الهندرة الحزبية ضرورة للإصلاح السياسي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
#الهندرة_الحزبية ضرورة للإصلاح السياسي
بقلم: #جهاد_مساعده
تعد الهندرة الحزبية أو ما يُعرف بإعادة هندسة الأحزاب السياسية إحدى الاستراتيجيات الإصلاحية الرئيسية، وهي خطوة تهدف إلى إعادة تشكيل النظام الحزبي ليصبح أكثر فاعلية وتجاوبًا مع التحديات السياسية والاجتماعية.
وتعتمد الهندرة على تجديد بنية الأحزاب السياسية من الداخل، وتعزيز أدوارها في الحياة السياسية لتصبح مؤثرة وفعالة في عملية صنع القرار.
(01)
العمل الحزبي في الأردن
شهدت الأردن، منذ نشأتها، تنوعًا في التجارب الحزبية تراوحت بين النجاحات الجزئية والتحديات الكبيرة. ومع وجود دستور عصري ضمن حرية تشكيل الأحزاب، إلا أن التفاعل الشعبي مع الأحزاب السياسية كان محدودًا، ما خلق حالة من الفجوة بين المواطنين والأحزاب. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى تجربة الماضي حيث اتسمت العلاقة بين الدولة والأحزاب ببعض الفتور والتوتر في بعض المراحل.
إضافة إلى ذلك، تأثر التفاعل الحزبي بضعف ثقة المواطنين بالأحزاب، وهو ما عزز الحاجة إلى إعادة هندسة هذه الأحزاب وجعلها أكثر تمثيلًا للمواطنين واحتياجاتهم، بما يضمن تعزيز دور الشباب والمرأة إلى العمل الحزبي، وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في القيادة وصنع القرار.
(02)
الهندرة الحزبية
الهندرة الحزبية، أو ما يعرف بإعادة هندسة الأحزاب السياسية، هي عملية شاملة تستهدف إعادة تصميم وتحسين هيكلية الأحزاب السياسية وآليات عملها لضمان قدرتها على التفاعل بشكل أكثر فعالية مع القضايا الوطنية والتحديات المعاصرة.
وتستند الهندرة إلى مبدأ ضرورة مراجعة الأنظمة الداخلية للأحزاب، وضمان تحديثها بما يتماشى مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يعزز من قدرتها على التواصل مع المواطنين وتلبية احتياجاتهم.
فالهندرة الحزبية ليست مجرد تغيير شكلي في هيكلية الحزب أو مواقعه التنظيمية، بل هي عملية إعادة تفكير جذرية وشاملة في أسلوب عمل الحزب وطرقه في اتخاذ القرارات وتنفيذها. وتستهدف هذه العملية تحسين جودة الأداء السياسي، وتعزيز الانفتاح على المجتمع، وتحقيق التوازن بين الالتزام بأيديولوجيا الحزب وبين متطلبات الواقع السياسي المتغير.
وتسعى الهندرة إلى مراجعة آليات صنع القرار داخل الحزب، وتقييم فعالية الهياكل التنظيمية الحالية، وتحديث استراتيجيات الحزب بما يضمن مواكبته للتطورات المحلية والدولية. كما تعنى أيضًا بتحسين القدرات التفاوضية للأحزاب وتعزيز شفافيتها أمام قواعدها الشعبية، مما يسهم في بناء ثقة أكبر بين الحزب والمواطنين.
(02)
دوافع الهندرة الحزبية
هناك عدة عوامل تدفع الأحزاب السياسية إلى تبني هذا المفهوم:
التغيرات السياسية والاجتماعية: تتغير المجتمعات بسرعة، ويتزايد دور التكنولوجيا والاتصالات في تشكيل الرأي العام، لذا، تحتاج الأحزاب إلى التكيف مع هذه التحولات لضمان بقائها فعالة ومؤثرة. انخفاض الثقة الشعبية: تعاني بعض الأحزاب السياسية من تراجع الثقة الشعبية، وهو ما يستدعي مراجعة سياساتها وآلياتها لزيادة تفاعلها مع المواطنين واستعادة هذه الثقة. التحديات الاقتصادية والبيئية: أصبحت الأحزاب اليوم مطالبة بإيجاد حلول مبتكرة وفعالة للتحديات الاقتصادية والبيئية المتزايدة، وهو ما يفرض عليها تبني استراتيجيات جديدة أكثر فعالية واستدامة.(03)
كيف تهندر الأحزاب عملها؟
1. تحليل الوضع الحالي، حيث يبدأ الحزب بتقييم الوضع التنظيمي والسياسي، بما يشمل هيكله الداخلي، علاقته بالمواطنين، واستراتيجياته العامة.
2. تحديد الأهداف، من الضروري وضع أهداف محددة لتحسين أداء الحزب وزيادة تفاعله مع المجتمع بما تضمن هذه الأهداف زيادة الشفافية، تعزيز الديمقراطية الداخلية، وتحسين آليات اتخاذ القرار.
3. تطوير الكفاءات، تحتاج الأحزاب إلى بناء قدراتها التنظيمية والسياسية عبر التدريب والتطوير المستمر لأعضائها، لضمان توافق هذه القدرات مع الأهداف الجديدة.
4. تحديث الهياكل التنظيمية، قد يتطلب الأمر إعادة تنظيم هياكل الحزب لزيادة الكفاءة والمرونة، بما يسمح باتخاذ قرارات أسرع وأكثر فعالية.
5. تعزيز التواصل، يجب على الأحزاب تحسين استراتيجيات التواصل مع المواطنين، سواء من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو وسائل التواصل الاجتماعي، لضمان نقل رسائلها بوضوح وشفافية.
(04)
تحديات الهندرة الحزبية
رغم أن الهندرة الحزبية تمثل خطوة مهمة نحو الإصلاح السياسي في الأردن، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي تعوق تحقيقها بشكل فعال، ومنها:
الثقة الشعبية الضعيفة بالأحزاب: أحد أبرز التحديات هو إعادة بناء الثقة بين المواطنين والأحزاب، خصوصًا مع التاريخ الطويل من التجارب الحزبية غير الناجحة. التمويل الحزبي المحدود: تواجه الكثير من الأحزاب صعوبة في توفير الموارد المالية الكافية لتفعيل برامجها وأنشطتها السياسية. الانقسامات الداخلية: تعاني بعض الأحزاب من انقسامات داخلية وضعف في التنظيم، مما يؤثر على قدرتها في جذب الأعضاء والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.إن الهندرة الحزبية في الأردن ليست مجرد إصلاح شكلي، بل هي عملية ضرورية لتحقيق نظام سياسي فعّال يستجيب لتطلعات الشعب الأردني.
وتتطلب هذه الهندرة إعادة هيكلة الأحزاب من الداخل، وتعزيز دورها في الحياة السياسية، مع ضمان التفاعل الإيجابي مع القضايا الوطنية والدولية.
ورغم التحديات التي واجهتها الأحزاب في خوض انتخابات 2024، فإن العمل الجاد والتزام الأحزب بالهندرة، والعمل على الإصلاح الداخلي لها يمكن أن يؤدي إلى تحسين دورها وجعلها قادرة على المشاركة الفعالة في بناء مستقبل أفضل للوطن.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الأحزاب السیاسیة
إقرأ أيضاً:
التحركات الميدانية في الحوز: بين مقاربة التنمية المستدامة واتهامات الاستغلال السياسي
بقلم: شعيب متوكل
بعد مرور عامين على الزلزال الذي هزّ منطقة الحوز وخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، عادت الأضواء مجددًا إلى المنطقة، ليس بسبب كارثة جديدة، وإنما بفعل زيارات ميدانية مفاجئة قامت بها أحزاب سياسية، جمعيات مدنية، وشخصيات معروفة في المشهد العام. هذه التحركات، التي جاءت بعد فترة من الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية من طرف السكان المتضررين، تثير تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها.
خلال العامين الماضيين، شهدت عدة مناطق متضررة من الزلزال وقفات احتجاجية متكررة، طالب فيها السكان بالإسراع في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، دون أن تلقى تفاعلاً ملموسًا من أغلب الجهات السياسية، باستثناء بعض المداخلات المحدودة تحت قبة البرلمان. هذا الغياب فسّره البعض بالتقصير، فيما رأى آخرون أن طبيعة المرحلة فرضت أولويات وإكراهات حالت دون استجابة شاملة.
ومع عودة الوفود إلى المنطقة في الأيام الأخيرة، تتباين الآراء بين من يرى فيها تفاعلًا إيجابيًا حتى وإن جاء متأخرًا، وبين من يخشى أن يكون مرتبطًا بتحضيرات انتخابية أو حسابات ظرفية. ورغم أن بعض المبادرات تحمل طابعًا تنمويًا أو إنسانيًا، إلا أن توقيتها يظل محل نقاش في أوساط المتتبعين وتفوح منه رائحة العنبر السياسي.
كما أن السكان المحليون، الذين ذاقوا مرارة الزلزال وتبعاته، وذاقو مرارة الصدود عنهم في وقت الحاجة. لم يخفوا شكوكهم إزاء هذه التحركات المفاجئة، متسائلين عن سبب الغياب الطويل للمسؤولين.
من جانبهم، يؤكد عدد من الفاعلين المحليين على أهمية أي تدخل يساهم في تحسين أوضاع المتضررين، مشددين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد مقاربة مستدامة، تتجاوز منطق المناسبات أو التحركات الموسمية. كما يشددون على ضرورة التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان عدالة الإنصاف وفعالية الإنجاز.
في النهاية، تظل هذه الزيارات، مهما كانت خلفياتها، فرصة لإعادة تسليط الضوء على معاناة استمرت طويلاً، وربما تشكل بداية لتصحيح مسار التفاعل مع الأزمات. غير أن نجاح أي تدخل يظل رهينًا بمدى استمراريته، وابتعاده عن منطق التوظيف السياسي، لصالح مصلحة المواطن أولاً وأخيرًا.
ما يحدث اليوم بالحوز يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات، ويؤكد الحاجة إلى مقاربة تنموية عادلة تتجاوز منطق الاستغلال الظرفي وتضع مصلحة الساكنة فوق الحسابات السياسية.