المقاومة اللبنانية تعيد ترتيب إجراءاتها الأمنية بسبب الاغتيالات
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
قررت المقاومة في لبنان مؤخراً إعادة ترتيب إجراءاتها الأمنية بعد تكثيف إسرائيل عمليات الاغتيال التي تطول كوادر وقياديين فلسطينيين في لبنان، كان آخرهم قيادي في «شهداء الأقصى»، الجناح العسكري لحركة «فتح» الفلسطينية، خليل المقدح، يوم الأربعاء.
وبعدما كانت عمليات الاغتيال ضد الفصائل الفلسطينية في لبنان تتركز على حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» اللتين انخرطتا إلى جانب «حزب الله» في عمليات قتالية جنوباً، وإن بقيت رمزية وتحت إمرة الحزب، كان لافتاً اغتيال قيادي في «فتح»، وإن كانت إسرائيل بررت ذلك بارتباطه بـ«الحرس الثوري الإيراني» وتنسيق هجمات ضدها في الضفة الغربية المحتلة.
لا عمليات داخل المخيمات
ويأتي اغتيال المقدح بغارة استهدفت سيارته في مدينة صيدا، البعيدة نسبياً عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بعد أيام على اغتيال القائد الميداني المنتمي لـ«كتائب القسّام»، سامر محمود الحاج، بنفس الطريقة وفي المنطقة نفسها.
وارتفع عدد قادة «حماس» الذين اغتالتهم إسرائيل في لبنان منذ بدء «طوفان الأقصى» إلى 19، إضافة إلى 8 من حركة «الجهاد الإسلامي». ولم تستهدف إسرائيل أياً من هؤلاء داخل المخيمات الفلسطينية المكتظة الموجودة في لبنان، وهو ما اعتبره البعض سعياً من قبلها لتجنب انخراط أكبر للفصائل الفلسطينية في لبنان في القتال الدائر جنوباً، ورغبة قي تجنب اشتعال جبهات جديدة ضدها، فيما رجح البعض أن الاكتظاظ في المخيمات يجعل أي ضربة مكلفة جداً بشرياً، كما أن تتبع الشخصيات في ظل الزحمة والشوارع الضيقة قد يكون صعباً.
ويؤكد مصدر فلسطيني مطلع أنه «إذا كان لدى العدو الإسرائيلي هدف في المخيم وكان متأكداً من تحقيق إصابة فلن يتردد بضربه»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «جغرافيا المخيم المعقدة قد تجعل عمليات قصف الأهداف داخله أصعب نسبياً».
إجراءات أمنية جديدة
ويشير المسؤول الإعلامي لـ«حماس» في بيروت، وليد كيلاني، إلى أنه خلال الشهر الحالي، تم استهداف اثنين من القياديين الميدانيين، الأول من «حماس» والثاني من «فتح»، وهما شهيدا مخيم عين الحلوة، ويبدو واضحاً أن الهدف من العمليتين كسر إرادة المقاومة وفصل ما يحصل في غزة عن لبنان، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في ظل هذه العمليات، فإن معظم الفصائل الفلسطينية أعادت ترتيب إجراءاتها الأمنية، سواء في موضوع التنقلات أو السكن أو غيرها من تدابير الاحتياط اللازمة».
ولا يستبعد كيلاني أن تعمد إسرائيل إلى توجيه ضربات داخل المخيمات، مذكراً بأنه «في حرب يوليو (تموز) 2006 تم استهداف عدد من المخيمات، ومن ضمنها عين الحلوة. والمخيمات اليوم ليست بعيدة عما يحصل في غزة أو جنوب لبنان. فالعدو يعلم بوجود العديد من الشبان المستعدين للانخراط في المعركة إذا شنت إسرائيل حرباً موسعة وشاملة على لبنان».
ويعتبر كيلاني أن «عمليات الاغتيال التي تنفذ يريد منها العدو التحذير بأنه يمكن استهداف أي شخصية تنخرط في العمل المقاوم، لكن هذا بالطبع لا يخيفنا أو يرهبنا، بل بالعكس يزيدنا إصراراً على مواصلة الكفاح والنضال حتى تحرير فلسطين والعودة إليها».
لا تقوقع داخل المخيمات
بدورها، توضح مصادر حركة «فتح» في لبنان أن «القيادات الفلسطينية، وبعد تكثيف العدو عمليات الاغتيال، اتخذت إجراءات أمنية وحدّت من حركتها، لكنها لا زالت تمارس أعمالها بحيطة وحذر أكبر»، نافية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تقوقع هذه القيادات داخل المخيمات، مؤكدة استمرارها بممارسة نشاطها وواجباتها داخل وخارج المخيمات.
وتعتبر المصادر نفسها أن «المخيمات ليست في مأمن، وهي معرضة للاستهداف في أي لحظة، لكن الكثافة السكانية وصعوبة تتبع الشخصيات قد تكون أسباباً لعدم القيام بأي عملية داخلها حتى الآن، من دون استبعاد أن العدو لا يريد استفزاز المنظمات الفلسطينية بشكل أكبر وفتح جبهة جديدة في لبنان يكون العامل الفلسطيني فيها عاملاً أساسياً».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المقاومة اللبنانية تعيد ترتيب إجراءاتها الأمنية فتح عمليات الاغتيال إسرائيل شهداء الأقصى عملیات الاغتیال داخل المخیمات فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الحرب تُطيل عُمر نتنياهو
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
يعتقدُ الكثير من المتابعين للأوضاع في وطننا العربي، أنَّ العربدة الصهيونية ومسلسل القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن وسوريا نتاج قوة الكيان الصهيوني وضعف الآخر وعظم خسائره، بينما الحقيقة تقول إنَّ استمرار الحرب من قبل الكيان يخدم حزب الليكود ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاءه من اليمين المُتطرِّف بكيان العدو؛ لأنَّ إعلان وقف الحرب من طرفهم يعني تقليب صفحات يومياتها ونتائجها، وبالنتيجة زوال "النتن" واليمين من المشهد، وعرضهم على المحاكم، مثلما كان مصير إيهود أولمرت رئيس حكومة العدو بعد حرب يوليو 2006؛ حيث حُوكم بتهم فساد وأودع السجن، بينما كان مصير الصقور في طاقمه الحكومي العزل والوفاة السياسية؛ حيث غابوا عن المشهد نهائيًا.
بالطبع لا يُمكن مُقارنة ما أحدثه أولمرت بالكيان في حرب يوليو 2006 بما أحدثه نتنياهو اليوم في "طوفان الأقصى"؛ حيث بدَّد عناد وإصرار "النتن" على مواصلة الحرب سرديات العدو التي تسلَّح بها وتستر خلفها طيلة أكثر من 7 عقود من الصراع، من قوة عسكرية لا تُقهر وقوة استخبارية لا يُمكن مواجهتها، وتطور تقني يفوق دول المنطقة ويجعلها تحت رحمة الكيان المؤقت، ولم يكتفِ "النتن" وطاقمه المتطرف بذلك؛ بل أحرق جميع أوراقه العسكرية والأمنية دفعة واحدة في ميدان المعركة؛ لتحقيق جاه شخصي ونصر استراتيجي واحد، لكنه فشل في جميع مساعيه!
والأدهى والأمرّ من كل ذلك، هو عجزه التام عن إزالة خطر فصائل المقاومة وقادتها وسلاحها، رغم كل ما فعله، وهنا مقتله ومقتل من أيَّده ودعمه وتحالف معه.
إصرار "النتن" اليوم على المزيد من القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن لم يُظهر عجزه وضعفه وكذبه في الداخل فحسب؛ بل ألَّب عليه الرأي العام العالمي كمجرم حرب سيدفع ثمنها وسيدفع بالكيان نحو حالة تصنيف عالمي جديد لم يكن مُصنَّفًا فيها قبل "طوفان الأقصى" نتيجة تستُّره خلف سرديات ومبررات سوَّقتها اللوبيات المُناصِرة له في الغرب للتغطية على جرائمه واحتلاله.
الرأي العام الغربي وفي شرق وجنوب الكرة الأرضية اليوم، لم يعد بحاجة إلى وسيط، كما لم يعد مُجبرًا على تصديق كل ما يُسكب في عقله من مخدرات عقلية وسرديات إعلامية لا تنتمي الى الحقيقة بشيء، في ظل تفشِّي ظاهرة التقنية والإعلام الاجتماعي في العالم والذي أصبح يغطي الحدث ويصنعه وينقله حول العالم في ثوانٍ معدودة.
أعود الى التذكير بمسلمات من واقع يوميات "طوفان الأقصى" المُبارك، وهي أن المُنتصِر يُملي شروطه ولا يدخل في مفاوضات مُطلقًا، وأنَّ الخطر الداهم على العدو والمتمثل في فصائل المقاومة وسلاحها، ما زال باقيًا، وسيكون للفصائل الكلمة الفصل وبجدارة في المشهد القادم، وأن الأهداف المُعلنة والضمنية التي خاض من أجلها العدو هذه الحرب والمتمثلة في التهجير من قطاع غزة والقضاء على فصائل المقاومة ونزع سلاحها في لبنان وغزة لم تتحقق.
وتبقى الحقيقة الكبرى وهي، لو أنَّ العدو تمكن حقيقةً من القضاء على "خطر" فصائل المقاومة وسلاحها، لكان اليوم على أرض غزة وجنوب لبنان مُنفِّذًا لمخططاته، ومُحقِّقًا لأهدافه دون مشاورة أو استئذان من أحد كأمر واقع.
قبل اللقاء:
وقد يُمزقنا غدر الرصاص هنا... أو هاهنا // فنروع القتل إصرارًا
لأننا ما ولدنا كي نموت سُدىً // بل كي نُعمر بعد العمر إعمارًا
نصفر كالخوخ كي نندى جنى وشذى // كالبذر نُدفن كي نمتد إثمار
لكي نعي أننا نحيا نموت كما // تفنى الأهلة كي تنساب أقمار
شعر: عبدالله البردوني.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر