نابلس- في منزلها بمدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية أعلنت عائلة المواطن قاسم سلمي حالة الطوارئ. وحولت البيت لعيادة صحية أو أشبه بمشفى صغير تقدم فيه الخدمات الطبية والعلاجية لنجلها الأسير المحرر سياف سلمي الذي أُفرج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي وهو في وضع صحي صعب ومصاب بمرض جلدي خطير.

ولا يشبه حال الأسير سياف (22 عاما) لحظة الإفراج عنه ما كان عليه قبل الاعتقال، بل لا يشبه ما يخرج عليه الأسرى المحررون أمثاله، كنحافة جسده وضعفه أو معاناته النفسية أو حتى فقده 35 كيلوغراما من وزنه.

فقد أصيب سلمي، في سجن النقب الصحراوي، بالمرض الذي نهش جسده وتغلغل فيه حتى أقعده عن الحركة إلا من خطوات تُقلّه إلى سطح المنزل لرؤية الشمس أو لقضاء احتياجاته الخاصة التي بات يعتمد في أغلبها على عائلته.

الأكثر انتشارا وفتكا

"سكابيوس" هو اسم المرض الذي أصيب به سياف كما أخبر الأطباء في مستشفى الأهلي بمدينة الخليل الذي نُقل إليه بعد الإفراج عنه مباشرة. وهو مرض منتشر بين الأسرى، ويعد نوعا من الجرب، حيث تفقص الحشرة بيضها أسفل الجلد لينتشر بالجسم على شكل حبيبات منتفخة وندبات تُملأ بالدم والقيح وإذا فقئت تحفر في الجسم.

لكن سياف -كما يقول والده قاسم للجزيرة نت- وصل به المرض لمراحل متقدمة ولم يعد سطحيا، وأحدث ثقوبا في جسمه تحولت لجروح لا يتوقف عن حكها بأظافره، مما يسبب له معاناة صحية ونفسية تزداد يوما بعد آخر.

ورغم ما وصلها من معلومات عن حالته الصحية وهو داخل السجن، لم تدرك عائلة سلمي خطورة ما حل بابنها، وحتى اللحظة لا تستطيع استيعاب ذلك، خاصة قاسم الذي لا يرى أي تحسن يطرأ عليه منذ الإفراج عنه.

ويضيف الوالد المكلوم الذي حُرم وأسرته لحظة اللقاء بابنه واحتضانه بعد هذا الغياب القسري "اعتذرنا عن عدم استقبال المهنئين، وسياف تم عزله داخل غرفة بالمنزل، ونقدم له الطعام والشراب لوحده وسط عناية صحية مشددة، فالمرض معدٍ وعلاجه ليس سهلا".

ومثل خلية نحل وعبر نظام المناوبة، يرعى كافة أفراد العائلة سياف ويحرصون على إشعاره بأنه ليس عبئا عليهم خشية تأثر حالته النفسية، ويقول والده إنهم يشعرون بالثقل النفسي "أكثر منه" ولا يتحملون معاناته ورؤيته بهذا الحال.

ومنذ اللحظات الأولى للإفراج عنه، لم يقف والد سياف مكتوف اليدين، فأحضر الأطباء وراسل مؤسسات طبية بالخارج ليقف على طبيعة المرض والعلاج الذي ظل مقتصرا -بمراحله الأولى- على المراهم الخارجية فقط. ويأملون باستثناء يمكنّهم من تقديم العلاج عن طريق الطب الفموي، والحصول على مضادات حيوية، وفق قاسم.

وبفعل تهديدات الاحتلال، يكتنف الخوف الكثير من الأسرى المفرج عنهم -وخاصة صغار السن- من الحديث إلى وسائل الإعلام عن معاناتهم وعن الأمراض التي تفتك بهم.

الأسير المحرر نور حلاوة فقد 60 كيلوغراما من وزنه داخل سجون الاحتلال (مواقع التواصل) شهادات خطيرة

بدوره، ما زال نور حلاوة (47 عاما) -منذ تحرره قبل شهرين- يتلقى العلاج من أمراض أصابته أهمها انخفاض نسبة الدم وارتفاع الدهون وضعف البصر وآلام في الكلى، فضلا عن ترهلات بسبب فقده 60 كيلوغراما من وزنه الذي وصل إلى 115 كيلوغراما قبل دخوله السجن.

واعتُقل حلاوة مع بدايات الحرب على غزة ومكث 240 يوما في سجن "مجدو" مما مكنه من رصد حال الأسرى وما أصابهم من أمراض منذ البداية، وخاصة الجلدية منها بنوعيها "سكابيوس والفطريات" التي انتشرت بكثرة "لتعمد الاحتلال حشر الأسرى المصابين مع الأصحاء وعدم تقديم العلاج الكافي لهم" كما يقول للجزيرة نت.

ويضيف أن أمعاءهم تعفنت بسبب قلة الطعام والشراب واقتصاره على نوع واحد، وقد تفشت الأمراض وتفاقمت بسبب اكتظاظ الأسرى واحتجاز 20 أسيرا في الغرفة التي تتسع لـ8 فقط، وانعدام المنظفات وأدواتها، وقلة الاستحمام (دقيقة واحدة لاستحمام الأسير) وتبادلهم ملابسهم وأدواتهم فيما بينهم.

وبينما نجا الأسير محمد زغير -الذي أُفرج عنه الأربعاء الماضي من سجن عوفر قرب رام الله– من أمراض الجلد المنتشرة هناك، لم يفلت من حشرة البق التي يغرق بها هذا المعتقل وتنتشر بكثافة بين فرش الأسرى وأدواتهم. ويقول للجزيرة نت "هذه الحشرة تلدغ الأسرى وتتفشى بفعلها الندبات الحمراء بالجسم، وعلاجها مفقود وهو النظافة والتعقيم".

وفي تقاريرها اليومية، تؤكد مؤسسات تُعنى بشؤون الأسرى -ونقلا عن محاميها- حجم المعاناة التي يمرون بها، وتؤكد الصور الحية التي تبث لحظة الإفراج عنهم ذلك، حيث يخرجون بأجسام نحيلة ووجوه شاحبة وانهيار معنوي وجسدي.

ويشير بيان لهيئة شؤون الأسرى -تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن إسرائيل تمارس "سياسة التجويع وتزيد الاكتظاظ داخل غرف الأسرى وتحرمهم رؤية الشمس لفترات طويلة ولا تقدم العلاج لهم".

وضع كارثي

من جانبها، وصفت أماني سراحنة الناطقة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني ما يتعرض له الأسرى بـ"المرعب والكارثي" وقالت إن الحديث لم يعد عن "سياسة إهمال طبي" كما السابق، بل "حرمان كلي من العلاج، وتعمد التسبب بالأمراض للأسرى الأصحاء".

ولم يعد الأمر يقتصر على سجن واحد أو مرض بعينه، بل انتشرت الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي والكلى والأسنان، عدا إصابات الأسرى لحظة اعتقالهم بجروح وكسور أو بفعل التعذيب، في سجون ريمون ونفحة والنقب ومجدو وعوفر وغيرها.

وتفيد سراحنة الجزيرة نت بأن هناك أسرى باتوا -بعد تحررهم- يجرون عمليات القسطرة للقلب بفعل الضغوط النفسية التي يمرون بها.

ورغم جهودهم كمؤسسات تعنى بالأسرى بمتابعة الحالات المرضية، إلا أن إدارة سجون الاحتلال تفرض معيقات كبيرة لا سيما "وأن معظم الأسرى -ودون مبالغة- أصبحوا مرضى، وكثيرون تلاحقهم الأمراض وخاصة النفسية بعد تحررهم".

وتؤكد سراحنة "نحن نتحدث عن أسرى الضفة والقدس، أما أسرى غزة فما يتعرضون له مرعب جدا، حيث يُجري لهم الاحتلال عمليات جراحية وبترا للأطراف دون تخدير وفي معسكرات الجيش ودون الأدوات الطبية اللازمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإفراج عنه

إقرأ أيضاً:

استشهاد معتقل من غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي

أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، استشهاد المعتقل المسن محمد إبراهيم حسين أبو حبل «70 عاما» من قطاع غزة.

وأشارت الهيئة ونادي الأسير - في بيان صادر عنهما، اليوم الأربعاء، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» إلى أن أبو حبل تعرض للاعتقال في 12 /11 /2024، من أمام الحاجز المسمى حاجز «الإدارة المدنية» مؤكدا أن قضية معتقلي غزة لا تزال تشكل أبرز القضايا التي عكست مستوى غير مسبوق من الجرائم والفظائع التي مورست بحقهم، وأبرزها: جرائم التعذيب، والتجويع والجرائم الطبية، والاعتداءات الجنسية، فعلى مدار الأشهر الماضية كانت إفادات المعتقلين من غزة وشهاداتهم الأقسى والأشد من حيث مستوى تفاصيل الجرائم المركبة التي تمارس بحقهم بشكل لحظي.

وأضاف أنه باستشهاد المعتقل أبو حبل، فإن عدد الشهداء الأسرى والمعتقلين الذين ارتقوا بعد الإبادة الجماعية يرتفع إلى 71 شهيدا على الأقل، من بينهم 45 معتقلاً من غزة، وهم فقط المعلومة هوياتهم، فيما يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 الموثقة لدى المؤسسات إلى 308 شهداء وهم كذلك المعلومة هوياتهم، لتشكل هذه المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة، وأشدها من حيث ظروف الاعتقال.

يذكر أن إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى بداية يونيو الجاري بلغ أكثر من 10 آلاف و400 أسير وهم فقط المحتجزون في السجون التابعة لإدارة سجون الاحتلال، ولا يتضمن هذا المعطى المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ومن بين أعداد الأسرى يوجد 49 أسيرة، وأكثر من 440 طفلاً، و3562 معتقلاً إدارياً، و2214 معتقلا من غزة.

اقرأ أيضاًارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 54607 شهداء و125341 مصابا

الرئيس السيسي ومحمد بن زايد يؤكدان أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة

مندوب فلسطين يدعو الصحفيين لزيارة غزة لتوثيق جرائم الاحتلال

مقالات مشابهة

  • المقرر الأممي المعني بالحق في الغذاء: إسرائيل تشن حملة لتجويع الفلسطينيين في غزة
  • طبيب جلدية لـ"اليوم": التسلخات الجلدية تنتشر في الحج.. والحل بارتداء الإحرام القطني
  • نادي الأسير صوت المعتقلين الفلسطينيين
  • الشاباك ينشر تفاصيل جديدة حول استعادة جثث الأسرى من خانيونس
  • استشهاد معتقل من غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • حماس: إعدام الأسير أبو حبل يكشف ممارسة الاحتلال “منهجية سادية” في التعامل مع الأسرى
  • حماس تدعو إلى التحرك لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين من التعذيب في سجون الاحتلال
  • “حماس”: العدو الصهيوني يواصل جرائم الإعدام البطيء للأسرى الفلسطينيين
  • استشهاد عشرات الفلسطينيين إثر استهداف متكرر لمراكز توزيع المساعدات بغزة
  • أبرزها مجزرة رفح.. 3024 جريمة ارتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين بأسبوع