بوابة الوفد:
2025-05-30@11:27:17 GMT

الحوار الدافئ.. و«السَّكَن» المفقود

تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT

«السَّكَن والمودة والرحمة»، أركان العلاقة الزوجية الناجحة، إذ يقول الله تعالى فى محكم تنزيله: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، فقد قضت الحكمة الإلهية، والفطرة الإنسانية بضرورة الاتصال بين الرجل والمرأة حتى تنشأ ذرية تسعى لعمارة الكون وفق ضوابط شرعية، وقد أوجد الله الأزواج للسَّكَن، أى الإحساس بسكينة النفس وطمأنينتها واستقرارها، فالسَّكَن قيمة معنوية تحيا من خلال عوائد مادية ومعنوية عندما يفى كل من الزوجين بواجباته ومسئولياته تجاه الآخر مقرونًا بالمودة والرحمة بمعناهما الحقيقى.


ولقد أعلى الإسلام من شأن الحياة الأسرية، إذ لم يشأ الخالق أن تكون عذابًا وشقاءً للزوجين أو الأولاد الذين لا ذنب لهم، فشرَّع الطلاق كَحلٍّ عندما تستحيل الحياة الزوجية، إذ يقول: «وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًا مِن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا»، إلا أنه جعله فى أضيق الحدود، فهو كما يقول علماء الشريعة أبغض الحلال عند الله.
ولكن مع تنامى ضغوط الحياة وما ينتج عنها من زيادة الأعباء المالية وعدم قدرة الزوج على تلبية احتياجات الأسرة، وتراكم الديون مع ما يترتب على ذلك من تأثير على الحالة النفسية والعصبية للزوجين، تمر العلاقة الزوجية بمنحدرات وعرة قد تودى بها إلى الهاوية؛ أى الطلاق، الذى بلغ حدًا غير مسبوق، ما مثّل ظاهرة خطيرة جعلت مصر تتصدر دول العالم من حيث معدلات الطلاق التى بلغت حالة طلاق كل 117 ثانية!!
هو رقم مخيف بلا شك ومكمن خطورته فيما يحمله من آثار سلبية خطيرة تمثل تهديدًا لأمن واستقرار المجتمع، يشمل كل فئاته، ولا سيما الطفل، الذى يظل يعانى آثاره النفسية طيلة حياته، لذا لا بد أن تتوافر حلول فاعلة لهذه الظاهرة لاستئصالها من شأفتها والتقليل منها إلى أقل حد ممكن.
وهنا لا بد لنا من تسليط الضوء على «العدو اللدود» لأى علاقة زوجية، ألا وهو «الصمت» بين الزوجين، إذ إنه بمثابة «القاتل المتسلسل» للعلاقة الزوجية، فلا شك أن غياب الحوار يفتح بابًا لا يُسد من المشاحنات بين الزوجين، وعلى النقيض فوجود جسور من النقاش والمحادثة والمؤانسة بينهما تزيد الألفة والقدرة على فهم الطرف الآخر، ومعرفة رغباته وما يفضله وما لا يفضله واتخاذ قرارات حاسمة ومهمة بالنسبة للأسرة.
إذن، الحوار بمثابة «مضاد حيوى» لا بد من تناوله عند الشعور بأعراض المشكلات الزوجية، فهو يؤدى إلى إظهار أفعال وسلوكيات إيجابية للطرف الآخر تتسم بالتقدير والاحترام والاهتمام، وكذلك لا بد من الحفاظ على التواصل الجيد والصحى والإنصات لاحتياجات ومشاعر الآخر، ما يسهم بالتأكيد فى بناء علاقة زوجية أكثر استقرارًا قائمة على مزيج من المودة والرحمة، وبالتالى نجد طريقنا المنشود نحو «السَّكَن المفقود».. لذا فلندع «الصمت» ولنبدأ الحياة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تصحيح مسار

إقرأ أيضاً:

الحج .. رحلة الروح إلى اليوم الآخر

فـي كل عام يحتشد الملايين من المسلمين ملبين أذان أبينا إبراهيم عليه السلام عندما قال الله عز وجل له: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» وهم يلبسون لباسا واحدا على صعيد واحد، يؤدون مناسك الحج فـي مشهد مهيب يستحضر فـي الأذهان مشاهد يوم القيامة، فكل نسك من أعمال الحج يرسم فـي أذهاننا مشهدا مصغرا لمشاهد الآخرة، وهذه المشاهد ليست مرتبطة بالحاج فقط، وإنما يجب على المسلمين جميعا أن يجسدوها فـي ذواتهم ويحجوا بأرواحهم من خلال تأملاتهم فـي نسك الحج، وأن يربطوا تلك الأعمال بحياتهم اليومية، ليكونوا فـي نقاء وصفاء كما يعود الحاج من حجه المبرور كيوم ولدته أمه نقيا وصفحته بيضاء ناصعة.

ولو بدأنا من اللحظة التي يتهيأ فـيها الإنسان للذهاب إلى الحج من أداء ما عليه من حقوق وأمانات وديون للناس ليقبل على الله متخلصا من حقوق العباد، طالبا عفو الله وصفحه وكرمه، واختيار الحملة والرفقة الصالحة التي تبلغه غايته، ثم يقوم بتوديع أهله، وهو بمثابة وداعه الأخير الأبدي عنهم وهو مقبل على الله متخلص من علائق الدنيا.

وعندما يخلع الحاج لباسه المعتاد ويرتدي لباس الإحرام الأبيض فكأنما يخلع الدنيا بكل ملذاتها وزينتها ومناصبها ويقف مجردا أمام الله كما يبعث الناس يوم القيامة لا يتفاضلون فـي لباس أو زينة، وهذا الذي يجب أن تكون عليه نية من لم يوفقه الله للذهاب إلى الحج وهو يعيش هذه الأيام العشر، فـيجب عليه أيضا أن يلبس نية الإقبال على الله، وأن يخلع كل عادة أو عمل يحجبه عن الله، وأن يطهر قلبه من الغرور والكبر والحسد والكراهية، وأن يجعل من عباداته وصلواته لحظات إحرام يخلع فـيها كل ما سوى الله.

وإذا أتينا إلى الركن الأكبر من أركان الحج وهو الوقوف بعرفة، وهذا الركن لا يكتمل الحج إلا به، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الحج عرفة» هذا اليوم يجسد يوم الوقوف الأكبر بين يدي الله، وهو صورة مصغرة ليوم الجمع، حين يجتمع الناس فـي صعيد واحد حفاة عراة ينتظرون رحمة الله ويجأرون إلى الله بالدعاء والدموع، «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ» فهو يوم يعرف فـيه الإنسان قدره، ويتذكر مصيره ويستعد للقاء ربه، ينتظر رحمة الله أن تنزل عليه، وتمحى فـيه ذنوبه، ويعفو عنه ربه، ففـي هذا اليوم يعتق فـيه الناس، ويهدم فـيه عمل الشيطان، ويمتلأ قلب الشيطان غيظا، ويصبح فـي هذا اليوم صغيرا حقيرا مدحورا وهذا ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ما رُئيَ الشيطانُ يومًا هو فـيه أصغرُ ولا أدحرُ ولا أحقرُ ولا أغيظُ منه يومَ عرفةَ وما ذاك إلَّا لما يرَى من تنزُّلِ الرحمةِ وتجاوُزِ اللهِ عن الذنوبِ العظامِ، إلَّا ما كان من يومِ بدرٍ فقيل: وما رأَى يومَ بدرٍ ؟ قال : أما إنَّه قد رأَى جبريلَ عليه السلامُ وهو يَزَعُ الملائكةَ»، فعلى المسلم من لم ينل شرف الوقوف بعرفة، أن لا يفرط فـي ثواب هذا اليوم، فليكثر من عمل الصالحات من صيام وصدقة وإقبال على الله ومناجاته والبكاء بين يديه واستمطار رحمته ومغفرته.

وحين يبيت الحاج بمزدلفة، بعد وقوفه بعرفة فإنما يبيت فـي مرحلة انتظار بين الوقوف والجزاء، ينام بجوار الملايين من حوله، ولكن لا يشعر إلا بنفسه وربه، فـي سكينة واطمئنان، وقبل ذلك يجمع الحصى، ويجهزه، وهو ينتظر الفجر حتى يرجم الشيطان وكل ما يغضب ربه، من المعاصي والذنوب والآثام.

وعندما تشرق الشمس يبدأ برمي الجمرات وهو يستحضر رمي كل جمرة فـي داخلنا، فـيرجم شيطان الغفلة، والهوى، وكل ذنب أو عادة لا يرتضيها الله للمؤمنين، كما يستحضر الموقف الذي حاول فـيه إبليس اللعين أن يثني أبينا إبراهيم عن القيام بأمر الله الذي كان يمثل البلاء العظيم الذي نجح فـيه أبو الأنبياء عندما انقاد إلى أمر الله واستطاع أن يتغلب على نفسه وعلى الفطرة من أجل الاستجابة للخالق، الذي أمره أن يذبح ابنه، وبسبب هذا التسليم والطاعة والانقياد وتحقيق معنى العبودية، أثابه الله بأن استبدل ذبح ابنه بأن أنزل عليه الله كبشا من الجنة يكون أضحية لله بدلا من أن يضحي بابنه، فالاستجابة لأمر الله ورجم وساوس الشيطان يؤدي إلى النجاح ويحقق معنى العبودية الحقة لله تعالى.

وكأن الطواف بالبيت، وخاصة طواف الوداع، يشبه طواف الأرواح حول عرش الرحمن، فـي ختام الرحلة، حيث يترك الحاج الكعبة بقلب متعلق، وعين دامعة، وروح مشتاقة، وهي تعود إلى الحياة بعد تأدية هذه المناسك العظيمة، وهي موقنة بلقاء الله، وعازمة على استئناف العمل بعد أن جعل الله الحاج خاليا من الذنوب كيوم ولدته أمه، فالله تعالى يقول: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا». إن لم تستطع أن تحج ببدنك، فلا أقل من أن تحج بروحك كل يوم، واجعل كل سجدة عرفة، وكل صلاة طوافا، وكل دمعة هديا، وكل يوم إحراما جديدا، وهذه المواسم التي أهدانا الله إياها هي محطات للتزود بالفضل العظيم والثواب الجزيل، للوصول إلى مرضاته، والتعلق بأستار ثوابه.

مقالات مشابهة

  • محامٍ: غياب قائمة المنقولات الزوجية لا يسقط حق الزوجة
  • خالد الجندي: لا يصح انتهاء العِشرة والحياة الزوجية بالفضائح والانهيار
  • محافظ أوزنغول: 103 منقذًا و15 سيارة يشاركون في البحث عن الطفل المفقود .. فيديو
  • الشيخ خالد الجندي: لا يصح انتهاء العِشرة والحياة الزوجية بالفضائح والانهيار «فيديو»
  • الحج .. رحلة الروح إلى اليوم الآخر
  • العثور على مفقود ”العقيمي“ بمنطقة صحراوية بعد انقلاب مركبته
  • سفارة المملكة بتركيا: البحث مكثف عن الطفل المفقود بنهر هالديزان
  • محامية: الشرع حلل الطلاق للزوجة السمينة
  • الأسرة التركية في خطر
  • من هو النبي المفقود روبين؟