الجزيرة:
2025-05-18@13:41:45 GMT

السوريون في الاقتصادَين المصري والتركي

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

السوريون في الاقتصادَين المصري والتركي

تركّز العديد من البلدان على جذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسيات أو رجال الأعمال الكبار. تهدف هذه الاستثمارات إلى زيادة معدلات النمو، وإنعاش الناتج القومي الإجمالي لتحقيق التنمية المستدامة. ومع ذلك، هناك نوع آخر من الاستثمارات الأجنبية الأصغر حجمًا التي لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق فوائض ربحية عالية.

ورغم أنها صغيرة الحجم وتعمل في مجالات متعددة، فإنها قد تُحدث طفرة كبرى في اقتصادات البلدان المضيفة.

ينطبق هذا الأمر على الاستثمارات التي جلبها المهاجرون السوريون منذ بدء الأزمة الداخلية في سوريا إلى الاقتصادين المصري والتركي. تساهم هذه الاستثمارات في مواجهة البطالة وخلق الوظائف، وسد الفجوة التمويلية، وتحسين الكفاءة الإنتاجية عبر دعم التنافسية وتوسيع الأسواق. كما تقدم رأس المال والتكنولوجيا والخبرات الفنية، مما يزيد من إنتاجية العمل. تساهم هذه الاستثمارات أيضًا في تطوير المؤسسات والمهارات وتحسين هياكل الإنتاج والقيمة المضافة، وجذب المزيد من الاستثمارات وتحسين التجارة الدولية.

لم يكن لهذه الاستثمارات أهمية كبيرة قبل الأحداث التي وقعت في سوريا بداية من عام 2011. حيث تسببت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هجرة ملايين السوريين إلى الخارج. تحملت لبنان ومصر وتركيا والأردن العبء الأكبر من هذه الهجرة، وأصبح تركيز الهجرة نحو مصر وتركيا بمرور الوقت. يتميز اقتصادا البلدين باتساع السوق المحلي، وزيادة حركة التجارة الخارجية. كما تتميز تركيا بمشاركة سوريا الحدود الجغرافية، بينما تتميز مصر بوحدة اللغة والثقافة وحالة الوئام التاريخي بين الشعبين.

في مصر، يعيش نحو 1.5 مليون سوري. لا يواجه هؤلاء مصاعب كبيرة في العيش على عكس تركيا، حيث يعيش السوريون تحت بند "الحماية المؤقتة". ووفقًا لدائرة الهجرة التركية، يبلغ عدد السوريين في تركيا 3,112,683 نسمة، وهم يواجهون أحيانًا موجات عنصرية طاردة، رغم أنهم لا يزاحمون الأتراك في مجالات العمل بشكل ظاهر. التعقيدات البيروقراطية تبدو أكثر وطأة في تركيا، التي تعرف سياسة الترحيل المنظم. وتشير بعض التقديرات إلى أن السلطات التركية تنوي ترحيل 200 ألف سوري خلال عام 2024.

في مصر، يتواجد السوريون بتأشيرة سياحية مؤقتة، أو بصفة لاجئ، أو دارس، أو برخصة عمل. لا يستطيع حاملو التأشيرة السياحية أو اللاجئون فتح حساب بنكي أو الحصول على رقم هاتف جوال، بينما يواجه من يرغب في الحصول على رخصة عمل إجراءات أمنية وإدارية معقدة.

الإجراءات الإدارية ليست موجهة لجنسية محددة، لأن المصريين أنفسهم يعانون تاريخيًا من البيروقراطية الحكومية. يشترط على حامل رخصة العمل ألا يزاول مهنة الإرشاد السياحي أو يمارس التجارة الخارجية، ويشترط القانون ألا يعمل أكثر من 10% من العمال الأجانب في أي مؤسسة. ولهذا يلجأ بعض السوريين المسجلين كلاجئين، للعمل من الباطن وراء ستار سوريين آخرين نجحوا في تخطي العقبات الإدارية، مما يجعل قطاع العمل الأجنبي غير الرسمي كبيرًا.

في تركيا كذلك، يصعب إصدار رخص عمل للمستثمرين السوريين؛ بسبب التعقيدات البيروقراطية والأمنية، ويعمل السوريون بكثافة عند بعضهم البعض؛ نتيجة لمشكلات التواصل اللغوي. أصبح القطاع الاستثماري الأجنبي غير الرسمي متضخمًا في تركيا أكثر من مصر؛ بسبب زيادة أعداد المهاجرين.

ولكن تركيا لا تحظر على السوريين العمل في قطاع التجارة الخارجية كما هو الحال في مصر، حيث يقدر مركز حرمون السوري للدراسات أن 55% من أعمال السوريين في تركيا مركزة في قطاع التصدير، أو تستهدف مجتمع السوريين هناك.

وقد ذكر رجل الأعمال السوري عبد الغفور عصفور أن السوريين في تركيا يصدرون إلى 50 بلدًا أجنبيًا، وأن قيمة صادراتهم بلغت 500 مليار دولار. ولكن، وعلى عكس مصر، تقوم السلطات التركية مؤخرًا بحملات منظمة مستمرة لترحيل السوريين، بمن في ذلك المستثمرون؛ بسبب مشكلات الإقامة.

يتركز المستثمرون السوريون في مصر في القاهرة والجيزة والإسكندرية، بينما تتركز غالبيتهم في تركيا في ولايات إسطنبول، وغازي عنتاب وأورفا الحدوديتين.

أقدم السوريون في مصر وتركيا على الاستثمار في مجالي المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أسسوا آلاف المطاعم وعملوا في الصناعات التحويلية الخاصة بالنسيج والملابس والمفروشات والمعجنات ومنتجات الألبان وتقديم الخدمات. وقد بلغ حجم استثماراتهم الرسمية في مصر 800 مليون دولار، وَفقًا لتقرير صادر عن هيئة الاستثمار المصرية. ويتوقع أن يكون حجم الاستثمار الحقيقي أكبر بكثير.

أمّا في تركيا، فقدرت غرفة تجارة إسطنبول حجم أعمالهم عام 2017 بنحو 1.96% من الناتج القومي الإجمالي، وتوقعت أن يصل إلى 4.05% بحلول عام 2028. واليوم، يبلغ حجم استثماراتهم نحو 10 مليارات دولار، حسب تقديرات مركز حرمون للدراسات الذي توقع أن يكون السوريون قد ساهموا في توفير نحو 700 ألف فرصة عمل في تركيا.

تشهد الاستثمارات السورية في تركيا ومصر نموًا مطردًا رغم المصاعب، ويسعى مجتمع الأعمال في البلدين لحماية وتسهيل هذه الاستثمارات من خلال تنظيم أنفسهم في مؤسسات مجتمع مدني لرجال الأعمال السوريين.

في مصر، هناك "تجمع رجال الأعمال السوريين" منذ 2013 برئاسة خلدون الموقع، و"جمعية الصداقة المصرية السورية" برئاسة طلال العطار، وتتعاون الجمعيتان مع غرفة التجارة بالقاهرة والسلطات المصرية.

وفي تركيا، توجد "جمعية رجال الأعمال والصناعيين العرب" (أسياد) برئاسة عبد الغفور عصفور، و"جمعية سياد" برئاسة زياد شمعون، و"تجمع رجال الأعمال السوريين بتركيا" (سورياد) في غازي عنتاب.

خلاصة القول؛ الاستثمارات السورية فاعلة بشكل كبير، وهي واحدة من أكبر الاستثمارات الأجنبية المتوسطة والصغيرة في مصر، كما تشكل نحو 14% من حجم الاستثمار الأجنبي في تركيا. وتواجه هذه الاستثمارات تحديات في تركيا؛ بسبب موجة العنصرية الأخيرة. وهي في مصر، الأولى من حيث حجم الاستثمار الفردي الأجنبي، وتنمو بسرعة نتيجة العقلية التجارية للمواطن السوري. وشيئًا فشيئًا، نقل عديد من التجار ورجال الأعمال أهلهم إلى مصر، وأودعوا في البنوك المصرية نحو 20 مليار دولار.

الوضع الآمن للسوريين في مصر يجعلها بيئة أفضل للأعمال السورية، مقارنة بالوضع الحالي في تركيا، حيث تزداد الموجة العنصرية، ومعها تتزايد عمليات الترحيل، وترفض البنوك تمويل مشروعاتهم التجارية، ورغم كل ذلك، يظل وضع السوريين في هذين البلدين أفضل منه في بلدان عربية أخرى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه الاستثمارات الاستثمارات ا رجال الأعمال السوریین فی فی ترکیا فی مصر

إقرأ أيضاً:

مخاوف لبنان تدفع بأوضاع اللاجئين السوريين إلى الواجهة

تصاعدت حدة الموقف السياسي اللبناني بشقيه الرسمي والحزبي تجاه الوجود السوري في لبنان، عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وبلغ التصاعد ذروته، حين اتهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الحكومة بالتهاون إزاء ما وصفه بمخاطر استمرار وجود اللاجئين، داعيا إلى ترحيلهم فورا.

ووصف باسيل اللاجئين السوريين في بلاده بالمحتلين، وقال في 26 أبريل/نيسان الماضي "كما حررنا لبنان من الاحتلال السوري مرّة، سنحرره مرة جديدة من هذا الاحتلال المقنع بالعمل الإنساني"، في تصريحات وصفها نشطاء بـ"التحريضية".

وبينما يرى المسؤولون اللبنانيون أن الوجود السوري في لبنان كبد الاقتصاد خسائر وعمق أزماته الاجتماعية والاقتصادية، وأن الوقت قد حان لعودتهم، اعتبرت تقارير دولية أن ملف اللاجئين السوريين ليس مسؤولا عن تلك الأزمات.

لاجئون سوريون في مخيم عشوائي بمنطقة المرج في البقاع اللبناني (رويترز) الظروف القانونية لوجود السوريين تغيرت

لطالما بقي الوجود السوري في لبنان، حاضرا في أروقة السياسة الداخلية طيلة السنوات الماضية، إذ يرى خبراء، أن سقوط نظام الأسد، أسهم بشكل كبير في زيادة التحريض ضد 1.5 مليون لاجئ سوري تقريبا.

وشدد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجي، على أن لبنان تحمل لأكثر من عقد عبئا غير متناسب، حيث شكل اللاجئون السوريون ما يقرب من ربع السكان، مما تسبب بضغط على اقتصاده، وبنيته التحتية، وخدماته العامة. أما اليوم، فقد حان الوقت لاتباع نهج سريع ومتدرج ومنسق لمعالجة هذه الأزمة، بطريقة تعكس المشهد الجيوسياسي المتغيّر في سوريا، وفق قوله.

وتابع رجي، في كلمة خلال المؤتمر التاسع الذي نظمه الاتحاد الأوروبي لدعم مستقبل سوريا، "نحن أمام واقع جديد، حيث يعرب السوريون أنفسهم عن رغبتهم في العودة والمشاركة في صنع مستقبل بلادهم. وتمثل هذه الحماسة فرصة فريدة لنا كي نسهم في تسهيل عودتهم".

في حين أظهر استطلاع حديث أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 35.5 ألف سوري مستعدون للعودة من لبنان خلال الأشهر الـ12 المقبلة، إذا ما قدمت لهم الموارد المالية والدعم اللازمان.

إعلان

واعتبر وزير الخارجية اللبناني أنه لم يعد هناك أي مبرر قانوني لاستمرارهم، مؤكدا أن "الظروف تغيرت، وتبين الوقائع أنهم لم يعودوا فارين من الحرب، أو من الاضطهاد، بل أصبحوا في الواقع مهاجرين اقتصاديين. ولم يعد من المنطق تمويل المهاجرين الاقتصاديين في لبنان لأن جوهر وضع اللاجئ مرتبط ارتباطا وثيقا بظروف النزوح، وعندما تتغير هذه الظروف، يجب أن يتغير التعاطي معها".

في الطريق إلى سوريا

من جانبها، ذكرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 300 ألف لاجئ سوري في لبنان عادوا إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد. ويشكل هؤلاء نحو 20% من إجمالي عددهم البالغ وفق تقديرات رسمية نحو 1.5 مليون لاجئ.

ورغم أن أعداد العائدين تبدو قليلة نسبيا، فإن المفوضية ترى أن هناك اتجاها متزايدا ومنتظما لعودتهم. فقد كشفت محادثاتها مع اللاجئين بصورة عامة، أن معظمهم يرغبون بالعودة، لكنهم ما زالوا في حالة انتظار وترقب، حتى تتضح العديد من القضايا داخل البلاد.

وبعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعهد الرئيس السوري أحمد الشرع بعودة أغلب اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال عامين. في وقت تحتاج سوريا إلى مزيد من التعافي وإنعاش الاقتصاد وبناء ما دمرته الحرب، بعد أن خسرت نحو 700 مليار دولار، وفق مصادر دولية.

وأكد الرئيس الشرع في مقابلات إعلامية، على ضرورة خلق بيئة آمنة تعزز هذه العودة، مترافقة مع دعم اقتصادي وسياسي إلى جانب تنسيق مستمر مع المجتمع الدولي، لتحقيق استدامة الحلول السياسية والاقتصادية التي ستشهدها البلاد على هذا الصعيد.

وبخلاف تركيا والأردن، اللتين استقبلتا نحو 5 ملايين لاجئ سوري، لم يتمكن لبنان من وضع إستراتيجية حكومية متكاملة للتعامل مع أزمة اللجوء وتداعياتها.

وقالت بيانات وزارة الداخلية التركية، إن نحو 176 ألف لاجئ عادوا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد وحتى منتصف أبريل/ نيسان الماضي، ضمن برنامج عودة طوعية آمنة، ليصل إجمالي الذين غادروا تركيا منذ عام 2017 نحو مليون لاجئ تقريبا.

إعلان

أما بالنسبة للأردن، فقد بلغ عدد اللاجئين العائدين في الفترة نفسها وفقا لبيانات المفوضية نحو 49 ألف لاجئ، 53% منهم عائلات كاملة، و47% بشكل جزئي.

سوريون عائدون من لبنان يعانقون ذويهم عند نقطة المصنع الحدودية مع سوريا (رويترز) ضغوط متنوعة ومعالجات شعبوية

ويرى الناشط الحقوقي السوري طارق الحلبي، المقيم في بيروت في حديث للجزيرة نت، أن معظم الإجراءات التي استهدفت السوريين كانت تتسم بالشعبوية وردود الفعل، نتيجة ضغوط سياسية مارستها أطراف ما زالت تنظر إلى ملف اللجوء من زاوية تحريضية أثارت مخاوف المجتمع.

وفي فبراير/ شباط الماضي، تقدم نواب إلى البرلمان اللبناني باقتراح قانون معجل يحظر على المصارف اللبنانية وفروع المصارف الأجنبية العاملة في لبنان وشركات تحويل الأموال ووسائل التحويل الإلكتروني، استقبال حوالات مالية مخصصة للاجئين السوريين أو تحويلها أو دفعها لهم نقدا، مهما كانت عملة التحويل أو الدفع أو مصدرها، بما فيها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والجمعيات والهيئات غير الحكومية.

من جهة أخرى، تلقى لبنان مساعدات أممية خلال العقد الأخير كغيره من الدول التي استضافت اللاجئين السوريين، بهدف تعزيز استجابته، كان آخرها مليار يورو قدمتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، العام الماضي.

وأوضحت المفوضية الأوروبية أن الهدف من الحزمة المالية الأخيرة دعم استقرار لبنان، وتعزيز خدماته الأساسية كالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى دعم إصلاحات اقتصادية ومالية ومصرفية ملحة، تغطي احتياجاته حتى عام 2027.

وربطت المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط، دوبرافكا شويتزا، صرف القسم الأخير من الحزمة، البالغ قيمته 500 مليون يورو، بتنفيذ إصلاحات -تأخر تنفيذها- تتعلق بهيكلة القطاع المصرفي، والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

إعلان

وبهذا الصدد، نفت تقارير البنك الدولي أن تكون الأزمة التي يتعرض لها الاقتصاد اللبناني حتمية، بل جاءت نتيجة سياسات متراكمة وسوء إدارة.

وأرجعت ضعف مؤسسات الدولة وعرقلة إصلاح الاقتصاد وتدهور الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وإدارة النفايات، إلى اتباع المسؤولين في السلطة سياسات مالية ونقدية خاطئة، انعكست تأثيراتها السلبية على المجتمع.

أزمة إدارة ملف

وفي السياق، انتقد الخبير الاقتصادي وليد القوتلي ما يثار حول وجود علاقة بين الوجود السوري والضائقة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان منذ عام 2018، مشيرا إلى أن الحديث عن الوجود السوري برمته كان يخضع في الواقع لدوافع سياسية وصراعات حزبية حادة، بلغت ذروتها حين بقي لبنان بلا رئيس قرابة عامين.

ووصف أزمة اللاجئين بأنها "أزمة إدارة ملف"، تمت معالجته بطريقة تخالف ما كانت تقتضيه مصالح لبنان الاقتصادية، كحاجته الملحة لاستثمارات السوريين، والعمالة السورية المؤهلة والمدربة بشكل جيد.

وأوضح القوتلي، في حديثه للجزيرة نت، أن استبعاد عامل غياب التخطيط الوطني الشامل أثناء الحديث عن الأزمة، والتركيز فقط على فزاعة التوطين، كما جرى مؤخرا، لم يعد مقنعا، خاصة بعد أن سقط نظام بشار الأسد، وأصبحت العودة إلى سوريا متاحة، بل تستعد أغلب العائلات للعودة فور استقرار الوضع الخدمي والإنساني.

ونوه إلى أن الإجراءات التي فرضت على اللاجئين، كعدم تشغيل أو إيواء أو تأمين سكن لمن يقيمون بطريقة غير قانونية، وعدم السماح للمسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين ممارسة أي عمل مأجور من خارج قطاعات العمل المحددة لهم، وإقفال كل المؤسسات والمحال المخالفة التي يديرها أو يستثمرها سوريون، إضافة إلى إجراءات أمنية أخرى، إنما مثلت أحد أوجه الضغط الذي مورس عليهم لإعادتهم إلى بلادهم بشكل قسري.

وفي السياق، أشارت مسؤولة التقاضي الإستراتيجي في منظمة المفكرة القانونية للأبحاث والمناصرة المحامية غيدة فرنجية إلى أن الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين الداعي لإعادتهم فوراً، غالباً ما يستند إلى وقائع غير صحيحة.

إعلان

وأوضحت أن المنظمة (مقرها بيروت) طالبت بضمان عودتهم بشكل طوعي وآمن وكريم، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، نظراً لعدم استقرار الأوضاع في سوريا.

ويحتاج اللاجئون السوريون في لبنان إلى فترة زمنية قد تمتد عدة أشهر، قابلة للتمديد، كما فعلت دول مماثلة، من أجل أن يتمكنوا من ترتيب أمورهم قبل مغادرتهم لبنان بشكل طوعي وتدريجي.

3 مخاوف رئيسية

غير أن تقريرا أعدته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تناول في جانب منه رؤى اللاجئين السوريين للمرحلة التي تلت سقوط نظام الأسد، أفصح عن وجود 3 مخاوف أساسية تدفعهم للتريث في اتخاذ قرار العودة، تتعلق باستقرار الوضع السياسي، والظروف الأمنية في مناطقهم الأصلية، ووصولهم إلى الخدمات الأساسية.

ويذهب إلى ذلك الباحث في منصة "دليل مدني" التابعة لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية اللبناني، روجيه أصفر، حين أكد أن أكثر السوريين، لاجئين وغير لاجئين، يظهرون رغبة في العودة إلى سوريا بعد التأكد من استقرارها الأمني.

ورأى في مقال على موقع المنصة، أن العمالة السورية كانت تلبي في الواقع حاجة لبنانية مزمنة، قد تتعزز مع توفر تمويل كاف لعمليات إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وهي حالة تشبه إلى حد بعيد نموذج العمالة التي شهدها لبنان خلال العقود السابقة.

مقالات مشابهة

  • مخاوف لبنان تدفع بأوضاع اللاجئين السوريين إلى الواجهة
  • وزيرة التخطيط: الاستثمارات الكلية المتوقعة للتنمية البشرية في العام المالي المقبل تصل إلى 700 مليار جنيه
  • رفع العقوبات المفروضة على سوريا ينعش السوريين اقتصاديا
  • %65 من اللاجئين السوريين لا ينوون العودة لبلدهم
  • الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا ترتفع بـ89.3 بالمئة
  • برلمانية: الاستثمار في قطاع التعدين يجذب الكيانات الاستثمارية الكبرى للسوق المصري
  • تعزيز مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.. أبرز أهداف خطة قنا التنموية مع «الهابيتات»
  • مصر تخطو بثقة نحو المستقبل.. منتدى الأعمال الأوروبي 2025 منصة لإبرام صفقات كبرى وتنشيط الاقتصاد
  • محمد صبيح يكتب: نظرة متفائلة للجنيه المصري أمام الدولار
  • مصر في منتدى الأعمال الأوروبي 2025| بوابة جديدة للاستثمار ونقلة نوعية في الاقتصاد.. خبير يشرح التفاصيل