31 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: فريد حكمت
يكشف الارتباك الحكومي العراقي في التعامل مع اسقاط الطائرة التركية المسيرة في كركوك، اختلاطا مؤذيا بين ما هو أمني وما هو سياسي حزبي شخصي، فالقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية أظهرت انزعاجها من اسقاط الطائرة المسيرة التركية وكأنها كانت تتمنى لو ان الطائرة لم ترصد ولم يعرف أحد هويتها حتى لو قصفت مواقع عراقية أمنية او إدارية او مدنية وتسببت بسقوط ضحايا بين المدنيين.
تمارس الحكومة العراقية حالة نادرة عالميا من انكار الخطر والتهديد والاعتداء الذي تمارسه تركيا ضد بلادنا وهو ما تجسد بانكار قيادة العمليات المشتركة معرفتها بهوية الطائرة قبل سقوطها وانكارها لدور الدفاعات الجوية العراقية في اسقاطها وكأن الدفاع الجوي العراقي ارتكب جريمة وليس القيام بواجبه، وبينما تلاحقت البيانات التركية التي تعترف بعائدية الطائرة وتغضب من عملية اسقاطها وكأن تركيا تملك حق الطيران العسكري والتجسس والقصف في العراق، ذهبت القيادة العسكرية في العراق الى تشكيل لجنة تحقيقية ولا يعرف أحد ما هو هدف التحقيق، لكن الجانب التركي سرب معلومات عن اعتقال نائب قائد الدفاع الجوي في كركوك لتبنيه اسقاط الطائرة التركية، وهدف التسريب هو إهانة الحكومة العراقية واحراجها.
في معايير الحكومات المحترمة، يعتبر ما جرى حدثا خطيرا وتجاوزا للاعراف الدولية ولمعايير حسن الجوار بين بلدين تربطهما مصالح كبيرة هي غالبا أكثر نفعا لتركيا، لكن الحكومة العراقية لم تمنح القضية بعدها الذي تستحقه سياسيا وأمنيا ودبلوماسيا الى درجة تدفعنا الى توقع تقديم العراق اعتذار الى تركيا وتحمل كلفة الطائرة المسيرة.
وسط هذه الازمة، يواصل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني القيام بدور أمين العاصمة ومحافظ بغداد والمدير العامة لشركة الطرق والجسور التابعة لوزارة الاعمار والإسكان بالاشراف على مشاريع المجسرات التي لم تحقق أهدافها بفك الاختناقات لذلك عاد مجلس الوزراء للتلاعب باوقات الدوام الرسمي من أجل تنظيم حركة المرور ثم يقال لاحقا ان التحسن في انسيابية السير سببه مجسرات السوداني.
من الواضح إن الاحتلال العسكري التركي لم تتوقف حدوده في بعض القرى والمدن سواء في إقليم كردستان أو محافظة نينوى، وهو يصر على تنفيذ حلم السيطرة على كل نينوى وكل كركوك، ولكنه قبل ذلك تمكن من احتلال القرار الأمني والسيادي العراقي كما إحتل قلب وعقل القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني الذي سلم مفاصل المؤسسة الأمنية لأقاربه وأبناء عشيرته لإضعاف المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية والسماح بمختلف أنواع الانتهاكات والخروقات ووضع العصا في عجلة أي حكومة مستقبلية.
يحتاج العراق الى مكاشفة بشأن حدود العلاقة الأمنية مع تركيا وأن توضح الحكومة العراقية قائمة تنازلاتها على الأقل حتى لا يتضرر أحد الجنود او القادة العسكريين المهنيين عندما يقوم بواجبه الوظيفي والقانوني وهو لا يعلم بأن قائده الأعلى قد تنازل عن سيادة وأمن بلاده لدولة أخرى، أما القوى السياسية والكتل البرلمانية فهي نائمة في سبات عميق بفضل العمولات والمقاولات ولا تريد اقلاق راحتها بأي موقف، وهي مستعدة ببيانات الإدانة والشجب المعتادة إذا ما وجدت نفسها محرجة.
لكن هل سيدوم هذا؟ هل ستكتفي تركيا بذلك؟ ألن يفضل أردوغان الاستيلاء على نفط العراق وقصور بغداد وموانئ البصرة ما دام بامكانه ذلك؟ وهو وريث السلاطين والمسيطر على القرار السني والمتولي الشرعي لشؤون بعض الأحزاب التركمانية (زار قادتها تركيا قبيل حادثة الطائرة) والمتحالف مع البارتي والعضو في الناتو والمقرب من أمريكا التي تفضل هيمنته على العراق بدلا من هيمنة أي جهة أخرى؟!.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة
إقرأ أيضاً:
العراق على مفترق طرق: رواتب ضخمة وتنمية معطلة
4 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: يتصاعد القلق في العراق إزاء الارتفاع المتسارع في فاتورة الرواتب الحكومية، التي باتت تشكل تهديداً مباشراً على استقرار الاقتصاد الوطني.
وحذّر المختص في الشأن الاقتصادي منار العبيدي من أن الرواتب الحكومية، التي بلغت في عام 2024 أكثر من 60 تريليون دينار عراقي، تشكل نحو 40% من إجمالي النفقات العامة، مسجلة زيادة قدرها 27% مقارنة بالعام السابق.
ويتقدّم العراق نحو مفترق حرج بين دولة ريعية تُغذّي الرواتب والمخصصات، ودولة منتجة تستثمر في الإنسان والبُنى التحتية.
وأشار العبيدي إلى أن هذا الرقم يعكس تضخماً مقلقاً مقارنة بعام 2019، حيث كانت الرواتب لا تتجاوز 40 تريليون دينار، ما يعني زيادة بنحو 50% خلال خمس سنوات فقط.
وأوضح العبيدي أن هذا التصاعد في الإنفاق لم يقترن بتحسينات ملموسة في الإيرادات غير النفطية أو في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مما يثير تساؤلات حول جدوى التوسع في التوظيف الحكومي.
ويعتمد العراق بشكل شبه كلي على عائدات النفط لتغطية هذه الرواتب، في وقت تظل فيه الميزانية الاستثمارية شبه خاوية، مما يحد من قدرة الحكومة على تمويل مشاريع التنمية والبنية التحتية.
وتحوّلت الوظيفة الحكومية من وسيلة للخدمة إلى وسادة أمان اجتماعي، بينما بقيت مشاريع الزراعة والصناعة والطاقة النظيفة حبيسة الوعود والخطط غير المفعّلة.
وتكمن الخطورة في أن هذا النمط لا يُبني دولة، بل يطيل عمر أزمة اقتصادية مؤجلة، تعتمد على أسعار النفط وتقلبات السوق الدولية.
ويضيف العبيدي أن هذا النهج يهدد بتفريغ الموازنة العامة من مواردها، محذراً من أن أي هبوط مفاجئ في أسعار النفط قد يدفع البلاد نحو أزمة مالية خانقة.
ويُعتبر تخفيض الرواتب حلاً محفوفاً بالمخاطر لمعالجة تضخم فاتورة الأجور في العراق.
ويمكن أن يخفف هذا الإجراء الضغط على الموازنة العامة، لكنه يُفاقم التوترات الاجتماعية ويؤثر سلباً على القوة الشرائية للمواطنين.
ويُشير الخبراء إلى أن التخفيض دون إصلاحات هيكلية، كتنويع الاقتصاد ورفع كفاءة القطاع العام، لن يحل الأزمة جذرياً.
ويُعد التركيز على تعزيز الإيرادات غير النفطية وتحسين الإنتاجية أولوية أكثر استدامة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts