اجاثا كريستي وفلسفة غلق الأعين عند منافذ العبور
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
توقف قليلا واقرأ على مهل السؤال والجواب في قول الكاتبة والروائية البريطانية " أجاثا كريستي" حيث تقول:"لماذا نغلق أعيننا عندما نضحك بشدة وعندما نحلم وعندما نتعانق وعند الخشوع؟ لأن أجمل ما في الحياة لن تراه بعينك بل ستشعر به بقلبك".
هذا القول ربما يكون أكثر تعرضا من بعض القراء والكتاب والمفكرين والباحثين على حد سواء، وربما أيضا هو سؤال مهم يجب أن نفك طلاسمه، الغموض فيه سواء في ذواتنا أو مع الآخرين، فكلما اقتربنا من معرفة الحقائق وأسبابها، رصدنا قدرة الله تعالى في الصفات التي نتفرد بها، والتي منحنا إياها كبشر يعيشون على هذه الأرض.
أشياء كثيرة في حياتنا لا نمنحها جزءًا وافر من اهتمامنا بها، أو لا نبدي أي محاولة أو رغبة في معرفة أسرار حدوثها، والظروف التي تلازم البعض بشكل مفاجئ، وقد نعتقد بأن الأمر عادي للغاية، ولا يرقى بأن نفكر فيه طالما أننا نعيش بهدوء.
أشياء كثيرة يصعب على الإنسان إدراكها، فأسرار الكون لا تعد ولا تحصى، والقدرة الربانية لها من الحكمة ما يعجز البشر عن تفسيرها، إلا أن بعض الأشياء نستطيع أن نستنبطها من الحالة التي تحيط بها سواء مسبباتها أو لماذا تحدث لنا تلك الحالة؟ الشعور والإحساس بالأشياء التي تحيط بنا هي من تحركنا أحيانا للتدخل بدون أي تفكير، فهناك علاقة وطيدة ما بين الإنسان ومشاعره، وإثباتا لذلك نتعرض لوجهة نظر الكاتبة د.موزه المالكية التي نشرت مقالا متكاملا عن تضامنها مع حديث الروائية العالمية اجاثا كريستي فتقول:" أعظم وأثمن الأشياء التي قد يظفر بها الإنسان لا يلمس كيانها بيديه، بل يستشعرها في أعماقه استشعارًا..!! الطمأنينة، السعادة، الرضا، السلام، السكينة، الإيمان، الحب، البهجة، الراحة... هي أحاسيس نستشعرها ولكن لا نراها، وهذه الأحاسيس تتحكم في حياتنا وتصرفاتنا وانفعالاتنا، فهي مجموعة من المشاعر عندما تنطلق تترك في أجسامنا تأثيرات كيميائية تغير كيمياء الجسد وتلونها".
لنترك الاقتباس بعيدا، ولنتأمل الواقع الذي نعيش فيه كبشر يسيرون على هذه البسيطة، ويتآلفون مع الأشياء التي تحيط بهم، يتأثرون ويؤثرون في تفاصيل الأحداث المتلاحقة، والحالات النفسية المتقلبة، فعندما نشعر بالفرح الجارف تنساب الدموع بدون مبرر، وعندما نضحك من قلوبنا تسيل أيضا دموعنا بدون رغبة في البكاء، وعندما نفقد عزيزا علينا تسيل دموعنا بحرقة كجزء من وجع نفسي.
هذه التقلبات والمساحة ما بين هذه المكونات الثلاثة لها دلالات ومعاني، فقد لا يفهمها البعض لصعوبتها، وقد لا يركز عليها البعض الآخر لأسبابه الخاصة، لكن هذا البكاء قد يكون صفة متلازمة يشعر بها الإنسان عندما يكون فرحا أو حزينا، وفي كلا الحالات تنهمر فيها الدموع وتختلط فيها المشاعر كرؤية أم لولدها بعد فراق سنوات طويلة، والدموع هنا تمتزج بلون الفرح فهو تعبير إنساني عن حب دفين ينبعث تلقائيا من الجوف، ومشاعر مكنونة تخرج للعلن بعد أن انغرست في ذات الإنسان لوقت يكفي بأن تدفع العيون لتبكي فرحا بهذا القدوم.
الموضوع أكبر مساحة من الإلمام بكل تفاصيله أو الإمساك بخيوطه، فغلق العيون هو الخروج من مجال الرؤية الظاهرية إلى ظلمات الإبحار نحو عالم آخر، ربما لا نحس فيه بالخوف من الوهلة الأولى، لكنه واقع افتراضي نتجاوز من خلاله كل خطوط العالم الذي نسير عليها والاتجاهات التي نتخذها مسلكا لنا في الحياة.
نحن نغمض أعيننا عندما نريد أن ننام طلبا للراحة، وأحيانا عندما نريد أن نتذكر شيئا مهما ونجد أنفسنا وسط ازدحام كثيف من الأفكار الأخرى التي تنسينا ما نريد أن نتذكره لذا نغمض أعيننا لنغوص في عالم المفقودات، كل هذه التصرفات تأتي بتلقائية، فتجعلنا أقرب لعالمنا الداخلي منه إلى عالمنا الخارجي، وهي حقيقة مثبتة علميا وعمليا.
إذن مهما قلنا وتحدثنا عن هذه الحالة التي تلازم البشر أينما كانوا وأينما وجدوا، لن يكون أصدق مما قالته د.موزة المالكي في مقالها في صحيفة الراية عندما أشارت إلى "الزمن هو الزمن.. والوجود هو الوجود. ولن يتغير في الكون شيء إذا تغيّرت مشاعرنا.. فلماذا إذن نشعر بأن الأشياء تتغير؟ مرة تصير بلون وردي جميل إذا انتابتنا مشاعر الفرح، ومرة تصطبغ بالسواد والقتامة إذا سيطرت علينا مشاعر الحزن.. إن ما يتغيّر هو كيمياؤنا النفسية التي تجعلنا نكاد نلمس الفرح ونراه ونسمعه ونشمُّه، كما نلمس الحزنَ ونسمعُهُ ونشمُّه".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مراهقون: الحد الأدنى لحظر مواقع التواصل يجب أن يكون 14 عامًا
في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات لفرض قيود عمرية أكثر صرامة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يرى مراهقون أن الحد الأدنى المقترح — 16 عامًا — غير واقعي، مطالبين بخفضه إلى 14 عامًا فقط.
وقد التقت هيئة الإذاعة البريطانية، داخل أحد المقاهي، طالبان يبلغان من العمر 13 عامًا، هما سبنسر وأهيل، اللذان تربطهما صداقة منذ المدرسة الابتدائية، ورغم انتقالهما إلى مدرستين ثانويتين مختلفتين بعد دخولهما الصف السابع، فإنهما يعتمدان بشكل أساسي على تطبيقي «سناب شات» و«ديسكورد» للتواصل، ويتبادلان الرسائل كل بضعة أيام.
وخلال اللقاء، تمكن الاثنان من تسجيل الدخول إلى حساباتهما على «سناب شات» بسهولة، لكنهما اعترفا بأن أعمارهم المسجلة على التطبيق ليست الحقيقية.
كما أوضحا أنهما يستخدمان «يوتيوب» بانتظام لمشاهدة مراجعات أو محتوى الألعاب، بينما يستخدم سبنسر أيضًا «تيك توك».
"أشعر أنني مدمن على السوشيال ميديا"ويقول أهيل إنه يشعر بأنه «مدمن» على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى «اندفاع الدوبامين» الذي يحصل عليه من استخدامها. ومع ذلك، يعتقد أن الحظر قد يدفعه إلى قضاء المزيد من الوقت في ألعاب الفيديو أو الخروج من المنزل.
دعوة إلى لوائح أكثر صرامةويتفق الصديقان على أن الحد الأدنى المناسب لاستخدام منصات التواصل يجب أن يكون 14 عامًا بدلاً من 16، وهو ما يعتبرانه أكثر واقعية لحياتهما اليومية وكيفية استخدامهما للإنترنت.
ولا تقتصر آراءهما على منصات التواصل فقط، إذ شددا كذلك على ضرورة فرض إرشادات أكثر صرامة على منصة "روبلوكس" الشهيرة بين الأطفال والمراهقين، معتبرين أن البيئة الرقمية المخصصة للصغار تحتاج إلى مزيد من الرقابة.
ويأتي هذا الجدل في ظل تحذيرات متزايدة من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، بينما تستعد عدة حكومات لبحث مقترحات جديدة لرفع سن الاستخدام المسموح به.