مشاريع جديدة للغاز تَعبر بالمغرب نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
يتجه المغرب نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة عبر تطوير مشروعين طموحين لإنتاج الغاز الطبيعي، واللذان يتيحان إمكانية الإستفادة من كمية تقدر بأكثر من 28 مليار متر مكعب وهو ما سينقل البلاد إلى مستوى جديد من الإستقلال الطاقي خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويتعلق الأمر بحقل "أنشوا" البحري الذي يُعتبر أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في المملكة بحجم 18 مليار متر مكعب، وحقل "تندرارا" البري بموارد تُقدر بنحو 10.
ولا يتجاوز إنتاج المغرب من الغاز الطبيعي حاليا 100 مليون متر مكعب سنوياً من حقول صغيرة، حيث تستورد المملكة باقي احتياجاتها المُقدرة بنحو مليار متر مكعب سنوياً من السوق الدولية، جزء مهم منها يمر عبر خط أنابيب المغرب-إسبانيا.
وبدأت شركة "إنرجيان" في عمليات الحفر للتنقيب على الغاز الطبيعي في حقل "أنشوا" الواقع بساحل العرائش قبل أيام، عن طريق السفينة العملاقة "Stena Forth"، ضمن صفقة استحواذ وشراكة مع شركة "شاريوت" البريطانية على حصص بنسبة 45 في المائة و37,5 في المائة في رخصتي ليكسوس وريصانة على التوالي.
وفي تعليقه حول الإمكانيات المهمة لحقول الغاز مغربية، قال "بادي بليوير"، مدير التواصل وعضو اللجنة التنفيذية في شركة "إنرجيان"، في تصريح لموقع "اقتصادكم" إن حقل "أنشوا" الواقع بساحل العرائش يتمتع بإمكانيات تنقيب كبيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ديناميكية الطاقة المغربية الكلية، مشيرا إلى أن الحقل، الذي يبلغ عمقه 18 مليار متر مكعب، يعد أكبر اكتشاف للغاز غير المستغل في المغرب. بالإضافة إلى ذلك، يوجد إجمالي 21 مليار متر مكعب من الموارد المحتملة غير المعرضة للخطر في الرمال غير المحفورة.
ومن جهته، أكد "بيير رايار"، مدير شركة "شاريوت" المحدودة بالمغرب، للمنبر نفسه، أن "شاريوت" و"إنرجيان" يتطلعان في المرحلة التالية إلى زيادة تطوير هذا المشروع، ليصل إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب من الغاز، واتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشكل سريع.
أما بالنسبة لمشروع "تندرارا" للغاز الطبيعي، الذي أصبحت شركة "مناجم" مالكةً لحصة 55% منه إلى جانب شركة "ساوند إنرجي" بحصة 20% والحصة المتبقية للمكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن، فتُقدر الاحتياطات في هذا المشروع بنحو 10.67 مليار متر مكعب تحت ترخيص يمتد لربع قرن.
وسبق لغراهام ليون، الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” البريطانية أن كشف للمنبر ذاته، أن حقل "تندرارة" هو حقل غاز كبير تعمل فيه “ساوند إنرجي” بتكنولوجيا جديدة لاستخراج الغاز من الأرض وتسويقها، ويتطلب ذلك تحفيزًا ميكانيكيًا وحفرًا أفقيًا، تبلغ احتياطياته حوالي 377 مليار قدم مكعب.
وأوضح المتحدث أنه لا يوجد سبب لعدم مضاعفة هذا الرقم بمجرد أن تحديد تاريخ الإنتاج الميداني المتوقع في العام المقبل، حيث ستقوم الشركة بمراقبة ضغط الخزان وبعد ذلك الاستعانة بالحسابات الهندسية بدلاً من الحسابات الحجمية الجيولوجية، لتكون قادرة على معرفة مدى توصيل الغاز من خلال بيانات الضغط، وهي العملية التي قد تظهر كميات كبيرة من الاحتياطات.
ومع توقع ارتفاع استهلاك الغاز في المغرب من 1.1 مليار متر مكعب العام المقبل إلى 1.7 مليار بنهاية هذا العقد و3 مليارات بحلول سنة 2040، أصبح أمر زيادة الإنتاج الوطني هدفا استراتيجيا، حيث صرحت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، مؤخرا أن البلاد تعتزم زيادة إنتاجها إلى 400 مليون متر مكعب سنويا في السنوات المقبلة، مقابل 100 مليون حاليا، وهو ما سيغطي 40% من الاستهلاك المحلي.
يذكر أن المغرب يخطط في إطار استراتيجيته طويلة المدى، لتحديث خط أنابيب الغاز والبنية التحتية للموانئ لضمان إمدادات مستقرة من الخارج، حيث وقعت وزارة الطاقة في يونيو 2023 اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي لتطوير البنية التحتية المستدامة للغاز من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يتماشى مع خريطة الطريق التي وضعتها حكومة أخنوش.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: ملیار متر مکعب
إقرأ أيضاً:
العاهل المغربي يدعو إلى مصالحة تاريخية مع الجزائر.. ويؤكد: لا حل للصحراء خارج مبادرة الحكم الذاتي
شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن إعادة إحياء الاتحاد المغاربي تمر بالضرورة عبر تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، مجددًا الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، ومؤكدًا استعداده الدائم لحوار صريح ومسؤول.
الملك قال بصريح العبارة في خطاب سياسي رفيع بمناسبة عيد العرش، إن “الاتحاد المغاربي لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة”، مبرزًا إيمانه الراسخ بوحدة شعوب المنطقة، وقدرتها على تجاوز “الوضع المؤسف” الراهن، عبر التعاون وتغليب المصالح الاستراتيجية على الخلافات الظرفية.
مد اليد للجزائر.. والتزام بالحوار
أكد الملك، في خطابه الذي ألقاه مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، أن موقفه تجاه الجزائر لم يتغير، قائلًا: “الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك”.
وأضاف: “حرصت دوماً على مد اليد لأشقائي في الجزائر، ومستعدون لحوار صريح ومسؤول، أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.
قضية الصحراء.. دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي
وفي الشق المرتبط بنزاع الصحراء، أعرب الملك عن اعتزازه بما وصفه بـ”الدعم الدولي المتزايد” لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيدًا على وجه الخصوص بموقفي المملكة المتحدة والبرتغال، اللذين اعتبر أنهما يكرّسان مواقف داعمة لـ”سيادة المغرب على صحرائه”.
وأشار الملك إلى أن المغرب، رغم ذلك، لا يزال حريصًا على إيجاد “حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.
في تفاعل مباشر مع الخطاب الملكي، أصدر المنتدى المغاربي للحوار بيانًا ثمّن فيه مضامين خطاب العرش، معتبرًا أنه يحمل “روحًا واقعية وانفتاحًا مسؤولًا”، ويدشّن فرصة تاريخية لترميم العلاقة بين المغرب والجزائر، وبعث مشروع الاتحاد المغاربي من جديد.
وقال البيان، الذي أرسل نسخة منه ل- "عربي٢١" إن المنتدى تابع “باهتمام بالغ” ما جاء في خطاب العاهل المغربي، وخاصة دعوته إلى “فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الجزائر”، مشيدًا بتجديد مد اليد و”تغليب منطق الحكمة والتكامل”، وفق تعبيره.
وأكد المنتدى أن وحدة شعوب المغرب الكبير لم تعد مجرد خيار سياسي، بل “ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات التنموية والأمنية”، داعيًا إلى استثمار هذه اللحظة السياسية.
وأعلن المنتدى في بيانه: دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى التجاوب الإيجابي مع المبادرة الملكية، وبناء مستقبل مشترك على أسس الثقة والاحترام المتبادل. ومناشدة النخب المغاربية، من سياسيين ومثقفين ومجتمع مدني، إلى الانخراط الفاعل في دينامية التقارب والمصالحة، بما يخدم تطلعات شعوب المنطقة نحو الاستقرار والازدهار، وتجديد التزام المنتدى بدعم المبادرات الرامية إلى بعث الاتحاد المغاربي، باعتباره مشروعًا للسلم والتنمية والتكامل.
وختم المنتدى بيانه برسالة رمزية قوية، مفادها أن “القطيعة والانغلاق لا يمكن أن يكونا قدَر شعوبنا”، وأن “الزمن المغاربي قد حان”، وأن “المصالحة التاريخية هي السبيل إلى مستقبل أكثر إشراقًا وكرامة لجميع مواطني المنطقة”.
كرونولوجيا القطيعة بين المغرب والجزائر
رغم الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع المغرب والجزائر، فإن العلاقات بين البلدين ظلت متوترة لعقود، وشهدت محطات مفصلية عمّقت الانقسام، وصولًا إلى القطيعة الرسمية عام 2021:
1975 بداية الشرخ: مع انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، دعم الجزائر لجبهة البوليساريو مقابل المسيرة الخضراء المغربية، فجّر أولى بوادر النزاع الحاد.
- 1994 إغلاق الحدود: عقب تفجيرات مراكش التي اتهم المغرب فيها عناصر جزائرية، فرض تأشيرات فردّت الجزائر بإغلاق الحدود البرية، في قرار لا يزال قائمًا حتى اليوم.
- 2004–2011 محاولات تطبيع خجولة، لكنها لم تثمر إعادة بناء الثقة، وبقيت العلاقات في وضع هشّ.
2014–2020 تصعيد إعلامي واستخباراتي متبادل، وسط اتهامات بالتدخل ودعم الانفصال.
أواخر 2020 – المغرب يحصل على اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء، ويطبع العلاقات مع إسرائيل، ما فاقم التوتر مع الجزائر.
24 أغسطس 2021 الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متهمة الرباط بـ”أعمال عدائية”، بينما اكتفى المغرب بالتعبير عن “الأسف”، داعيًا إلى تغليب منطق الحوار.
منذ ذلك الحين، بقي الوضع على حاله، وسط مبادرات متفرقة من الرباط لمد الجسور، دون استجابة رسمية من الجزائر حتى الآن.