ما دلالات زيارة الرئيس المصري إلى تركيا؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
أنقرة- يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، غدا الأربعاء، إلى العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية هي الأولى له منذ توليه الحكم عام 2014، تلبية لدعوة نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بعد أكثر من عقد من البرود السياسي بين البلدين.
تأتي هذه الزيارة كحلقة جديدة في سلسلة التقارب التركي المصري، التي تسارعت وتيرتها منذ زيارة أردوغان إلى القاهرة يوم 14 فبراير/شباط الماضي، والتي كانت الأولى له منذ 12 عاما.
والشهر الماضي، زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، وركزت المناقشات بين الجانبين على كيفية تحقيق نتائج مثمرة من زيارة السيسي المتوقعة إلى تركيا.
ومثّلت مصافحة أردوغان للسيسي في قطر على هامش افتتاح نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 إعلانا لنهاية عقد كامل من القطيعة والتوترات التي وصلت إلى حد "العداء" بين البلدين.
وفي يوليو/تموز 2023، قررت تركيا ومصر رفع مستوى العلاقات بينهما مجددا إلى مستوى السفراء، مما مهد الطريق للقاء ثان جمع أردوغان والسيسي في سبتمبر/أيلول من العام نفسه على هامش قمة مجموعة العشرين، ثم في القمة المشتركة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في الرياض، التي ناقشت العدوان الإسرائيلي على غزة.
ووفقا لما أوردته وسائل الإعلام التركية، سيترأس الرئيسان السيسي وأردوغان اجتماع "مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى" بين مصر وتركيا، وذلك في إطار جديد يهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين. وسيناقشان سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، مع التركيز على الأوضاع في قطاع غزة، إذ سيبحثان الخطوات الممكنة لوقف التصعيد الإسرائيلي وضمان التوصّل إلى هدنة دائمة.
كما ستتناول المباحثات قضايا إقليمية أخرى تشمل الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال وسوريا. ويُتوقع أن تشهد الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية التي تغطي مجالات متعددة، مع مناقشة إستراتيجيات لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار، مقارنة بالحجم الحالي الذي يبلغ نحو 10 مليارات دولار.
كما سيشكل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والطاقة المتجددة والتعدين، جزءا محوريا من المحادثات، إلى جانب التعاون في قطاعات الصحة والسياحة والدفاع.
وفي حديثه للجزيرة نت، رجّح المحلل السياسي أحمد أوزغور أن يطلب الرئيس المصري من تركيا لعب دور الوسيط في الأزمة مع إثيوبيا في ظل تعقيدات ملف سد النهضة. وأوضح أن أنقرة قامت مؤخرا بدور الوسيط، إذ تولت نقل رسائل بين القاهرة وأديس أبابا، ضمن الجهود المبذولة لإيجاد حل دبلوماسي لهذه الأزمة "الحساسة".
الشراكة الدفاعيةيكتسب التعاون الدفاعي بين مصر وتركيا أهمية خاصة في المباحثات المنتظرة خلال زيارة السيسي المرتقبة إلى أنقرة، إذ يرافقه وفد كبير يضم وزراء ومسؤولين بارزين إلى جانب عدد من رجال الأعمال، وفقا لما نقلته وسائل إعلام تركية.
وفي تطور لافت، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موافقة بلاده على تزويد القاهرة بطائرات مُسيّرة، وهي خطوة تشير إلى تقدم ملموس في ملف التعاون العسكري بين البلدين.
وفي سياق تعزيز العلاقات العسكرية، قام الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية السابق، بزيارة إلى أنقرة أواخر أبريل/نيسان الماضي، في دلالة على تطلع الجانبين لزيادة أوجه التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والإنتاج المشترك.
ويرى المحلل أوزغور أن التعاون الدفاعي بين البلدين يمثل تحولا إستراتيجيا مهما في علاقات البلدين، ويعكس رغبة مشتركة في تجاوز الخلافات السابقة. وأشار إلى أن موافقة تركيا على تزويد مصر بطائرات مُسيّرة تعكس ثقة أنقرة بتعزيز شراكتها مع القاهرة، في حين يعكس سعي مصر لهذه الصفقة رغبتها في تنويع مصادر تسليحها وتعزيز قدراتها الدفاعية.
وبرأيه، قد يسهم هذا التعاون في تعزيز الاستقرار الإقليمي وفتح المجال لمزيد من التعاون في الصناعات الدفاعية والإنتاج المشترك.
أهمية الزيارةفي حديثه للجزيرة نت، أشار الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش إلى أن زيارة الرئيس المصري إلى تركيا تحمل أهمية كبيرة لتعزيز العلاقات الجديدة بين البلدين و"دبلوماسية القادة" التي بدأت منذ إصلاح العلاقات، وستنقلها إلى مستوى جديد من خلال تأسيس مشروع شراكة بينهما عبر تدشين مجلس التعاون الإستراتيجي.
وحسب علوش، رغم أنه من غير المتوقع أن تؤدي هذه العلاقات الجديدة إلى تغييرات جذرية في السياسات الخارجية للبلدين حول القضايا المشتركة، فإن الوضع الحالي يفرض عليهما التنسيق لتحويل التنافس إلى تعاون، خاصة في ملفات مثل ليبيا وشرق البحر المتوسط.
وأشار إلى أن الجانب العسكري قد يشكل أحد المجالات المحتملة التي يمكن أن تكتسب زخما في العلاقات الثنائية خلال الفترة المقبلة.
وفي ما يتعلق بالملف الليبي، أوضح المتحدث أن المخاطر المتزايدة لعودة الاضطراب في ليبيا تشكّل تحديا أمام العلاقات التركية المصرية، وتستدعي مزيدا من التعاون لتحقيق الاستقرار هناك. وقال "رغم أن العقبات أمام التعاون الثنائي في هذا الملف لم تُحل بشكل كامل، فإن التركيز على القواسم المشتركة بين البلدين يخلق بيئة مواتية لإنهاء الصراع، ولعملية مواءمة المصالح بينهما".
وأضاف الباحث أن التشابك الجيوسياسي المتزايد بين تركيا ومصر يفرض عليهما محاولة مواءمة مصالحهما لتعزيز قدرتهما على التأثير في السياسات الإقليمية، وأكد أن إصلاح العلاقات مع القاهرة كان جزءا من إستراتيجية أنقرة الأوسع لإصلاح علاقاتها مع القوى الإقليمية منذ عام 2020.
وقال إن مصر، باعتبارها قوة فاعلة في المنطقة، "لا يمكن لتركيا تجاهلها إذا كانت ترغب في تعزيز حضورها الإقليمي وحماية مصالحها في قضايا حيوية، مثل شرق المتوسط وليبيا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرئیس المصری بین البلدین التعاون فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط: بحثنا مع وزيرة التنمية البريطانية مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين
عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، جلسة مباحثات مع البارونة جيني تشابمان، وزيرة الدولة للتنمية الدولية بالمملكة المتحدة.
وذلك خلال فعاليات اجتماع وزراء التنمية لمجموعة العشرين التي انعقدت بجنوب أفريقيا، حيث شهد الاجتماعات مناقشات مستفيضة حول مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين في ضوء الشراكة الوثيقة، وكذلك التنسيق المشترك في المحافل الدولية من أجل دفع جهود إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، ومناقشة الجهود المقترحة من أجل إعادة هيكلة آليات عمل منظمة الأمم المتحدة، فضلًا عن مناقشة مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإشبيلية.
وخلال اللقاء، عبر الجانبان عن تطلعهما إلى الزيارة المرتقبة التي أعلن عنها مكتب رئيس وزراء المملكة المتحدة للقاهرة، والتي ستمثل نقلة نوعية في العلاقات المشتركة المصرية البريطانية والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، فضلًا عن دورها في فتح آفاق التعاون على مختلف الأصعدة بين الجانبين، كما أنها تعد امتدادًا للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي التي تم الإعلان عنها خلال عام 2024.
واتفقت الوزيرتان خلال اللقاء على ضرورة تفعيل التوصيات الصادرة عن المحافل الدولية المختلفة من أجل إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، بما يضمن الوصول إلى بنية مالية أكثر كفاءة وعدالة خاصة للدول النامية، وتحقيق المزيد من الشفافية في آليات التمويل، وتوسيع نطاق التمويل الميسر، كما بحثتا المقترحات الصادرة بشأن إعادة هيكلة آليات العمل بمنظومة الأمم المتحدة لتصبح أكثر تأثيرًا في الاقتصاد العالمي، مع التشديد على ضرورة اعتماد اليات تنسيق ومتابعة شاملة تضمن الاستدامة وتعزز المشاركة الوطنية في الجهود الأممية.
وشهد اللقاء مناقشات مستفيضة بشأن مختلف أوجه الشراكة بين جمهورية مصر العربية والمملكة المتحدة، خاصة على صعيد التبادل التجاري، والاستثمارات البريطانية في مصر، والعلاقات الاقتصادية، وكذلك التعاون الإنمائي، حيث أكدت الدكتورة رانيا المشاط، حرص مصر على تطوير تلك العلاقات والبناء على النتائج الرائدة التي تحققت على مدار السنوات الماضية خاصة على صعيد الأمن الغذائي، ودعم الشركات الناشئة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واستعرض الجانبان أطر التعاون الثنائي في مجال التمويل الإنمائي، وعلى مساهمة المملكة المتحدة في تمويل سياسات التنمية من خلال البنك الدولي، فضلًا عن دور الوكالة البريطانية لتمويل الصادرات (UKEF)، التي تعمل على دعم تمويل المشروعات في مصر، وكذلك الآليات التمويلية التي تتيحها المؤسسة البريطانية الدولية للاستثمار (BII) التي تُعد مصر أحد الأسواق ذات الأولوية لها.
وفي هذا السياق، استعرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، استعدادات إطلاق «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، التي تُعد برنامجًا تنفيذيًا لتعزيز التحول الهيكلي في الاقتصاد المصري نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتنمية الصناعية، ودعم سوق العمل والتشغيل، مشيرة إلى أن الحكومة نفذت منذ مارس 2024 إصلاحات اقتصادية وهيكلية أسهمت في ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي، وتهيئة مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال.
وناقش الطرفان التعاون الوثيق في إطار المنصة الوطنية المصرية للمشروعات الخضراء برنامج «نُوفّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، لاسيما من خلال مؤسسة الـ BII والتمويلات المقدمة من جانبها لدعم محور الطاقة ومشروعات الهيدروجين الأخضر. فضلًا عن دور المملكة المتحدة في توفير الدعم والمساندة لصناديق المناخ العالمية ممثلة في صندوق الاستثمار في المناخ CIF وصندوق المناخ الأخضر GCF. كما تم تسليط الضوء على إطلاق حملة "النمو الأخضر: مصر–بريطانيا" في يونيو 2025، والتي تستمر حتى قمة المناخ COP30، بهدف تسريع الشراكة في الاقتصاد الأخضر.
وفي ضوء أن المملكة المتحدة تُعد من أكبر المستثمرين في مصر في قطاعات الطاقة، الاتصالات، الصناعات الدوائية، والسلع الاستهلاكية، ومذكرة التفاهم الموقعة بين هيئة الاستثمار المصرية وUKEF في 2024 لتعزيز العلاقات الاستثمارية، فقد بحثت الوزيرتان، الدور المهم لـ مجلس الأعمال المصري البريطاني (BEBA) وغرفة التجارة المصرية البريطانية (EBCC) في ربط الشركات وتيسير الاستثمار، وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين.
ومن جانبها، أكدت الوزيرة البريطانية، على العلاقات التاريخية المتنوعة بين البلدين اللتين تتشاركان روابط وثيقة وتعاون في مختلف المجالات، مثمنةً في ذات الوقت الجهود المصرية الكبيرة في حل الأزمة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في غزة، ودور القيادة المصرية في توصيل المساعدات الإنسانية للقطاع، مؤكدة دعم بلادها الكامل لهذه المساعي، ومعربة عن أملها في التوصّل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار بما يتيح إيصال المساعدات بشكل آمن ومنتظم.