نايلة الأحبابي: القلم والريشة رفيقاي والاستدامة نبض الإبداع
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
سعد عبد الراضي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةنايلة الأحبابي مبدعة إماراتية متعددة المواهب، فبالإضافة إلى كونها شاعرة وكاتبة وفنانة تشكيلية، فإن لديها حضوراً ملموساً في الجوانب الاجتماعية، أيدته بتعزيز تكوينها الثقافي بدورات تخصصية أهلتها لتكون مدربة معتمدة ومحاضرة مهنية، لتساهم إلى جانب ما تقدمه من إبداع، في تعزيز روح الانتماء وحب الوطن، من خلال مبادرات ثقافية ومجتمعية ملهمة لمختلف الفئات العمرية، من بينها مبادرة استدامة كتاب ومبادرات الخمسين «معرض الخمسين وديوان الخمسين»، ومبادرة المجالس الثقافية والأدبية، مثل مجلس الاستدامة نبض الإبداع، وبالإضافة إلى إصداراتها الشعرية العديدة ومشاركاتها في تأليف أوبريتات وطنية كثيرة، فإن نايلة الأحبابي متميزة أيضاً في الجانب الأكاديمي، فهي حاصلة على بكالوريوس علم الاجتماع التطبيقي مع مرتبة الشرف، وماجستير في التدريب، ودبلوم الدبلوماسية السلوكية وصناعة الأمن النفسي، بالإضافة أنها مدرب معتمد في القيادة والإدارة، وممارس مرخص في التوجيه الشخصي والمهني.
تقول نايلة الأحبابي لـ «الاتحاد» عن بدايتها: أول ما بدأت بالكتابة بشكل ينبئ عن مشروع القصيدة، كان في المرحلة الإعدادية، حيث تميزت - إلى جانب تفوقي الدراسي - في الإبداع الأدبي، ولوحظ هذا في كتاباتي لموضوعات التعبير وتحليل النصوص الأدبية، وفي هذه السن المبكرة حفظت المعلقات والكثير من الشعر الجاهلي، بعدما وجدت فيه شيئاً يلامس شغاف القلب.
وبداية تؤثر البيئة على الشاعر كما تؤثر على غيره، ولكن نظرة الشاعر المختلفة عن أمور الحياة وظروفها، هي ما تجعله يرغب في الكتابة ليعبر عما يجيش في وجدانه من مشاعر بشكل مبتكر، لأن تلك المشاعر تكون أكبر في ذات الشاعر، من حيث زخم الأفكار وما تحمله من مخيلات، يفسرها حسب تجاربه ومعرفته لينقلها إلى الجمهور بصدق فترسخ في الذاكرة.
وتضيف: نشأت والقلم والريشة رفيقان، وكأنهما صديقا الطفولة اللذين مازالا يغرياني باللعب على الورق، ويستجديان شعوري وما يعتلج في ذاتي.
وتؤكد نايلة الأحبابي أن الشاعر يتأثر بالشعراء في محيطه، خصوصاً بأصحاب التجارب الكبيرة والاستثنائية، وأنها تأثرت بأشعار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والشاعرة عوشة السويدي.
الإبداع راسخ
وتشير الأحبابي إلى أن الإبداع في الإمارات ليس وليد اللحظة، بل تفرعت أغصانه من أشجار عهود قديمة، وأن التجربة الإبداعية استمرت منذ قيام دولة الاتحاد، من خلال عمل مجتمعي مستدام.
ونوهت إلى أهمية الإبداع باعتباره عنصراً رئيساً وموضوعاً محورياً في مسيرة المجتمع، ومن ثم يجب تكثيف الجهود لتحقيق الاستدامة الشاملة فيه بكل عناصره ومقوماته وأنواعه، لاسيما الثقافي والأدبي والمعرفي.
وعن مبادراتها «استدامة كتاب»، والتي لاقت استحسان القراء وكانت عبارة عن تداول مكتبتها بين أفراد المجتمع، أكدت أن الاستدامة هي نبض الإبداع في مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية والعملية، لذلك كان علينا المساهمة في نشر مفهوم وثقافة الاستدامة، بحيث تصبح نمطاً وأسلوب حياة، بما يحقق الفائدة للفرد والمجتمع.
وتضيف أن مبادرة «استدامة كتاب» التي أطلقتها في بداية عام 2018، جاءت تفاعلاً مع مبادرات وجهود الدولة في تعزيز القراءة وترسيخها. وأنها هدفت من مبادرتها عن الكتاب إلى نشر ثقافة القراءة من خلال تبادل الكتب، حيث وفَّرت هذه الكتب من مكتبتها الشخصية الكبيرة والمتنوعة، رغبة منها في نشر مخزون هذه المكتبة عن طريق تبادل كتبها وتداولها بين القراء، كي لا يكون الكتاب أسير الأرفف.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الاستدامة الإمارات الكتابة الأدبية الكتابة الإبداعية الفن التشكيلي الفنون التشكيلية
إقرأ أيضاً:
د.نزار قبيلات يكتب: العربية والموسيقى والشعر
التناغم الحاصل بين الموسيقى واللغة العربية لا ينبع من البنية الصوتية للكلمات وحسب، وذلك وفق رؤية المتذوقين والنقاد الموسيقيين، فهو يكمن في جوهر الكلمة قبل إيقاعها، والشّاهد على ذلك هو قصيدة النثر والشعر الحر والقصيدة السردية...، إذ الإيقاع لم يعد معقوداً في السُّلم الموسيقي القادم من بحور الشعر ومقاماته بل من جوهرهِ الكامن في البنية العميقة للكلمة العربية وقدرتها الإحالية التي تنقل معها المعنى المصاحب نحو مدارات مختلفة من المعاني، محققة بذلك شعريّة تخرج حين القراءة من حدود البنية الصرفية والصوتية الصغرى إلى أقصى حدود الدلالة والمعنى، فالوزن الشعري يفترض الإيقاع المنسجم والمتماسك، وقد يحدث نظمُه على سبيل المثال دون المعنى، فهناك نظم وهناك شعر مقفى، حيث الكلمة العربية بنية مجردة لكنها حين تتواشج في النسق الجمالي تحتاج إلى شاعر يجيد ترويضها وصقلها وغرس المعاني المختلفة فيها رغم وجود الصّوت ورنينه، إذ للكلمة العربية عاطفتها حتى في الحوار اليومي التواصلي، فهي لغة جاهزة للتلحين في أي وقت شاء العازف أو الشاعر أو المغني حملها على الوتر أو النسق الشعري أو حتى على أحجار البيانو...، فالأدوات الموسيقية تسهم في تثوير التعبير العاطفي سواء بالإلقاء الصوتي أم بالعزف على آلة موسيقية ما، أما اللغة العربية وبسبب ميزانها الصرفي والتركيبي فهي جاهزة كذلك الأمر على أن تحمل على الأوتار والأوتار الموسيقية، إذ الآلة الموسيقية وبفضل مهارة العازف قادرة على أن تَحمل اللغة بكافة مستوياتها الصوتية والصرفية والدلالية وتخوض بها في تموج إيقاعي متعدد ومختلف، والسرّ ربما يكمن في التشابه القائم بين الصوت الموسيقي المولود من رحم الطبيعة بحفيف أشجارها وهدير أمواجها وهمسات الطبيعة... ومن الحرف العربي المتشكل بدوره نتيجة محاكاته لبيئة الإنسان وواقعه الحيوي.
فالنقاد لا يصلون للمعنى إلا من خلال الشرط التركيبي للنص، لكن الموسيقيين يصلون للمعنى من خلال انسجام الصوت وبنية الحرف والكلمة والجملة، أما الشعراء فيتدفق المعنى لديهم من الإحساس المرهف بالمعنى في محيطه المجازي ومناسبته الزمانية والمكانية وحاجتهم له، ثمة تكامل إذاً بين الشاعر والموسيقي وشكل النص العربي الذي سمح بتلك العلاقة ببعد فلسفي قبل أن يكون بعداً جمالياً، وهو تكامل يخضع لقانون الجاذبية الذي يتأثر به المستمع كما الشاعر والملحّن.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية