من نيويورك..ميارة: برلمان البحر الأبيض المتوسط ملتزم بالسهر عل ضمان حل جميع النزاعات الإقليمية والدولية بشكل سلمي
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
زنقة20ا الرباط
ترأس كل من النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، و “Dennis Francis”، رئيس الجمعية العامة الثامنة والسبعون للأمم المتحدة، أشغال الندوة رفيعة المستوى التي نظمتها هذه الجمعية البرلمانية المتوسطية، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك يوم 21 شتنبر 2024، وذلك بشراكة مع كل من المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، وبعثتي المملكة المغربية وجمهورية إيطاليا لدى الأمم المتحدة بنيويورك، وبدعم من مركز الدراسات الشاملة التابع لبرلمان البحر الأبيض المتوسط.
ووفق بلاغ مشترك للجانبين تناول هذا اللقاء الهام، الذي تمحور حول موضوع “الدعم البرلماني لاستعادة الثقة في الحوكمة المتعددة الأطراف وتحسين سمعتها”، الدور المنوط بالبرلمانات على المستويين الوطني والدولي، في السهر على تنفيذ الاتفاقيات الدولية وأهداف ميثاق المستقبل، لاسيما من خلال مؤسسات الحكامة الجيدة.
وبهذه المناسبة أبرز البلاغ، ألقى النعم ميارة، كلمة أكد فيها على أن برلمان البحر الأبيض المتوسط وأعضاؤه من المنطقة الأورومتوسطية والخليج ملتزمون، من منذ تأسيسه في سنة 2005، بضمان تنفيذ ومتابعة نتائج مداولات الأمم المتحدة، وذلك من خلال آليات مبتكرة لضمان عمل فعال ومنسق في إطار الحوكمة العالمية.
وأضاف البلاغ، أن رئيس مجلس المستشارين شدد في هذا الإطار على الدور الرئيسي للبرلمانات وللبرلمانيين على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، في مراقبة تنفيذ الاتفاقيات المتعددة الأطراف واحترام القانون الدولي من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وكذا تنفيذ أهداف ميثاق المستقبل لضمان عدالة متكافئة للجميع، وإرساء حوكمة جيدة على جميع المستويات، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات شفافة، دامجة، فعالة ومسؤولة.
وأكد ميارة على أنه في عالم يشهد تصاعدا متسارعا للعنف وعدم اليقين حول المستقبل، تقع على عاتق البرلمانيين، مسؤولية المساهمة في جهود المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، من أجل إيجاد حلول عاجلة وفعالة ومستدامة للتحديات المشتركة، ومنها النزاعات الحالية والمخاطر المتزايدة المرتبطة بأنشطة الجماعات الإرهابية والإجرامية، بما في ذلك الاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة، والتدفقات غير النظامية للمهاجرين، والأزمة المناخية، والتصحر، ونقص الموارد الطبيعية، وانعدام الأمن الغذائي، ونموذج اقتصادي غير مستدام.
وفي هذا السياق، يضيف المصدر ذاته، أكد النعم ميارة على أن برلمان البحر الأبيض المتوسط، يساهم من موقعه ومن خلال منصات تنسيق مع شركاءه الاستراتيجيين، في مناقشة كيفية إعادة صياغة النظام المتعدد الأطراف والحوكمة العالمية. وتشمل هذه المنصات: منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، ومنتدى النساء البرلمانيات، والمنصة الأكاديمية، واللجنة الاقتصادية، ومركز الدراسات العالمية الشاملة.
وأضاف المتحدث ذاته، أن البرلمانات أعضاء برلمان البحر الأبيض المتوسط تلتزم التزاما تاما بالسهر عل ضمان حل جميع النزاعات الإقليمية والدولية بشكل سلمي، باستخدام جميع الأدوات والآليات المتاحة في ميثاق الأمم المتحدة.
وفي ختام كلمته أعلن النعم ميارة عن مبادرتين مهمتين، سيتم تطويرهما من قبل برلمان البحر الأبيض المتوسط لدعم أهداف قمة المستقبل. الأولى، إنشاء مرصد برلماني دائم للجنوب لأهداف التنمية المستدامة، مقره وإدارته في المملكة المغربية. والثانية، إنشاء مرصد برلماني دائم عالمي حول الاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة، والذي سيشرف عليه مركز الدراسات الشاملة لبرلمان البحر الأبيض المتوسط، وسيكون بمثابة منصة لرصد وتحليل وتعزيز تشريعات ومبادئ ومعايير فعالة، لضمان عدم استخدام هذه الأدوات من قبل الجماعات الإرهابية والإجرامية لأغراضها الخبيثة، بل توظيفها لصالح الإنسانية جمعاء.
جدير بالذكر أنه شارك في هذه الندوة بالإضافة لدبلوماسيين وأعضاء عن برلمان البحر الأبيض المتوسط، Natalie Gherman، المديرة التنفيذية للجنة الأممية لمكافحة الإرهاب، والسفير عمر هلال، رئيس البعثة الدائمة للمملكة المغربية بالأمم المتحدة، السيد السفير Maurizio Massari، رئيس البعثة الدائمة لإيطاليا لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: برلمان البحر الأبیض المتوسط الأمم المتحدة النعم میارة
إقرأ أيضاً:
التحقيقات تبدأ في البنتاجون بعد نكسة ترومان… لكن الحقيقة ستكتبها الأيام
في تطور يحمل دلالات استراتيجية عميقة، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن أن وزارة الدفاع الأمريكية فتحت تحقيقًا في فقدان ثلاث طائرات مقاتلة تابعة لمجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس ترومان”، إلى جانب حادثي تصادم بحريين منفصلين وقعا ضمن نطاق عمليات المجموعة ذاتها. وعلى الرغم من قلة التفاصيل المتاحة، فإن مجرد الإعلان عن مثل هذه الحوادث المتزامنة يضع علامات استفهام حقيقية حول كفاءة وجاهزية ما يُفترض أنه أقوى أسطول بحري في العالم، خصوصًا في لحظة تاريخية تشهد تصعيدًا غير مسبوق في التحديات البحرية للولايات المتحدة.
ما يُضفي على هذا الخبر طابعًا أكثر خطورة هو توقيت وقوع هذه الحوادث في ظل وجود المجموعة القتالية الأمريكية في البحر الأحمر، المنطقة التي باتت ساحة مفتوحة لاختبار الإرادة والنفوذ الأمريكيين. فمنذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، صعّدت القوات المسلحة اليمنية – وبتوجيه مباشر من القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – من عملياتها البحرية ضد السفن المرتبطة بـكيان الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة. وقد نجحت هذه القوات، بإمكانات محدودة، في فرض معادلة ردع غير مسبوقة، وعرقلة ممرات التجارة الدولية، وصولًا إلى تحدي واحدة من أقوى المجموعات القتالية الأمريكية في عرض البحر.
إن اضطرار البنتاجون لإجراء “تحليل دقيق” لكيفية تمكن قوات يمنية من تهديد حاملة طائرات نووية، هو تعبير ضمني عن لحظة انكشاف استراتيجية أمريكية لم تكن في الحسبان. والمفارقة أن ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية لا يمكن أن يُفهم إلا بوصفه الجزء الظاهر من جبل الجليد؛ إذ ليس من عادة واشنطن أن تعترف علنًا بخسائرها الحقيقية في ميادين المواجهة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمراكز الثقل العسكري البحري. فالولايات المتحدة – تاريخيًا – تحرص على إخفاء مظاهر الفشل، أو تبريرها فنيًا، حفاظًا على صورة الهيبة والتفوق. لكن ما خفي أعظم، والزمن كفيل بكشف ما يُخفى، والتاريخ لا يرحم من يتوهم أن بإمكانه إخفاء الخلل طويلًا تحت غطاء إعلامي وسياسي هش.
حاملات الطائرات الأمريكية، التي لطالما مثّلت رمز السيطرة الكونية، تواجه اليوم واقعًا مختلفًا. أمام طائرات مسيرة يمنية، وصواريخ بحرية دقيقة ومنخفضة الكلفة، تتراجع فاعلية أنظمة الدفاع المتطورة، ويتبدد وهم الحصانة. هذا ليس مجرد خلل في جاهزية أو ثغرة عابرة في التنظيم، بل انعكاس عميق لتحول جذري في طبيعة الحروب الحديثة، حيث أصبحت الإرادة والمرونة والوعي الجغرافي أكثر حسماً من التفوق التكنولوجي البحت. وإذا كانت ثلاث طائرات قد فُقدت، وحادثا تصادم قد وقعا في ظروف غامضة، فإن السؤال الأهم: ما الذي لا يُقال؟ وكم من الأحداث لم يُعلن عنها؟
اللاعب اليمني في هذا المشهد – القوات المسلحة اليمنية – بات يفرض وجوده بوضوح على مسرح العمليات الإقليمي، ويعيد تشكيل التوازنات في واحد من أهم الممرات المائية العالمية. التوجيهات المباشرة من القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لا تترك مجالًا للشك في أن ما يجري ليس مجرد رد فعل، بل جزء من استراتيجية مدروسة تستند إلى فهم عميق لطبيعة الصراع الإقليمي والدولي. الرسالة وصلت: اليمن لم يعد مجرد ساحة هامشية، بل تحوّل إلى فاعل حقيقي في معادلة الردع الإقليمي.
هذا التحول لا يقلق خصوم اليمن فحسب، بل يربك حلفاء واشنطن الإقليميين الذين بدأوا يعيدون النظر في مدى قدرة الولايات المتحدة على تأمين مصالحهم وممراتهم التجارية. وإذا كانت حاملة الطائرات “ترومان” تمثل صورة مصغرة عن الهيبة الأمريكية، فإن ما جرى لها في البحر الأحمر يبعث برسالة واضحة: زمن السيطرة الأمريكية المطلقة في البحار قد بدأ يتراجع، خطوة بخطوة، أمام فاعلين جدد يملكون ما هو أهم من التكنولوجيا – يملكون الإرادة.
ما يجري اليوم لا يجب أن يُقرأ باعتباره حادثًا عرضيًا في سياق العمليات، بل هو إنذار استراتيجي مبكر. فقدان ثلاث طائرات، وتسجيل حوادث تصادم بحرية، لا يُعبر عن خلل فني فحسب، بل يعكس خللًا أعمق في موازين القوة. البحر الأحمر لم يعد ممرًا آمنًا للهيمنة الأمريكية، بل بات ميدان اشتباك جديدًا يُرسم بقواعد مختلفة. وإذا استمرت واشنطن في إنكار حقيقة ما يجري، فستجد نفسها أمام تآكل تدريجي لمكانتها، ليس في المنطقة فقط، بل في النظام العالمي ككل. والتاريخ، كما يعلم الأمريكيون جيدًا، لا يرحم أحدًا.