صورة من المشهد السياسي في العراق
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
آخر تحديث: 4 شتنبر 2024 - 8:58 صبقلم:سمير داود حنوش من الصعب أن يتوقع أحد ما سيأتي به الغد إلى العراقيين، واستحالة التنبؤ بالوضع السياسي لبلدهم حتى راح الظن ببعضهم لوصف الحالة مثل مناخ البلد المتقلب الذي يجمع فصوله الأربعة في يوم واحد. لكن الحقيقة المقبولة والمتفق عليها من جميع الأقطاب هي أن الوضع العراقي سيظل كما هو طالما ظلت الساحة أرضًا خصبة لتصفية الحسابات الدولية، مع استنتاج يوصلنا إلى أن أيّ تغيير في النظام مرتبط بصراع الأقطاب: أميريكا وحلفاؤها، وروسيا والصين، وثالثتهما إيران.
لا نأتي بجديد في القول إن العراق لم يتحرر من الهيمنة الأميركية ولا يستطيع إيقاف التدخل الإيراني في شؤونه الداخلية والتحكم في مصيره. السبب ليس في تلك الدول، وإنما في فشل الدولة العراقية في التخطيط السياسي للبلد، ووضعه في خانة المزايدات الدولية والسماح للآخرين بموطئ قدم على حساب سيادته، مما جعله نظامًا ضعيفًا يعطي الدول تنازلات تصل إلى الهوية الوطنية والسيادة لمصالح نفعية للسلطة من أجل الحفاظ على كرسي الحكم. لذلك تعيش المنظومة السياسية في قلق دائم وخوف من المستقبل يبرر لها الوسيلة. فلا يزال سيناريو الإطاحة بحكومة عمران خان الباكستانية نموذجًا صارخًا يقترب من الواقع العراقي عندما تمت الإطاحة به بعد زيارة قام بها إلى موسكو بدايات الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث حجب البرلمان الباكستاني الثقة عن حكومة خان في أبريل 2022 وصوّت لصالح شهباز شريف، أو استذكار السيناريو الأفغاني في عودة طالبان إلى الحكم بعد سنوات القتال المريرة التي دارت رحاها بين الأميركيين والأفغان. تدرك الطبقة السياسية في العراق أن الولايات المتحدة تدعم النظام السياسي، مادام هذا النظام ملبياً لرغباتها ولعدم وجود بديل سياسي مقنع وخوفًا من فوضى عارمة قد تتخطى العراق إلى دول المنطقة. ولذلك تحاول هذه الكيانات السياسية أن تكون بيضة القبّان ومسك العصا من الوسط بين أميركا حامية النظام، وإيران حامية رموزه في محاولة للتمسك بالسلطة. وتدرك جيدًا أن من يريد تغيير النظام السياسي عليه أن ينفق تريليوني دولار ومئات القتلى من جنوده مرة أخرى في ظل توتر تعيشه المنطقة قد يهدد الأسواق النفطية، وتداعيات ما يحدث في غزة. وتعلم يقينا أنه من الصعب المغامرة بإيجاد نظام سياسي بديل يجعل من العراق قوة لا يستهان بها في المنطقة. ثم من قال إن تلك الدول تريد هذا النموذج من العراق المستقر القوي الآمن. بالمحصلة، فإن العلاقات الدولية تُبنى على أساس المصالح لا المشاعر.>>المشهد العراقي بات اليوم أكثر تعقيدًا وغموضًا، يرسم واقعًا ضبابيًا في ارتباك واضح بين رغبة من يريد مغادرة آخر جندي أميركي من العراق وبين منافع النظام السياسي ورغبته ببقاء الفاعل الأميركي حاميًا للنظام. ذلك النظام قد يمنح بعض الأحزاب والكتل السياسية، التي تمتلك أجنحة سياسية، بعض الامتيازات لغض الطرف عن مطالبتها للجانب الأميركي بالانسحاب أو إشراكها ضمن منظومة السلطة، لتتحول من رافض للوجود الأميركي إلى مستفيد من منافعه. وذلك هو المشهد القائم في العراق.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
دعوات أممية وأوروبية لأميركا لرفع عقوباتها عن الجنائية الدولية
دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات التي فرضتها على 4 قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان أرسل إلى وسائل الإعلام إن العقوبات الأميركية تتعارض مع سيادة القانون، ودعا "إلى إعادة النظر في هذه الإجراءات الأخيرة ورفعها فورا".
وأكد تورك أن استقلال القضاء الدولي يجب احترامه في جميع الأحوال.
بدوره، جدد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا دعم الاتحاد الأوروبي القوي للمحكمة الجنائية الدولية، وكتب في منشور على منصة إكس "المحكمة لا تواجه الدول، بل تقف ضد الإفلات من العقاب، علينا أن نحمي استقلالها ومصداقيتها، حكم القانون يجب أن يسود على حكم القوة".
وأكد كوستا أن المحكمة الجنائية الدولية تشكل "حجر زاوية في منظومة العدالة الدولية"، داعيا إلى احترام دورها وعدم تقويضها عبر الضغوط أو الإجراءات العقابية.
كما ندد مكتب جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية -في بيان اليوم الجمعة- بقرار إدارة ترامب بفرض عقوبات على أربعة قاضيات بالمحكمة.
وقال البيان "ننظر بقلق بالغ إلى الإجراءات الأخيرة التي أعلنتها حكومة الولايات المتحدة… إنها محاولات مؤسفة لعرقلة المحكمة وموظفيها في ممارسة مهامهم القضائية المستقلة".
إعلانوجمعية الدول الأطراف هي الهيئة التشريعية والرقابية العليا للمحكمة الدولية الجنائية.
وجاءت هذه التصريحات غداة إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض عقوبات على 4 قاضيات في المحكمة، في رد غير مسبوق على إصدار المحكمة مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفتحها تحقيقا سابقا في مزاعم ارتكاب القوات الأميركية جرائم حرب بأفغانستان.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان "ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات التي تعدها ضرورية لحماية سيادتنا وسيادة إسرائيل وأي حليف آخر للولايات المتحدة من الخطوات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية".
وتابع "أدعو الدول التي لا تزال تدعم المحكمة الجنائية الدولية -والتي كلفت الحرية في الكثير منها تضحيات أميركية كبيرة- إلى التصدي لهذا الهجوم المخزي على بلدنا وعلى إسرائيل".
وسيحظر على القاضيات الأربع دخول الولايات المتحدة، كما سيتم تجميد أي أصول يملكنها في البلاد، وهي تدابير غالبا ما تتخذ ضد صانعي سياسات دول مناهضة للولايات المتحدة وليس ضد مسؤولين قضائيين.
وردا على القرار الأميركي اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية -ومقرها في لاهاي- أن العقوبات "محاولة جلية لتقويض استقلالية مؤسسة قضائية دولية تعمل بتفويض 125 من الدول الأطراف من كل أنحاء العالم".
جرائم حرب
وحضت منظمة هيومن رايتس ووتش الدول الأخرى على رفع الصوت وإعادة التأكيد على استقلالية المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت عام 2002 لمقاضاة الأفراد المسؤولين عن أخطر الجرائم في العالم عندما تكون الدول غير راغبة أو غير قادرة على تحقيق العدالة بنفسها.
وقالت مديرة برنامج العدالة الدولية في المنظمة الحقوقية ليز إيفنسون إن العقوبات تهدف إلى ردع المحكمة الجنائية الدولية عن السعي إلى المساءلة، في وقت تتصاعد فيه الفظائع الإسرائيلية في غزة، بما في ذلك بالتواطؤ مع الولايات المتحدة.
إعلانوشاركت قاضيتان هما بيتي هولر من سلوفينيا ورين ألابيني-غانسو من بنين في إجراءات أفضت إلى إصدار مذكرة اعتقال في نوفمبر/تشرين الثاني بحق نتنياهو.
وخلصت المحكمة إلى وجود "أسباب معقولة" لتحميل نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت المسؤولية عن أفعال تشمل جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة حرب في الحرب على غزة.
ورفضت إسرائيل بشدة اتهامها بارتكاب جرائم حرب، بالإضافة إلى اتهام آخر منفصل بالإبادة الجماعية قادته جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.
والقاضيتان الأخريان البيروفية لوث ديل كارمن إيبانيث كارانثا والأوغندية سولومي بالونغي بوسا شاركتا سابقا في إجراءات أدت إلى فتح تحقيق في مزاعم بأن القوات الأميركية ارتكبت جرائم حرب خلال الحرب في أفغانستان.
والولايات المتحدة وكذلك إسرائيل هما من الدول غير الموقعة على نظام روما الأساسي الذي أنشأ الجنائية الدولية.
لكن الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة بأغلبيتهم الساحقة وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية والأغلبية العظمى من أميركا اللاتينية ومعظم أفريقيا من الموقعين على النظام الأساسي، وبالتالي يُطلب منهم من الناحية النظرية اعتقال المشتبه بهم عندما يصلون إلى أراضيهم.
وفي ولايته الأولى فرض ترامب عقوبات على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية آنذاك بسبب التحقيق في أفغانستان.
وبعد خروجه من البيت الابيض عام 2020 اتخذ الرئيس جو بايدن آنذاك نهجا أكثر تصالحية تجاه المحكمة، حيث تعامل مع كل قضية على حدة.
وألغى أنتوني بلينكن سلف روبيو العقوبات على المحكمة، ورغم انتقاده موقفها تجاه إسرائيل فقد تعاون معها بشأن غزو روسيا أوكرانيا.
وتعد مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ذات حساسية خاصة في بريطانيا الحليفة الوثيقة للولايات المتحدة، اذ إن رئيس وزرائها كير ستارمر محام سابق في مجال حقوق الإنسان.
إعلانوصرح مكتب رئيس الوزراء البريطاني بأن لندن ستفي بـ"التزاماتها القانونية"، دون أن يوضح صراحة ما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو في حال زيارته.