المغرب يحتج بقوة على قرار عمدة فرنسي بإغلاق جناح المشجعين المغاربة في الأولمبياد بسبب أغنية لسعيدة شرف
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
خلف قرار عمدة إيل سان دوني في فرنسا، محمد غنابالي بإغلاق جناح المشجعين في « محطة أفريقيا »، التي تنظم فيها فعاليات فنية واحتفالية على هامش الألعاب الأولمبية بباريس، غضبا في أوساط الجماهير والجالية المغربية. وجاء قرار العمدة بعد أداء الفنانة سعيدة شرف اغنية في الاحتفالية تغنت فيها بمغربية الصحراء وبموقف الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، حيث اعتبر بيان للعمدة أن التصريحات التي أدلت بها الفنانة سعيدة شرف “سياسية وتخالف قواعد الحياد”.
واستنكرت القنصلية العامة للمغرب بفيل مومبل فس بيان مساء أمس، الموقف المتحيز لعمدة مدينة ليل سان دوني المتزوج من جزائرية، والمحسوب على اليسار الفرنسي، معتبرة أن القرار حرم المغرب ومواطنيه المتواجدين بالمنطقة من لحظات احتفال كبيرة للقارة الإفريقية خلال دورة الألعاب الأولمبية بباريس والاستفادة من التمثيل العادل أسوة بالعشرين دولة، من بين 54 دولة من القارة.
واعتبر بيان القنصلية أن رد فعل العمدة المؤسف هو الذي أدخل بعدًا سياسيًا غير مناسب من خلال اتخاذ تدابير لفرض رقابة على آراء أحد الفنانين ووصمها، وبذلك استغل العمدة حدثًا ينبغي أن يركز على الاحتفال الرياضي والثقافي.
كما اعتبرت القنصلية ان هذه معاملة غير عادلة وتمييزية، وتتعارض مع مبادئ الوحدة والأخوة التي تسعى « محطة أفريقيا » إلى تعزيزها والتي يتحمل عمدة المدينة مسؤولية حمايتها.
وأشارالبيان إلى أنه « ومع الأخذ في الاعتبار العديد من الإشارات إلى الجزائر في البيان الصحفي، تأمل القنصلية العامة للمملكة المغربية في فيلمومبل ألا تكون سلامة قرار العمدة متأثرة باعتبارات شخصية أو روابط عائلية معروفة أو قرب سياسي ينتمي إليه.
وقال بيان القنصلية « يثير هذا الإنهاء الأحادي الجانب والتعسفي، الذي أُعلن عنه في بلاغ صحفي من مدينة ليل سان دوني، تساؤلات جدية حول دوافع رئيس البلدية واحترام الالتزامات التي تم التعهد بها، علما أن العديد من أعضاء المجلس البلدي سجلوا معارضتهم هذا القرار، وأعربوا عن تضامنهم الكامل مع المغرب ».
وأضاف البيان أن « التعبير التلقائي عن الرأي من جانب السيدة سعيدة شرف لا يشكل تسييسا للألعاب، ولا يشكل عائقا أمام التزامات الحياد، ولا حتى عائقا أمام التفاهم بين البلدان. بل على العكس تماما: فهو يوضح حرية التعبير التي يتمتع بها فنان مغربي، أصله من الأقاليم الجنوبية، والذي سلط الضوء ببساطة على حدث حالي يهم فرنسا والفرنسيين، بأكبر قدر من الصداقة وبروح من الألفة أشاد بها الجمهور نفسه.
وحيت القنصلية العامة الجالية المغربية المقيمة في منطقة إيل سان دوني وكذلك المتواجدين في المكان، الذين أظهروا الهدوء وضبط النفس والذين يجسدون قيم المغرب، مثل التضامن والعيش المشترك والالتزام بمبادئ الرياضة. وأكدت القنصلية التزامها بدعم الجالية المغربية والدفاع عن حقوقها ومصالحها، مشيرة إلى أنها تنتظر اعتذارا من عمدة المدينة في مواجهة هذا « الانزلاق الخطير والمتهور »، وأشارت الى أنها تحتفظ بالحق في اتخاذ التدابير المناسبة لطلب الإنصاف.
كلمات دلالية إيل سان دوني جناح المشجعين سعيدة شرف محطه أفريقيا
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إيل سان دوني سعيدة شرف سعیدة شرف سان دونی
إقرأ أيضاً:
قَتلُ مُصَلٍّ في مسجد فرنسي ليست جريمة عادية
الجمعة يومٌ مقدس عند المسلمين؛ وقت للتفرغ للعبادة، ومتى ما أمكن، التوجه للمسجد لأداء الصلاة. هذا ما فعله أبوبكر سيسي، صباح الجمعة 25 من أبريل.
في قرية «لا غران كومب» بجنوب فرنسا، كان سيسي، النجار البالغ من العمر 22 عاما والمنحدر من دولة مالي، متطوعا دائما في المسجد المحلي، ووجها مألوفا لدى للمصلين. لذا، حينما قدّم المساعدة لمُصلٍ شاب بدا أنه جديد على المكان، كان ذلك تصرفا عاديا وطبيعيا. إلا أن الغريب جاء بنوايا مختلفة تماما.
بينما كان سيسي ساجدا، طُعن 57 مرة بسكين. ثم قام القاتل بنشر فيديو على «سناب شات» يُظهر سيسي يتلوى في بركة من الدماء، وصوت في الخلفية يقول: «أنا فعلتها»، متلفظا بإهانات ضد الله. ورغم هذا، لم يُعد هذا القتل، والاستهداف الواضح لمسلم في مكان عبادته، جريمة كراهية في الخطاب الرسمي الفرنسي.
الجدل المستمر بشأن هذه الجريمة يؤكد إلى أي مدى أصبحت فرنسا مُصابة بشكل مؤسسي بالإسلاموفوبيا. منذ أسبوعين، اندلعت احتجاجات تطالب بتحقيق جاد، وكان أكبرها في باريس يوم الأحد الماضي. لكن، باستثناءات نادرة، انشغل الإعلام والسياسيون أكثر بالتشكيك فيما إذا كان من المناسب وصف هذه الجريمة بـ«الإسلاموفوبيا»، بدلا من مواجهة المعنى المخيف لهذا العنف في بلد يضم أكبر عدد من المسلمين في أوروبا.
منذ اللحظة الأولى، ظهرت ازدواجية المعايير، حيث كررت وسائل إعلام فرنسية، بناء على توجيه مضلل من النيابة العامة، رواية كاذبة مفادها أن الجريمة كانت نتيجة «خلاف بين مصلين»، وهو ما لم يكن صحيحا.
بعد ثلاثة أيام من المطاردة، سلّم المشتبه به نفسه للشرطة في إيطاليا. ويدعى «أوليفييه هـ.»، شاب فرنسي يبلغ من العمر 20 عاما. محاميه أنكر أن موكله يكره «المسلمين أو المساجد». وقد وُجّهت إليه تهمة القتل مع سبق الإصرار بدافع ديني أو عنصري. ورغم ذلك، لم يُصنَّف الحدث على أنه هجوم إرهابي. وصرّحت النيابة العامة أن الجريمة «حادث فردي»، والجاني «مدفوع برغبة في العنف، لا بدافع أيديولوجي».
أما الردود السياسية المتوقعة في حالات كهذه، عند وقوع عنف في مكان عبادة، فلم تصدر. وزير الداخلية والمسؤول عن الشؤون الدينية، برونو ريتايو، اكتفى برسالة تضامن موجزة مع المسلمين، ولم يُلغِ أي نشاط له، رغم أنه يقوم بجولة انتخابية لرئاسة حزب الجمهوريين. لم يذهب إلى مكان الجريمة كما يفعل في حالات مشابهة.
واستغرق الأمر 24 ساعة أخرى حتى أدان رئيس الوزراء فرانسوا بايرو «الإسلاموفوبيا الدنيئة التي ظهرت في الفيديو»، ويوم إضافي قبل أن يُدلي الرئيس إيمانويل ماكرون بتصريحات عامة أدان فيها «العنصرية» و«الكراهية الدينية» في فرنسا. المفارقة أن ماكرون عبّر بسرعة أكبر عن تضامنه مع ضحايا حادث وقع في فانكوفر، بكندا، في اليوم التالي للهجوم على المسجد الفرنسي. وفقا لموقع «ميديا بارت»، لم يحضر أي مسؤول حكومي المسيرة الصامتة التي نُظمت في «لا غران كومب» حدادًا على سيسي.
وعندما زار ريتايو البلدة في 27 من أبريل، لم يدخل المسجد ولم يلتقِ بعائلة الضحية، بل اكتفى بلقاءات مغلقة في مقر المحافظة الفرعية، مُعلنا خططا لحماية المساجد. وعند سؤاله عن تأخره في الرد، قال: إن «التحقيق لم يكن قد حسم دافع الجريمة»، رغم الفيديو المنشور والمحتوى المعادي للمسلمين الذي يُعتقد أن المشتبه به نشره على الإنترنت.
طوال تصريحاته، أشار ريتايو إلى الضحية بعبارة «الفرد»، دون أن يذكر اسمه. وذهب إلى حد تحميل «المجتمع متعدد الثقافات» مسؤولية الجريمة. وعندما طُرحت فكرة الوقوف دقيقة صمت في الجمعية الوطنية، رفضت رئيسة المجلس، يايل برون-بيفيه، بحجة أن «الدقائق الصامتة لا تُقام من أجل حالات فردية». والمفارقة أن الجمعية وقفت سابقًا دقيقة صمت من أجل امرأة شابة قُتلت على يد مهاجر غير نظامي، وكذلك من أجل رهينة فرنسي قتلته «حماس».
برون-بيفيه تراجعت لاحقا وسمحت بدقيقة الصمت، لكن رئيس مجلس الشيوخ رفض ذلك، قائلا: إن «الدقائق الصامتة تُخصص فقط للأحداث الخطيرة، خصوصا الهجمات الإرهابية».
لكن لماذا يرفض كبار المسؤولين في فرنسا اعتبار هذا الهجوم الإرهابي ضد مصلٍّ مسلم إرهابا؟ المشتبه به عبّر، بحسب الفيديو، عن نيته إيذاء مزيد من المسلمين. فما الذي يصعّب تسمية الأشياء بأسمائها؟ محامي عائلة سيسي، مراد باتيك، وصف رفض تحويل القضية إلى النيابة العامة لمكافحة الإرهاب بأنه «صادم»، مؤكدًا أنها أول جريمة قتل في مسجد لا تُعامل كعمل أيديولوجي.
وهذه ليست حالة معزولة. فعند استهداف المسلمين بجرائم كراهية، نادرا ما تُصنَّف الدوافع كما يجب. الصحفية (وداد كتفي) لفتت إلى التناقض الصارخ بين كيفية تغطية الجرائم عندما تكون ضد مسلمين، مقارنة بالهجمات على اليهود. وفي تقرير لمجلة بوليتيس، وثق 33 اعتداءً على مساجد في فرنسا خلال السنوات العشر الأخيرة، معظمها لم يُعاقب عليه القضاء، ولم يُندَّد به سياسيًا، وتجاهله الإعلام.
بل إن كلمة «إسلاموفوبيا» نفسها ما زالت موضع خلاف في فرنسا، إذ يرفض وزراء استخدامها، بدعوى أنها «اختُرعت» من قبل متطرفين إسلاميين. هذا الزعم دُحض منذ أكثر من 20 عامًا. لكن غياب التوافق الأساسي حول المصطلح يعكس حجم الإنكار للواقع.
والواقع صادم هو أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، ارتفع عدد حوادث الإسلاموفوبيا المسجلة في فرنسا بنسبة 72٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وفي الأيام التي تلت مقتل سيسي، وقف رجل يحمل سكين جزار بالقرب من مسجد، وتعرضت امرأة محجبة للاعتداء وسُحب حجابها بالقوة بينما كانت تدفع عربة طفلها، كما قُتل رجل أمام ابنته بعد تلقيه تهديدات ذات طابع إسلاموفوبي، ولا تزال عائلته تطالب بالاعتراف بالجريمة كجريمة كراهية. وليس الإسلام غائبا عن الساحة السياسية في فرنسا، بل على العكس. فهو دائما تحت المجهر، من منع المحجبات من المشاركة في الرياضة، إلى التشديد على لباس الطالبات، إلى قوانين انتقدت من قبل منظمات حقوقية لتأثيرها السلبي على المسلمين. بحسب منظمة (سليبينغ جاينتس) فإن كبرى القنوات الإخبارية في فرنسا عرضت كلمات «هجرة» و«إسلام» على شاشاتها 335 يومًا من أصل 365 في عام 2023.
وفي التجمعات السياسية، باتت الشعارات المعادية للإسلام تُرفع علنًا، كما فعل ريتايو حين صرخ: «يسقط الحجاب»، في انتهاك صارخ لمبدأ العلمانية، بل ولمهمته كوزير للشؤون الدينية، المفترض أن يتحلى بالحياد.
بعد مقتل أبوبكر سيسي، كان يُفترض أن تُعلن الحكومة خطة وطنية لمكافحة الإسلاموفوبيا. لكن الواقع يُظهر أن السياسيين هم من يغذون هذه الكراهية.
روخايا ديالو كاتبة في عمود «جارديان أوروبا».