أهمية تدريس العلوم الإنسانية فى مناهج التعليم الثانوي
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
فى منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت استاذا مساعدا فى قسم الادب المقارن بجامعة براون الامريكية، اتصلت بنا زميلتنا الفيلسوفة الأمريكية MarthaC. Nussbaum مارثا سي. نوسباوم الاستاذة بقسم الفلسفة لندلى بآرائنا فى أهمية تدريس العلوم الإنسانية ودورها الحيوى فى تنمية التسامح والسلوك الأخلاقي. ونشرت فى عام 1997 كتابها CultivatingHumanity، لتؤكد على أن العلوم الانسانية، وخاصة الفلسفة، أساسية لتطوير ما تسميه «الخيال السردي»، أى القدرة على التعاطف مع الآخرين وفهم تجاربهم.
ولما كانت بضدها تتميز الأشياءُ، وجدتنى أتذكر كتاب الفيلسوفة الأمريكية عند إعلان وزير التعليم المصرى الجديد إلغاء تدريس الفلسفة وعلم النفس واللغة الفرنسية من مناهج الثانوية العامة، والذى أثار جدلاً واسعاً فى مصر (البعض يقول إنه أخرجها من المجموع النهائى للدرجات). وقد قوبل هذا الاعلان بمعارضة شديدة من قبل المربين والطلاب والمثقفين الذين يرون أن حذف هذه المواد من المناهج الدراسية سيؤدى إلى تقويض التنمية الشاملة للطلاب وتقليل جودة التعليم فى مصر.
غريب أن تستبعد مواد يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من مناهج التعليم الثانوي. مواد مثل الفلسفة التى تساهم بشكل كبير فى تنمية مهارات التفكير المنطقى والنقدى لدى الطلاب. تشير دراسة أجراها «تريكي» و«توبينغ» (2007) إلى أن الطلاب الذين يشاركون فى برامج “Philosophy for Children” (الفلسفة للأطفال) يظهرون تقدماً ملحوظاً فى مهارات الاستدلال والحوار، فالفلسفة تشجع الطلاب على التساؤل حول الافتراضات وتحليل المغالطات المنطقية واستكشاف القضايا الأخلاقية، مما يعزز قدرتهم على التفكير المستقل والنقدي.
ما من شك فى أنّ العلوم الإنسانية تساهم فى إعداد الطلاب للمواطنة الفعالة فى عالم متنوع ومعقد. وكما تقول نوسباوم إن الهدف الرئيسى هو تنمية «مواطنين عالميين» قادرين على فهم واحترام التنوع الثقافى والانخراط فى حوار ديمقراطى ومعالجة التحديات العالمية. وقد أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يدرسون العلوم الإنسانية يكونون أكثر استعدادا للمشاركة فى الأنشطة المدنية والخدمة المجتمعية.
إن الجدل حول اقتراح إلغاء تدريس علم النفس والفلسفة واللغة الفرنسية فى المدارس الثانوية المصرية يبرز أهمية ضرورة مراجعة هذه الاقتراحات والحفاظ على مناهج متوازنة وشاملة تشمل العلوم الإنسانية.
وخلاصة القول هى أنّ تدريس العلوم الإنسانية أمر حيوى لتعزيز النمو الشخصى والمعرفة الثقافية والتفكير الأخلاقى لدى الطلاب. ومع تقدمنا فى عالم أكثر تعقيداً وترابطاً، من الضرورى أن نواصل تقدير ودعم تدريس العلوم الإنسانية فى المرحلة الثانوية ومن خلال القيام بذلك، نضمن أن يكون الطلاب مستعدين ليس فقط لمستقبلهم المهني، بل أيضاً للمساهمة فى بناء مجتمع مصرى أكثر عدلا وتسامحاً ووعياً ثقافياً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قسم الادب جامعة براون الأمريكية
إقرأ أيضاً:
الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
???? الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة وكأن شيئاً لم يكن؟
⭕قضية توقيف عزيزة داؤود كاتيا، التي تشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة، ليست مجرد حادثة عابرة أو خبر أمني روتيني؛ إنها قنبلة انفجرت في قلب ولاية الجزيرة، وكشفت حجم الاختراق الذي تعرّضت له مؤسسات الدولة خلال فترة سيطرة المليشيا، والأخطر من ذلك: عودة بعض رموز تلك المرحلة إلى مواقع حساسة دون مراجعة أو محاسبة.
⭕المدعوة عزيزة داؤود لم تكن موظفة عادية؛ فقد شغلت منصب وزيرة الزراعة بحكومة المليشيا أثناء احتلالها لولاية الجزيرة، وبعد تحرير ود مدني، وعودة الحكومة الشرعية، لم تكتفِ المتهمة بالعودة إلى الخدمة، بل صعدت سريعاً إلى رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة.
⭕ظهورها في تسجيل مرئي بمنطقة الحلاوين برفقة “صديق مويه” والي حكومة الجنجويد في تلك الفترة كان دليلاً دامغاً على تعاونها، خصوصاً بعد اعترافها بعملها ضمن مشاريع الولاية خلال فترة سيطرة المليشيا.
⭕ بناءً على معلومات دقيقة ورصد ميداني، تمكنت الخلية الأمنية المشتركة من مداهمة موقع المتهمة والقبض عليها، وفتح بلاغات تحت المواد:
26 – 50 – 51 – 65 – 186
وهي مواد تتعلق بالتعاون مع العدو وتقويض النظام والإضرار بأمن الدولة.
⭕هذه الخطوة تُحسب للأجهزة الأمنية التي بدأت أخيراً في تنظيف المؤسسات من العناصر التي تسللت إليها مستندة إلى الفوضى التي أحدثتها المليشيا في فترة سيطرتها.
⭕ السؤال الأخطر… كم من امثال “عزيزة كاتيا” ما زال في مواقع الدولة؟،
القضية لا تقف عند حدود شخص واحد، فالشارع في الجزيرة وفي السودان كله يدرك تماماً أن عشرات وربما مئات المتعاونين الذين خدموا المليشيا وعملوا تحت إدارتها عادوا الآن إلى مكاتبهم، يمارسون وظائفهم كأن شيئاً لم يحدث.
⭕زملاؤهم في المؤسسات الحكومية يشاهدونهم يومياً، وفي قلوبهم حسرة على أن هؤلاء لم يشملهم التحقيق أو المحاسبة بعد، بعضهم معروف بالاسم، وبعضهم ظهر في فيديوهات وصور موثقة، لكنهم لا يزالون في مواقع تخولهم الاطلاع على ملفات الدولة والتأثير على القرارات، وربما تسريب المعلومات.
⭕فتح هذا الملف لم يعد ترفاً سياسياً، بل أصبح ضرورة أمن قومي، مؤسسات الدولة لن تستعيد عافيتها ما لم يتم تنظيفها من كل من تعاون مع المليشيا، سواء شارك مباشرة أو قدم خدمات.
⭕هذا واجب الأجهزة الرسمية، لكنه أيضاً واجب المواطنين ، التبليغ، الشهادة، تقديم المعلومات … كلها أدوات ضرورية لإغلاق هذا الباب الذي تسلل منه الخطر سابقاً، وقد يتسلل منه مرة أخرى إذا تساهلنا اليوم.
✒️ غاندي إبراهيم
Promotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/12 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة الفيل … وضل الفيل2025/12/12 اتجاهات حكومية: ما بين الانتقال ومنع الصيانة2025/12/12 حديث كرار عن الاستنفار والمقاومة الشعبية حديث كاذب2025/12/12 (تقوية الجبهة الوطنية)2025/12/12 التآمر الناعم2025/12/11 حوار مع صديقي المصري عاشق السودان2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات نسمع ضجيجاً ولا نرى 2025/12/11الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن