هاريس تريد حظر التلاعب بالأسعار.. ماذا يقول خبراء الاقتصاد؟
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
تخطط نائبة الرئيس الأميركي، المرشحة عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، كامالا هاريس، لحظر التلاعب بأسعار مواد البقالة والسلع الغذائية، في إطار خططها لمكافحة الأسعار المرتفعة، إذا فازت بالسباق الرئاسي في نوفمبر المقبل.
وتلقي هاريس، التي ستقبل رسميا ترشيح الحزب في المؤتمر الوطني الديمقراطي بولاية شيكاغو هذا الأسبوع، باللوم على الشركات في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وتشير استطلاعات الرأي التي أجرتها الخبيرة الاقتصادية، ستيفاني ستانتشيفا، من جامعة هارفارد، إلى أن العديد من الناس ـ الديمقراطيين على وجه الخصوص ـ يعتقدون أن "جشع الشركات هو المسؤول عن التضخم في الولايات المتحدة".
وترفض شركات صناعة الأغذية هذا الاعتقاد، بحجة أن ارتفاع الأسعار "يرتبط بإعادة التنظيم الاستثنائية للاقتصاد بسبب ما خلفه وباء كورونا، الذي أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد، وضخ الحكومة المزيد من الأموال في الاقتصاد مع زيادة الطلب".
ولم يقدم فريق هاريس سوى القليل من التفاصيل حتى الآن حول خطتها، لكن ماذا يقول خبراء الاقتصاد عن التلاعب بالأسعار وما هو؟، وكيف يمكن الحد منه؟.
وفقا لـ"وول ستريت جورنال"، فعلى الرغم من أن التضخم الغذائي تراجع بعض الشيء مؤخرا، فإن الأسعار تظل أعلى كثيرا مما كانت عليه قبل الجائحة.
واعتبارا من يوليو الماضي، كانت أسعار المواد الغذائية للمستهلكين في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 26 بالمئة مما كانت عليه في نهاية عام 2019، في حين ارتفعت أسعار باقي السلع، باستثناء المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 14 بالمئة فقط.
ويقول مدير الاقتصاد في مختبر الميزانية بجامعة ييل، إيرني تيديشي، الذي كان يعمل سابقا في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس جو بايدن، إن هوامش الربح في متاجر الأغذية والمشروبات ظلت مرتفعة نسبيا مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، في حين أن هوامش الربح في متاجر التجزئة الأخرى، مثل الملابس والبضائع العامة، لم تتغير.
ويحذر تيديشي خلال حديثه مع "وول ستريت جورنال" من أن هذا قد يكون انعكاسا لاختيارات المستهلكين، فقد تغير المتاجر تفضيلاتها إلى سلع أكثر ربحية، مثل العلامات التجارية الخاصة (منتجات تحمل شعار المتجر).
وعلى الرغم من ذلك، يقول تيديشي: "إن خبراء الاقتصاد لابد أن يكونوا فضوليين بشأن هذا الأمر، وأن يتوصلوا إلى فهم ما يجري".
ضوابط الأسعار؟باستثناء الأمثلة المتطرفة ـ مثل قيام رجل الأعمال مارتن شكريلي برفع سعر دواء قديم يستخدم لعلاج مرضى الإيدز منذ عقود، من 13.50 دولارا للحبة إلى 750 دولارا في عام 2015 ـ فإن تحديد التلاعب بالأسعار وصياغة السياسات ضده قد يكون صعبا، وفق "وول ستريت جورنال"، التي تحذر من أن القواعد التي تمنع التلاعب بالأسعار قد تتحول في الواقع إلى ضوابط.
وتفترض نظريات الاقتصاد القياسي أن فرض سقف سعري على منتج ما قد يثبط عزيمة البائعين، مما يقلل من كمية المنتج المباع ويؤدي إلى نقص المعروض.
وتشكل سياسات تحديد إيجارات المنازل مثالا على "سقف الأسعار" الذي أصبح عنصرا أساسيا في كتب الاقتصاد، حيث يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن سياسة تحديد الإيجار "فكرة سيئة"، وفق الصحيفة.
ويقول الخبير الاقتصادي في كلية كيلوغ للإدارة بجامعة نورث وسترن، مايكل سينكينسون: "قد يكون من الصعب للغاية وضع أي ضوابط للأسعار لا يمكن التلاعب بها".
وتساءل سينكينسون: "كيف تحدد ضوابط الأسعار؟.. وما هو المعيار الصحيح؟".
كانت آراء خبراء الاقتصاد بشأن القواعد التي تمنع التلاعب بالأسعار أثناء الأحداث المتطرفة، مثل العواصف الشديدة، أكثر تباينا من وضع قواعد لحظر التلاعب بشكل عام، وفق "وول ستريت جورنال".
وهناك قوانين شائعة فيما يتعلق بهذا الأمر، فمثلا أثناء حالة الطوارئ في فلوريدا، أُصدر قانون "يحظر تأجير أو بيع أو استئجار أو عرض السلع الأساسية أو الوحدات السكنية أو مرافق التخزين الذاتي بسعر غير عادل".
والأمر ذاته كان بعد وقت قصير من أزمة "كوفيد-19" قبل أعوام، حينما أصدر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا لمنع التلاعب بأسعار الإمدادات الطبية.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن رفع الأسعار في ظل هذه الظروف الاستثنائية قد يكون استغلالا، لأن العرض يقتصر على ما تملكه الشركات.
لكن آخرين يرون أن الإشارة التي ترسلها ارتفاعات الأسعار مهمة، حيث إن الزيادة في سعر المياه في جزيرة تتعرض لإعصار يخلق حافزا لشحن المياه بسرعة، في حين أن انخفاض السعر بشكل مُصطنع خلال فترة النقص قد يشجع على الاكتناز.
ويقول الخبير الاقتصادي غريغ مانكيو من جامعة هارفارد، الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين أثناء إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، إن أحد المجالات التي يقبل فيها خبراء الاقتصاد الضوابط السعرية هو "الاحتكارات الطبيعية" مثل شركات المرافق العامة.
لكن تجارة الأغذية ليست احتكارا، فمعظم الناس، وليس كلهم، لديهم خيار الذهاب إلى متجر آخر إذا رفع أحد المتاجر أسعاره كثيرا، وفق مانيكو، الذي يضيف: "افتراضنا بين خبراء الاقتصاد هو أن الشركات جشعة دوما وأن قوى المنافسة هي التي تبقي الأسعار قريبة من التكلفة".
إلى جانب ذلك، تعتزم هاريس زيادة المنافسة، إذ قالت الأسبوع الماضي: "ستتضمن خطتي عقوبات جديدة للشركات الانتهازية التي تستغل الأزمات وتخرق القواعد، وسندعم شركات الأغذية الصغيرة التي تحاول اللعب وفقا للقواعد والمضي قدما".
وفي هذا الصدد، قالت "وول ستريت جورنال"، إنه "كلما اتجهت خطة هاريس نحو زيادة المنافسة كوسيلة لخفض الأسعار، وبنسبة أقل نحو تحديد سقف للأسعار، كلما زاد إعجاب خبراء الاقتصاد بما تقوله".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التلاعب بالأسعار وول ستریت جورنال خبراء الاقتصاد قد یکون
إقرأ أيضاً:
بعد تصدرها التريند.. كل ما تريد معرفته عن سكك حديد مصر
تُعد الهيئة القومية لسكك حديد مصر (ENR) أقدم شبكة سكك حديد في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تأسست عام 1854 مع تشغيل أول خط يربط الإسكندرية بكفر الزيات، قبل أن تصل إلى القاهرة عام 1856، وتمتد لاحقًا إلى الصعيد حتى أسوان، مشكلةً شريانًا حيويًا لنقل الركاب والبضائع عبر البلاد.
ترجع فكرة إنشاء السكك الحديدية إلى عهد محمد علي باشا عام 1833، لكنها لم ترَ النور إلا في منتصف القرن التاسع عشر على يد المهندس البريطاني روبرت ستيفنسون، الذي أشرف على تنفيذ أول خط بين الإسكندرية وكفر الزيات. ومنذ ذلك الحين، توسعت الشبكة باتجاه القاهرة، ثم إلى الجنوب نحو الصعيد، وصولًا إلى أسوان. كما شهدت مصر بناء محطات رئيسية لا تزال قائمة حتى اليوم، مثل محطة رمسيس في القاهرة ومحطة سيدي جابر في الإسكندرية.
حتى عام 2018، بلغ طول الشبكة قرابة 5،085 كيلومترًا، وتخدم ما يقارب 800 مليون راكب سنويًا، ما يجعلها واحدة من أكثر شبكات السكك الحديدية ازدحامًا في المنطقة.
تحديثات البنية التحتيةبدأت مصر منذ عام 2007 في تنفيذ برامج تحديث شاملة عقب سلسلة من الحوادث المأسوية التي سلطت الضوء على ضعف البنية التحتية واحتياجها لتطوير شامل. وقد تم إطلاق خطة طموحة لتحسين مستوى السلامة والخدمة، شملت تجديد الخطوط والمزلقانات، وتحديث نظم الإشارات، وتدريب الكوادر البشرية.
في عام 2021، تعاقدت الحكومة المصرية مع شركة سيمنز الألمانية لتنفيذ مشروع القطار الكهربائي السريع، بتكلفة تقدر بـ4.5 مليار دولار، حيث من المقرر أن يربط الخط الأول بين العين السخنة والإسكندرية مرورًا بالساحل الشمالي. ومن المتوقع أن يدخل الخدمة بين عامي 2027 و2028. كما تشمل الخطة إنشاء خطوط إضافية إلى المنصورة، أسوان، ومرسى علم، ضمن مشروع قومي لربط أنحاء البلاد بشبكة حديثة وسريعة.
الأسطول والخدماتتضم شبكة سكك حديد مصر أسطولًا متنوعًا من القاطرات والعربات، يشمل قاطرات ألمانية من طراز هينشيل، وأخرى كندية وأمريكية، بالإضافة إلى وحدات حديثة من إنتاج GE وEMD وWabtec. وتشمل خدمات الركاب درجات متفاوتة من الخدمة، من القطار الثالث الشعبي، إلى الدرجة الأولى المكيفة، مرورًا بقطارات النوم الفاخرة التي تربط القاهرة بالأقصر وأسوان وتديرها شركة "أبيلا".
كما تُشغّل الهيئة قطارات توربينية على خط القاهرة – الإسكندرية، وتقدم خدمات نقل بضائع إلى جانب الركاب.
التراث والمتحفللاحتفاء بالإرث العريق للنقل بالسكك الحديدية، افتُتح متحف سكك حديد مصر عام 1933 بجوار محطة رمسيس في القاهرة، ليعرض تطور وسائل النقل في مصر منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، بما في ذلك نماذج للقاطرات البخارية والديزل والكهربائية.
مشروعات كبرى للنهوض بالشبكة
من بين أبرز المشروعات التي أُطلقت في السنوات الأخيرة، مشروع تجديد 10،000 كيلومتر من الخطوط بحلول نهاية 2021، وتشييد خطوط جديدة مثل خط 6 أكتوبر – الأقصر. كما تم تنفيذ مشروع القطار السريع من العين السخنة إلى العلمين بتكلفة تصل إلى 9 مليارات دولار، كجزء من خطة استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل.
افتُتحت في نوفمبر 2024 محطة "بشتيل مشيرًا" في محافظة الجيزة، بطاقة استيعابية تفوق 250 ألف راكب يوميًا، بهدف تخفيف الضغط على محطة رمسيس وتحسين الخدمات المقدمة للركاب القادمين من وإلى صعيد مصر.
ختامًا،سكك حديد مصر ليست مجرد وسيلة مواصلات، بل جزء من الذاكرة الوطنية والتاريخ الحضاري للبلاد. ورغم ما واجهته من تحديات، فإنها تشهد اليوم مرحلة تطوير نوعية تشمل تحديث البنية التحتية، وتوسيع الشبكة، وتحسين الخدمة، بما يعيد لهذا المرفق العريق مكانته ويجعل منه عمودًا فقريًا للنقل المتكامل في مصر.