9 أشياء فضحتها لغة الجسد في مناظرة هاريس وترامب
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
حظيت المناظرة التي جمعت بين المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، ومنافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بالكثير من الاهتمام، إذ أغرقها العديد من المحللين والمراقبين بآرائهم واستنتاجاتهم، بيد أن أحد خبراء لغة الجسد البارزين، أوضح أن المتنافيسن كشفا عن الكثير من الأمور عبر الإيماءات والحركات الجسدية.
وأشار جو نافارو، الذي كان موظفا سابقا في وكالة التحقيقات الفدرالية، إلى أن مبادرة هاريس إلى مصافحة ترامب توحي بأن نائبة الرئيس الحالي، "سجلت بعض النقاط" على الرئيس الجمهوري السابق الذي "بدا مترددا" في مد يده.
واعتبر نافارو في مقال نشرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية، أن هاريس "حصلت على ما أرادت"، مشددا على أن "المصافحة هي أكثر من مجرد تحية.. فهي وسيلة لنقل الأدب والكياسة من شخص إلى آخر".
وتابع: "عندما بادرت هاريس إلى المصافحة، جسدت رسالتها عن الوحدة بدلا من الانقسام، وأظهرت أنها لم تكن خائفة من مواجهة ترامب. لقد فاجأته عندما عادت إلى منصتها على المسرح، كانت هناك ابتسامة كبيرة على محياها، فقد حصلت على ما تريد، وكانت تعي ذلك".
توتر في الرقبة والحنجرةواعتبر الخبير أن التوتر والقلق كانا باديان على هاريس لدى إجابتها على أول سؤال طرح عليها، لافتا إلى أنه كان من الممكن ملاحظة ذلك من خلال "عضلات رقبتها وطريقة بلع ريقها".
ونوه بأن تلك الإيماءات الجسدية "تعد نوعا من التوتر العصبي الذي ينتقص كثيرا من مظهر الثقة"، مضيفا: "رغم أن الأمر لم يكن واضحا، فإنه لا يمكن إخفاؤه عن العين الخبيرة، وقد استغرق الأمر وقتًا أطول من المتوقع لتبديد ذلك التوتر".
أما ترامب فقد ظهر أكثر هدوءًا وأقل توترًا في البداية، وذلك على الرغم من أن هاريس تعافت من القلق مع استمرار المناظرة.
لغة العيونتحاشى ترامب النظر مباشرة إلى منافسته الديمقراطية، متفاخرا بانتصاره على رئيسها جو بايدن، قبل نحو 3 أشهر.
ووفقا لنافارو، فإن "الرئيس السابق كان حريصا على التحديق أمامه مباشرة، وكأن النظر إلى هاريس سيشكل نقطة ضعف له".
وتابع الخبير: " تتطلب مواصفات القيادة الجيدة مواجهة الخصم وجهاً لوجه، وبالتالي فإن رفض ترامب النظر في عيني هاريس لمدة 90 دقيقة تقريبًا يمكن قراءته بطرق عديدة: كشكل من أشكال اللامبالاة، أو عدم الاحترام، أو حتى الخوف من أن ذلك قد يجعله بطريقة ما منزعجًا".
وعلى النقيض من ذلك، نظرت هاريس مباشرة إلى ترامب عندما تحدثت، وكانت تخاطبه بشكل مباشر في بعض الأحيان، حيث أظهرت أنها "لا تخشى النظر في عينيه، أو التواصل معه، أو تحديه بشكل مباشر".
ذقن هاريس.. والتعجبعندما اتهم ترامب هاريس بأنها "ماركسية" بسبب المسيرة الأكاديمية لوالدها، نظرت إليه ويدها على ذقنها وكأنها "تكذّبه بشكل مطلق".
وقال نافاور إن تلك الحركة "كانت طريقة لافتة للنظر بشكل متعمد، لتقول بصمت: (لا أستطيع حتى أن أصدق ما تقوله)".
وشدد الخبير على أن هاريس استخدمت نفس الحركة عدة مرات عندما كان ترامب يقول أمورا اعتبرتها شائنة، مضيفا: "لا أستطيع أن أتذكر مناظرة رئاسية أخرى خلال 50 عامًا رأينا فيها مثل هذا السلوك، وهذا يقول أمرا عن هاريس واستعدادها لنقل مشاعرها بشكل مباشر وصريح، ودون خوف، والنظر إلى ترامب بتركيز شديد".
الشفاه المزمومةغالبًا ما يظهر ترامب، حسب نافارو، "سلوكًا غريبًا بشكل جلي تمامًا عندما يسمع أمرا لا يعجبه، فهو يطبق شفتيه وكأنه على وشك التقبيل، ويرتبط هذا السلوك عادةً بعدم الإعجاب أو الخلاف".
وأوضح أن هذا التصرف أصبح سمة بارزة لدى ترامب، قائلا: "رأينا ذلك عندما واجه العديد من موظفيه السابقين، الذين لم يعودوا يدعمونه".
حسب نافارو، فإن المرء لا يستطيع في بعض الأحيان سوى الضحك عندما يسمع حديثا فظيعا لا يستحق التعليق عليه بشكل فوري.
وضرب مثلا فقال إن هاريس "ضحكت عندما زعم ترامب دون دليل أن المهاجرين يأكلون الحيوانات الأليفة للأميركيين".
واعتبر نافارو أن تلك الضحكة "شكلت تناقضا واضحا مع النبرة الجادة" التي كان يتحدث بها المرشح الجمهوري بشأن الموضوع، مضيفا: "الاستخدام للتباين العاطفي يقوض حجة ترامب. لقد رأيت نفس هذه التقنية في المحكمة، عندما يستخدم المحامون الفكاهة للمطالبة بتخفيف عقوبات كبيرة.. وربما تعلمت هاريس هذه التقنية في عملها كمدعية عامة".
ابتسامة "الجوكر"عندما كان ترامب يسمع أمورا تزعجه بشده خلال المناظرة - مثل انتقاده لدوره في أحداث اقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير 2020 - كان يمط شفيته بابتسامة ضيقة مبالغ فيها مع رفع حاجبيه، بما يذكر بشخصية "الجوكر" الشهيرة، حسب المقال.
ونوه الخبير بأن ابتسامات كل من ترامب وهاريس خلال المناظرة كانت مثل "ابتسامة الجوكر"، والمقصود منها أن تكون بمثابة لفتة استخفاف، مليئة بالسخرية أو الازدراء.
ونبه نافارو إلى أنه في الابتسامة الحقيقية التي تعرف باسم "ابتسامة دوشين"، تتجعد العيون بشكل طبيعي، لكن مع ترامب، فإن "ثبات شفتيه كشف عن زيف التعبير. وهو سلوك أظهره في المناظرات السابقة أيضًا، وهو أمر فريد من نوعه، إذ لم أره عند أي مرشح سياسي آخر".
الرمش كثيراوهذه الحركة كانت مشتركة بشكل واضح بين ترامب وهاريس، وفق كلام نافارو، الذي عدها شيئا مثيرا للاهتمام لأنهما كان يقومان بذلك عندما يسمعان أمرا "يجدانه سخيفا".
وزاد: "غالبًا ما نستخدم الرمش المتكرر لإظهار الخلاف أو عدم التصديق. إنه سلوك تواصل فعال لأنه مرئي للغاية، ولا يعطل تدفق الاتصال. وقد أظهر المرشحان هذا السلوك (خلال المناظرة)".
وتابع: "فعلت هاريس ذلك بشكل ملحوظ عندما اتهمها ترامب بنسخ خطط بايدن السياسية.. وقد استخدمت الرمش لرفض حجته بشكل غير لفظي باعتبارها غير جادة".
لا مصافحة أخرىانتهت المناظرة دون مصافحة الخصمين كما حدث في بدايتها، إذ غادر ترامب منصته مسرعا، بينما كانت هاريس تلملم أوراقها.
ويبدو من ذلك التصرف أن الرئيس الجمهوري السابق، لم يكن مستعدا لمجاملة نائبة الرئيس الحالي، وبالتالي فإن المغادرة دون مصافحة هو "أفضل ما كنا نأمله"، حسب تعبير نافارو.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: خلال المناظرة دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
يقدّم الكاتب والباحث المصري جمال سلطان في هذا المقال، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحته في فيسبوك، قراءةً حميمة ومكثّفة في سيرة واحد من أكثر المثقفين العرب إثارة للجدل وحضورا في معارك الوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين: محمد جلال كشك.
فمن خلال استعادة شخصية كشك وتجربته الفكرية وتقلباته وتحولاته وصراعاته، لا يكتب سلطان مجرد شهادة شخصية، بل يعيد تفكيك مشهد ثقافي وسياسي كامل، كانت فيه مصر ـ والعالم العربي ـ تتشكل تحت وطأة الإيديولوجيات الكبرى، والمشاريع السلطوية، وصدامات الهوية، ومحاولات التأريخ والهيمنة على الذاكرة.
تتكشّف في هذه السطور صورة كاتب عركته التجارب، واشتعل بالأسئلة، وامتلك جرأة لا تلين في مواجهة ما اعتبره زيفا أو تزويرا للوعي، حتى آخر لحظة في حياته.
طاقة صحفية وفكرية مذهلة
كنت في شبابي مغرما بالكاتب الراحل الكبير محمد جلال كشك، وما زلت، كان الرجل طاقة صحفية وفكرية مذهلة، ولديه صبر ودأب على القراءة والكتابة بشكل تحار فيه العقول، ويكفي أنه كان يقرأ كتب الراحل الكبير أيضا محمد حسنين هيكل ويجري مقارنات صبورة بين ما يكتبه هيكل في النسخة الانجليزية التي تصدر للتسويق الخارجي وما يكتبه في النسخة العربية ، ليكشف عن تناقضات في الروايتين، وهو جهد صعب للغاية، كما كان كتابه المهم "ودخلت الخيل الأزهر" أهم موسوعة حديثة في تسجيل جرائم الغزو الفرنسي لمصر، والعملاء الذين خدموه في الداخل، والكتاب أثار ضجة في حينه، كما كان كتاباه: كلمتي للمغفلين، وثورة يوليو الأمريكية، من أخطر الكتب التي صدرت عن تجربة ثورة يوليو وعبد الناصر، وهو ما قلب عليه القوميين والناصريين بشدة، وهو كان يبادلهم كراهية بكراهية وله كتابات أخرى في هذه المعارك .
لذلك كانت سعادتي كبيرة عندما قدمتني له الكاتبة الكبيرة صافي ناز كاظم، خاصة عندما قرأ كتابا لي صدر في أول التسعينات الماضية "أزمة الحوار الديني"، وأبدى إعجابه الشديد به، وكان مندهشا أن كاتبا شابا يكتب بتلك اللغة والمعلومات، ودعاني لزيارته في شقته بالزمالك وأكرمني كرما حاتميا مما جعلني أحكي تلك "العزومة" الفاخرة لصافي ناز على سبيل التباهي بأنها أتتني من كاتب كبير في قيمة وقامة جلال كشك، فلما بلغه كلامي وغزلي في العزومة غضب، واعتبر أن "العزومة" وما فيها من أسرار البيوت وأنني بذلك لم أحترم بروتوكل الزيارات، فلم يكررها ثانية، وبصراحة كان محقا في ذلك وقد تعلمت من هذا الموقف فيما بعد، لكني وقتها خسرت الكثير من الحمام المحشي والمشوي وخلافه، رغم أنه ـ رحمه الله ـ لم يكن يأكل إلا قليلا بسبب إصابته بالسكر والكوليسترول وأمراض أخرى اجتمعت عليه .
شهدت أفكار محمد جلال كشك تحولات، مثل تحولات عبد الوهاب المسيري وعادل حسين وطارق البشري وجيل كبير من المثقفين المصريين، بدأ حياته الفكرية والسياسية ماركسيا وكان من مؤسسي الحزب الشيوعي، ثم تركه وتركهم وقدم نقدا عنيفا للماركسية ومنظماتها في الستينيات ونشر سلسلة مقالات أزعجت الاتحاد السوفيتي، حتى ردت عليه صحيفة البرافدا واعتبرت أن وجود جلال كشك في الصحافة المصرية هو إساءة للاتحاد السوفييتي، وكانت علاقات عبد الناصر وقتها قد توثقت بموسكو، فأوقفه عبد الناصر عن الكتابة وعن العمل كلية ثلاث سنوات كاملة، ولم يعد إلا بعد النكسة، فعاد إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم ترك مصر كلها وهاجر، وقضى حقبة من حياته في بيروت في حالة لجوء اختياري بعد مضايقات عصر السادات، حتى كانت الثمانينيات حاسمة في توجهه إلى الفكرة الإسلامية، والانحياز للإسلام كحضارة وهوية للأمة وشرط لنهضتها.
لم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.كان جلال كشك يجمع بين الجدية والصرامة في الكتابة وبين خفة الظل والصراحة في المواجهة، وعندما ابتلي في سنواته الأخيرة بسرطان البروستاتا، كان يتردد على لندن للعلاج والفحص، وفي آخر زيارة طبية، أجرى التحاليل، فقال له الطبيب أن أمامه ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر فقط في الدنيا ثم يموت، ويومها كتب مقالا مؤثرا للغاية في مجلة أكتوبر، وكان لها شأن في تلك الأوقات، كان عنوانه "أنعي لكم نفسي"، وحكى فيه ما جرى وأنه ينتظر الموت خلال ستة أشهر على الأكثر، هي كل ما بقي له من الدنيا، ويودع قراءه، ورغم الحزن والمفاجأة، إلا أنه لم يتخل عن خفة ظله في هذا المقال، فحكى فيه أنه بعد أن تسلم من المستشفى اللندني التحليل الذي يؤكد قرب وفاته، فوجئ باتصال يأتيه من شركة أمريكية متخصصة في "دفن الموتى"، وقالوا له: مستر جلال نحن لدينا تجهيزات راقية للجنازات، ومقابر مميزة وبأسعار مناسبة ويمكن أن نحجز لك مقبرة تسرك!!، وراح في المقال يلعن سلسفيل جدودهم، ولم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.
كان جلال كشك شرسا في معاركه الفكرية، موسوعي الثقافة، قوي الحجة، حاضر الذهن، صاحب جلد وصبر غير عادي على البحث والكتابة، لذلك كان مزعجا جدا لأكثر من تيار فكري ، وبشكل خاص كان مكروها من الأقباط المتطرفين، ومن استصحبوا الوعي الطائفي من المثقفين في كتاباتهم عن تاريخ مصر، ولذلك كان يكرهه بشدة الناقد المعروف لويس عوض وكذلك غالي شكري ، خاصة وأنه في كتابه "ودخلت الخيل الأزهر" كشف عن دور "المعلم يعقوب" والفيلق القبطي الذي شكله للقتال بجوار الجيش الفرنسي الذي احتل مصر، وكان لويس عوض يثني في كتاباته على "المعلم يعقوب" عميل الاحتلال الفرنسي ويعتبره بطلا .
أيضا، يكرهه الناصريون بشدة، لأنه صاحب أهم الكتب التي كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمته المخابرات الأمريكية "CIA"، لانقلاب ضباط حركة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، وكان كتاباه "كلمتي للمغفلين"، و"ثورة يوليو الأمريكية" أشبه بزلزال ضرب الوعي الخرافي الذي سوقته آلة الدعاية الناصرية على مدار عقود، وذلك بسبب ما حواه الكتاب من وثائق وأدلة دامغة على الاتصالات واللقاءات السرية التي كانت تجري بين عبد الناصر وبعض ضباطه وبين السفارة الأمريكية، والترتيبات الأمريكية لدعم وحماية انقلاب الضباط ومنع جيش الاحتلال الانجليزي من التدخل، حيث كان جيشهم يرابط في منطقة القناة، على بعد ساعة واحدة من القاهرة.
أيضا، كان يحظى بكراهية شديدة من محبي الأستاذ محمد حسنين هيكل، ومجاذيبه، لأنه القلم الوحيد الذي جرؤ على إهانة هيكل وإحراجه، بل وإعلان احتقاره وتحديه، في مقالات كثيرة، وفي كتب أيضا، وكشف تناقضاته، كما كشف تمريره لمعلومات غير صحيحة على الإطلاق، وتعتبر تضليلا للرأي العام، وكان له صبر عجيب في تتبع هيكل وإحراجه، ولذلك كان الناصريون وأنصار هيكل أكثر من شنعوا على جلال كشك، وأطلقوا حوله الشائعات والشبهات، ورموه بالاتهامات المرسلة والسخيفة والكاذبة التي يسهل إطلاقها على أي أحد، بدون أي دليل، محض كراهية وبهتان وتصفية مرارات عالقة في النفوس.
تتفق أو تختلف مع جلال كشك ، الذي توفاه الله في العام 1993 ، إلا أنك لا يمكن أن تتجاهل أن الثقافة العربية والصحافة العربية خسرت بموته قلما جبارا، وطاقة لا تكل ولا تمل من إثارة المعارك الفكرية والصحفية التي أحدثت استنارة حقيقية في جيل بكامله من المثقفين المصريين والعرب أراد البعض لهم أن يرسفوا في أغلال الزيف والبهتان، يرحمه الله .