أنس الشريف.. صوت غزة الذي اغتاله جيش الاحتلال
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
أنس الشريف صحفي فلسطيني وُلد عام 1996 في مخيم جباليا بقطاع غزة، عمل مراسلا لدى شبكة الجزيرة الإعلامية أثناء العدوان الذي بدأته إسرائيل على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
اشتهر الشريف بتغطية المجازر والكارثة الإنسانية رغم التهديدات التي تلقاها، حتى استُشهد يوم 10 أغسطس/آب 2025 باستهداف مباشر من جيش الاحتلال الإسرائيلي لخيمة صحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة، الأمر الذي لاقى استنكارا واسعا.
وُلد الصحفي أنس جمال محمود الشريف في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 1996، ونشأ في مخيم جباليا شمال شرقي قطاع غزة. تزوج من السيدة بيان السنوار، ولديه طفلة تُدعى شام وطفل يُدعى صلاح.
الدراسة والتكوين العلميتلقى الشريف تعليمه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وكذلك المؤسسات التعليمية لوزارة التربية والتعليم والفلسطينية. التحق بقسم الصحافة والإعلام في جامعة الأقصى عام 2014 ودرس تخصص الإذاعة والتلفزيون.
التجربة العمليةبدأ الصحفي أنس الشريف عمله متطوعا في شبكة الشمال الإعلامية، وكان يُعد تقارير عن الأوضاع في قطاع غزة لصالح شبكات عديدة.
أصيب الشريف في 23 سبتمبر/أيلول 2018 بشظية عيار ناري في البطن أثناء تغطيته مسيرة نُظمت شرق تلة أبو صفية شمال شرقي مخيم جباليا.
انتقل للعمل مراسلا لدى شبكة الجزيرة بعد بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة.
عمل الشريف يوميا على إعداد تقارير عن المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي والأوضاع الاجتماعية في القطاع، وتعرض للتهديد من قوات الاحتلال بسبب تغطياته للعدوان.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كشف الشريف عن تلقيه تهديدات ورسائل عبر تطبيق "واتساب" من ضباط إسرائيليين تهدف إلى إجباره على وقف تغطيته للحرب الإسرائيلية على القطاع، مؤكدا عدم مغادرته الميدان وبقاءه مستمرا في التغطية الإعلامية بشمال القطاع.
ويوم 11 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل الصحفي الشريف، مما أدى إلى استشهاد والده، موضحا أنه اضطر إلى دفنه في ساحة مدرسة تابعة لوكالة "الأونروا"، وتعهد بالاستمرار في تغطية جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين في القطاع.
إعلانومع تواتر الأنباء عن قرب الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة منتصف يناير/كانون الثاني 2025، خلع الشريف خوذته قائلا أثناء البث المباشر إنها أثقلت كاهله، وإن بزته الصحفية أصبحت جزءا منه على مدى 15 شهرا.
وأواخر يوليو/تموز 2025، تعرض الشريف وصحفيون آخرون للتهديد من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي لاقى استنكارا من شبكة الجزيرة الإعلامية ومؤسسات دولية.
اغتيالهاغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء يوم الأحد 10 أغسطس/آب 2025 الصحفي أنس الشريف و5 آخرين، بعدما استهدف خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وفي بيان نشره بعيد الغارة، أقر جيش الاحتلال باستهداف أنس الشريف ووصفه بأنه "إرهابي تنكر بزي صحفي في قناة الجزيرة"، مدعيا أنه كان قائد خلية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وروّج لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
ولقي اغتيال الشريف وزملائه استنكارا دوليا واسعا، إذ نددت شبكة الجزيرة الإعلامية بجريمة اغتياله واعتبرتها هجوما جديدا سافرا ومتعمدا على حرية الصحافة.
وحمّلت الجزيرة جيش الاحتلال وحكومته مسؤولية استهداف واغتيال فريقها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات جیش الاحتلال الإسرائیلی شبکة الجزیرة أنس الشریف قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نظام الدفع الأفريقي الموحد.. ما الذي يعنيه انضمام الجزائر لأكبر شبكة تسوية مالية في القارة؟
تخطو الجزائر بانضمامها إلى نظام الدفع والتسوية الأفريقي الموحد (بابس – PAPSS) خطوة جديدة ضمن سياسة تراهن من خلالها على تعزيز حضورها الاقتصادي داخل القارة، وتعميق الشراكة مع الدول الأفريقية، وصولا إلى تحقيق التكامل الأفريقي.
وتُصبح الجزائر بانضمامها إلى هذا النظام من بين أكثر من 15 دولة موزّعة على 4 مناطق أفريقية، سارعت إلى تبني آلية الدفع الإقليمي التي تُتيح تسوية المعاملات التجارية بالعملات المحلية، ضمن شبكة مصرفية متنامية تضمّ أكثر من 115 بنكا تجاريا و10 بنوك مركزية، في مسعى جماعي لإرساء بنية مالية أفريقية مستقلة عن النظام المالي الغربي.
ويُعد النظام، الذي أطلقه رسميا البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي سنة 2022، إحدى الأدوات المالية الأساسية لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، إذ يتيح للدول الأعضاء تسوية معاملاتها التجارية بالعملات المحلية، دون الحاجة إلى المرور بالنظام المالي الغربي أو استخدام الدولار واليورو، مما يُعزز السيادة المالية للقارة ويُسرّع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية.
دوافع الانضماموتراهن الجزائر، من خلال انضمامها إلى "بابس"، على فتح مسارات جديدة للتبادل التجاري مع شركائها في القارة، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وتقليص التكاليف الزمنية والمالية، في خطوة تعكس سعيها إلى تعزيز الانخراط العملي في مسار التكامل القاري.
ويرى الخبير الاقتصادي هواوي تيغرسي أن انضمام الجزائر إلى نظام الدفع الأفريقي الموحد يحمل دلالات اقتصادية عميقة، ويعكس رغبة واضحة في تعزيز التجارة البينية داخل القارة، وتوسيع نطاق الصادرات الجزائرية نحو الأسواق الأفريقية، ضمن مسعى أوسع لتنويع الاقتصاد الوطني بعيدا عن الريع النفطي.
إعلانويُشير تيغرسي، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن النظام الجديد يُمهّد لتجاوز العقبات التي طالما كبّلت المعاملات المالية في القارة، وعلى رأسها الاعتماد المفرط على العملات الأجنبية كالدولار واليورو، مما يشكل عبئا ماليا على الدول الأفريقية، لا سيما حين يتعلق الأمر بتحويل المدفوعات أو تسوية المعاملات عبر البنوك التقليدية.
ويُضيف تيغرسي أن استخدام العملات المحلية، بما فيها الدينار الجزائري، يفتح الباب أمام تسويات فورية، بتكلفة أقل، وسرعة أعلى، وهو ما من شأنه أن يعزز سلاسة التبادلات التجارية، ويدعم اندماج الجزائر في المنظومة المالية القارية.
انفتاح أفريقيفي السياق نفسه، يعتبر تيغرسي أن هذه الخطوة تنسجم مع توجه الجزائر نحو تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، التي لا تزال التجارة البينية بين دولها دون 15% من إجمالي التبادل التجاري، وهو معدل يراه بعيدًا عن الإمكانات الفعلية للقارة.
ويُشدّد الخبير على أن الجزائر، من خلال هذا الانخراط، تستهدف تمكين شركاتها من دخول أسواق جديدة، وتوسيع نشاط بنوكها إقليميا، بما يعزز الوجود المالي الجزائري داخل أفريقيا، ويدعم التكامل الاقتصادي جنوب-جنوب، من خلال آليات دفع أكثر مرونة وتكلفة أقل، مما يعود بالفائدة المباشرة على المواطن الأفريقي وعلى معدلات النمو في الدول الأعضاء.
وفي سياق الانفتاح المتسارع على السوق القارية، يؤكد الخبير الاقتصادي جمال الدين نوفل شرياف أن انضمام الجزائر إلى نظام الدفع الأفريقي الموحد يمثّل حلقة من سلسلة إصلاحات تهدف إلى خلق تكامل اقتصادي حقيقي داخل القارة، انطلاقا من تفعيل الدفع الإلكتروني وتحديث التشريعات المرتبطة بالصرف.
ويُضيف شرياف، في حديث للجزيرة نت، أن السلطات الجزائرية شرعت فعليا في تنزيل هذه الرؤية من خلال قانون الصرف الجديد، وتوسيع دوائر الدفع الإلكتروني، ليس فقط عبر القطاع البنكي، بل عبر مختلف المؤسسات والقطاعات، وفي مقدمتها التجارة، بما يعزز حجم المبادلات ويدفع نحو تنويع الاقتصاد بعيدا عن المحروقات.
ويرى شرياف أن التوجّه نحو اعتماد العملات المحلية داخل أفريقيا سيوفّر مناخ أعمال مواتيا، ويسهّل دخول المستثمرين إلى السوق المحلية والأفريقية، مما يوفّر امتيازا إستراتيجيا حقيقيا للجزائر وشركائها على السواء.
تحديات التفعيلرغم أهمية الخطوة، يُشير شرياف إلى أن تفعيل هذا النظام يطرح تحديات بنيوية، على رأسها كيفية تأمين وضمان سير هذه العملية، لتجاوز الاختلالات التي واجهها المصدرون المحليون سابقا من خلال التعامل بالعملة الأجنبية، والفرق الشاسع بين السوق الرسمية والموازية، خصوصا ما يتعلق بسعر صرف العملة الأجنبية. إلى جانب ضمان انضمام باقي الدول الأفريقية إلى هذا النظام بشكل فعّال وكامل.
ويُشدّد على ضرورة مرافقة هذا النظام بتوسيع مناطق التبادل الحر مع مزيد من الدول الأفريقية، وإنشاء ممرات تجارية أو ما وصفه بـ"الرواق الأخضر الحدودي" لتسهيل وتسريع عبور السلع، خاصة في ظل ارتباط التجارة بعامل الوقت وإدارته، وهو ما يوفره نظام "بابس" من خلال تسريع وتيرة الدفع.
إعلانويقول الخبير إن نظام الدفع الموحّد وحده لا يكفي، ما لم تترافق معه سياسات تسويق فعّالة للمنتجات الجزائرية، ورؤية تؤمّن انخراطا أوسع في الأسواق الأفريقية في أسرع وقت.
من جانبه، يربط البروفيسور فارس هباش، أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف، نجاح تجربة انضمام الجزائر إلى نظام الدفع الأفريقي الموحّد بشروط، أولها قدرة البلاد على تهيئة بنيتها التحتية المصرفية، وتحديث أنظمتها الإلكترونية للتكامل الفعلي مع المنصة.
ويُؤكد هباش، في حديث للجزيرة نت، على ضرورة مراجعة الإطار التشريعي للدفع الإلكتروني، وتدريب الكوادر البنكية والمؤسسات الاقتصادية على استخدام النظام واستغلال إمكاناته.
ويعتبر هباش أن الانتقال من النظم التقليدية إلى منظومة دفع موحدة على مستوى القارة ليس مجرّد إجراء تقني، بل هو تحوّل اقتصادي عميق يستدعي تنسيقًا سياسيًا وماليًا يتجاوز الحدود الوطنية.
وأشار إلى أن الجاهزية التقنية تعد عاملا حاسما، لا سيما أن النظام يعمل بآلية تسوية آنية أو شبه آنية، ترتكز على شبكة مترابطة تضم البنوك المركزية والتجارية ومزوّدي خدمات الدفع، مما يتطلب أنظمة إلكترونية متقدمة وآمنة قادرة على تقليص زمن تنفيذ المعاملات من أيام إلى ثوان أو دقائق فقط.
ونوّه بالتحديات الاقتصادية المرتبطة بتوسيع دائرة الاستفادة من النظام، إذ تكمن أهمية هذه الآلية في قدرتها على خفض تكاليف المعاملات من متوسط يتراوح بين 10% و30% إلى نحو 1% فقط، وهو ما يمكن أن يوفّر نحو 5 مليارات دولار سنويا للدول الأفريقية.
لكن هذا المكسب -في رأيه- يظل مشروطا بتفعيل حقيقي وسلس للنظام داخل الأسواق المحلية، وبمدى استجابة الفاعلين الاقتصاديين للتعامل به.