير خارجية السودان المُكلف حسين عوض، وذلك في لقاء ثنائي أعقبه جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.

وناقش الوزيران المبادرات الإقليمية المطروحة للتعامل مع الأزمة السودانية، واتفقا على الدور الهام والمحوري لدول جوار السودان وأهمية الاستئناس برأيها والاستماع إلى رؤيتها، لاسيما مصر التي تبذل حهوداً مضنية لمساعدة السودان فى هذا التوقيت الهام واللحظة المفصلية في تاريخه المعاصر.

وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات صحفية عقب اللقاء، أن عبد العاطي أكد على أن مصر لن تألو جهداً من أجل مساعدة السودانيين لتجاوز التحديات السياسية والأمنية والإنسانية الناجمة عن الحرب الجارية.

كذلك استعرض عبد العاطي هدف المبادرة المصرية بالدعوة إلى مؤتمر للقوى السياسية والمدنية السودانية، والذي عقد بالقاهرة يومي 6 و7 يوليو الجاري، باعتباره منصة جامعة لكافة القوى السياسية المدنية السودانية.

منوهاً إلى أن أهم مخرجات المؤتمر تمثلت فى التأكيد على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وتوفير الدعم الإغاثي والإنساني للسودان ودول الجوار، وملكية الشعب السوداني للعملية السياسية.

وأضاف أبو زيد، أن وزير الخارجية المصري شدد على أهمية أن تعمل الدول والمنظمات المانحة على الإسراع بالوفاء بتعهداتها خلال مؤتمري جنيف (يونيو 2023) وباريس (إبريل 2024) لدعم السودان ودول الجوار المستقبلة للاجئين.

بجانب دعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، وسد الفجوة التمويلية القائمة، منوهاً باتصالات مصر المكثفة مع كافة الدول المانحة والمنظمات الإنسانية لحثهم على مشاركة الأعباء مع حكومة تسيير الأعمال في السودان ودول الجوار.

من جانبه، أعرب الوزير السوداني عن شكره للتسهيلات والخدمات التي تقدمها مصر للمواطنين السودانيين منذ بدء الأزمة، بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى الجهود والمبادرات المصرية الرامية لحل الأزمة في السودان.

الوسومالخرطوم السودان القاهرة حرب الجيش والدعم السريع مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخرطوم السودان القاهرة حرب الجيش والدعم السريع مصر

إقرأ أيضاً:

فصل تاريخ مصر الفرعونية عن حضارات النوبة والسودان القديم- فتحٌ معرفي ضد التهميش

zuhair.osman@aol.com


فصل تاريخ مصر الفرعونية عن حضارات النوبة والسودان القديم: فتحٌ معرفي ضد التهميش وإعادة توازن للرواية التاريخية
مقدمة
العلاقة بين التاريخ المصري القديم وتاريخ النوبة والسودان القديم ليست علاقة تبعية أو امتداد بسيط، بل هي علاقة معقدة ومتعددة الأوجه. لعقود طويلة، ظلّت الرواية التاريخية الرسمية – سواء في مصر أو في الكتابات الغربية – تُقَدِّم حضارات وادي النيل من زاوية مركزية مصرية خالصة
تضع النوبة في خانة التابع أو “الهامش الحضاري”. لكن الدراسات الحديثة، لا سيما في السودان، قلبت هذا السرد رأسًا على عقب، وبدأت تُعيد للنوبة مكانتها المستقلة كمركز حضاري أصيل، له تاريخه الخاص، وإن تشارك مع مصر في الجغرافيا والتأثيرات.
أولًا: سردية التهميش في الرواية المصرية والغربية
1. مصرنة النوبة في النصوص القديمة
في النقوش الهيروغليفية، ظهرت النوبة (جنوب مصر حتى شمال السودان) كأرض غنية بالذهب والعاج، وأُطلق عليها "تا-ستي" أو "كوش"، غالبًا في سياق الحملات العسكرية أو كرمز لـ"الهمجية" المغايرة لتمدّن المصريين. وتواصل هذا النهج في السرديات الأكاديمية الغربية التي دعمتها
عقلية استعمارية مبكرة، رأت في مصر بوابة "الحضارة" وفي بقية إفريقيا رمزًا للتأخر.
2. التحيز الأكاديمي في القرنين 19 و20
الدراسات الغربية والمصرية المبكرة – وحتى بعض المناهج التعليمية اليوم – اعتبرت أن مملكة كوش في السودان (800 ق.م – 350 م) ما هي إلا محاولة "تقليد" للحضارة المصرية. تجاهلوا أن مروي وكرمة ونبتة كلها حضارات قائمة بذاتها، لها لغاتها وعمارتها ونظم حكمها وفنونها.
حتى الأسرة 25، التي حكمت مصر نفسها (بعنخي وطهارقة وغيرهم)، لم يُنظر إليها إلا من خلال "مصرانيتها" لا "نوبتها".
ثانيًا: الفتح المعرفي الجديد في الدراسات السودانية
1. الاستقلال الثقافي والسياسي للنوبة
الاكتشافات الأثرية في كرمة ومروي وجبل البركل كشفت عن ممالك قوية، ذات سيادة سياسية، وشبكات تجارية ضخمة. مدن محصنة، معابد، كتابات، وأهرامات نوبية صغيرة الحجم لكنها تفوق نظيرتها المصرية عددًا وتنظيمًا. كما أظهرت عبادة الإله آمون في نبتة قبل تأثيرها المصري
وهو ما يعكس تبادلاً ثقافيًا لا تبعية أحادية الاتجاه.
2. تحوّل السردية إلى مركزية نوبية
بدأت جامعات ومراكز بحث سودانية وأجنبية – بدعم من هيئات دولية – في تفكيك السرديات القديمة، وتأكيد أن النوبة كانت صاحبة مشروع حضاري خاص. مشاريع مثل البعثات البولندية في النوبة، أو الاكتشافات في الكُرُوة عام 2003، أبرزت الثراء الفني والسياسي للحضارة النوبية
قبل توحيد مصر نفسها.
ثالثًا: من "هامش" إلى "مركز".. إعادة تعريف التاريخ
ما جرى في العقود الأخيرة هو أكثر من مجرد "تصحيح تاريخي"، بل هو فتحٌ معرفي ذو بعد سياسي وثقافي. لم يعد ممكنًا الحديث عن تاريخ وادي النيل دون الاعتراف بـ:


أن النوبة السودانية ليست تابعة للحضارة المصرية، بل كانت في أحيان كثيرة سيدة الموقف (الأسرة 25 مثالًا).


أن العلاقة بين الشمال (مصر) والجنوب (النوبة/السودان) كانت علاقة أخذ وعطاء، لا علاقة غزو وثبات.


أن الرواية المصرية الرسمية بحاجة لمراجعة لا تنفي فضلها، بل تُدرج النوبة كطرفٍ متكافئ في صنع الحضارة.


رابعًا: أبعاد سياسية في المعركة التاريخية
الرواية التاريخية ليست محايدة. فهي تُستخدم اليوم في:


قضايا الهوية الوطنية: السودان يُعيد تأسيس تاريخه على مركزية نوبية – إفريقية، بديلة عن النموذج القومي العربي أو الإسلاموي.


نزاعات الحدود: كما في منطقة حلايب وشلاتين، حيث يُستدعى "الحق التاريخي" كأساس للادعاءات، دون تفكيك الخلفيات التاريخية المعقدة.


الصراع الثقافي بين السودان ومصر: إذ تُستخدم رمزية "الفرعون الأسود" و"أصل الحضارة من الجنوب" لإعادة توازن القوى الرمزية.


تصحيح لا إقصاء
ليس المقصود من هذا الفتح المعرفي إقصاء مصر من سردية وادي النيل، ولا إنكار التداخل الثقافي العميق. بل هو دعوة لتوازن الروايات، وللاعتراف بأن السودان – ممثلًا في النوبة وكوش وعلوة والمقرة – لم يكن هامشًا في حضارة مصر، بل مركزًا مستقلًا تفاعل مع الشمال
بوعي حضاري متقدم. إن استعادة النوبة لمكانتها التاريخية، ليست مجرد مسألة علمية، بل خطوة باتجاه تحرير الذاكرة الإفريقية من الاستعمار المعرفي، وبناء سردية وطنية سودانية واثقة من جذورها.


ختاماً، لا بد من توجيه الشكر والتقدير لكل الباحثين والمفكرين الذين أسهموا في إعادة النظر في العلاقة بين التاريخ المصري القديم وتاريخ النوبة والسودان، وفصل المسارات الحضارية في أهم مصادر التاريخ العالمي، بعيداً عن الهيمنة المركزية أو القراءة الاستعمارية.
لقد تمكنت الدراسات الحديثة، المدعومة بالاكتشافات الأثرية والنقد المعرفي، من تفكيك التصورات القديمة التي صوّرت النوبة كـ"هامش" للحضارة، لتعيد لها مكانتها كمركز حضاري أصيل، تفاعل مع مصر ونافسها وامتد تأثيره عميقاً في القارة الأفريقية.


هذا التحول لا يُنكر الصلات التاريخية المتبادلة، لكنه يصحح الخلل البنيوي في السرديات، ويمنح النوبة والسودان القديم حقهما في التاريخ بوصفهما فاعلين، لا توابع. إنه جهد يتجاوز مجرّد التوثيق الأكاديمي، ليعيد أيضاً تشكيل وعيٍ جديد بالهوية والذاكرة
ويؤسس لفهمٍ أكثر عدلاً وإنصافاً للتاريخ الإنساني في وادي النيل.


[/B]


الهوامش والمراجع الأكاديمية الهامة
Adams, William Y.
Nubia: Corridor to Africa. Princeton University Press, 1977.


دراسة رائدة تعتبر النوبة كجسر حضاري مستقل نحو قلب أفريقيا وليس مجرد منطقة هامشية.


Trigger, Bruce G.
The History of Nubia. In Civilizations of the Nile Valley, edited by Kent Weeks. American University in Cairo Press, 1996.


يقدم رؤية متوازنة لحضارات وادي النيل، ويؤكد على استقلالية النوبة وممالكها.


Török, László.
The Kingdom of Kush: Handbook of the Napatan-Meroitic Civilization. Brill, 1997.


من أهم المراجع عن مملكة كوش، وتحليل شامل لثقافتها ومؤسساتها الدينية والسياسية.


Welsby, Derek A.
The Kingdom of Kush: The Napatan and Meroitic Empires. Markus Wiener Publishers, 1996.


يسرد تطور كوش من نبتة إلى مروي مع تسليط الضوء على التميز المعماري والديني.


Shinnie, Peter.
Ancient Nubia. Methuen & Co Ltd, 1978.


من أوائل الدراسات التي دعت لإعادة الاعتبار إلى النوبة بوصفها حضارة قائمة بذاتها.


Al-Shayeb, Abdel Rahim (عبد الرحيم الشايب)
تاريخ السودان القديم: من عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية مملكة مروي. دار الفكر، الخرطوم، 2003.


مرجع عربي مهم يسرد تاريخ السودان القديم بلغة نقدية تُراجع الرواية المصرية.


Morkot, Robert G.
The Black Pharaohs: Egypt's Nubian Rulers. Rubicon Press, 2000.


يناقش الأسرة الخامسة والعشرين ويثبت أن الفراعنة السود لم يكونوا غزاة بل ورثة شرعيين لحضارة النيل.


Ahmed, Salah M.
The Archaeology of the Sudan: From the Earliest Times to the Present. Routledge, 2014.


يربط بين البعد الأثري والهوية الثقافية السودانية ويضع النوبة ضمن السياق الأفريقي الأوسع.


Fahim, Hussein.
Egyptian Nubians: Resettlement and Years of Coping. University of Utah Press, 1981.


دراسة أنثروبولوجية تُبرز أثر السرديات التاريخية على الهوية النوبية المعاصرة.


Heidorn, Lisa A.
“Historical implications of the pottery from El-Kurru.” Journal of the American Research Center in Egypt, vol. 28, 1991, pp. 139–148.


توثيق أثري هام يكشف خصوصية الثقافة النوبية.

 

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث التحديات الإقليمية
  • الصحة العالمية: نزوح أكثر من 14.5 مليون سودانى بسبب الأزمة الإقليمية
  • و‎زير الدولة بوزارة الخارجية يجتمع مع وزير خارجية أرمينيا
  • فصل تاريخ مصر الفرعونية عن حضارات النوبة والسودان القديم- فتحٌ معرفي ضد التهميش
  • وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية ماليزيا
  • سمو وزير الخارجية يلتقي وزيري خارجية إسبانيا والنرويج في مدريد
  • وزيرا خارجية الأردن وقبرص الرومية يبحثان جهود وقف الحرب بغزة
  • وزير الخارجية ووزير خارجية إسبانيا يناقشان المستجدات في قطاع غزة والضفة الغربية والجهود المبذولة بشأنها
  • سمو وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية النرويج
  • وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل نائب الأمين العام للشؤون السياسية بجهاز العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي