فى منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت استاذا مساعدا فى قسم الادب المقارن بجامعة براون الامريكية، اتصلت بنا زميلتنا الفيلسوفة الأمريكية MarthaC.  Nussbaum   مارثا سي. نوسباوم الاستاذة  بقسم الفلسفة لندلى بآرائنا فى أهمية تدريس العلوم الإنسانية ودورها الحيوى فى تنمية التسامح والسلوك الأخلاقي. ونشرت فى عام 1997 كتابها CultivatingHumanity، لتؤكد على أن العلوم الانسانية، وخاصة الفلسفة، أساسية لتطوير ما تسميه «الخيال السردي»، أى القدرة على التعاطف مع الآخرين وفهم تجاربهم.

وتشير نوسباوم إلى أن دراسة الفلسفة تساعد الطلاب على التعامل مع القضايا الأخلاقية مما يشجعهم على التفكير فى عواقب أفعالهم واحترام وجهات نظر الآخرين.

ولما كانت بضدها تتميز الأشياءُ، وجدتنى أتذكر كتاب الفيلسوفة الأمريكية عند إعلان وزير التعليم المصرى الجديد إلغاء تدريس الفلسفة وعلم النفس واللغة الفرنسية من مناهج الثانوية العامة، والذى أثار جدلاً واسعاً فى مصر (البعض يقول إنه أخرجها من المجموع النهائى للدرجات). وقد قوبل هذا الاعلان بمعارضة شديدة من قبل المربين والطلاب والمثقفين الذين يرون أن حذف هذه المواد من المناهج الدراسية سيؤدى إلى تقويض التنمية الشاملة للطلاب وتقليل جودة التعليم فى مصر.

غريب أن تستبعد مواد يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من مناهج التعليم الثانوي. مواد مثل الفلسفة التى تساهم بشكل كبير فى تنمية مهارات التفكير المنطقى والنقدى لدى الطلاب. تشير دراسة أجراها «تريكي» و«توبينغ» (2007) إلى أن الطلاب الذين يشاركون فى برامج “Philosophy for Children” (الفلسفة للأطفال) يظهرون تقدماً ملحوظاً فى مهارات الاستدلال والحوار، فالفلسفة تشجع الطلاب على التساؤل حول الافتراضات وتحليل المغالطات المنطقية واستكشاف القضايا الأخلاقية، مما يعزز قدرتهم على التفكير المستقل والنقدي.

ما من شك فى أنّ العلوم الإنسانية تساهم فى إعداد الطلاب للمواطنة الفعالة فى عالم متنوع ومعقد. وكما تقول نوسباوم إن الهدف الرئيسى هو تنمية «مواطنين عالميين» قادرين على فهم واحترام التنوع الثقافى والانخراط فى حوار ديمقراطى ومعالجة التحديات العالمية. وقد أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يدرسون العلوم الإنسانية يكونون أكثر استعدادا للمشاركة فى الأنشطة المدنية والخدمة المجتمعية.

إن الجدل حول اقتراح إلغاء تدريس علم النفس والفلسفة واللغة الفرنسية فى المدارس الثانوية المصرية يبرز أهمية  ضرورة مراجعة هذه الاقتراحات والحفاظ على مناهج متوازنة وشاملة تشمل العلوم الإنسانية. 

وخلاصة القول هى أنّ تدريس العلوم الإنسانية أمر حيوى لتعزيز النمو الشخصى والمعرفة الثقافية والتفكير الأخلاقى لدى الطلاب. ومع تقدمنا فى عالم أكثر تعقيداً وترابطاً، من الضرورى أن نواصل تقدير ودعم تدريس العلوم الإنسانية فى المرحلة الثانوية ومن خلال القيام بذلك، نضمن أن يكون الطلاب مستعدين ليس فقط لمستقبلهم المهني، بل أيضاً للمساهمة فى بناء مجتمع مصرى أكثر عدلا وتسامحاً ووعياً ثقافياً.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قسم الادب جامعة براون الأمريكية

إقرأ أيضاً:

الدبيبة يبارك نجاح الطلاب بامتحانات الشهادات ويشيد بجهود التعليم

هنأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، اليوم الطلاب والطالبات الناجحين في امتحانات شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي للعام الدراسي 2024-2025، حيث بلغت نسبة النجاح 56.62%. وأكد أن هذه النسبة تمثل ثمرة جهود الطلاب وعزيمتهم، إلى جانب الدعم الكبير من أسرهم.

وفي رسالة تشجيعية للذين لم يوفقوا في هذه المرحلة، قال الدبيبة إن الفشل ليس النهاية، بل مرحلة مؤقتة، مشددًا على أن المستقبل يحمل فرص نجاح قادمة بإذن الله.

كما أعرب رئيس الحكومة عن تقديره العميق لمسؤولي التعليم والمعلمين والمشرفين على ما بذلوه من جهود لإنجاح الامتحانات وضمان سيرها بسلاسة.

واختتم رسالته بالدعاء بالتوفيق لأبنائنا الطلاب لما فيه مصلحة الوطن والمجتمع.

مقالات مشابهة

  • في حوار شامل.. عميد التعليم الإلكتروني بجامعة العلوم والتكنولوجيا: نسعى لتغيير النظرة السلبية للتعليم عن بُعد
  • التعليم تنفي مزاعم التلاعب في أوراق «البابل شيت»
  • الصعدي يؤكد أهمية تفعيل الأنشطة المدرسية لتنمية مهارات الطلاب
  • التعليم: اختبار الميول متاح لطلاب الثانوي حتى 10 صفر عبر "مدرستي"
  • التعليم: اختبار الميول متاح لطلاب الثانوي حتى 10 صفر عبر "مدرستي" - عاجل
  • الدبيبة يبارك نجاح الطلاب بامتحانات الشهادات ويشيد بجهود التعليم
  • نؤكد أهمية جودة التعليم الهندسي.. نقيب المهندسين يوجه رسائل مهمة بشأن المعاهد الهندسية
  • 12 جامعة أهلية جديدة تستعد لاستقبال الطلاب في 2025/2026 .. تفاصيل
  • تخفيض الحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس الثانوي العام بالشرقية
  • محافظ الشرقية يُقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس الثانوي العام