من الواضح أن "حزب الله" بدأ يتعامل بشكل أكثر جدية مع إمكان التصعيد مع اسرائيل على اعتبار أن الحزب يعلم حجم الردّ الذي سيقوم به والذي قد لا تكون هناك قدرة لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لاستيعابه، وعليه فإن الاجراءات التي تحصل على الصعيد العسكري واللوجستي والامني، وحتى تلك المرتبطة بالمهجرين المحتملين تخدم عدم الوقوع في صدمة اللحظة الاولى بعد رد الجيش الاسرائيلي على الردّ الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة او اقله الى توسيع شعاع المعركة.
امام هذا الواقع بدأ "حزب الله" تواصلاً جدياً مع حلفائه السياسيين من اجل وضعهم في اجواء التطورات، والبناء على سيناريوهات متوقعة من اجل السير في تنسيق سياسي كامل، والاهم هو الاستفادة من جميع الحلفاء في تحضير البنى التحتية اللازمة واللوجستيات الاساسية المرتبطة بمرحلة ما بعد الإنفجار، وعليه فإن التواصل يتم مع قوى حليفة او وسطية ومع قوى كانت حليفة ولا يزال هناك علاقة شبه ودية معها.
تتحدث مصادر مطلعة عن إنهاء "حزب الله" جزءا كبيرا من استعداداته علماً أنه ليس في وارد فتح حرب واسعة مع اسرائيل، لا بل يفضل عدم الذهاب اليها، لكنه في الوقت نفسه بات مصراً وبشكل حاسم على الردّ خصوصاً ان بعض المؤشرات بدأت تتحدث عن أن تل ابيب تفضل توسيع الحرب بعد الردّ الايراني وعلى ايران بشكل مباشر عبر استهداف قدراتها النووية ومنعها من تطويرها اكثر او الوصول الى حدّ تصنيع قنبلة نووية تغير كل توازنات القوى في المنطقة.
وترى المصادر أن الحزب لن يفتح في المرحلة الحالية اي اشتباك سياسي مع اي حزب او طرف داخلي بل على العكس من ذلك، فهو سيعمل على التنسيق مع الجميع سياسياً، وفي الامور المرتبطة بالمهجرين، على قاعدة أنه في الحرب فان الجميع حلفاء ولا مكان للخلافات الداخلية حتى لو زادت الانتقادات الموجهة لدور الحزب وادائه العسكري او حتى المواقف التي تطالب بسحب السلاح منه، خصوصاً أنه لا يريد ان يسبب اي توترات تؤثر على وضع الجنوبيين او ابناء الضاحية الذين سيقيمون في مناطق مختلطة طائفياً وسياسيا.
كما أن الحزب أبلغ جميع القوى السياسية التي ينسق معها بأنه جاهز لتأمين كل المستلزمات للمهجرين، وسيعمل دفع تكاليف الخدمات التي سيتم تقديمها لهم، وسينقل كميات كبيرة من المواد الغذائية كما انه سيعمل على تعويض اي نقص لدى المستشفيات والمستوصفات في مناطق النزوح ومدّها بالادوية والمواد الطبية اللازمة، وهذا الامر ينطبق على جميع من يتم التنسيق معهم وليس فقط القوى الحليفة، انما بعض الزعامات المناطقية التي تتمايز عن الحزب في القضايا الداخلية.
وترى مصادر مطلعة أن التطور الحالي للمشهد، الذي ترجع عما كان عليه خلال الساعات الاولى التي تلت عملية إغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر، يريح الشارع اللبناني وهذا ما تقصده الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله خلال خطابه الاخير، فالرد المنتظر قد يتأخر خصوصاً أنه مرهون بالميدان والفرص المتاحة أمامه، وعليه لا يجب أن يبقى الهلع هو المسيطر على الداخل اللبناني وتحديداً على بيئة "حزب الله".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
حزب الله من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان
شكلت الزيارة التاريخية التي قام بها البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان مناسبة استثنائية لإعادة فتح الملفات المتصلة بالعلاقات الإسلامية – المسيحية، ولإبراز طبيعة التوازنات الدقيقة التي يقوم عليها الكيان اللبناني. وفي هذا السياق، برز انفتاح حزب الله الواضح تجاه الفاتيكان من خلال الترحيب الحار بالزيارة البابوية، والرسالة الرسمية التي وجهها إلى الحبر الأعظم، وما تضمنته من إشارات واضحة إلى أهمية العيش المشترك واحترام التنوع والتعددية والتمسك بهذا الكيان وبوحدة هذا البلد. هذا الانفتاح ليس تفصيلاً عابراً، بل يعكس توجهاً سياسياً – اجتماعياً يهدف إلى تثبيت حضور الحزب ضمن معادلة الاستقرار الوطني، وإبراز التزامه بالدور الجامع للدولة وبالنموذج اللبناني الذي يقوم على الشراكة بين مكوّناته.في الرسالة التي بعثها حزب الله إلى البابا، عبّر عن تقدير لموقع الفاتيكان المعنوي في لحظة حسّاسة تمر بها البلاد. وجاء التركيز على جمال لبنان وتنوّعه الطائفي المنظّم كمدخل لإعادة التذكير بأساسيات الصيغة اللبنانية، وبأن العيش الواحد والتوافق العام هما ركيزتان لا بدّ منهما لاستقرار النظام السياسي وأمنه الوطني.
واستحضرت الرسالة مقولة البابا يوحنا بولس الثاني الشهيرة: لبنان ليس مجرد وطن بل رسالة لتربط بين التجربة التاريخية للبنان وبين دوره الحضاري كجسر يصل بين المسيحية والإسلام، وبين الاتجاهات الثقافية والدينية المختلفة في الشرق والغرب. بهذا المعنى، حاول الحزب التأكيد أن التنوع ليس مصدر تهديد، بل هو جوهر الهوية اللبنانية ورسالتها إلى العالم.
تكشف الرسالة بوضوح رغبة حزب الله في تقديم نفسه طرفاً حريصاً على حماية الصيغة اللبنانية وعلى عدم المس بالحضور المسيحي في البلاد،. وتأتي هذه المقاربة في لحظة يتصاعد فيها الكلام عن سيناريوهات مواجهة واسعة على الحدود الجنوبية، وعن ضغوط إسرائيلية متواصلة على لبنان، ما يجعل أي خطاب حول الشراكة الوطنية ذا دلالات خاصة.
يسعى الحزب من خلال هذه المقاربة إلى القول إنه شريك في حماية لبنان لا طرفاً يهدد ركائزه، وهو يعتبر بحسب مصادره، أن تعزيز الثقة بين المكونات اللبنانية، وفي مقدمتها المسيحيون، ضرورة لصد محاولات زعزعة الاستقرار أو استثمار التناقضات الداخلية في سياق الضغوط الدولية.
يرى الحزب أنّ الفاتيكان قادر على لعب دور يتجاوز الرمزية الروحية إلى التأثير الدبلوماسي، خصوصاً في مواجهة الاندفاعة الإسرائيلية نحو التصعيد. ومن هنا جاء مضمون الرسالة ليطالب ولو بشكل غير مباشر بوقوف الفاتيكان إلى جانب لبنان في محطات حرجة، وبأن يكون الصوت المسيحي العالمي عاملاً مساعداً في تثبيت الاستقرار ومنع الانزلاق إلى حرب واسعة.
يترافق إرسال الرسالة مع استعداد وفد من حزب الله لزيارة السفارة البابوية قريباً، في خطوة تحمل أكثر من إشارة. فهي تعبير عن تمسك الحزب بالصيغة اللبنانية بكل عناصرها، وعن حرصه على تأكيد التزامه بالكيان الوطني ووحدة البلاد. كما تأتي لتقول إن الديمقراطية التوافقية ليست مجرّد صيغة حكم، بل أساس لاستمرار لبنان كفضاء مشترك بين مكوّناته. فالزيارة المرتقبة إلى السفارة البابوية هي رسالة إضافية تؤكد أهمية العلاقات الروحية والوطنية في الحفاظ على تماسك المجتمع اللبناني، وتمهد لنقاشات أوسع وأكثر تنظيماً حول الملفات الوطنية الكبرى خصوصاً في ظل المتغيرات المتسارعة التي تتطلب مقاربات جديدة أكثر هدوءاً وعقلانية.
يبرز في خطاب الحزب مقاربة مختلفة تجاه مفهوم حماية البلد. فهو يشير بوضوح إلى أنّ مسؤولية الدفاع عن لبنان وصون استقراره مسؤولية جماعية لا تقع على عاتقه وحده، بل تتشارك فيها المؤسسات الدستورية والجيش والشعب والقوى السياسية. هذه المقاربة تعكس محاولة تنظيم أولويات المرحلة المقبلة، وفتح الباب أمام نقاش وطني هادئ حول دور كل طرف في حماية الأمن الوطني. وفي هذا الإطار، يبدو الحزب كأنه يهيئ الأرضية لحوار منظم حول الاستراتيجية الدفاعية، بعيداً عن الاصطفافات التي حكمت النقاش في مراحل سابقة.
لم تكن الرسالة الحالية خطوة معزولة، فالعلاقة بين حزب الله والسفارة البابوية شهدت خلال السنوات الماضية، بحسب مصادر الحزب ، تواصلاً مستمراً كلما دعت الحاجة إلى التشاور حول ملفات تخص اللبنانيين. كما سعى الحزب إلى إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع بكركي، رغم الاختلافات السياسية والاضطرابات التي شهدتها العلاقة في الآونة الأخيرة. وقد ساهمت اللجنة المشتركة بين الطرفين في وضع إطار مؤسساتي للحوار، ما سمح بتخفيف التوترات واحتواء الخلافات وتعزيز فرص التفاهم
إن رغبة حزب الله في الانفتاح على المسيحيين، وإظهار التزامه بالشراكة الوطنية، ليست إجراءً شكلياً بل جزءاً من استراتيجية سياسية تسعى إلى تحصين الداخل اللبناني في زمن التحديات الكبرى. ففي ظل التحولات الإقليمية المتسارعة، يبدو الحوار المسيحي – الإسلامي ضرورة لا خياراً، ومساراً ملحّاً للحفاظ على ما تبقى من استقرار في لبنان.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة قاسم: أرحب بزيارة البابا إلى لبنان وكلفنا أشخاصاً من المجلس السياسي لزيارة السفارة البابوية وتقديم رسالة من "حزب الله" إلى البابا Lebanon 24 قاسم: أرحب بزيارة البابا إلى لبنان وكلفنا أشخاصاً من المجلس السياسي لزيارة السفارة البابوية وتقديم رسالة من "حزب الله" إلى البابا