مسؤولة أمريكية سابقة تحذر من حرب مع إيران بسبب سياسة بايدن
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للمسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية هالة غريط والتي استقالت احتجاجا على سياسة إدارة بايدن من غزة، وشاركتها في المقال أيضا الموظفة السابقة في نفس الوزارة أنيلي شيلاين قالتا فيه إن سياسة وزارة الخارجية من غزة فشلت.
وقالتا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد الحرب مع إيران، كما توضح من خطابه أمام الكونغرس في الشهر الماضي.
وسارع وزير الخارجية أنطوني بلينكن بعد مقتل المسؤول السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية للقول إن واشنطن "لم تكن على معرفة أو شاركت" في العملية العسكرية. وفي ظل مستويات التنسيق والتشارك الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد انتشرت التكهنات بأن الحكومة الأمريكية كانت مشاركة أو صادقت على العملية، حسبما اقترحت الحكومة الإيرانية.
وقالتا إن هذه النظرة منتشرة في الشرق الأوسط الغاضب من صور المشرعين الأمريكيين وهم يصفقون لنتياهو، الرجل المتهم بارتكاب جرائم حرب في غزة.
وترك حتى مجرد التفكير بدور أمريكي في العملية أثره التصعيدي بالمنطقة.
و "هذا لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ويهدد الشعب الأمريكي". وقالتا إن اغتيال هنية لم يكن هدفه جر الولايات المتحدة وإيران إلى حرب مباشرة بل كان وسيلة أكيدة لتدمير مفاوضات وقف إطلاق النار.
فقد كان هنية رئيسا للجناح السياسي في حماس ومقره قطر. وكان كما قيل واحدا من الرموز التي حاولت الحصول على تنازلات من يحيى السنوار، الزعيم الميداني في غزة.
وتقول الكاتبتان إن نتنياهو لا يدعم حل الدولتين ويرغب بحرب دائمة وإشعال الشرق الأوسط حتى يكون قادرا على إنهاء التطهير العرقي في غزة وضم الضفة الغربية، وقد سمحت الولايات المتحدة بانتشار لهيب النار.
وتضيف الكاتبتان إن إدارة بايدن تعي المخاطر التي يمثلها نتنياهو، وبدلا اتخاذ موقف متشدد منه، واستخدام النفوذ الدبلوماسي مثل الدعم العسكري والحد من التصعيد المستمر، إلا أنها تواصل التصرف بصورة الخائف والجبان، مما يسمح لزعيم أجنبي متطرف تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجر إلى حرب كارثية أخرى أم لا.
فواشنطن تسير بعيون مفتوحة نحو الحرب الواسعة. وتشعر الكاتبتان، واحدة منهما كانت موظفة مخضرمة بخبرة 18 عاما في السلك الدبلوماسي والثانية كموظفة جديد في سلك الخدمة المدنية بالخوف من الضرر على مصالح الأمن القومي وعلى الدبلوماسية والذي قد يكون أسوأ مما شاهداته في التاريخ القريب، بما في ذلك الحرب الدولية على الإرهاب والغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق في 2003.
وحذر الخبراء من داخل وخارج وزارة الخارجية ولأشهر الإدارة بأن الدعم غير المشروط لإسرائيل يعتبر إفلاسا أخلاقيا ويتناقض مع المصالح الأمريكية بالمنطقة. و"مع ذلك فقد تعرضنا وزملاءنا للتهميش وتم إسكاتنا، في وقت باتت فيه أمريكا على وشك الإنجرار لحرب لا تخدم مصالح الشعب الأمريكي".
وتساءل المعلقون ومنذ بداية الحرب على غزة إن كان المسؤولون الأمريكيون البارزون، يعرفون ما يجري هناك. ويعني السؤال أنهم لو شاهدوا الفظائع الأهوال التي غمرت وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم سيضطرون إلى الإصرار على أن تغير إسرائيل سلوكها أو سحب الدعم الأمريكي.
ومع ذلك أرسلت هالة غريط، بصفتها متحدثة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هذه الصور ولقطات الفيديو إلى بريد المسؤولين الإلكتروني كل يوم، ولهذا فلا مجال لوزارة الخارجية الزعم بأنها لم تكن عارفة بما تفعله إسرائيل مستخدمة الأسلحة الأمريكية بالمدنيين في غزة.
واستقالت غريط في نيسان/أبريل احتجاجا على سياسة بايدن من غزة، حيث كانت تعمل بالقنصلية الأمريكي في دبي. وفي آذار/مارس استقالت أنيلي من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية احتجاجا على دعم بايدن غير المشروط لإسرائيل وعمليتها بغزة. وبناء على تجارب الكاتبتين، فإن وزارة الخارجية تجاهلت عمدا التحولات الأصلية التي تحدث بالمنطقة نتيجة للدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل. وهناك عدد كبير من الناس في الحكومة الأمريكية يرسخون انتهاج سياسة يدركون أنها خاطئة وغير قانونية.
وأشارتا أن اتخاذ مثل هذه القرارات الخاطئة والخطيرة يأتي من القمة ويرسل رسالة إلى كل من هم في الأسفل بأن يمتثلوا أو يخاطروا بخسارة حياتهم المهنية.
ويعتقد بايدن وبلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغيرك أنهم يستطيعون مواصلة هذه السياسة بدون مواجهة تداعيات خطيرة وطويلة الأمد، مع أن ضررا لا يمكن إصلاحه حدث ونقف اليوم على حافة عنف سيشمل كل المنطقة.
وهذا كل ما يريده نتنياهو وبمزيد من الدعم الأمريكي بقوات على الأرض في الشرق الأوسط.
فاستمرار الدعم الأمريكي والدفاع عن الهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة وعن السجل الصارخ لانتهاكات حقوق الإنسان، مثل عرقلة وصول الطعام ومياه الشرب الصحية والأدوية إلى غزة، فقد دمرت إدارة بايدن مصداقية الولايات المتحدة وزادت من مخاطر التهديدات على الأمن القومي الأمريكي. وجعل التواطؤ الأمريكي الدبلوماسيين وأفراد الخدمات الخارجية هدفا للإنتقام إلى جانب زيادة زعزعة الإستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وظل الشارع العربي يحتج ضد الهجمات الإسرائيلية، ففي 26 تموز/يوليو أحيا المغاربة الأسبوع الـ 42 من الإحتجاجات المتوالية ضد الهجوم الإسرائيلي، وكذا في مسقط، بعمان والإحتجاجات المسترة في الأردن. وهذه تثير القلق لأن المغرب والأردن وقعا اتفاقيات تطبيع، وظلت التظاهرات في عُمان نادرة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر اضطرت السفارة الأمريكية في بغداد لإجلاء بعضا من العاملين في السفارة، نظرا لهجمات متعلقة بغزة. وقتل في كانون الثاني/يناير ثلاثة جنود أمريكيين في هجوم على برج 22 قرب الحدود الأردنية- السورية.
وبعد سبعة أشهر من الهدوء النسبي، تعرضت الأهداف الأمريكية لهجمات نهاية شهر تموز/يوليو و 5 آب/أغسطس حيث جرح جنود أمريكيون بقاعدة عسكرية بالعراق. ويحذر المسؤولون الأمنيون الأمريكيون من هذه المخاطر وطوال الأشهر الماضية.
وعبر مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) كريستوفر ري في تشرين الأول/اكتوبر عن مخاوفه من تهديدات محتملة وهجمات من تنظيم الدولة والقاعدة وحزب الله. وفي آذار/مارس وصفت مسؤولة الأمن الوطني افريل هينز "الأثر الجيلي للإرهاب"، حيث بدأت الجماعات الإرهابية باستخدام غزة كوسيلة للتجنيد.
وبناء على هذا الواقع، وجد مسؤولو وزارة الخارجية أنه من المستحيل وبشكل متزايد العمل على تعزيز جوانب أخرى من السياسة الأمريكية، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان. فعند الاجتماع بأعضاء المجتمع المدني من شمال أفريقيا، على سبيل المثال، كان ممثلو الوزارة يسألون عن الطرق التي تنتهجها حكوماتهم في قمع الحريات الأساسية. ولكن هؤلاء الأفراد كانوا يريدون بدلا من ذلك الحديث عن غزة وما تساعد عليه الولايات المتحدة هناك. ولم يستطع المسؤولون إلا تقديم تطمينات فاترة وهي أن إدارة بايدن ملتزمة بتحقيق وقف إطلاق النار بغزة.
وهو كلام كذبه واقع رفض بايدن فرض عقوبات على إسرائيل ورفض نتنياهو المتكرر لمقترحات وقف إطلاق النار. وبنفس المثابة، عندما سألت وزارة الخارجية ممثلي الحكومات العربية عن السجناء السياسيين أو القيود المفروضة على الصحافيين، كانوا يردون على الفور بالقول: "كيف يمكنكم انتقادنا؟ انظروا إلى ما تفعلونه في غزة!".
وزعمت إدارة بايدن أن حقوق الإنسان ستكون محورية في سياستها الخارجية، ولكن بدلا من ذلك، دمرت قدرة الدبلوماسيين الأمريكيين للدفاع عن حقوق الإنسان. واعترفت وزارة الخارجية بالوضع في مداولاتها الداخلية، فقد كشفت وثيقة مسربة أن قادة الوزارة البارزين يعترفون بأن السياسة الأمريكية تضر بدون رجعة بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
وبرغم ما يتلقاه المسؤولون البارزون في الوزارة من تقارير يومية عن الوضع في غز واعترافهم بضرر سياسة الدعم غير المشروط لإسرائيل وأثرها على سمعة أمريكا، فإنهم لم يحاولوا التصدي لهذا الأمر بل وكان ردهم هو مواصلة المساعدة والدعم. مثلا، ضغطت الوزارة على غريط بصفتها متحدثة باسمها، التواصل مع الإعلام العربي والدفاع عن سياسة أمريكا مهما كانت التداعيات السلبية.
ولكنها رفضت ليس لأن عمل هذا لا أخلاقي وانتهاك للقانون الدولي بل لأنه يتسبب بردة فعل سلبية ضد أمريكا. ومع تصاعد النزاع، لاحظت غريطة زيادة في المشاعر المعادية لأمريكا في كل المنطقة، مما دفعها لوصف الوضع للمسؤولين الأمريكي وبشعور من القلق. وحتى ما يطلق عليهم بالليبراليين العرب شعروا بالتقزز من المعايير الأمريكية المزدوجة. ورغم ذلك استمرت نفس نقاط الحديث البائسة في الظهور، ورفض صناع القرار الرئيسيون تغيير المسار.
وبعد مقتل هنية في إيران وتخريب مفاوضات إطلاق النار، فيمكن تخيل حدوث أي شيء سيء، وهناك مخاوف من حرب واسعة بالمنطقة لكنها مفيدة لنتنياهو وبقائه في السلطة.
وتعتقد الكاتبتان أن الأمر الآن بيد المرشحة الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس الواجب عليها إرسال رسالة واضحة لوقف الجرائم في غزة والتأكيد على ان الولايات المتحدة لن تقدم دعما غير مشروط لإسرائيل في حرب مع حزب الله وإيران. ويجب عليها التمسك بالدبلوماسية، وأن تضغط كنائبة للرئيس، الإدارة لتجنب الحرب الإقليمية. وقد لا يتبقى شيء من غزة يمكن إنقاذه في غضون ستة أشهر، وهذا هو ما يراهن عليه نتنياهو.
وتستطيع هاريس تصحيح المسار، بالتأكيد على اتباع القوانين الأمريكية المتعلقة بنقل الأسلحة الأمريكية. ومن خلال اتباع القوانين واللوائح التنظيمية التي تخرقها الإدارة حاليا، فسيتم ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بقانون ليهي وقانون مراقبة تصدير الأسلحة، وقانون المساعدات الخارجية.
وبناء على انتهاكاتها الجسيمة المتكررة والممنهجة والموثقة لحقوق الإنسان وعرقلة المساعدات الإنسانية الأمريكية، فإن إسرائيل لم تعد مؤهلة لتلقي المساعدات الأمنية الأمريكية. وتستطيع هاريس استخدام النفوذ الأمريكي للضغط على إسرائيل كي تقبل بصفقة وقف إطلاق النار. وسيشجع هذا قطر ومصر لكي تضغطان على حماس الموافقة على صفقة وقف إطلاق النار التي وافقت عليها. وبالنسبة لحزب الله وإيران والحوثيين، فإنهم سيوقفون هجماتهم لو أوقفت إسرائل العنف في غزة وسمحت بدخول المساعدات الإنسانية.
ومن خلال اتخاذ خطوات قوية والتأكيد على الإلتزام بالقانون الأمريكي، فستظهر هاريس تكريسها ودعمها لموقف غالبية الأمريكيين الرافضين لدعم بايدن غير المشروط لإسرائيل ويرفضون إرسال القوات الأمريكية دفاعا عن إسرائيل من عواقف عدوانها. ولو تحقق هذا فسيؤدي إلى تقويض قوة المتطرفين من كل الأطراف. وللأسف، فلا يمكننا انتظار انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، وإذا لم تتحرك هاريس الآن، فإنها تخاطر بتعريض الأمن القومي الأمريكي للخطر وباندلاع حرب كارثية في الشرق الأوسط والتي من المحتم أن تنجر إليها الولايات المتحدة. ومن خلال اتخاذ إجراءات الآن، بما يتماشى مع القوانين الأمريكية، فمن شأن هاريس أن تعزز قاعدة الحزب الديمقراطي وربما تعيد الناخبين غير الملتزمين والشباب ــ والذين بدونهم قد تخسر الانتخابات بسهولة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن غزة إيران إيران امريكا غزة الاحتلال بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غیر المشروط لإسرائیل الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط وقف إطلاق النار وزارة الخارجیة الأمن القومی حقوق الإنسان إدارة بایدن من غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
نيويورك: إسلام الشافعي
في خطوة تعيد رسم خريطة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا بعنوان «ضمان إطار وطني للسياسة الخاصة بالذكاء الاصطناعي»، يهدف إلى ترسيخ هيمنة واشنطن في هذا القطاع عبر تقليص سلطة الولايات في سنّ قوانينها المنفردة. يأتي الأمر استكمالًا لمسار بدأه ترامب في يناير 2025 بالأمر التنفيذي 14179 «إزالة العوائق أمام قيادة أمريكا في الذكاء الاصطناعي»، الذي ألغى عددًا من سياسات الإدارة السابقة واعتبر أنها تعرقل صناعة الذكاء الاصطناعي وتكبّل الابتكار.
يقدّم الأمر التنفيذي الجديد رؤية واضحة: الولايات المتحدة تخوض سباقًا عالميًا على الريادة في الذكاء الاصطناعي، وأي «ترقيع تنظيمي» على مستوى الولايات من شأنه إضعاف الشركات الأميركية في مواجهة منافسيها الدوليين. الإدارة ترى أن تعدد القوانين بين ٥٠ ولاية يخلق عبئًا تنظيميًا معقدًا، خاصة على الشركات الناشئة، ويحوّل الامتثال القانوني إلى متاهة مكلفة تهدد الاستثمارات التي تقول الإدارة إنها بلغت تريليونات الدولارات في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة.
يلفت الأمر التنفيذي النظر بشكل خاص إلى تشريعات بعض الولايات، وعلى رأسها قانون في كولورادو يستهدف «التمييز الخوارزمي» في أنظمة الذكاء الاصطناعي. ترامب يهاجم هذا النوع من القوانين بوصفه محاولة لفرض «انحياز أيديولوجي» على النماذج، بل يذهب إلى القول إن متطلبات تجنّب «الأثر التفاضلي» على الفئات المحمية قد تجبر الأنظمة على تقديم نتائج خاطئة أو غير دقيقة من أجل استيفاء الاعتبارات القانونية.
لتنفيذ هذه الرؤية، يكلّف الأمر التنفيذي وزارة العدل بإنشاء «فريق تقاضٍ للذكاء الاصطناعي» تكون مهمته الوحيدة الطعن في قوانين الولايات التي تتعارض مع السياسة الفدرالية الجديدة، سواء بحجة انتهاك سلطة الحكومة الاتحادية في تنظيم التجارة بين الولايات، أو بحجة تعارضها مع اللوائح الفدرالية القائمة، أو أي أسباب قانونية أخرى تراها الوزارة مناسبة. بالتوازي، يطلب من وزارة التجارة إعداد تقييم شامل لقوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات، مع تحديد تلك التي تُلزم النماذج بتعديل مخرجاتها الصحيحة أو تجبر المطورين على إفصاحات يُحتمل أن تصطدم بالتعديل الأول للدستور الأمريكي وحماية حرية التعبير.
أحد أكثر بنود الأمر إثارة للجدل هو ربطه بين موقف الولايات التشريعي من الذكاء الاصطناعي وبين إمكانية حصولها على تمويل اتحادي في مجالات حيوية، مثل برنامج «الإنصاف في النطاق العريض وإتاحته ونشره» (BEAD) المخصص لتوسيع الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. فالأمر التنفيذي يفتح الباب أمام حرمان الولايات ذات القوانين «المُرهِقة» من بعض التمويل غير المخصص للبنية التحتية المباشرة، بذريعة أن البيئة التنظيمية المجزأة تهدد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على الشبكات فائقة السرعة وتعطّل هدف تحقيق اتصال شامل للمواطنين.
ويمضي الأمر أبعد من ذلك، إذ يدعو هيئات فدرالية مثل لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة التجارة الفدرالية إلى بحث وضع معايير وطنية ملزمة للإبلاغ والإفصاح عن نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون لها الأسبقية على القوانين المتعارضة في الولايات، وإلى توضيح متى تُعتبر قوانين الولايات التي تفرض تعديل المخرجات «الحقيقية» للنماذج نوعًا من الإلزام بالسلوك المضلِّل المحظور بموجب قانون التجارة الفيدرالي.
في الخلفية، تلوّح الإدارة أيضًا بمسار تشريعي طويل الأمد؛ إذ يوجّه الأمر المستشار الخاص بالذكاء الاصطناعي والتشفير، ومستشار الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، لإعداد مشروع قانون يضع إطارًا فدراليًا موحدًا للذكاء الاصطناعي يَسمو على قوانين الولايات المتعارضة مع هذه السياسة، مع استثناءات تتعلق بحماية الأطفال، والبنية التحتية للحوسبة، واستخدام الحكومات المحلية للذكاء الاصطناعي.
بهذا، لا يقتصر الأمر التنفيذي على كونه وثيقة تنظيمية تقنية، بل يتحول إلى محطة جديدة في الصراع بين الحكومة الفدرالية والولايات حول من يملك الكلمة العليا في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في أميركا، بين من يرى أن التساهل التنظيمي شرطٌ للحاق بالسباق العالمي، ومن يخشى أن يتحول ذلك إلى فراغ رقابي يترك الحقوق المدنية والبيانات الحساسة دون حماية كافية.
و بينما تصف إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية الابتكار الأميركي وتفادي “فسيفساء تنظيمية” تعطل الاستثمار، ترى حكومات ولايات ومجموعات حقوقية أن الأمر التنفيذي يضعف طبقة الحماية المحلية التي فُرضت استجابة لمخاوف حقيقية تتعلق بالتمييز الخوارزمي والخصوصية، ما يفتح جولة جديدة من الجدل القانوني والسياسي حول من يملك حق رسم قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
حذّرت حكومات عدد من الولايات من أن الأمر التنفيذي يعتدي على سلطاتها الدستورية في تنظيم شؤون مواطنيها، خصوصًا في مجالات حماية الخصوصية والتمييز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد مسؤولون في هذه الولايات أن القوانين المحلية لا تستهدف عرقلة الابتكار، بل وضع حدّ لاستخدامات قد تضر بالحقوق المدنية أو تعزز التحيّز ضد مجموعات بعينها.
ومن جانبها، سارعت المجموعات الحقوقية إلى انتقاد القرار، معتبرة أنه يمنح الشركات التكنولوجية حرية واسعة على حساب آليات المساءلة والشفافية، ويُضعف قدرة الضحايا المحتملين على مواجهة الأضرار الناجمة عن أنظمة خوارزمية متحيزة أو غير شفافة.
وترى هذه المنظمات أن ربط التمويل الفيدرالي بمواقف الولايات التشريعية قد يتحوّل إلى أداة ضغط سياسي تُستخدم لثني المشرّعين المحليين عن سنّ قوانين لحماية المستهلكين.