اشتدت حدة المواجهة في الضفة الغربية المحتلة ظل حرب الإبادة ضد قطاع غزة، مع قيام المقاومين الفلسطينيين بهجمات أكثر جرأة وتطورا، ومع زيادة جيش الاحتلال لنطاق غاراته على المدن الفلسطينية.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها إن "إطلاق النار الذي نفذه مواطن أردني وقتل ثلاثة إسرائيليين يوم الأحد عند معبر حدودي شديد التحصين في الضفة الغربية جاء بعد ثلاث محاولات أخيرة من قبل مسلحين فلسطينيين، بما في ذلك من حماس، لتفجير سيارات مفخخة في الأراضي المحتلة".



وأضافت أن "حماس وحليفتها الجهاد الإسلامي الفلسطيني أعلنتا الشهر الماضي، عن محاولة تفجير انتحاري في تل أبيب قالت الشرطة الإسرائيلية إن المهاجم جاء من الضفة الغربية. وبعد أقل من أسبوعين، قتل إطلاق نار من سيارة مسرعة ثلاثة ضباط شرطة إسرائيليين في جنوب الضفة الغربية".


وأوضحت أنه بحسب المحللين، فإن "العنف يشكل في مجمله أكثر سلسلة هجمات معقدة تتعلق بالضفة الغربية المضطربة منذ سنوات".

وذكرت أنه "في حين اعتُبر هجوم الأحد على الحدود عملا فرديا بنوايا غير واضحة، فإن الحلقات الأخرى تشير إلى أن الجماعات المسلحة طورت قدرات تقنية ولوجستية وتنظيمية جديدة على الرغم من الجهود الإسرائيلية المكثفة لاحتواء تمردها".

وقال إبراهيم دلالشة، مدير مركز هورايزون، وهي مجموعة بحثية مقرها رام الله في الضفة الغربية: "إذا قارنت ما حدث في الأسابيع الأخيرة بما كان يحدث على مدى العقد الماضي، يمكنك أن ترى جهدا أكثر تنظيما لتنفيذ الهجمات".

وأضاف دلالشة: "إن وجود مفجر يحمل قنبلة في حقيبة ظهره، ويتجول في شوارع تل أبيب، هو علامة على وجود شبكة تدعم بالفعل حدوث شيء من هذا القبيل".

وأكدت الصحيفة أن "التصعيد يأتي في الوقت الذي تكافح فيه إسرائيل لاحتواء معارك أوسع نطاقا ليس فقط في غزة ولكن أيضا مع حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فضلا عن إيران، راعيتهم، وهذه العداوات بما في ذلك في الضفة الغربية، سبقت الحرب في غزة بفترة طويلة، لكنها اشتدت منذ بدأت الحرب الأخيرة بين حماس وإسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر، ومن غير المرجح أن تهدأ حتى يتوصل الجانبان إلى هدنة في غزة".

وتسلط الصراعات الضوء على كيف أدت حرب غزة إلى تفاقم الغضب الإقليمي تجاه "إسرائيل" وأدت إلى قائمة متزايدة من الحلقات غير العادية وغير المتوقعة، وتشمل هذه الهجمات الصاروخية الباليستية التي أطلقتها إيران تجاه الأراضي المحتلة في نيسان/ أبريل بعد أن ضرب مجمعا إيرانيا في سوريا؛ ومسيّرة أطلقت من اليمن على تل أبيب في يوليو/ تموز والهجوم النادر الذي شنه أردني يوم الأحد.

وقال ألون بينكاس، المعلق السياسي الإسرائيلي والسفير السابق: إن هذه الأحداث أصبحت أكثر ترجيحا مع استمرار الحرب، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الداخلية لـ "إسرائيل" والضعف الخارجي.
وأضاف بينكاس: "هناك الكثير من الأشياء التي تأتي من اليسار، أعداء إسرائيل يشعرون بوجود فرصة، إنهم يشعرون بوجود ضعف ويشعرون بوجود قلق وخوف ... ويشجعهم ويقويهم ما يجري في الشارع العربي وما يرون مما ترتكبه إسرائيل في غزة". 

وأكد المقاومون في الضفة الغربية إن "القتال في غزة شجعهم على أن يصبحوا أكثر نشاطا، مما أعطى زخما لنضالهم المستمر منذ سنوات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي كثير من الحالات، وجود إسرائيل ذاته"، بحسب الصحيفة.


 وتُظهِر استطلاعات الرأي دعما واسع النطاق في الضفة الغربية للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على "إسرائيل" في بداية الحرب.

منذ السابع من تشرين الأول، تأججت مشاعر الغضب الفلسطيني بسبب الإجراءات الإسرائيلية، بما في ذلك الغارات العسكرية على معاقل المقاومين والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 600 شخص، وفقا للأمم المتحدة، وإغلاق الطرق على نطاق واسع، إضافة إلى هجمات المتطرفين المستوطنين. 

كما أدى تفويض الحكومة الإسرائيلية لبناء المزيد من المستوطنات، وقرار منح زعماء المستوطنين اليمينيين المتطرفين دورا أكبر في حكم الضفة الغربية، إلى تأجيج التوترات.

ويعزو المحللون جزئيا "الهجمات المعقدة المتزايدة التي يشنها المسلحون إلى الدعم من إيران، التي تمول وتسلح بعض المسلحين في الضفة الغربية. كما يستشهدون بضعف السلطة الفلسطينية، وهي الهيئة شبه المستقلة التي تدير المدن الفلسطينية في المنطقة والتي تكافح لاحتواء المسلحين".

ولإحباط العلميات الفلسطينية، منعت "إسرائيل" أيضا أكثر من 100 ألف فلسطيني من العمل في "إسرائيل"، الأمر الذي أدى إلى قطع شريان الحياة الاقتصادي الحيوي لسكان يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة وخلق شعور باليأس بين العديد من سكان الضفة الغربية.

في ظل الحروب الدائرة بالفعل في غزة وعلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية، يقول مايكل ميلشتاين، المحلل الإسرائيلي للشؤون الفلسطينية، عن الوضع في الضفة الغربية: "نحن على الطريق إلى جبهة ثالثة. إنها تشبه إلى حد كبير قصة الضفدع والقدر المغلي. كل يوم وكل أسبوع، ترتفع درجة الحرارة".

وقعت العديد من العلميات مؤخرا في الضفة الغربية بينما شن الجيش الإسرائيلي بعضا من أكثر عملياته توسعا منذ سنوات في مدينتي جنين وطولكرم الفلسطينيتين، وكذلك في وادي الأردن، وكلها معاقل للجماعات المسلحة الفلسطينية.

أمضى مئات الجنود الإسرائيليين أياما في كلتا المدينتين هذا الشهر، واشتبكوا مع المقاتلين، وقتلوا العشرات واقتلعوا الشوارع والبنية الأساسية فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه بحث عن متفجرات وأفخاخ مخفية. ترك العديد من المدنيين محاصرين في منازلهم بدون مياه جارية أو إنترنت، وسط أضرار جسيمة لحقت بالمنازل والشركات وخطوط المياه.

وقال المحللون الإسرائيليون والجيش إن الغارات كانت تهدف إلى إحباط نفس أنواع الهجمات التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة.


كتب يوسي يهوشوا، مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، وهي صحيفة وسطية، إن الغارات الإسرائيلية تهدف إلى "تحييد القنبلة الاستراتيجية التي تدق في يهودا والسامرة"، مستخدما مصطلحا إسرائيليا للإشارة إلى الضفة الغربية. "يهودا والسامرة هي قطاع من الجمر الهامس الذي يجب منعه من الاشتعال بشدة".

بالنسبة للفلسطينيين، فإن "الغارات الإسرائيلية لا تؤدي إلا إلى زيادة العداء الفلسطيني تجاه الاحتلال الإسرائيلي، ولم تفعل الكثير لكبح قدرات المسلحين. بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنين الأسبوع الماضي، قامت فرقة من عدة عشرات من المسلحين بمسيرة عبر المدينة وهم يحملون بنادق هجومية، ويبدو أنهم لم يخافوا، وفقا لفيديو استعرضته صحيفة نيويورك تايمز".

وقال دلالشة إن العمليات الإسرائيلية "قد تكون قادرة على الحد من عدد المسلحين هنا وهناك. ولكن الحقيقة هي أنه في ظل الظروف الحالية، لا أعتقد أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى خفض التصعيد. في الواقع، أعتقد أن الأسوأ لم يأت بعد، ما لم نضع نهاية للحرب في غزة".

وهذه وجهة نظر يتقاسمها المحللون الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء. ويقول ميلشتاين: "إن التصعيد المتزايد هو مجرد مسألة وقت".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الضفة الغربية غزة الفلسطينيين الاحتلال إسرائيليين إسرائيل فلسطين غزة الضفة الغربية الاحتلال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

أزمة مياه في الضفة الغربية: سكان سوسيا يتهمون مستوطنين بتخريب مصادر الإمداد

قالت السلطات الفلسطينية إن هذه الحوادث تندرج ضمن ما وصفته بمحاولات دفع السكان المحليين إلى مغادرة أراضيهم. اعلان

تشهد قرية سوسيا الواقعة جنوبي مدينة الخليل في الضفة الغربية توتراً متصاعداً، على خلفية تقارير تتحدث عن عمليات تخريب طالت مصادر المياه والبُنى التحتية، نُسبت إلى مستوطنين إسرائيليين في المنطقة.

ونقلت وكالة "رويترز" عن عدد من سكان القرية أن الحوادث الأخيرة شملت اقتلاع أشجار زيتون، وعبثاً بخزانات المياه، وقطعاً لخطوط الكهرباء. وقال موسى مغنم (67 عاماً)، في حديثه مع الوكالة، إن "مجموعة من المستوطنين اقتحمت القرية وعبثت بخزانات المياه والأسلاك الكهربائية"، مضيفاً أن "الوضع يزداد صعوبة مع انقطاع الماء والكهرباء المتكرر".

وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد العنف في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023، تاريخ اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

من جانبها، قالت السلطات الفلسطينية إن هذه الحوادث تندرج ضمن ما وصفته بمحاولات دفع السكان المحليين إلى مغادرة أراضيهم. فيما صرّح جهاد النواجعة، رئيس مجلس قروي سوسيا، بأن "الوضع المائي في القرية أصبح لا يُحتمل، وهو ما يُهدد إمكانية بقاء السكان في المنطقة"، بحسب تعبيره.

وأفاد سكان محليون أن أعمال التخريب أثرت أيضاً على نشاط الرعي وقطاعات زراعية أخرى تمثّل مصدر دخل رئيسياً لهم.

Related الحكومة الإسرائيلية تعلن عن مشروع استيطاني ضخم يضم 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربيةمستوطنون إسرائيليون يهاجمون قرية الطيبة بالضفة الغربية ويشعلون النار في مركبات الفلسطينيينمستوطن إسرائيلي يقتل ناشطًا فلسطينيًا شارك في فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار

وفي تعليق للجيش الإسرائيلي على استفسار "رويترز" بشأن الأحداث الأخيرة في سوسيا، أفادت المؤسسة العسكرية بأنها "أرسلت قوات إلى الموقع لمعالجة أي اضطرابات"، وتم بحسب البيان "إبعاد الإسرائيليين المتورطين"، دون تسجيل إصابات.

وتُعد شجرة الزيتون عنصراً رمزياً في الثقافة الزراعية الفلسطينية، وتقول نجاح مغنم (60 عاماً)، وهي من سكان القرية: "حتى لو لحقت الأضرار بالأشجار، لن نغادر أرضنا".

وبحسب ما وثّقته منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 54 حادثة مرتبطة بمستوطنين في قرية سوسيا منذ السابع من أكتوبر.

وتقول فوزية النواجعة (58 عاماً)، وهي من سكان سوسيا، إن "الأوضاع باتت مقلقة"، مشيرة إلى أن "التوتر يسود حياة الأهالي ليلاً ونهاراً".

يُذكر أن سكان سوسيا يواجهون منذ عقود تحديات قانونية ومعيشية تتعلق بوضع الأراضي والبناء. ففي عام 1986، تم إجلاء سكان الكهوف في المنطقة عقب إعلانها موقعاً أثرياً، ما دفعهم للانتقال إلى خيام ومساكن مؤقتة.

وتقع سوسيا ضمن المنطقة المصنفة "ج" في الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية منذ اتفاقات أوسلو، وتحيط بها مستوطنة إسرائيلية من الجنوب وموقع أثري من الشمال، في منطقة تسيطر عليها إسرائيل منذ عام 1967.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • تايمز: الضفة الغربية في قلب معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • 26 شهيدًا في الضفة الغربية خلال يوليو الحالي برصاص الاحتلال
  • أزمة مياه في الضفة الغربية: سكان سوسيا يتهمون مستوطنين بتخريب مصادر الإمداد
  • جمال عبد الجواد: الفلسطينيون أمام اختبار تاريخي.. وسلام مصر مع إسرائيل الأكثر شرفا وعدلا
  • قوات الاحتلال تعتقل 21 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 21 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية
  • 15 عملًا للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال الـ 24 ساعة الأخيرة
  • فرنسا تصف مقتل بطل فيلم «لا أرض أخرى» في الضفة الغربية بـ العمل الإرهابي
  • فرنسا تصف عنف المستوطنين في الضفة الغربية بـ"الأعمال الإرهابية"
  • تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية بالتزامن مع الحرب على غزة