لجريدة عمان:
2025-05-20@15:58:47 GMT

سياسات صديقة للأسرة: ما الطور التالي؟

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

في مقالات سابقة -قبل وبعد استحداث منظومة الحماية الاجتماعية- ذكرنا أن القيمة الأساسية لمثل هذه المنظومات على مستوى السياسات العامة هو أنها تشكل خارطة لتتبع وتدقيق السياسة الاجتماعية؛ بما هي تصور الدولة لشكل واتجاه الحالة الاجتماعية المراد الوصول إليها، وتعكسه مجمل التشريعات والبرامج والخطط والمبادرات الموجهة إلى تنمية المجتمع وحمايته.

وعلى مستوى منظومة الحماية الاجتماعية بمجمل فروعها وبرامجها فإنها على المستوى الهيكلي قدمت تصورًا واضحًا لكل فئة من فئات المجتمع وتدخلات مباشرة لرعايتها وتنميتها واستقرارتها وحمايتها من التدهور الصحي والاقتصادي والاجتماعي -بغض النظر عن بعض التحديات الإجرائية والتمويلية التي تواجه تنفيذ برامجها- وهو ما يؤمن اليوم للدولة خارطة واضحة لحالة الفئات الاجتماعية، فمتى ما اكتملت منظومة البيانات الاجتماعية ونظام التنقيب البياناتي المتكامل لأفرعها؛ صار من السهل تتبع كيف تتغير أحوال هذه الفئات، وما الظروف التي تواجهها، وكيف يمكن إيجاد برامج اجتماعية (قادرة على الاستهداف الدقيق) وفاعلة ومقاسة بدقة لخدمة تنمية كل فئة من الفئات، سواء كانت المرأة أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو كبار السن أو الشباب في سن العمل أو غيرها من الفئات المشمولة بالمنظومة.

هذا يقودنا إلى اعتبارين مهمين؛ الأول يرتبط بمسألة «وجود نظام للتنقيب البياناتي للحماية الاجتماعية» -كما هو وارد في خطة التنمية الخمسية العاشرة- على أن يكون هذا النظام ليس معنيًّا فقط بالحالة الاجتماعية والمالية للأفراد والأسرة، وإنما يكون أكثر عمقًا في جمع وتحليل البيانات المرتبطة بها، مثل التغيرات المهنية والصحية، وحالة رفاه الأسرة، والظروف والمهددات الشائعة التي يمكن أن تلحق بالأسرة، وألا يتم التعامل معه على أنه مجرد نظام لكشف الاستحقاق واستهدافه، وإنما نظام يساعد في فهم الحالة والتغيرات الاجتماعية. والاعتبار الآخر هو التجهيز لوجود قائمة واضحة من مؤشرات الأثر المستهدفة، والتي يمكن قياسها بعد سنوات من تطبيق الأنظمة المتصلة بالحماية الاجتماعية؛ فعلى سبيل المثال، فمع الشروع في تطبيق فرع تأمين إجازات الأمومة في 19 يوليو الجاري، وبما يحويه هذا الفرع من أشكال حماية وتأمين للأسرة عمومًا (الأب والأم) أثناء فترة الولادة والأمومة، فيفترض أن يؤثر هذا الفرع إيجابًا على عدة جوانب يمكن قياسها، منها: معدلات الاستقرار الوظيفي -خاصة في القطاع الخاص- في مقابل معدلات الدوران الوظيفي، وكذلك على جاذبية القطاع الخاص للشباب للعمل فيه، عوضًا عن تأثيره على الصحة الإنجابية في مختلف مؤشراتها، وعلى المدى البعيد مؤشرات التعلم المبكر، والتعليم الأساسي. وهناك مؤشرات فرعية يمكن أن تكون تحت هذه المؤشرات يفترض أن تمثل دلالة على نجاعة تطبيق الفرع وأهميته وكفاءة استغلاله من كافة الأطراف: الحكومة (في سبيل التمكين ورفع الوعي المهني والصحي)، أصحاب الأعمال (في سبيل الاحتفاظ والجذب للكفاءات)، الأسر (في سبيل الاهتمام بمنظومة الصحة الإنجابية وإعطاء التنشئة المبكرة حقها واستلزاماتها).

وبالعودة إلى فرع تأمين إجازات الأمومة، فإن وضع هذا الفرع بتفاصيله المستجدة يشكل نموذجًا لما يُعرف بـ «السياسات الصديقة للأسرة Family Friendly Policies» -وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن طبيعتها وضرورتها- فعوضًا عن كونها ستشكل دعمًا للاهتمام بمنظومة الطفولة المبكرة، وإعطاء الأسرة وقتًا وظروفًا أفضل للعناية الصحية بالمواليد، وتمكين بيئة الأسرة من التنشئة الأسرية التوافقية Harmonious family upbringing فإن الأدبيات تشير إلى الساعات الإضافية التي تسثمرها الأم مع مولودها الأول ترتبط بعوائد اجتماعية وصحية عديدة منها: تطورات أفضل في الناحية العقلية والقدرات المعرفية لدى المولود، وفرص أقل للمولود من التعرض لبعض الأمراض النفسية، ومستويات علمية وأكاديمية أعلى على مدار دورة التعلم اللاحقة. غير أن هذه الاستحقاقات يجب كذلك أن تدعم بعدة جوانب أخرى وهي: تعزيز مجمل المفاهيم المرتبطة بالصحة الإنجابية لدى الأسر، والتركيز على مفهوم جودة حياة الأطفال، وتمكين الآباء والأمهات من المعارف الجيدة التي تضمن لهم اختيار الوقت المناسب لقرارات الإنجاب والمباعدة. والجانب الآخر هو التركيز على البينة القانونية والإجرائية لضمان ألا يؤدي تطبيق هذا الفرع إلى إيجاد تمييز بين الجنسين فيما يتعلق بفرص العمل المستحدثة، والعدالة في إعلانات التوظيف خاصة في القطاع الخاص، إضافة إلى ضرورة أن يتكامل تطبيق هذا الفرع مع الفروع الأخرى من منظومة الحماية الاجتماعية، فحين تتهيأ منظومة الطفولة المبكرة وفق أفضل المعايير فهذا يعني أن منظومة الطفولة التالية يتوجب الاهتمام بها وفق طبيعتها وظروفها واحتياجاتها، وصولًا إلى المراحل المتقدمة في السن.

إن ما يميز منظومة الحماية الاجتماعية التي تم إقرارها أن فيها قدرا جيدا من المرونة، يتيح لصانع القرار ومخطط المنظومة أن يحدث عليها وفق للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ومستويات كفاءة وفاعلية المنظومة. ولكن هذا الأمر ينبغي ألا يكون بمعزل عن التعامل معها كـ «استثمار اجتماعي»، فالمهام الأساسية لأي منظومة حماية اجتماعية نقل الأفراد الأشد احتياجًا إلى حالة التمكين الاجتماعي، وتعزيز مستويات التنمية البشرية في المجتمع، ووضع التدخلات الاجتماعية اللازمة لضمان حماية واستقرار الطبقات الوسطى فيه، ومع هذا المقاصد يتوجب أن تتمحور كافة السياسات العامة الأخرى حول هذه المنظومة وما ينتج عنها، بما في ذلك سياسات الدعم الوطني، وسياسات الإسكان، وسياسات تطوير وتجويد منظومات التعليم والصحة، عوضًا عن سياسات التشغيل والقوى العاملة. فعلى سبيل المثال لا يمكن عزل منافع الأمان الوظيفي، أو معونة الباحثين عن عمل عن سياق تطوير برامج التدريب المهني، وبرامج التجسير التي يفترض أن تطورها الكليات والجامعات لسد الفجوة في المعرفة والمهارات بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، ولا يمكن عزلها كذلك عن سياسات التنافس على الفرص الوظيفية أو السياسة السكانية في مجملها بما في ذلك توقعات ونسب القوى العاملة الوافدة في أسواق العمل. إننا أمام منظومة إذا تمكنت من تحقيق الشمول والفاعلية ودقة الاستهداف فإنها ستكون موجهة لكافة أشكال السياسات العامة الأخرى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منظومة الحمایة الاجتماعیة هذا الفرع

إقرأ أيضاً:

سياسات ترامب تقلّص حركة السياحة إلى الولايات المتحدة

في وقت علّق فيه العاملون في قطاع السياحة الأميركي آمالهم على عام 2025 ليكون نقطة انطلاق للتعافي من الأضرار الاقتصادية التي خلّفتها جائحة كورونا، جاءت الإحصائيات لتكشف عن تراجع ملحوظ في أعداد السياح الدوليين مقارنة بالعام الماضي.

ورغم تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن السياحة في البلاد تشهد انتعاشًا ملحوظًا، فإن المعنيين بالقطاع السياحي يخالفونه الرأي، مشيرين إلى أن هذا التراجع يرتبط بشكل مباشر بعدد من السياسات التي تبنّتها إدارته.

في مقدمة تلك السياسات رفع الرسوم الجمركية وتشديد إجراءات الهجرة والرقابة على الحدود، وهي خطوات أثرت سلبًا على تدفق الزائرين وأسهمت في تراجع الولايات المتحدة كوجهة سياحية دولية.

كرر ترامب دعوته لضم كندا إلى الولايات المتحدة فيما شدد كارني على أن كندا ليست للبيع (الأوروبية) "كندا ليست للبيع"

تشهد العلاقات السياسية بين كندا والولايات المتحدة واحدة من أكثر مراحلها توترًا في العقود الأخيرة انعكست مباشرة على السياحة التي لطالما شكّلت أحد أبرز وجوه التعاون بين البلدين.

ففي ظل التصريحات المتصاعدة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحديدًا دعوته المتكررة لضم كندا كـ"ولاية رقم 51″ لبلاده، تراجعت أعداد الكنديين المسافرين إلى الولايات المتحدة بشكل حاد، وسط استياء شعبي كبير.

وكان رئيس الوزراء الكندي السابق، جاستن ترودو، أكّد في وقت سابق أن "كندا لن تكون على الإطلاق جزءًا من الولايات المتحدة" ودعا مواطنيه في فبراير/شباط الماضي إلى اختيار بلادهم كوجهة رئيسية لخططهم السياحية. حديث ترودو فسّره مراقبون على أنه دعوة مباشرة لمقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة التي كانت وجهة سياحية مفضلة.

إعلان

أما ترامب، فلم يتوقف عن استغلال أي مناسبة منذ عودته إلى البيت الأبيض، لتكرار عرضه بضم كندا للولايات المتحدة. أحدثُها كان خلال استقباله في البيت الأبيض لرئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، الثلاثاء الماضي، حينما قال "ما زلت اعتقد أن كندا يجب أن تكون الولاية رقم 51". الرد الكندي جاء سريعا وقاطعا من كارني الذي أكد قائلا "بلادنا ليست للبيع".

الكنديون يتخلون عن أميركا كوجهة سفر

وأصدرت الحكومة الكندية في مارس/آذار الماضي تحذيرا لمواطنيها بشأن السفر إلى الولايات المتحدة، بعد إعلان الأخيرة ابتداءً من هذا الشهر عن إجراءات جديدة تقضي بتسجيل الأجانب الذين تزيد أعمارهم عن 14 عاما إن استمرت إقامتهم داخل الأراضي الأميركية لأكثر من شهر.

ويشمل ذلك الكنديين الذين كان بإمكانهم سابقا الإقامة حتى 6 أشهر بدون تأشيرة، مما أثار مخاوف تتعلق بالخصوصية، وأعطى مؤشرا إضافيا على الانزلاق المستمر في العلاقات.

البيانات الأخيرة لهيئة الإحصاء الكندية، كشفت عن انخفاض عدد المسافرين الكنديين عبر المنافذ البرية إلى الولايات المتحدة بنسبة 32% في مارس/آذار 2025، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، بينما سجّل السفر عبر الطيران تراجعا بنسبة 13.5%. كما تراجعت الحجوزات المسبقة للرحلات الجوية من الولايات المتحدة إلى كندا للفترة الممتدة من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول القادم بأكثر من 70%.

ويرى مراقبون أن الرسوم الجمركية الباهظة على المنتجات الكندية، دفعت مجموعة من الكنديين لإعادة النظر في زياراتهم إلى الأسواق الأميركية وتقليص الارتباط بها، بعد أن كان التسوق يشكل نشاطا ترفيهيا رئيسيا في وجهاتهم داخل الولايات المتحدة.

ووفقا لتقديرات جمعية السفر الأميركية، فإن انخفاضا بنسبة 10% فقط في أعداد الزوار الكنديين قد يكلف الاقتصاد الأميركي ما يصل إلى 2.1 مليار دولار سنويا. وأكد جيف فريمان، الرئيس والمدير التنفيذي للجمعية، أن السياح الكنديين ينفقون في عطلاتهم 3 أضعاف ما ينفقه المواطن الأميركي، وهو ما يجعلهم "عنصرا حيويا في الإنفاق السياحي".

إعلان إجراءات تُربك الأوروبيين

على غرار الكنديين، بات الأوروبيون أكثر ترددا في زيارة الولايات المتحدة كوجهة سياحية، بعد أن شهدت الأشهر الأخيرة تشديدا في إجراءات الدخول، أدى لحالات احتجاز وترحيل طالت بعض الزوار الأوروبيين، حتى من حاملي التأشيرات والإقامات القانونية.

فمنذ اللحظة الأولى لأدائه القسم الدستوري، شرع الرئيس الأميركي في إصدار أوامر تنفيذية صارمة تتعلق بالهجرة، أفضت إلى تكثيف الحملات على المهاجرين غير النظاميين، وتشديد الرقابة على التأشيرات، وتوسيع التدقيق الأمني عند المنافذ الحدودية والمطارات، بما في ذلك المسافرون القادمون من دول صديقة.

وكان من أبرز حالات الترحيل، ما نشرته وكالة فرانس برس في مارس/آذار الماضي بشأن منع عالم فرنسي من دخول الولايات المتحدة، رغم تلقيه دعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر علمي بولاية تكساس. وبحسب الوكالة، خضع العالم لتفتيش دقيق عند وصوله، وعُثر في هاتفه على رسائل خاصة ينتقد فيها سياسة ترامب تجاه العلماء. إلا أن تريشيا ماكلولين، مساعدة وزير الأمن الداخلي الأميركي، نفت ذلك، مؤكدة أن القرار استند إلى "حيازته معلومات محمية من مؤسسة بحثية أميركية، وهو ما يشكل مخالفة لاتفاقية عدم الإفصاح".

صحيفة فايننشال تايمز نقلت أن شركة الخطوط الجوية الفرنسية سجلت انخفاضا بنسبة 2.4% في الحجوزات من أوروبا إلى الولايات المتحدة في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران، بينما شهدت الحجوزات الأميركية إلى أوروبا ارتفاعا بلغ 2.1%. وفي وقت سابق حدّثت الحكومة البريطانية إرشادات السفر، محذّرة مواطنيها من إمكانية "الاعتقال أو الاحتجاز في حال مخالفة" القواعد، وشددت على أن السلطات الأميركية تطبق هذه القواعد بصرامة.

ألمانيا بدورها أصدرت تحذيرا جاء في أعقاب احتجاز مواطن ألماني يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة لأكثر من أسبوع قبل أن يتم ترحيله، رغم امتلاكه الوثائق القانونية الكاملة. التحذير الألماني أوضح أن "الحصول على التأشيرة لا يضمن الدخول إلى الولايات المتحدة".

حاكم كاليفورنيا حذّر من مخاطر الرسوم الجمركية وإجراءات الأمن الحدودية على السياحة في ولايته (رويترز) ولايات تخسر زوارها

مع تزايد المؤشرات السلبية لانكماش قطاع السياحة الدولي في الولايات المتحدة، بدأت الولايات الأكثر اعتمادا على هذا القطاع في استشعار تداعيات التراجع على اقتصاداتها المحلية، وفي مقدمتها ولاية كاليفورنيا. حاكم الولاية، غافين نيوسوم، أصدر بيانا الأسبوع الماضي حذر فيه من التهديد الذي يواجه قطاع السياحة الذي يدعم أكثر من مليون وظيفة، ويضخ مليارات الدولارات في خزينة الولاية كل عام.

إعلان

وفي محاولة استباقية لتفادي موجة الركود، أطلق نيوسوم حملة دعائية موجهة نحو السوق الكندية، تهدف إلى إعادة جذب السياح من الشمال. وتضمنت الحملة مقطع فيديو نشره الحاكم على منصة "إكس" خاطب فيه الكنديين قائلا "أنتم تعلمون من يحاول إثارة المشاكل في واشنطن العاصمة، لكن لا تَدَعوا ذلك يفسد خططكم لقضاء عطلة على الشاطئ".

أما في ولاية نيفادا، التي تُعد واحدة من أكثر 5 ولايات استقبالا للزوار الأجانب، فقد ارتفعت حدة القلق السياسي من عواقب تراجع عوائد السياحة على الأسر العاملة والشركات الصغيرة.

السيناتورة كاثرين كورتيز ماستو، الممثلة عن الولاية، عبّرت عن قلقها من تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الاقتصاد المحلي، وطالبت في رسالتها الموجهة إلى عدد من المسؤولين، بتقديم خطة واضحة لتخفيف الضغوط الاقتصادية الناجمة عن هذه السياسات، مذكّرة بأن قطاع السفر والسياحة يمثل 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويدعم أكثر من 15 مليون وظيفة على المستوى الوطني.

وفي الساحل الشرقي، تعيش مدينة نيويورك، أشهر وجهة سياحية في البلاد، حالة مشابهة من القلق. فوفقا لتقرير صدر عن هيئة السياحة والمؤتمرات في المدينة، من المتوقع أن تستقبل نيويورك 12.1 مليون مسافر أجنبي في عام 2025، بانخفاض كبير عن التقديرات السابقة التي بلغت 14.6 مليون. وأرجع مسؤولو المدينة الأمر إلى الرسوم الجمركية والسياسات المتشددة بشأن الهجرة.

قطاع الطيران والسفر يستنجد

وبعيدًا عن الحروب التجارية والرسوم الجمركية، تبرز مخاوف أخرى لدى المسافرين الدوليين إلى الولايات المتحدة، تتعلق بشكل مباشر بانتهاك الخصوصية الرقمية، المتمثلة في عمليات مصادرة الهواتف وأجهزة الحاسوب عند نقاط الدخول. ورغم أن السلطات الأميركية تبرّر هذه الإجراءات باعتبارها جزءًا من إجراءات أمنية موسّعة، إلا أن مراقبين يرون أن اتساع نطاق الفحص والتفتيش بدأ يُقلق الزائرين.

إعلان

وتعززت هذه المخاوف عقب توقيف طلاب من أصول عربية، شاركوا في احتجاجات داخل الجامعات الأميركية ضد الحرب على غزة. خلّفت تلك الحوادث انطباعًا لدى الزوار المحتملين بأن إبداء التضامن مع قضايا إنسانية، حتى عبر الإعجاب بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يُعرّضهم للاحتجاز أو الترحيل وإن كانت لديهم تأشيرات سارية المفعول مما دفع كثيرين إلى إعادة التفكير في فكرة السفر.

وزارة الخارجية الأميركية أكدت بدورها أنها تُجري مراجعات مستمرة لوضع حاملي التأشيرات للتأكد من التزامهم بالقوانين الفدرالية وقواعد الهجرة. وأوضحت أنها تلغي التأشيرات وتُرحّل أصحابها عند وجود انتهاك. وشدد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو على هذا التوجه في مقال نشره عبر فوكس نيوز، قال فيه "على حاملي تأشيرات الولايات المتحدة أن يعلموا بأن التدقيق الأمني لا ينتهي بمنح التأشيرة"، في إشارة إلى أن المراقبة مستمرة حتى بعد الدخول.

في هذا السياق، حذّر جيف فريمان، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية السفر الأميركية، خلال شهادته أمام مجلس النواب في أبريل/نيسان الماضي، من أن الإجراءات "غير الفعالة" في نظام التأشيرات ونقاط التفتيش في المطارات، قد تُلحق ضررا مباشرا بقطاع السفر والطيران، في ظل استثمارات ضخمة تضخّها دول منافسة مثل الصين. ودعا فريمان إلى منح القطاع أولوية قصوى، واتخاذ خطوات فورية لتحسين تجربة السفر.

بدوره، توقّع دين بيكر، كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية، استمرار تراجع حركة السفر الدولية إلى الولايات المتحدة، مشيرا بشكل خاص إلى الطلب المتراجع من الطلاب الدوليين، الذين بدؤوا يتجنبون القدوم بسبب مضايقات موظفي الهجرة والجمارك، وتزايد الشعور بعدم الأمان القانوني.

ومع ذلك، يرى بعض خبراء السياحة أن الوضع الحالي لا يشير إلى امتناع نهائي عن زيارة الولايات المتحدة، بل إلى تأجيل مؤقت في خطط السفر. ويُراهن هؤلاء على أن السياحة قد تستعيد عافيتها مع دخول موسم الصيف، الذي سيكون، برأيهم، مؤشرًا حاسمًا على ما إذا كان القطاع في حالة ركود فعلي أم يمر بمرحلة تذبذب مؤقتة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • محامي حفيد نوال الدجوي يكشف تفاصيل جديدة عن السرقة
  • شوبير يعلّق على إنهاء الزمالك أزمة إيقاف القيد وسداد مديونياته
  • ملتقى اليوم الدولي للأسرة يرسخ التربية الواعية
  • استعراض منظومة الحماية الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس
  • سياسات ترامب تقلّص حركة السياحة إلى الولايات المتحدة
  • أسوان في 24 ساعة| تطورات العمل بمصارف مشروع وادي الصعايدة.. واقتراب تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل
  • قصة هاريتا الإندونيسية.. حين تتجرع مياها ملوثة لإنتاج سيارات صديقة للبيئة
  • نداء إلى الأمم المتحدة.. تكتل إحياء ليبيا: آن أوان تطبيق توصيات اللجنة الاستشارية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
  • متخصص: يجب فهم الكتالوج الخاص بك لمعرفة الأشياء التي يمكن التحدث عنها ..فيديو
  • الإسرائيليون الأوائل في اليوم التالي للنكبة (1)