أجهزة النداء الآلي، ذلك هو المسمى الرسمي لأجهزة "البليب"، "البيجر"، التي طرحتها شركة اتصالات في الإمارات في بداية التسعينيات، وكنا في اتصالات نطلق على الأجهزة في وقتها اسماء محلية، أحد البليبات اسمه طارش ونوع آخر اسمه نهّام.
خدمة البليب لاقت رواجاً منقطع النظير، وربما كانت من أكثر الخدمات ربحية في تلك الفترة، وذلك نظراً لقلة تكلفة بناء الشبكة، بالإضافة إلى سعر منخفض للجهاز، وخدمة البليب بكل بساطة هي مجرد إرسال رقم المتصل، وعلى مستلم الرسالة أن يقرر الاتصال بالرقم الذي ناداه عبر البليب.
أما شبكة الهاتف المتحرك، الذي قدمته اتصالات لمشتركيها قبل البليب بعشرة أعوام تقريباً، فيتطلب بناء شبكات أكثر كلفة وأجهزة كانت تبيعها اتصالات بآلاف الدراهم.
الهاتف المتحرك كان جزءاً من الوجاهة الاجتماعية في ذلك الوقت، أما البليب فهو جهاز متاح لكافة فئات الشعب، وكانت هناك بليبات ترسل سطراً من الحروف لا يتجاوز عدة كلمات.
لم أكن أتخيل أن البليب سيعود بقوة إلى الساحة، ويصبح حديث العالم بعد مضي أكثر من 30 سنة، وكنت أظن مخطئاً بأن البليب قد انتهت صلاحيته، ولم يعد سوى قطعة أثرية في متاحف الاتصالات كالفاكس والتلكس والأنيس والجوال وغيرها الكثير.
عادت تقنية البليب ولم تندثر، ولكن هذه المرة لم تكن مقابل اشتراكات شهرية ولم تقدم إلى زبائنها لجني الأرباح، ولم تطرحه شركة تجارية بل حزب، وللدقة البليب لم يعد للظهور في اي بلد في العالم بعد أن اندثر، ولكنه عاد للحياة في لبنان.
الحزب الذي يقدم خدمة البليب، ويصنف من قبل دول مجلس التعاون الخليجي وعشرات الدول الأخرى كمنظمة إرهابية، هو من تكفل بإرجاع البليب إلى سابق مجده في لبنان، ليس لتسهيل حياة الناس، وليس لمتابعة أسعار البورصات العالمية أو للمعايدة ورسائل "جمعة مباركة"، ولم يدفع المشتركون أية رسوم شهرية، لأنهم ليسوا مشتركين أساساً، بل منتسبين إلى عضوية الحزب، فأنت كمنتسب، أو مجند، تتلقى الرسالة إما للعلم بالأمر أو لتنفيذه.
السؤال: لماذا نلاحظ من ردود الأفعال على شبكات التواصل الاجتماعي الكثير من رسائل التشفي والسخرية بل والشماتة بعد حوادث التفجير؟ ولماذا لا نجد الكثير من التعاطف مع الجرحى والقتلى؟
عندما تدقق في هذه الرسائل من عامة الناس تجد قسمين من الجمهور، القسم الأول يقول لك "وعلى نفسها جنت براقش"، ويؤكد مدى عجز حزب الله عن حماية أتباعه ويؤكد التفوق التقني والاستخباراتي والعسكري أمام عدوه، وهو ما أقر به أمين عام الحزب.
القسم الثاني من الجمهور يريد القول إن هذه هي اللغة التي يفهمها حزب الله، وهذا جزاؤهم بما اقترفت أيديهم.
والله مب هين البليب، قلب الدنيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
إنزو فيرنانديز.. البطل الذي لا يخسر
سلطان آل علي (دبي)
في عالم كرة القدم، يُقاس المجد بالبطولات، لكن هناك لاعبين يصنعون لأنفسهم قصة مختلفة، قصة لا تتوقف عند المشاركة بل تتجسد في الانتصارات الحاسمة واللحظات التاريخية، من بين هؤلاء يبرز إنزو فيرنانديز، النجم الأرجنتيني الشاب الذي لم يعرف طعم الهزيمة في أي نهائي قاري خاضه حتى الآن.
بعمر لا يتجاوز 24 عاماً، يمتلك إنزو سجلاً ناصعاً يندر وجوده في الكرة الحديثة. ففي أولى محطاته القارية، شارك في نهائي كوبا سود أمريكانا 2020 بقميص ديفينسا إي خوستيسيا، ونجح في التتويج باللقب، في لحظة شكّلت انطلاقة لثقافة الانتصار في مسيرته. بعدها بعام، أضاف إلى رصيده لقب ريكوبا سود أمريكانا 2021، ليؤكد مبكرًا أنه لا يخشى المنصات الكبرى.
لكن المجد الحقيقي جاء حين حمل ألوان منتخب الأرجنتين، ففي كأس العالم 2022 بقطر، كان إنزو أحد مفاجآت البطولة، وأحد أعمدتها الأساسية، وأسهم في تتويج التانجو باللقب بعد نهائي درامي أمام فرنسا. لم يكن مجرد مشارك، بل اختير أفضل لاعب شاب في البطولة، في اعتراف عالمي بموهبته وتأثيره.
ثم جاء صيف 2024 ليضيف إلى خزائنه القارية لقباً جديداً: كوبا أمريكا، البطولة التي تعتبر تاج الكرة في أميركا الجنوبية، حيث قدّم أداءً متوازناً ساعد الأرجنتين على الاحتفاظ بلقبها والتأكيد على هيمنتها في القارة.
وفي أوروبا، لم تتغير العادة. فمع تشيلسي، وتحت قيادة الإيطالي إنزو ماريسكا، تُوّج إنزو فيرنانديز بلقبه القاري الخامس، بعد الفوز بدوري المؤتمر الأوروبي 2025، ليؤكد مرة أخرى أن وجوده في النهائيات ليس مجرد رقم، بل علامة فارقة تُرجّح كفة فريقه.
خمسة نهائيات قارية، خمسة ألقاب. هذا ليس مجرد رقم، بل ظاهرة تستحق الاحترام. إنزو فيرنانديز لم يعد فقط مشروع نجم قادم، بل هو بالفعل أحد أبرز الأسماء التي صنعت الفارق في العقد الحالي. في كل مرة يُطلب منه الحسم، يكون حاضراً، وفي كل مرة يرفع الكأس، يُضاف فصل جديد إلى قصة لاعب لا يعرف سقفاً لطموحه.
في عمر 24 فقط، ما زال الطريق أمامه طويلاً، لكن المؤكد أن كل نهائي جديد يدخل إليه إنزو، ستُكتب تحته جملة واحدة: البطل لا يخسر.