النادي السياسي القديم و عوامل سقوطه
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
هناك كتابان بعنوان واحد " لما العقل " لكاتبين مختلفين، الكتاب الأول من ناحية الإصدار للدكتور البروفيسور العراقي المتخصص في علم النفس موفق الحداني، الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، و هو من أسرة رأسمالية، ضايقه حزب البعث بكثرة الاعتقالات، و هاجر إلي كند و اشتغل بجامعاتها، و في عام 1964 جاء استاذا زائرا لجامعة الخرطوم، و حضرة ثورة أكتوبر 1964م.
أوردت إفادة البروفيسور موفق عن شعب السودان، و الذي قال عنه أنه يحترم القوانين و ينفذها، هل هذه إشارة صحيحة يمكن البناء عليها بأن شعب السودان شعبا ديمقراطية؟.. لآن الديمقراطية تؤسس على القانون و أحترامه و تنفيذه، أي أنه يصبح سلوكا تلقائيا.. مثالا على ذلك، إذا ذهب شخص من بلد غير ديمقراطي إلي بلد ديمقراطي و رمى و رقة على قارعة الطريق أو أي زبالة، يأتي مواطن البلد و يحملها ويضعها على سلة المهملات دون أن يسأل الذي القاها على الأرض..هذا السلوك تبين الفارق الكبيرفي ثقافة الاثنين.. الثاني تعلمها منذ طفولته و دخوله الروضة، و الأول ليس له علاقة بقضية القوانين، أنما بالأعراف القبلية و الأثنية، و هي واحدة من الإشكاليات التي تعيق عملية التحول الديمقراطي في مجتمعات دول العالم الثالث، و معرفة القوانين و احترامها هي التي تخلق الوعي السياسي عند المواطن..
أن الحرب الدائرة الآن في السودان، سوف تضعه بين فترتين ما قبل الحرب و ما بعدها.. الفترة الأولى رغم أن القيادات السياسية الأولى قد كسبت وعيها السياسي بالتعليم الحديث الذي صنعه الاستعمار، و الذي أهلها على الإطلاع على تجارب العالم و الأفكار التي أنتجها عبر عمليات التغيير التي حدثت منذ عهد الاستعمار، و تكوين حركات التحرر الوطنية، ثم التجارب الوطنية ما بعد الاستعمار، كل هذه التجارب السابقة لم تستطيع أن تخلق وعيا سياسيا يميل اجتماعيا للديمقراطية، بمعنى أن القوى الديمقراطية فشلت أن تخلق توازن القوى الذي يحمي تجاربها الديمقراطية من السقوط.. الأمر الذي جعل الأحزاب الأيديولوجية نفسها تهرب من عملية البحث لتوازن القوى من داخل المجتمع.. و البحث عنه داخل المؤسسة العسكرية.. هذه القوى صاحبة عقل الانقلابات؛ لا تصلح أن تقود عملية التغيير من النظام الشمولي إلي النظام الديمقراطي، لآن الثقافة و الوعي السياسي الذي تخلق عبر تراكم التجارب لا يمكن أن يختفي بين يوم و ليلة عبر الشعارات.. و حتى التنظيمات الجديدة نفسها هي ورثت الثقافة السياسية للنادي السياسي القديم، و عندما فشلت القوى الجديدة في الاحتفاظ بالشارع، و الذي كان يحفظ لها توازن القوى مع المؤسسة العسكرية، لم ترجع للشارع و تتحاور معه لكي تعيد بناء اللحمة من جديد، و لكنها ذهبت تبحث عن قوى جديدة لكي تردع لها الشارع و القوات المسلحة الأثنين معا، لذلك فضلت أن تبني أمال عودتها على الخارج، و بأن يمارس عملية الضغط على المؤسسة العسكرية و الشارع، و يسلمها السلطة و يجعلها تحكم بالطريقة التي تريدها، فشل الخارج لأنه هو نفسه يريد تحقيق أجندته و مصالحه، و لا يمكن أن يعتمد على قوى أصبحت مرفوضة من قطاع كبير من الشارع.. فالسقوط حقيقة الذي جاء بعد ثورة ديسمبر 2018م ليس هو سقوط الإنقاذ نظام الإسلاميين.. و لكنه سقوط عكامل لقل النادي السياسي القديم و كل إرثه و موروثاته..
أن الحرب ألة هدم حقيقة للعقل القديم.. ليس كما يشيع عقل الميليشيا دولة الجلابة و دولة 56 و غيرها من الشعارات و المسميات، لآن الحرب سوف تجعل المجتمع كل سوءاته و ما يختزنه من عنف و سوء الأخلاق.. و الحرب هي أعنف أداة للتغيير و لكنها تحاج إلي وعي سياسي و اجتماعي و ثقافي يجعل قادتها أن لا يقعوا في ذات الوحل القديم.. و هناك قيادات عسكرية أستطاعت من خلال وعيها الذي أكتسبته في ثقافة الحروب، أن تغيير مورث الفشل في بلادها إلي نجاح و تنهض.. مثالا لذلك الجنرال ديجول الذي استعاد استقلال فرنسا من قبضة النازية و يصنع الجمهورية الخامسة في فرنسا.. و أيضا هناك الحرب الكورية بين الشمال و الجنوب خرجت كوريا الجنوبية منهوكة القوى و تعيش على إعانات من الغرب و أمريكا، و في عام 1960 قامت تظاهرات في كوريا ضد الفقر و كفر بالديمقراطية الأمريكية التي لم تحقق لهم حياة كريمة، لذلك خارج قائد الجيش لكوريا الجنوبية "بارك تشونغه هي" و عمل انقلابا و استطاع أن يحدث تغييرا كبيرا في المجتمع الكوري و يجعل بلده على أعلى سلم الحضارة الإنسانية..
السؤال الذي يجب أن يطرح نفسه؛ هل قيادات الجيش التي تدير المعركة العسكرية ضد الميليشيا، و أجندة الإقليم و الخارج، قادرة على أن تحدث تغييرا في العقل السوداني بخلق وعي جديد و ثقافة جديدة تصبح العتبة التي يدخل منها السودان للحضارة الإنسانية، أم أنهم سوف يتبنوا عقل النادي السوداني القديم لكي نرجع مرة أخرى للحرب في وقت أخر؟ هو التحدي الآن الذي سوف تواجهه القيادات العسكرية في السودان... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
2025-06-10najwaسابق صوفان: هذه الإجراءات ليست بديلاً عن العدالة الانتقالية والتي بدأت بالفعل، وهذه مهمة اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شكلت بمرسوم رئاسيالتالي صوفان: نقولها وبكل صدق لا وطن دون عدالة ولا عدالة دون إنصاف ولا إنصاف دون شجاعة بقول الحقيقة، ونعدكم أن نكون شفافين فيما هو قادم وأن نعمل لعدالة حقيقية تنصف الضحايا وتحاسب الجناة انظر ايضاًصوفان: فيما يخص الوضع الراهن لدينا مساران متوازيان والأسبقية هي لمسار السلم الأهلي كونه يوفر الأرضية الصلبة لهذه الإجراءات الإستراتيجية
آخر الأخبار 2025-06-10عضو لجنة السلم الأهلي السيد حسن صوفان خلال المؤتمر الصحفي المنعقد في وزارة الإعلام بدمشق: الضباط الذين تم إطلاق سراحهم “ضباط عاملون” منذ عام 2021 وسلّموا أنفسهم طوعاً على الحدود العراقية ومنطقة السخنة ضمن ما يعرف بحالة “الاستئمان” 2025-06-10بدء المؤتمر الصحفي لعضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي السيد حسن صوفان، للحديث عن التطورات الأخيرة المتعلقة بعمل اللجنة 2025-06-10سلام: لبنان يعمل والمجتمع الدولي لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم 2025-06-10أجواء حارة بشكل عام وسديمية في المناطق الشرقية والبادية 2025-06-09كلية طب الأسنان في جامعة دمشق تحصل على الاعتماد الأوروبي ضمن برنامج Leader الذي تقدمه الجمعية الأوروبية لطب الأسنان 2025-06-09“الوفاء والصمود” فعالية جماهيرية بحمص في ذكرى رحيل الشهيد الساروت وحصار حمص 2025-06-09وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة 2025-06-09وفاة طفلة غرقاً في بحيرة بريف عفرين شمال غرب حلب 2025-06-09ذبح 894 أضحية في مسلخ دمشق الفني خلال أيام عيد الأضحى 2025-06-09بمناسبة حلول عيد الأضحى.. الرئيس الشرع يستقبل وزير الداخلية وعدداً من مسؤولي الوزارة
صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |