بطرق جديدة للتعلم.. أفغانيات يتحدين سراً حظر طالبان
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
في ظل حكم طالبان، تواجه النساء والفتيات في أفغانستان تحديات غير مسبوقة في الحصول على التعليم. فرض الحظر على تعليم الفتيات فوق سن 12 عاما قد غيّر مسار حياة الكثيرات، محولاً أحلامهن وطموحاتهن إلى واقع قاسٍ من القيود والحرمان.
ويسلط تقرير لشبكة "سي ان ان" على مبادرات سرية وجهود دولية، تساعد النساء والفتيات في السعي وراء التعليم، لضمان مستقبل أفضل للأفغانيات في وجه الاضطهاد.
خاور واحدة من الفتيات اللائي تحولت خططهن الحياتية، من طموح دراسة الطب إلى روتين يومي شاق ومليء بالأعمال المنزلية.
وبالرغم من هذه الظروف اليائسة، لم تستلم الشابة خاور لواقعها، إذ تدرس سرا عبر الإنترنت للحصول على شهادة في العلوم الصحية من جامعة أميركية توفر تعليما مجانيا للاجئين والنساء.
وردت الشابة على أسئلة شبكة "سي ان ان" عبر رسائل نصية، مستخدمة اسم "خاور" المستعار وذلك لأسباب أمنية، وقالت "أيامي مختلفة جدا عما كانت عليه من قبل. آمل أن يتغير كل شيء يوما ما".
وتدرس الشابة البالغة من العمر 22 عاما سرا للحصول على درجة في العلوم الصحية من خلال جامعة الشعب، وهي جامعة غير ربحية عبر الإنترنت مقرها الولايات المتحدة تسمح للاجئين في جميع أنحاء العالم، والنساء مثل خاور، بالدراسة مجانا.
إلى جانب المدارس عبر الإنترنت، تتصاعد الجهود الدولية لتعليم الفتيات المراهقات والنساء، اللواتي يكدن يكنّ محاصرات في منازلهن من قبل نظام يراهن كطبقة خاضعة.
وتجرى بعض الدروس في مواقع سرية داخل أفغانستان، والبعض الآخر عبر الإنترنت، على الهواتف والتلفزيون والراديو. ويديرها أشخاص مختلفون، لكنهم جميعا مصممون للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفتيات والنساء الأفغانيات.
"مركز أمل"بالنسبة للمعلمين، تعد نشر المعرفة ضرورة ملحة. فهم يدركون أن مجتمعا متعلما، خاصة من النساء والفتيات ذوات المهارات والعزيمة، يصعب التلاعب به. وهذه الشبكة السرية من المتعلمات قد تشكل نواة لقيادة البلاد مستقبلا، وفقا لما نقلته الشبكة.
عرفان الله عابدي، أفغاني لجأ إلى أستراليا بعد انسحاب القوات الأميركية، أطلق مبادرة تعليمية سرية في أفغانستان.
وبعد إحباطه من فشل الحملات الإلكترونية في إقناع طالبان بإعادة فتح مدارس الفتيات، أسس بحلول فبراير 2023 حوالي 15 فصلا دراسياً سريا في أنحاء البلاد.
وتعمل هذه الفصول بنظام فريد، حيث يمثل كل طالب حاضر مجموعة من 4-5 طلاب آخرين لأسباب أمنية. ورغم سهولة إيجاد معلمات بسبب حظر طالبان على تدريس النساء للأولاد، إلا أن "تجنيدهن" ليستوفين المتطلبات الأمنية الصارمة يشكل تحدياً.
ويكشف عابدي، أن "الأمن يأتي على رأس الأولويات، حيث يتم إلغاء الفصول فورا عند أي اشتباه بخرق أمني".
ويصف هذه الفصول بأنها أكثر من مجرد مراكز تعليمية، مشيرا إلى أنها "مراكز أمل وصمود" حيث ترى الفتيات مستقبلهن وتشكلنه.
ويعتبر أن هدف طالبان من منع تعليم الفتيات هو إبقاء الأجيال القادمة جاهلة وقابلة للتلاعب، مما يؤكد أهمية هذه المبادرات التعليمية السرية في مقاومة هذه الأيديولوجية.
بث إذاعيوبعد ثلاث سنوات من سيطرة طالبان على الحكم، تقدر اليونسكو أن 1.4 مليون فتاة محرومات من التعليم الثانوي في أفغانستان.
كما انخفض عدد طلاب المدارس الابتدائية بسبب نقص المعلمين الذكور والظروف الاقتصادية الصعبة التي تدفع الأسر لإرسال أطفالها للعمل بدلاً من الدراسة.
لمواجهة هذا الوضع، أسست رائدة الأعمال الأفغانية حميدة أمان منظمة بيغوم للمرأة (BOW) في نهاية عام 2020. تبث المنظمة دروسا إذاعية وبرامج صحية ونفسية للنساء في معظم أنحاء أفغانستان، رغم مواجهة صعوبات في بعض المناطق المحافظة.
وبالإضافة إلى البث الإذاعي، تقدم أكاديمية بيغوم دروسا عبر الإنترنت مصورة في استوديوهاتها بباريس.
وتغطي هذه الدروس مواضيع متنوعة وتقدمها نساء، وهو أمر غير مسموح به في أفغانستان حاليا. كما تعمل قناة بيغوم التلفزيونية على توفير محتوى ترفيهي لجمهورها، استجابة لطلبات المشاهدين الذين يسعون للترفيه وسط الظروف الصعبة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی أفغانستان عبر الإنترنت
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف تفاصيل اجتماع علماء دين أفغان وعلاقته بباكستان
كابل- أثار الاجتماع الواسع الذي عقده علماء دين أفغان في العاصمة كابل، أمس الأربعاء، وخرج بقرار يمنع الأفغان من "ممارسة أي نشاط عسكري خارج البلاد"، جدلا واسعا نظرا لتزامنه مع توتر متصاعد مع إسلام آباد، واتهامات متبادلة بشأن نشاط حركة طالبان باكستان في المناطق القبلية الموازية لأفغانستان.
واعتبر مراقبون أن القرارات تبدو موجّهة بشكل مباشر نحو هذه الحركة وحكومتها، في حين تقول الحكومة الأفغانية إنها تهدف إلى "تنظيم الخطاب الديني وحماية أمن البلاد".
وشارك في الاجتماع أكثر من ألف عالم دين من مختلف الولايات، بحضور رئيس الوزراء الملا محمد حسن آخوند ورئيس المحكمة العليا الشيخ عبد الحكيم حقاني، ووزير الأمر بالمعروف محمد خالد حنفي، إضافة إلى كبار مسؤولي الحكومة.
علماء أفغانستان يعلنون:
النظام القائم في البلاد إسلامي وشرعي، والدفاع عنه واجب ديني، ولا نشاط عسكري خارج حدود الدولة بتوجيهات القيادة. pic.twitter.com/8HMPLiqtC3
— عمران الأفغاني (@afghan_37) December 11, 2025
هدف الاجتماعوأفاد مصدر حكومي رفيع المستوى -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت بأن "هدف الاجتماع كان توحيد الموقف الشرعي تجاه النشاط المسلح خارج أفغانستان، وقطع الطريق أمام الأطراف التي تستغل الحدود أو الهوية الأفغانية في صراعات خارجية".
وأضاف أن "الرسالة لم تكن موجّهة إلى طالبان باكستان وحدها، بل إلى إسلام آباد أيضا، بأن كابل تتعامل بجدية مع مسألة استخدام الأراضي الأفغانية، وأنها ملزمة بتنفيذ اتفاق الدوحة كاملا".
ووفق نص القرار الذي اطلعت الجزيرة نت على نسخة منه، أكد العلماء ما يلي:
التزام حركة طالبان بما ورد في اتفاق الدوحة خاصة بند عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد دول أخرى. تحذير أي شخص أو جهة من استخدام الأراضي الأفغانية لاستهداف أي دولة، والتشديد على أن الحكومة مسؤولة عن تنفيذ هذا الالتزام. اعتبار المخالفين لهذا القرار فئة متمردة يحق للحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة ضدها. التأكيد على أن الأمير الشرعي لا يسمح بأي نشاط مسلح خارج الحدود الأفغانية. اعتبار أي نشاط مسلح خارج البلاد عملا غير جائز شرعا، وإعطاء الحكومة حق اتخاذ خطوات تمنعه. إعلانورغم عمومية الصياغة، يرى أغلب المراقبين أن الرسالة واضحة وهي وقف انخراط الأفغان في صفوف حركة طالبان باكستان.
من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة عبد الكريم حبيب للجزيرة نت إن القرار بمنزلة إعلان ديني رسمي يفصل بين طالبان الأفغانية والباكستانية، ويجعل أي قتال ضد الدولة الباكستانية خارج مظلة الشرعية في كابل، وإنه يؤكد بشكل ضمني أن الجهاد أصبح مرتبطا بالدفاع عن الداخل لا الهجوم الخارجي، وهو ما يضع طالبان باكستان في زاوية ضيقة، لأنها تعتمد على سردية "الجهاد ضد دولتها.
وأوضح "هذا تطور مهم لأن هذه الحركة لطالما استخدمت الخطاب الديني الأفغاني كمرجعية. الآن، تحاول الحكومة الأفغانية قطع هذا الرابط".
رسالة طمأنةويوافقه الرأي أحد المشاركين في الاجتماع -رفض الكشف عن اسمه- وأوضح للجزيرة نت أن الهدف هو منع الشباب الأفغان من الالتحاق بالجبهات داخل إسلام آباد خصوصا بعد تزايد الضغط الباكستاني، وترسيم الحدود الجهادية والسياسية، ونزع الشرعية الدينية عن من يقوم بنشاط مسلح خارج أفغانستان، و"من يفكر في الهجوم على كابل فيتحمل مسؤوليته وحينئذ يجب الدفاع عنها".
في المقابل، يرى محللون أن القرار يوجّه رسائل "طمأنة" إلى إسلام آباد.
وقال الباحث الباكستاني محمد إسحاق خان للجزيرة نت إن بلاده تنظر إلى الاجتماع باعتباره خطوة تأخرت كثيرا، لكنها موضع ترحيب. والمشكلة ليست في البيانات، بل في التنفيذ على الأرض. وأشار إلى أن إسلام آباد تريد من كابل خطوات عملية تحد من حركة طالبان باكستان داخل أفغانستان، خصوصا في المناطق الجبلية القريبة من الحدود.
وشهدت الأشهر الماضية غارات باكستانية داخل الأراضي الأفغانية، قالت إسلام آباد إنها استهدفت عناصر طالبان باكستان، وقد نفت كابل وجود مقاتلي هذه الحركة على أراضيها، وأثارت الغارات غضب الحكومة الأفغانية التي وصفتها بأنها انتهاك للسيادة.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)
ويرى الخبير الأفغاني نور الدين جلال -في تصريحه للجزيرة نت- أن الاجتماع جاء في سياق محاولة لتفادي التصعيد، وإظهار استعداد كابل لتحمل مسؤولياتها بما لا يجرها إلى صدام مباشر مع طالبان باكستان أو مع إسلام آباد نفسها، وأضاف "طالبان أفغانستان تحاول الموازنة بين علاقتها التاريخية بطالبان باكستان وبين الضغوط الإقليمية والدولية".
يربط محللون توقيت الاجتماع بـ3 عوامل أساسية:
تصاعد الهجمات داخل باكستان: شهدت الأشهر الماضية زيادة في عمليات طالبان باكستان ضد الشرطة والجيش، وهو ما عزز الضغط على كابل. تعثر المفاوضات الثنائية: 4 جولات من الحوار بين كابل وإسلام آباد في الدوحة وإسطنبول والرياض لم تفضِ إلى حلول. الرغبة في ضبط المرجعية الدينية داخل أفغانستان: كابل تخشى من أن يتحول خطاب ديني موازٍ إلى منصة لتجنيد الشباب نحو القتال خارج الحدود. تنفيذ صعبورغم قوة الرسائل، يبقى السؤال الأكثر تداولا، هل تستطيع الحكومة الأفغانية تنفيذ هذه القرارات؟.
يجيب الباحث ضياء الله نوري أن تنفيذ القرار صعب لأن طالبان باكستان تتحرك عبر قبائل حدودية معقدة الروابط، وليست وليدة اليوم، بل تأسست عام 2007، وكابل ليست ملزمة بالسيطرة عليها لأنها نشطة في الأراضي الباكستانية، وضبط الحدود عملية شاقة جدا، و"ضمان عدم دخول مقاتلي هذه الحركة أو تنظيم الدولة الإسلامية للأراضي الأفغانية، يحتاج إلى تنسيق بين البلدين".
إعلانلكنه يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن الاجتماع يوفر غطاء سياسيا ودينيا لكابل في حال قررت اتخاذ إجراءات محدودة ضد الحركة.
من جهته، أكد الباحث والكاتب الأفغاني محمد شهاب في تصريحه للجزيرة نت أن حركة طالبان أفغانستان تعمل وفق إستراتيجية تهدئة الأجواء مع إسلام آباد دون خسارة عمقها الشعبي داخل باكستان.
يشير اجتماع العلماء في كابل إلى تحول مهم في الخطاب الديني والسياسي للحكومة الأفغانية، ويتزامن مع لحظة شديدة التعقيد على الحدود مع باكستان. وفي حين يشكل القرار رسالة قوية لكل من طالبان باكستان وإسلام آباد، فإن نجاحه يعتمد على قدرة الحكومة على تطبيقه، وعلى استعداد إسلام آباد للتعامل مع هذا التحول بوصفه خطوة نحو التهدئة لا مجرد مناورة شكلية.
وفي منطقة تُعد من أكثر الحدود اضطرابا في جنوب آسيا، يبقى مصير العلاقات بين البلدين مرهونا بترجمة هذه الرسائل من الورق إلى الميدان.