فارق التوقيت في ريادة الأعمال العلمية
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
تنبثق الشركات العلمية الناشئة في معظم الأحيان من مشروعات التخرج المتميزة والتي تتطور إلى شركات طلابية، إذ تختلف ريادة الأعمال العلمية عن المسارات الريادية التجارية بشكل جوهري في سياقات النشأة والتشغيل؛ فالشركات العلمية بمثابة الذراع التطويرية للتقنيات والاكتشافات والأفكار الابتكارية، ولذلك يتنوع فريق العمل في هذه الشركات، وإن كانت الهيئة المتعارف عليها تتطابق شكليًا مع هياكل الشركات، إلا أن الشركات العلمية في المضمون تكون أقرب إلى المجموعات البحثية والابتكارية، ويتم اختيار كل عضو في هذه المجموعة بحسب التميز العلمي والقدرات والمهارات الفنية، فهل يدرك الرؤساء التنفيذيون الناشئون تكتيكات تأسيس وتشغيل الشركات العلمية الريادية؟.
تعالوا في البداية نقترب أكثر من واقع الشركات الناشئة العلمية، سنجد بأن الرئيس التنفيذي ما هو سوى صاحب الفكرة الابتكارية، وقد يكون مهندسًا موهوبًا، وقد قام بتسجيل براءة الاختراع لفكرته، وبأنه يمتلك مخزونًا كبيرًا من الطموح العلمي والحماس، وكذلك هو مبتكر نشط وله مشاركاته في المعارض العلمية والمسابقات الابتكارية، وهو يقود فريقًا من المطورين التقنيين من ذوي المهارات العالية، ولكن هذه الصورة ليست مثالية كما تبدو؛ لأن تأسيس شركات علمية قائمة على التكنولوجيا لا يحتاج لمجموعة من ألمع خريجي الكليات العلمية والهندسية؛ لأن الولوج إلى عالم ريادة الأعمال يتطلب مهارات الانفتاح المتوازن على الفرص والتحديات، وكذلك يستوجب المعرفة الكافية بمتطلبات كل مرحلة من مراحل التأسيس، فعلى سبيل المثال يمكن للشركات الناشئة العلمية أن تتريث في توظيف المختصين بالترويج والتسويق خلال مرحلة تدشين الشركة، وذلك ظنًا منهم بأن المنتجات الابتكارية قد تستغرق بعض الوقت حتى تصل للجاهزية المطلوبة، وأحيانًا يكون هذا القرار صائبًا، وقد يحتمل الخطأ في حالات يتطلب فيها نجاح الشركة إلى وجود حملة ترويجية مكثفة قبل تدشين الشركة رسميًا، فهذه التهيئة قد تكون مصيرية لجذب الممولين والشركاء، وهذا ما يُكسب موضوع اختيار التوقيت المناسب أهميته المركزية في ريادة الأعمال العلمية أو الأكاديمية.
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر؛ كيف يمكن للرياديين الناشئين بناء أو اكتساب مهارة تحديد التوقيت الصحيح للعمليات الأساسية في شركاتهم الناشئة؟ وإذا أخذنا في الاعتبار بأن غالبية المبتكرين العلميين هم في الأصل مهندسون أو خريجو كليات العلوم الأساسية والتطبيقية، فإنه من المرجح ألا يتسنى لهم فرصة دراسة أساسيات تأسيس مشروع تجاري أو ريادة الأعمال، وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا، ولذلك فإنه من الأهمية بمكان تعزيز دور الحاضنات العلمية ومسرعات الأعمال، وذلك من حيث قيامها بتمكين المبتكرين من أجل عبور هذه الفجوة المعرفية، وكذلك فجوة المهارات التنظيمية والإدارية، وكما تشير الممارسات المرجعية في دعم ريادة الأعمال العلمية، فإن هناك ثلاثة تكتيكات يمكنها أن تعزز عملية اتخاذ القرار المستنير بشأن ترتيب الأولويات على مستوى تأسيس وتشغيل الشركات العلمية الابتكارية، والتكتيك الأول هو«افعل ذلك بنفسك»، وكما يشير العنوان فإن المنهج الأساسي في هذا التكتيك هو أن يقوم المؤسسون بمختلف الأدوار والمهام الرئيسة شريطة امتلاك المهارات التقنية الصحيحة، وهذا يعني من الجانب العملي توفير نسبة من الموازنات المالية لعدم الحاجة للتوظيف الخارجي، ولكن المخاطر الأساسية لهذا النهج تكمن في احتمالية هدر الوقت في تعلم مهارات جديدة، وكذلك تباطؤ عمليات التطوير التقني بسبب المحدودية في الأفكار الابتكارية وتكرارها.
أما التكتيك الثاني فهو يتمحور حول جلب المواهب التقنية لفريق العمل، وذلك عبر توظيف المطورين التقنيين الذين يمتلكون أحدث منهجيات وأدوات العمل، وهو تكتيك ناجح جدًا في توفير الوقت وضمان تقليل منحنى التعلم، وكذلك تعزيز محور إدارة المخاطر، ولكن التحدي الأكبر الذي يعترض الشركة الناشئة هو مدى قدرتها على تقديم العرض المالي المناسب لاستقطاب مثل هذه الكفاءات، نظرًا لأن الموارد التقنية ذات الكفاءة غالبًا ما تكون تنافسية ومكلفة بالقياس إلى القدرات المالية على مستوى شركة ناشئة، وهذا ما يستدعي التركيز على محور التوقيت، فقد لا تحتاج الشركة للخبرات العلمية في بداية التأسيس، إذ يمكن أن تبدأ العمليات التطويرية حتى تصل إلى درجة محددة من الجاهزية التكنولوجية، ثم يتم استقطاب الموارد الفنية ذات الخبرة، وأما التكتيك الأخير فهو يعتمد على الاستعانة بالمصادر الخارجية في جميع العمليات التطويرية والفنية، مثل التعاقد مع وحدات البحث والتطوير، أو المختبرات المستقلة، ويكتفي عمل الشركة على الفريق الابتكاري المركزي الذي يعمل على اختبار الأفكار، ودراسة الجدوى، وفي هذا التكتيك تتخلص الشركة الناشئة من عبء إعادة ترتيب أولويات العمل حسب التوقيت المطلوب، وهو اختيار مريح إذا كانت الشركة الناشئة تبحث عن أدوار أخرى مثل تقديم الاستشارات العلمية، ويبقى الاختيار الاستراتيجي بيد المؤسسين؛ فالكفاءات الفنية تحتاج إلى مهارات صناعة القرار المرتبط بالتوقيت، وفي معظم الحالات لا يكفي انتهاج تكتيك واحد في تأسيس وتشغيل الشركات الناشئة العلمية؛ فالمتغيرات المتسارعة للتكنولوجيا تفرض سرعة الاستجابة والتكييف الذكي معًا.
إن ما يلزم لقيادة شركة ناشئة علمية ليس نماذج التشغيل المعقدة، ولا مجموعة المهندسين والباحثين اللامعين، وإنما التكتيكات الدقيقة المرتبطة بعامل التوقيت الذي هو بمثابة النقطة العمياء، فالفارق في توقيت العمليات الأساسية المرتبطة باستقطاب الكفاءات العلمية والإدارية، وترتيب الأولويات التنفيذية قد تكون حاسمة بشأن بقاء هذه الشركات الابتكارية في محيط الأعمال، وهذا يستوجب الإدراك الواعي بأن المعادلة الكاملة بحاجة للكثير من المدخلات، وبأن التفوق العلمي لوحده لا يصنع النجاح والصمود والاستمرار في عالم سريع التغير، وفي الوقت ذاته يجب أن يتكون لدى المؤسسين الفهم الكامل بأن تطوير التقنيات إلى منتجات وخدمات لا تتطلب مسارًا واحدًا، فقد يبدأ الابتكار بمنتج يبحث عن نموذج عمل ابتكاري، وكذلك قد تكون الانطلاقة من نماذج أعمال جديدة وموجهة لمنتجات ابتكارية، والترتيب الزمني دائمًا هو سيد الموقف.
د. جميلة الهنائية باحثة في سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشرکات العلمیة
إقرأ أيضاً:
قصر العيني يؤكد قدرة مصر على ريادة التغيير الطبي
شهد الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، افتتاح المؤتمر العلمي السنوي لكلية الطب جامعة القاهرة، والذي يُقام بعنوان "نحو مجتمع طبي مبتكر"، بحضور عدد من رؤساء الجامعات وقيادات وزارتي التعليم العالي والصحة والسكان وقيادات الجامعة وكلية الطب، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.
وخلال كلمته، قال الدكتور خالد عبدالغفار، إن كلية طب قصر العيني تمثل صرحًا طبيًا وتعليميًا عريقًا يمتد تاريخه لأكثر من 190 عامًا، منذ تأسيسها عام 1827 كأول مدرسة طبية في مصر والشرق الأوسط، وقد ظلت على مدار عقود طويلة منارة للعلم ومهدًا لتخريج أجيال من الأطباء والعلماء الذين أسهموا في تطوير القطاع الصحي في مصر والعالم العربي، مؤكدًا استمرار الكلية في أداء رسالتها التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع، واستقبال مستشفياتها لأكثر من 2.5 مليون مريض سنويًا، وهو ما يعكس الدور الكبير الذي تقوم به وإمكاناتها المتميزة.
وأضاف نائب رئيس مجلس الوزراء، أن هذا العصر يشهد تطورات متسارعة في كل مجالات الحياة، وعلى رأسها القطاع الصحي، وهنا يأتي أهمية مؤتمر كلية طب القصر العيني هذا العام، ليواكب هذه التطورات من خلال رؤيته الحيوية التي تلامس جوهر التحديات والفرص في القطاع الطبي، مشيرًا إلى أن العالم يتحول للاعتماد بشكل أساسي على التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات الضخمة، فقد أصبح مواكبة تلك التطورات ركيزة أساسية لا مفر منها في مجال الطب وكافة خدمات الرعاية الصحية، لما لتلك الأدوات من آثار إيجابية لتحسين أداء الخدمات المُقدمة وتحقيق الوصول العادل لخدمات الرعاية الصحية.
وتابع وزير الصحة والسكان، أن ثورة التحول في القطاع الصحي من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أصبحت واقع في مجالات التشخيص المبكر، والتشخيص عن بعد، والجراحات الذكية، وتحليل البيانات الصحية وهو ما يتطلب وضع سياسات واضحة للاستفادة من هذه الأدوات في تحسين مستوي الخدمات الطبية وضمان كفاءتها، مضيفًا أن الابتكار في الطب يُعد أحد أدوات الصحة العامة، حيث أن الابتكار في الطب، ركيزة أساسية يجب دعمها من خلال تعزيز قدرات البحث العلمي، والارتقاء بإمكانيات المراكز البحثية المتعددة؛ لتطوير علاجات وتقنيات محلية الصنع تتماشى مع احتياجات المواطن المصري.
وأشار الدكتور خالد عبدالغفار إلى أن الابتكار الطبي فتح آفاقًا واعدة لعلاجات متقدمة تُسهم في تحسين جودة الحياة، مثل استخدام الخلايا الجذعية المُعدلة جينيًا لعلاج فقر الدم المنجلي، والأطراف الصناعية الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب التوسع في تطبيقات الطب الشخصي (Precision Medicine)، والرقابة الصحية الذاتية عبر الأجهزة القابلة للارتداء (wearables) المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وكذلك تطوير المستشفيات الذكية التي تعزز كفاءة الخدمات الصحية.
وتابع نائب رئيس مجلس الوزراء، أن التكنولوجيا في المجال الطبي ليست قاصرة فقط على الكشف والتشخيص، ولكنها تشمل كل النواحي مثل الابتكار في التعليم الطبي والذي يتطلب الآن توفير مناهج تعليمية تفاعلية قائمة على التكنولوجيا الحديثة، والتفكير النقدي، والتعليم القائم على الكفاءات، بما يؤهل الطبيب المصري للمنافسة إقليميًا وعالميًا، كما أن تطوير التدريب الطبي المستمر ضرورة لتمكين مختلف أعضاء الفرق الصحية من تقديم رعاية صحية قائمة على الأدلة والبراهين.
واختتم نائب رئيس مجلس الوزراء كلمته، بأن انعقاد هذا المؤتمر تحت مظلة طب القصر العيني هو تأكيد جديد على أن مصر تمتلك مؤسسات تعليمية وطبية قادرة على قيادة التغيير وصناعة المستقبل، معربًا عن أمله في أن تسفر مناقشات هذا الحدث العلمي الكبير عن رؤى وتوصيات عملية تسهم في دعم خطط الدولة الطموحة لتطوير القطاع الصحي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وفي كلمته، ثمن الدكتور أيمن عاشور الرؤية الطموحة للمؤتمر، لمستقبل طبي يرتكز على الابتكار والاعتماد على القدرات الذاتية، مؤكدًا التزام الوزارة بدورها المحوري في تطوير التعليم الطبي، وتعزيز البحث العلمي، وتطوير التدريب الإكلينيكي، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية نحو بناء منظومة صحية مبتكرة ومستقلة، مؤكدًا أن التحول نحو التصنيع الطبي المحلي لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة حتمية؛ لضمان الأمن الصحي والاقتصادي.
وأشار الوزير إلى أهمية هذا المؤتمر باعتباره منصة علمية تفتح آفاق التعاون بين مؤسسات التعليم والبحث من جهة، وقطاع الصناعة من جهة أخرى، للعمل على تسريع توطين الصناعات الطبية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما يسهم في تعزيز الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد الوطني، مؤكدًا استمرار تقديم الدعم لمستشفيات قصر العيني، باعتبارها صرحًا تعليميًا وعلاجيًا رائدًا، يسهم بفعالية في خدمة المجتمع خاصة في قطاع الصحة.
وأشاد الدكتور أيمن عاشور بإطلاق البرنامج التدريبي بقصر العيني، والذي يُعد نموذجًا ناجحًا للتكامل الأكاديمي الدولي، ورافدًا مهمًا لتطوير منظومة التعليم الطبي، موضحًا أن هذه المساعي تهدف إلى تعزيز الرؤية الوطنية لتحديث التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال دعم الجامعات للتحول نحو الجيل الخامس، وتعزيز قدراتها في الابتكار والتنافسية.
ولفت الوزير إلى أن ما نشهده اليوم يعكس بوضوح حجم التطور الذي تشهده مستشفيات قصر العيني، سواء على مستوى البنية التحتية الحديثة، أو إدخال التقنيات الذكية، وعلى رأسها الروبوت الجراحي الذي يمثل نقلة في الخدمات العلاجية ويجسد تقدم مصر في تطبيقات الطب الحديث، بالإضافة إلى ابتكار حلقات مطاطية استخدمت لعلاج السمنة، وهو تطور واعد في مجال الجراحة، مشيرًا إلى أن كلية الطب بجامعة القاهرة، تخرج منها العديد من الأطباء الأكفاء الذين حملوا لواء رسالة الطب في مصر وخارجها، كما تقدم مستشفياتها الخدمات الطبية والعلاجية لملايين المرضى سنويًا.
وسلط الوزير الضوء على عدد من الإنجازات البارزة التي يحققها القطاع الطبي في الجامعات المصرية، وتسهم في ترسيخ مكانة مصر على خريطة التعليم العالي عالميًا، ففي تصنيف "شنغهاي" الدولي، تم إدراج 13 جامعة مصرية في مجال علوم الصيدلة، وجاءت في مقدمتها جامعة القاهرة ضمن الفئة من 151 إلى 200 عالميًا، وفي تصنيف التايمز البريطاني لعام 2025، تم إدراج 23 جامعة مصرية في مجالي الطب والصحة العامة، وجاءت جامعة القاهرة ضمن الفئة من 201 إلى 400 عالميًا، كما تم تصنيف 6 جامعات مصرية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم في القطاع الطبي وفقًا لتصنيف QS لعام 2024، وقد تصدرت جامعة القاهرة هذا الإنجاز بحصولها على المرتبة 179 عالميا، وهو ما يعكس ريادتها التاريخية ودورها المحوري في دعم منظومة التعليم والبحث الطبي في مصر والمنطقة.
كما سلط الوزير الضوء على أحد أبرز إنجازات البحث العلمي في مصر، وهو ما تحقق في القطاع الطبي، الذي يعد من أكثر القطاعات الحيوية تأثيرًا على المستوى العالمي، فبحسب قاعدة بيانات "سيفال"، بلغ إسهام القطاع الطبي في مصر نسبة 23.4% من إجمالي النشر العلمي خلال الفترة من 2021 إلى 2024، ليحتل بذلك الصدارة بين مختلف التخصصات العلمية، وهو ما يعكس التقدم الكبير في البحث الطبي، والتعليم الصحي، وخدمة المجتمع، وقد كان لكلية الطب بجامعة القاهرة دورًا بارزًا في هذا الإنجاز، حيث ساهمت الكلية بنحو 9000 بحثًا علميًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وفي ختام كلمته، أعرب الدكتور أيمن عاشور عن تمنياته بنجاح المؤتمر، وأن يحظى بمشاركة فاعلة في جلساته العلمية، وتبادل المعارف والخبرات والانخراط في حوار بناء يؤدي إلى حلول طبية مبتكرة تعزّز من قدراتنا الوطنية، وتسهم في تحقيق السيادة الصحية وبناء منظومة طبية أكثر تقدمًا.
ومن جانبه، أشار الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، إلى تاريخ كلية طب قصر العيني كأعرق مستشفى جامعي ودوره منذ نشأته، وأكد أن الجامعة تراعي في خطتها تحقيق أهداف الدولة المصرية في التنمية المستدامة ودعم الابتكار والبحث العلمي، ومواكبة ما يشهده العالم من تطورات، مثمنًا دعم الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسي، واستثمارها في بناء الإنسان المصري، لافتًا إلى أن هذا المؤتمر يعكس إيمان الجامعة بدور الابتكار في تطوير القطاع الطبي، ونراهن على شباب وعقول قصر العيني وإرادتهم وقدرتهم على ربط العلم بالتطبيق، انطلاقًا من إرث جامعة القاهرة الكبير كجسر بين الماضي العريق والمستقبل، مشيرًا لتطلعه لأن تخدم توصيات المؤتمر أهداف التنمية المستدامة للدولة المصرية.
واستعرض رئيس الجامعة خطوات الجامعة لدعم الابتكار، بتأسيس شركة لدعم الابتكار كأول شركة من هذا النوع، وقد تقدم لها 135 فكرة متميزة تقدمت لها بما في ذلك كلية الطب، وكذلك التعاون مع قطاع الصناعة والأعمال لتحويلها لابتكارات تطبيقية، إيمانًا بدعم البحث التطبيقي، وكذلك إصدار سياسة جامعة القاهرة للملكية الفكرية، وإنشاء مكتب حماية حقوق الملكية الفكرية، وإطلاق استراتيجية جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي، لتحفيز الابتكار وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن دعم تدريب أعضاء هيئة التدريس على الذكاء الاصطناعي، والمجالات البحثية التطبيقية، وتوسيع مشاركة الجامعة في خدمة المجتمع من خلال العديد من المشروعات عبر مبادرة "تحالف وتنمية".
وأوضح الدكتور حسام صلاح عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات ورئيس المؤتمر، أن قصر العيني ليس مجرد بناءً بل مؤسسة طبية عريقة تقدم خدماتها العلاجية على مر الزمان، مشيرًا إلى أن الجامعة تدعم مجالات البحث العلمي والمشروعات الابتكارية التي تعتمد على التكنولوجيات الحديثة، لتمكين الطلاب من امتلاك مجموعة من المهارات والمعارف والخبرات الأكثر ارتباطًا بالابتكار، مستعرضًا التحديات التي تواجه حوكمة التعليم الطبي، كما استعرض أبرز الشراكات مع الجامعات الدولية المرموقة وتقديم برامج دراسية حديثة وإنشاء مسار طبي باللغة الفرنسية يبدأ بداية من العام الدراسي القادم 2025/2026، لتعزيز دور مصر الريادي في القارة الإفريقية، كما استعرض التجهيزات ورفع كفاءة مستشفيات جامعة القاهرة لتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وكذلك استعرض الإنجازات العلمية التي حققتها الكلية خلال الفترة الماضية، وأبرز الأنشطة التدريبية للطلاب والباحثين لرفع مهاراتهم، وتعديل اللوائح الدراسية لمواكبة التطورات الحديثة في مجال الطب.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر العلمي السنوي لكلية طب قصر العيني، يمثل منصة تفاعلية لبحث التحديات واستكشاف الفرص في بناء منظومة طبية حديثة قائمة على البحث العلمي والتطوير، ويشارك في المؤتمر نخبة من الأساتذة والأطباء والخبراء المحليين والدوليين، بهدف تبادل الرؤى والمقترحات حول مستقبل الطب وتطوراته، واستعراض أحدث الاتجاهات العلمية والتقنية.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز البحث التطبيقي، وتسليط الضوء على التكامل بين المعرفة الأكاديمية والابتكار التقني، بما يسهم في دعم إنتاج الأدوية والأجهزة الطبية محليًا وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الصحي، ومناقشة الابتكار في التعليم والتدريب الطبي، وتطوير الرعاية الصحية من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار في الطب، والصحة العامة والمشاركة المجتمعية في عصر الابتكار.
كما شهد المؤتمر عقد عدة ورش تحضيرية على هامش فعالياته، تناولت أحدث تقنيات التصوير الطبي، والابتكار في جراحات المناظير والروبوت، والممارسات الحديثة في إدارة العدوى، والتعليم الطبي، ودعم البحث العلمي، إضافة إلى التدخلات الدقيقة في تخصصات طب الأعصاب، والأطفال، والطوارئ، والصحة العامة.
وعلى هامش المؤتمر، تم تكريم نخبة من الأساتذة والخبراء بكلية الطب جامعة القاهرة، لإسهاماتهم العلمية البارزة.