حروب الإبادة.. وعبثية الوجود
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
أعلن ألبرت كامو، أحد أبرز الشخصيات في الفكر الوجودي، أن الحياة عبثية، ومتناقضة في جوهرها بين رغبة الإنسان الفطرية في إيجاد معنى وغاية للحياة، وبين غياب التفسير لصدامات الإنسان مع عالم خال من المعنى الموضوعي.
وبالنسبة لكامو، فإن العبث ينشأ من الرغبة الإنسانية في إيجاد المعنى في عالم لا يبالي ببحثنا.. في وقت يسعى الإنسان إلى التماسك، وإلى سرد يبرر معاناتنا وأفراحنا.
لكن هذه الرؤية التي طرحها كامو في أعماله الروائية وطرحها غيره من الفلاسفة الوجوديين واجهت نقدا كبيرا سواء من الفلاسفة الدينيين، وخاصة في الفلسفة الإسلامية والمسيحية، أو حتى من غيرها من الفلسفات، مثل الفلسفة العقلانية والفلسفة الماركسية.. وكلهم رأوا أن للحياة معنى كبيرا.. وآمنوا بوجود غاية إلهية حتى وإن لم يكن من الممكن فهمها بالكامل بعقلنا المحدود. وقدمت الماركسية تفسيرا ماديا للتاريخ والحياة، وربطت معنى الحياة بالصراع الطبقي وبناء مجتمع عادل. بالنسبة للفكر الماركسي، الحياة ليست عبثية بل هي جزء من عملية جدلية تاريخية، ومن خلال العمل المشترك والتغيير الاجتماعي، يمكن للإنسان أن يحقق هدفا وغاية جماعية، وهذا الهدف هو القضاء على الظلم الطبقي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
لكن ما يحدث في العالم اليوم من حروب وكوارث ومجاعات وإبادات جماعية يعيد طرح فلسفة «عبثية الحياة».. وكل ما يحدث في هذه الحياة دليل على عبثيتها، وعجز الإنسان عن وقف إبادة أخيه الإنسان يعزز الشعور باللاجدوى والعبث.
إن هذه الحروب التي نشاهدها بشكل مباشر على شاشات التلفزيون تعزز تناقضات الإنسان الداخلية، ويشعر أن جهوده لتحقيق السلام والعدالة تتلاشى في ظل الفوضى والعنف المستمر. ورغم أن الفكر الوجودي لا يدعو إلى الاستسلام التام إلا أن نموذج «سيزيف» الذي يعرف أن جهوده عبثية لكنه يواصل العمل بصلابة ليست قابلة للاستنساخ دائما.
يبدو أن تنامي الشعور العام في العالم العربي بعبثية الحياة في ظل الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني دون أن يكون في مقدور أحد عمل شيء من شأنه أن يكرس «العبثية» والشعور بالاستسلام واليأس والضياع.. أو حتى التمرد الوجودي..وهذا يضيف عبئا جديدا ليس هذا أوانه في العالم العربي على أقل تقدير.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المفوّض الأممي فولكر تورك: لا تظنّوا أن حقوق الإنسان من المسلّمات في أي مكان من العالم
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، على ضرورة "استعادة" هذه القيم الأساسية التي تعرضت للتقويض في أوروبا بحسب قوله.
الاتحاد الأوروبي ليس بمنأى عن تراجع حقوق الإنسان الأساسية. هذا هو التحذير الذي أطلقه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، مع احتفال العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر/كانون الأول.
ولتأكيد تصريحاته، أشار المسؤول النمساوي إلى أحدث تقرير أوروبي حول سيادة القانون، والذي يفيد بأن "نحو نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شهدت تراجعًا في الحيز المدني"، بحسب ما قاله تورك.
ومع ذلك، يضيف تورك، فإن "الفضاء المدني هو ما يجعلنا نزدهر، ، فنحن بحاجة إلى فضاء مدني مفتوح وحر. يجب أن نكون قادرين على التعبير عن آرائنا، ويجب أن نكون قادرين على الاحتجاج إذا اعتقدنا أن لنا الحق في ذلك. نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على تكوين الجمعيات. وقد رأيت العديد من التوجّهات، حتى في المناقشات السياسية حول هذا الموضوع، التي تريد تقييد الحيّز المدني في قضايا البيئة، والمناخ، وقضايا الهجرة".
Related البابا ليو الرابع عشر: الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسانتحديات الهجرة في أوروبا: بين الحدود المغلقة وحقوق الإنسان المهددةالأمم المتحدة تحذر من تراجع خطير في قدرة العالم على حماية حقوق الإنسانويعدّ التنظيم الرقمي أحد اهتمامات تورك. لدى الاتحاد الأوروبي نظامان أساسيان هما: قانون السوق الرقمية وقانون الخدمات الرقمية. وأضاف المسؤول الأممي: "أعتقد أن أوروبا قدمت مساهمة مفيدة للغاية على الصعيد العالمي".
Related القانون الأوروبي للخدمات الرقمية يدخل حيز التنفيذولكن "اليوم، نرى توجّهات ونقاشات تشير إلى أننا ربما يتعيّن علينا أن نخفّض المعايير." وفق تعبيره.
ويأمل المفوض السامي للأمم المتحدة ألا تسلك الدول الأعضاء الـ27 هذا المسار. "أوروبا هي حقًا مثال يُحتذى به عندما يتعلق الأمر بالفضاء الرقمي تحديدًا."
وأضاف تورك أن "أوروبا أيضًا مثال رائد في مجال تنظيم الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. ولكننا نشهد مجددا نقاشا حول هذه العملية الشاملة، والتي قد تسعى إلى تخفيفها. في الواقع، الكثير من الشركات تقول لنا، دعونا نتأكد من أننا نحافظ على معايير العناية الواجبة بحقوق الإنسان في مجال الأعمال التجارية."
Related "أوقفوا هذا الجنون".. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "تطهير عرقي" في غزةمنظمة الصحة العالمية تكشف تفاصيل الهجمات الإسرائيلية على منشآتها في دير البلح لا تجرّدوا المهاجرين من إنسانيتهمأثار تورك قضية ثالثة تشغل باله، وهي سياسة الهجرة.
يقول في هذا الصدد: "إذا نظرت إلى النقاش الدائر حول الهجرة في عالمنا اليوم، فلا بدّ لي أن أقول، ، إنه غالبًا ما يُجرِّد المهاجرين واللاجئين من إنسانيتهم، خاصة على مستوى الخطاب السياسي. ومرة أخرى، يجب ألا نبدأ أبدًا بتجريد أي مجموعة من إنسانيتها"، كما أوضح: "لأنه سينتهي بنا المطاف إلى النظر إلى أجزاء أخرى من المجتمع وهو منحدر خطير للغاية".
لذلك يرغب المفوض الأممي السامي في رؤية نقاش مبني على الحقائق من أجل إيجاد حلول دائمة والابتعاد عن النقاش الذي يزداد استقطابًا.
شعار اليوم العالمي لحقوق الإنسان لعام 2025 هو "احتياجاتنا الأساسية اليومية". ويوضح تورك أن الفكرة تنبع من ملاحظة أن حقوق الإنسان قد تبدو مجرّدة. ومع ذلك، "فهي تربطنا بحياتنا اليومية، فالحق في الغذاء والماء والصرف الصحي والقدرة على تحمل التكاليف والسكن، كلُّ هذا من حقوق الإنسان. تماما مثل الحق في الرعاية الصحية والتعليم".
وقد أعرب المفوض السامية أن يذكّر الجميع بواقع حقوق الإنسان على الأرض. ولذلك يرى أنه "من المهم العودة إلى أساسيات حقوق الإنسان والتمتع بها، وكذلك النضال من أجل حقوق الآخرين في أوروبا وخارجها" وفق تعبيره.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة