أطياف
صباح محمد الحسن
قلق وتخوف!!
طيف أول:
علق ذاته ما بين حبل الاشتعال الذي نتجت عنه الحرب والانطفاء الذي أمعن بعده أن حلمه مجرد وهم، عندها ناجى كل هلع غمسه الريح في زيف الشعور وحصد سراباً
ويبدو أن الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش حمل قلقه وخوفه من التدخل الذي يطرحه المجتمع الدولي كخيار لوقف الحرب إلى رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت حيث لم يكن الترتيب لقمة ثلاثية تجمع بينهما والرئيس الإريتري أسياس أفورقي الهدف منها مناقشة قضايا روتينية سياسية أو اقتصادية أو ما خلفته الحرب من آثار على هذه الدول فقط،
وعلى رأسها قضايا تتعلق بتدفق البترول وإزاحة العقبات التي تعترضه وما وضعته الحرب وأثرت به على دولة جنوب السودان
فمن خلال مخاطبته القمة الرئاسية الإفتراضية “النداء العالمي لقمة المستقبل” كشف البرهان النقاب عن هذا الخوف والقلق ويرى أن هذه القمة فرصة لإعادة الثقة في منظومة الأمم المتحدة لتعزيز التعاون الدولي
وقال: (إن ميثاق المستقبل الذي نسعى لصياغته اليوم يجب أن يكون بمثابة خارطة طريق للدول التي تعاني من النزاعات بسبب تدخل بعض الدول في شؤونها الداخلية ونحتاج إلى إلتزام دولي قوي لمنع ذلك التدخل وتجريم ومحاسبة من يقوم بذلك)
وقد يرفض البرهان التدخل من قبل بعض الدول التي يتهمها بتغذية ميدان الحرب بالسلاح
لكنها رسالة واضحة ومباشرة لكل من سلفا وأفورقي بدعم موقف البرهان الرافض لخيار المجتمع الدولي الذي يحاصر البرهان الآن ويلوح له بالتدخل كحلٍ بديل
والخوف ليس لما سبق لأن الدول التي اتهمها جبريل بدعم الدعم السريع بالسلاح عاد وقال إنها ايضا دعمت الجيش، إذن هذه ليست قضية البرهان التي تبعث فيه شعور القلق!!
وفي الحقيقة أن علاقة سلفا واسياس هي فقط ما تبقى للبرهان من صلات إفريقية وأن منصة جوبا أضحت هي المنبر الوحيد الذي يمنحه الشعور بالقيادة،
صلات على قلتها، ولكن ربما يجد في حضورهما سندا لدعمه في مشروعه الفاشل (مشروع البقاء على رفاة الوطن الذي تخيم عليه سحب العزلة الدولية بعيدا عن المجتمع الدولي) وهو مشروع لا مستقبل له ولا أساس فالبرهان اجتمع بسلفا بالرغم من أن الأخير غادر المنطقة التي كان يدعمه منها وانضم إلى الدول التي تدعم الحل عبر التفاوض لكن جوبا لم تغلق أبوابها دونه للتشاور في مثل هكذا هموم
كما فعلت معه مصر التي أوضحت له موقفها الداعم لوقف النار فقط عبر التفاوض فجلوس مصر على مقعد الوساطة الرباعية أفقد البرهان ثقته فيها، ولم تعد مصر قبلته المفضلة كما كان في السابق
لكنه لم يفقد هذه الثقة بعد في كير ودولة الجنوب
أما إريتريا هي الدولة التي لم تفلت يدها عنه وفتحت معسكراتها لتدريب قواته وكانت ولازالت على عهدها معه
ولا يضيرها إن شاركته العزلة
والبرهان يخشى التدخل القادم لا يقلقه الذي يحكي عن دعم الميدان بالسلاح والذي استمر لـ 17 شهرا
ولهذا كان محور حديثه في هذه القمة الثلاثية التحذير من خطر قادم
ولكن الغريب في الأمر انه رغم ذلك قال: إنه يجب أن يتضمن الميثاق آليات فعالة لمحاسبة الدول التي تثير النزاعات واتخاذ إجراءات لحماية الدول من استفحالها، وأضاف إننا نؤكد على أهمية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والتعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وان هذه التحديات لا تعرف حدوداً، ونحن بحاجة إلى جهد عالمي منسق لمواجهة الإرهاب العرقي المتعالي الذي يستهدف الدولة والبنى التحتية والمرافق الخدمية والصحية في بلادنا).
وهنا يكشف البرهان أنه محاصر بكل هذه الإتهامات التي تشير إلى ارتكابهم لإنتهاكات في الحرب، ويحصر نفسه في دائرة التناقض الواضح لأنه يعلم أن بلاده واحدة من الدول التي تثير النزاعات وان ارض المعركة بها مجموعات إرهابية لا تخفي نفسها، والرجل بلا حياء يطالب بتطبيق العدالة الانتقالية وهو واحد من المعرقلين لها فالبرهان لو قال حديثه هذا على منصات المنابر الدولية والعدلية لسخر الحضور منه لكنه يعلم انه يخاطب فقط سلفا كير وافورقي وكلاهما قد يظن وهماً أن البرهان يمكن أن يحقق العدالة في بلاده بعد ان ينتصر
وقلق البرهان يتجلى أيضا في انه طالب بضرورة أهمية احترام سيادة الدول مع تعزيز المسؤولية المشتركة، وقال: نحن في السودان نتطلع إلى دعم دولي يحترم خياراتنا الوطنية ويساعدنا على النهوض من جديد، وتحقيق السلام المستدام عبر الملكية الوطنية)
وهي مطالبة تؤكد مما لا شك فيه أنه بدأ يتحسس موقعه، عبر تغليفه بخوف التعدي على السيادة الوطنية للبلاد وهذا الحديث لا يأتي إلا عندما يحاصرك الفقد الثلاثي (فقد القرار، وفقد الميدان، وفقد المنصب) وهو أيضاً نوع من القلق الذي لا يحدث في قمة تناقش قضايا (البحبوحة) والرفاهية كتدفق البترول وانسيابه، لكنه يأتي كمطالبة واضحة للدولتين بالدعم والمناصرة له لما سيواجهه قريبا من اصطدام بالجدار،
فالجنرال قد لا يحتمي بواجهتي جنوب السودان وإريتريا لكنه قد يبحث عن سبل وكيفية التعاطي مع أمر قد يكون على عتبة الواقع، فأحيانا ما يقلقك ليست الضربة التي تقع عليك ولكن القلق قد يساورك في كيفية وقعها عليك!!
طيف أخير:
#لا_للحرب
الناطق باسم منسقية النازحين واللاجئين آدم رجال: بسبب نقص الطعام بعض النازحين اضطروا إلى الاعتماد على الأعشاب ومخلفات الطعام التي تستخدم محلياً كعلف للمواشي)
وهذا مالا نستطيع التعليق عليه بالحروف!! الله المنتقم
الوسومأسياس أفورقي إريتريا الأمم المتحدة البرهان الجيش الدعم السريع السودان المجتمع الدولي جنوب السودان سلفا كير ميارديت عبد الفتاح البرهان مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أسياس أفورقي إريتريا الأمم المتحدة البرهان الجيش الدعم السريع السودان المجتمع الدولي جنوب السودان سلفا كير ميارديت عبد الفتاح البرهان مصر المجتمع الدولی جنوب السودان الدول التی
إقرأ أيضاً:
السودان على حافة الانهيار الاقتصادي والفقر يهدد غالبية السكان (تقرير)
في أحدث تحذير دولي، كشف البنك الدولي عن استمرار تدهور الاقتصاد السوداني على نحو غير مسبوق، مؤكدًا أن البلاد تمر بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والإنسانية في تاريخها الحديث، وذلك بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب في أبريل 2023.
وفقًا لتقرير البنك الدولي الصادر في 10 يونيو 2025، بعنوان "العواقب الاقتصادية والاجتماعية للنزاع: رسم طريق للتعافي"، فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسودان انكمش بنسبة 13.5% خلال عام 2024، بعد انكماش كارثي بلغ 29.4% في العام 2023. ويعكس ذلك استمرار انهيار النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات، لا سيما الزراعة والخدمات.
ارتفاع الفقر والبطالةقدّر التقرير أن نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع – أي بأقل من 2.15 دولار يوميًا – وصلت إلى 71% بنهاية 2024، مقارنة بـ33% فقط في عام 2022. كما ارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد من 32% إلى 47%، ما يفاقم المعاناة المعيشية ويزيد من مستويات الهشاشة الاجتماعية.
نزوح جماعي ومجاعة وشيكةأكد التقرير أن الحرب أدت إلى أكبر موجة نزوح داخلي في العالم خلال العامين الماضيين، حيث اضطر أكثر من 12.9 مليون سوداني إلى مغادرة مناطقهم، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية. كما تم تسجيل حالات مجاعة فعلية في بعض المخيمات، خاصة في أغسطس 2024، ما يضع البلاد على شفا كارثة إنسانية.
تضخم وانهيار ماليأشار البنك الدولي إلى أن التضخم بلغ 170% في عام 2024، في ظل انهيار شبه كامل للجنيه السوداني، وتراجع الإيرادات الحكومية إلى 4.7% فقط من الناتج المحلي، مقارنة بـ10% في 2022. هذا الانخفاض الحاد في الموارد العامة قلّص قدرة الدولة على تمويل الخدمات الأساسية، بما فيها الصحة والتعليم.
الزراعة مفتاح التعافي.. ولكن
رغم حجم الكارثة، رأى البنك الدولي أن القطاع الزراعي لا يزال يشكل الأمل الأبرز في عملية التعافي، إذ يمثل 35% من الناتج المحلي ويوفر أكثر من 40% من فرص العمل. لكن التقرير أشار إلى أن الزراعة تأثرت بشدة نتيجة القتال في ولايات زراعية رئيسية مثل الجزيرة، حيث انخفض إنتاج الحبوب بنسبة 46% في عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه.
خارطة طريق لإنقاذ السودان
أكد التقرير أن عودة السودان إلى مستويات ما قبل الحرب لن تكون ممكنة قبل عام 2031 على أقل تقدير، ما لم يتم إنهاء النزاع المسلح وتنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة. وتشمل التوصيات الأساسية:
استئناف مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة (HIPC).
توحيد سعر الصرف وتجنب دعم السلع بصورة غير مستدامة.
تحويل الإنفاق من المؤسسات العسكرية إلى القطاعات الاجتماعية والإنتاجية.
الاستثمار في التعليم والصحة والزراعة لإعادة بناء رأس المال البشري.
في النهاية البنك الدولي بمثابة ناقوس خطر يدعو السودانيين والمجتمع الدولي إلى التحرك السريع، فالسودان اليوم لا يواجه فقط أزمة اقتصادية، بل يقف على شفا انهيار شامل ما لم تتوقف الحرب وتُوضع خارطة طريق واضحة نحو السلام والتنمية المستدامة.